أكد علماء الدين حرمة استغلال حاجة الفقراء والمرضي في المجتمع من قبل العديد من الجماعات والمؤسسات واستغلالهم سياسيا وفكريا قبيل الانتخابات وفي العديد من القضايا التي تخدم مصالحهم الخاصة. وشدد العلماء علي أهمية التكافل الاجتماعي والوقف الخيري في علاج مشكلة الفقر, وطالبوا بإنشاء مؤسسة قومية لإخراج الزكاة والتي تقدر في مصر ب20مليار جنيه يمكن استخدامها في إنشاء مشروعات إنتاجية لسد حاجة الفقراء وأصحاب الحاجة. كما طالبوا بتحري الدقة في الهيئات والجمعيات العاملة في مجال جمع أموال الزكاة والصدقات حتي لا تصل إلي جماعات تسعي نحو تسخير تلك الأموال والهبات في الاستغلال الفكري والسياسي لأصحاب الحاجة من الفقراء والمساكين. ويؤكد الدكتور نبيل السمالوطي, الأستاذ بجامعة الأزهر والعميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية, أن الرسول صلي الله عليه وسلم, قرن بين الفقر والكفر وكان دائما يقول اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر. موضحا أن مشكلة الفقر تمثل خطرا كبيرا علي العقيدة والأخلاق والقيم والسلوكيات, ولذلك حرص الإسلام علي أن لا يكون في المجتمع المسلم جائع أو عار أو محتاج, ومن هنا فرضت الزكاة والصدقات التطوعية وواجبات التكافل الاجتماعي, وشدد الإسلام علي حق كل إنسان يعيش في المجتمع المسلم في الحصول علي عمل مناسب, وإذا لم يكن هذا متاحا فمن حقه الحصول علي ما يكفيه من بيت مال المسلمين. ومن هنا شرع أيضا الوقف الخيري من أجل سد حاجة المرضي والفقراء والمحتاجين والأرامل والأيتام, فالفقير اليوم ضعيف الإيمان. وأكد السمالوطي, أن الكثير من الفصائل في مصر تستغل ثلاثة أمور أساسية لدي الناس وهي الفقر وحب الدين والجهل, فالفقر والجهل الشديد يجعل الناس يرتمون في أحضان من يدعي معرفة الدين سواء كان الدين الوسطي أو الدين المتطرف لأنه لا يستطيع التفرقة بينهما, كما أن حاجتهم الشديدة للمال تجعلهم يقبلون أي شيء ولو كان متطرفا في سبيل سد قوت أبنائهم, ومن هنا نجد علي مر التاريخ أن كثيرا من السياسيين وأدعياء الدين يستثمرون ما يقرب من25 مليون مصري تحت خط الفقر فإذا أضفنا إلي ذلك الحب الفطري للدين والأمية الدينية والسياسية نجد أن هناك مكامن خطر كبيرة من الفقر والجهل. وطالب بإعادة النظر في العشوائيات في مصر, وسكانها الذين لا يجدون الماء النظيف والكهرباء وتفتقر حتي إلي المساكن الآمنة, وهذه الفئة تقدر بحوالي16 مليون نسمة, فلابد من نقل العشوائيات إلي أماكن آمنة مزودة بكل المرافق وهذا يتطلب التخطيط علي المدي القريب والبعيد. كما طالب جميع القادرين بالحرص علي إخراج زكاة أموالهم والتي تقدر في مصر بأكثر من20 مليار جنيه, وأضاف قائلا: هذه الأموال إذا خرجت وحولت إلي مشروعات إنتاجية سوف تحل أزمة أكثر من10 ملايين محتاج في مصر, وزيادة الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية من أجل القضاء علي البطالة, وهي آفة كبري من آفات الانحراف التي تحوي كل أشكال الجريمة, وأن تتولي الدولة من خلال وزارة التضامن الاجتماعي تقديم حد الكفاية للمرضي واليتامي والأرامل والفقراء الذين لا يجدون سبيلا للرزق الكريم. من جانبه قال الدكتور إسماعيل عبد النبي شاهين, نائب رئيس جامعة الأزهر السابق, إن حاجة الفقراء الي المال وحاجتهم الي كل سبل الارتزاق يدفعهم غالبا إلي الاستجابة إلي المغريات الوقتية والشكلية التي يغريهم بها من يحتاجون إليهم أو يحتاجون الي أصواتهم الانتخابية او يحتاجون اليهم في أمور أخري كواجهة العنف أو التخويف وترهيب الآخرين فيدفعون إليهم المال حتي يكونوا أداة طيعة في أيديهم لتحقيق أغراضهم المشروعة أحيانا وغير المشروعة في غالب الأحيان مستغلين فقرهم وضعفهم وأمراضهم, ولا تغيب عنا الحكمة القائلة بأن الفقر والجهل والمرض هي الآفات الثلاث التي تؤدي إلي انحدار المجتمعات وانهيارها, من أجل ذلك حضت الشريعة الإسلامية علي التعاون والتكافل بين المسلمين حتي لا يكون هناك فقير مدقع, ففرض الإسلام الزكاة تؤخذ من أموال الأغنياء لترد علي فقرائهم, وحث علي الصدقة حتي ينهض الفقراء ويكونوا أداة نافعة وفاعلة في مجتمعهم, فقال عز وجل:.. وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة, وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم, بني الإسلام علي خمس منها إيتاء الزكاة, فكانت الزكاة فريضة من فرائض الإسلام الخمس, كما حث الرسول صلي الله عليه وسلم المسلمين علي أن يتصدق أغنياؤهم علي فقرائهم حتي يكون هناك نوع من التكافل الاجتماعي لتذويب الفوارق بين الطبقات وحتي لا يكون في المجتمع المسلم إنسان يبت جوعان وجاره مضخم بالثراء, ولذلك كان مبدأ التكافل والتعاون الإسلامي من أهم مبادئ الشريعة الإسلامية فقال عز وجل: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ولو أدي كل المسلمين ما عليه من زكاة في أموالهم تطبيقا لقول الله تعالي في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم لما كان هناك فقير واحد في العالم الإسلامي ولأصبحت الأمة الإسلامية أقوي وأغني الأمم, ولكن الذي يجعل كثيرا من المسلمين وخاصة في الدول الإفريقية والأقليات في بعض الدول الأجنبية يعيشون في فقر ومرض هو عدم وصول المساعدات المالية إليهم وخاصة من أموال الدول الإسلامية الغنية بثرواتها الطبيعية, ومن ثم فنحن نهيب بهذه الدول حكاما وشعوبا بأن يمدوا يد العون والمساعدة الي أخوانهم الفقراء في كل الدنيا حتي يتواري الفقر والجهل والمرض في خير أمة أخرجت للناس وحتي لا يستغل أصحاب النفوذ حاجة هؤلاء الفقