بعد موافقة النواب نهائيًا.. تفاصيل مشروع قانون اعتماد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية 24/25    أسعار السمك البلطي اليوم الجمعة 7-6-2024 في سوق العبور وللمستهلك    المشاط ووزير التنمية الأذري يبحثان ترتيبات انعقاد لجنة التعاون بين البلدين    أسعار الكتاكيت اليوم الجمعة في الأسواق.. البلدي يتراجع    قصواء الخلالي: أتعرض لحملة استهداف وإرهاب ممنهجة من جماعات الضغط الأمريكية الصهيونية الداعمة لإسرائيل    بيسكوف يدرج تصريحات ماكرون في خانة الاستفزازية للغاية وتصعيد التوتر في القارة    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    «تعليم قنا»: إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 منتصف الأسبوع المقبل    ضبط طالب بالمنوفية بتهمة إدارة «جروب» على واتساب لتسريب الامتحانات    «الجيزة»: استعدادات مكثفة لانطلاق امتحانات الثانوية العامة    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في المنيب    مصرع شخص سقط بسيارته داخل مصرف بالدقهلية    حب ودموع ومروحة.. 3 لقطات تخطف الأنظار في حفل زفاف جميلة عوض (صور)    تفاصيل موعد جنازة وعزاء المخرج المسرحي محمد لبيب    دعاء أول أيام ذي الحجة.. اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام واجعلنا من عتقائك    أيام البركة والخير.. أفضل الاعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة 1445    طريقة الذبح الشرعي للأضحية ومواصفات الأضحية في الإسلام    انخفاض كبير ب«حديد عز» الآن.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 7 يونيو 2024 بالأسواق    يا رايحين للنبي الغالي.. الأغنية المصرية على موعد دائم مع بهجة الحج    اليوم.. سلوى عثمان تكشف مواقف تعرضت لها مع عادل إمام في برنامج بالخط العريض    موعد مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري السوبر لكرة السلة والقناة الناقلة    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    «أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    في ختام فعاليات المؤتمر الدولي الثالث والمعرض الطبي الإفريقي "صحة" إفريقيا" Africa Health ExCon 2024    صحة مطروح تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قرية جلالة بالضبعة    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    مسئولة فلسطينية: الموت جوعا أصبح حالة يومية فى قطاع غزة    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    يونس: أعضاء قيد "الصحفيين" لم تحدد موعدًا لاستكمال تحت التمرين والمشتغلين    الأيرلنديون والتشيكيون يتوجهون لمكاتب الاقتراع في ثاني أيام انتخابات البرلمان الأوروبي    داعية إسلامي: أبواب الخير كثيرة في ذي الحجة ولا تقف عند الصيام فقط    تموين الإسكندرية تشكل غرفة عمليات لمتابعة توافر السلع استعدادا لعيد الأضحى    «الصناعات الهندسية» وجامعة بورسعيد يبحثان تأهيل الطلاب لسوق العمل    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الدائري بالقليوبية    الموقع الرسمي ل نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة القليوبية 2024 الترم الثاني (تظهر خلال ساعات)    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    ذا جارديان: "حزب العمال البريطانى" قد يعلن قريبا الاعتراف بدولة فلسطينية    خلاف داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا    الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ 11 مشروعًا لمياه الشرب وصرف صحى الحضر لخدمة أهالى محافظة مطروح    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    «الدائرة الإفريقية».. شراكة من أجل المستقبل    خبراء عسكريون: الجمهورية الجديدة حاربت الإرهاب فكريًا وعسكريًا ونجحت فى مشروعات التنمية الشاملة    الأخضر بكامِ ؟.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    منتخب السودان يتصدر مجموعة تصفيات كأس العالم على حساب السنغال    تفشي سلالة من إنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن خامسة بأستراليا    افتتاح المهرجان الختامي لفرق الأقاليم ال46 بمسرح السامر بالعجوزة غدًا    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    رغم الفوز.. نبيل الحلفاوي ينتقد مبارة مصر وبوركينا فاسو .. ماذا قال؟    وليال عشر، تعرف على أهمية ثالث يوم في الليالي العشر من ذي الحجة    9 أيام راحة للموظفين.. تعرف على موعد وعدد أيام اجازة عيد الأضحى    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    حظ عاثر للأهلي.. إصابة ثنائي دولي في ساعات    إبراهيم حسن: الحكم تحامل على المنتخب واطمئنان اللاعبين سبب تراجع المستوى    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات شيخ المخرجين(‏1)‏
حسن عبدالسلام‏:‏ ثورة يناير أعادتني للحياة
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 01 - 2012

من منا لم يستمتع بالمسرحية الاستعراضية المبهرة سيدتي الجميلة؟ ومن منا ينسي أعمال كوميدية مثل طبيخ الملائكة‏..‏ هالة حبيبتي‏..‏ موسيقي في الحي الشرقي‏..‏ جوليو ورومييت.. المتزوجون.. أخويا هايص وانا لايص.. العالمة باشا.. العسكري الأخضر.. ربنا يخلي جمعة وغيرها من الأعمال الناجحة في القطاع الخاص؟!
ومن منا لم يتشكل وجدانه برؤية أو قراءة مسرحيات عالمية وعربية ذات قيمة ادبية عالية, مثل هاملت ماكبث روميو وجولييت تاجر البندقية دكتور فاوست راشومون مريض بالوهم مجنون ليلي مصرع كليوباترا يوليوس قيصر زقاق المدق المهزلة الأرضية أعمال خالدة لويليام شكسبير وجوته وأمير الشعراء أحمد شوقي وأستاذ الرواية العربية نجيب محفوظ وساحر القصة القصيرة دكتور يوسف إدريس, وغيرهم من عمالقة الفكر والإبداع, جمع بينهم اسم واحد هو شيخ المخرجين المسرحيين الأستاذ حسن عبدالسلام الذي استقبلنا في بيته البسيط.. ولم يمنعه الكرسي المتحرك من الحفاوة والترحيب بنا قبل أن يحكي حكاياته وخبرته مع المسرح, وشهادته علي ستين عاما من الحركة الفنية وثورتين عاصرهما ثورة يوليو1952 وثورة يناير.2011
أحمد الله أن أحياني58 عاما رأيت الموت فيها مرات عديدة لكنه أبقاني حتي أري ثورة مصر.. ان هناك حادثتين في حياتي لا يمكن أن أنساهما حرب48 حيث تطوعت مدافعا عن أرض فلسطين وكنت في بيت لحم وعدت دون أن تقطع لي أذن أو أنف أو ذراع أو قدم, لكنني قطعت أنفاسي من الجري وقطعت احلامي كذلك لما رأيت الفشل والفساد في تلك المرحلة.. ثم عشت فسادا أكبر حتي جاءت ثورة يناير بالشهداء الأبرار والشباب العظيم الذي رد إلي احساسي بالسعادة وبالحياة.
وأؤكد أن الثورة مازالت في بدايتها, والطغيان لم ينته, ولكن الدماء الطاهرة التي سالت علي أرض مصر ستفرز جيلا يغير الصورة القاتمة.
لا أخشي الموت رأيته وكنت قريبا منه أربع مرات الأولي وأنا طفل عمري8 سنوات, حيث خجلت أن أقول لأقراني علي شاطئ الاسكندرية أنني لا أعرف السباحة وقلت في نفسي سأتعلمها بسهولة.. ولكنني فوجئت بان المنطقة التي نزلنا فيها عمق الماء يتجاوز المترين فغرقت ولم أشعر إلا ويد تضغط علي صدري والماء يخرج من فمي. ورجل يقول الحمد لله انكتب لك عمرا جديدا.
وعندما كنت في الرابعة عشر مرضت بحمي شديدة ودخلت في غيبوبة لمدة شهر, وكان الطبيب نفسه يائسا من شفائي كما قالت لي أمي, وفي سن التاسعة عشر كنت أسكن في منطقة عين شمس ونزلت لأستقل القطار وسقطت بين القضبان ومر القطار فوقي دون أن أصاب بخدش واحد.
وأثناء حرب فلسطين كنت أختبئ مع عشرة زملاء في دوشمة داخل الجبل وجاءت قنبلة قتلت عشرة ولم ينج منها إلا أنا.. ومادمت أحكي عن اللحظات التي رأيت فيها الموت فلا يمكن أن أنسي إصابتي بالسرطان منذ عشرين عاما, وظللت أتلقي علاجا كيميائيا ذريا لمدة عام ونصف عام, ولم أطلب مليما من الدولة, بل عولجت من مدخراتي التي جمعتها خلال مشواري مع المسرح والحمد لله شفيت.. ثم كان سقوطي منذ سبع سنوات علي الأرض, وهو ما سبب لي عدم قدرة علي الحركة.. أحكي كل هذا لأؤكد للناس أنه لا يأس ولا قنوط من رحمة الله..
لقد حاول بعض المسئولين حرماني من الإخراج ومنعي من العمل, لكنني عشت لأري الثورة تقتلع الفاسدين وترينا آية الله في خلقه.. وبرغم ما واجتهته من ظلم فإنني لم أتوقف عن ممارسة الفن, بل حتي الكرسي المتحرك لم يمنعني من الوقوف علي خشبة المسرح وطرح أفكاري ورؤيتي الإخراجية في سبعة أعمال قدمتها من فوق هذا الكرسي.. وأذكر أن فنانة عظيمة أمسكت بالكرسي وقالت لي أنت رجل محترم لأنك لا تخفي نفسك. تقصد أنني لا أخجل من عاهتي, وأذكر أنني أجبتها: لماذا أخفي نفسي؟!
هذا فضل الله علينا لأن الابتلاء امتحان يغفر الذنوب, والحقيقة أن حياتي مع الفن سارت هي الأخري بصورة قدرية عجيبة,كنت في البداية مولع بالتمثيل وكنت أتصور نفسي أعظم الممثلين, وبعد تخرجي من المعهد اختارني المرحوم محمود ذو الفقار لأمثل دورا كبيرا في فيلم سينمائي.. وغامر بإعطائي تلك الفرصة, وعندما حضرت حفل الافتتاح أدركت أنني ممثل فاشل وتسللت منسحبا قبل نهاية الفيلم أبكي, وقررت في تلك اللحظة ألا أعود أبدا إلي فن التمثيل,كان هذا في عام1953 وثورة يوليو في بدايتها ولا أحد يتم تعيينه في مجال الفن, وأعلن ديوان الموظفين عن وظيفة بالتربية والتعليم فتقدمت لها وأصبحت مفتشا للمسرح المدرسي, وكنت سعيدا بهذه المهمة الجليلة في تربية الذوق.. وتنمية الخيال.. ومحاولة إيجاد قدوة حسنة من خلال اختيار مسرحيات تحمل قيما خلقية واجتماعية, ثم حدث تحول مهم في حياتي عن طريق صديقين من أعز أصدقائي هما الفنان كرم مطاوع والشاعر نجيب سرور رحمهما الله لأنهما دفعاني إلي الذهاب معهما والترشح للعمل في فرقة جديدة اسمها الفرقة النموذجية, وذهبنا لمقابلة الأساتذة يحي حقي وعلي أحمد باكثير وعبدالرحيم الزرقاني, وتم توظيفنا نحن الثلاثة كمخرجين في الفرقة واختار كرم مطاوع أن يقدم مسرحية وراء الأفق لجين أونيل لأنها تتكلم عن الفلاح في قرية أشبه بظروف القرية المصرية, واختار نجيب سرور إخراج مسرحية تتحدث عن القومية العربية تحمل عنوان صلاح الدين الأيوبي, بينما اخترت انا مسرحية شعب الله المختار عن الصهيونية العالمية, وكان مقر الفرقة بالأزبكية ثم تنتقل العروض إلي المحافظات والقري والنجوع, وهنا اكتشفت نفسي من خلال الإخراج المسرحي وعرفت طريقي مع الفن..
ويتوقف شيخ المخرجين حسن عبدالسلام ملتقطا أنفاسه ليدعونا إلي فنجان من الشاي قبل أن نستأنف الحوار الممتع, ونستأذن القارئ الكريم في استكماله الأسبوع المقبل ان شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.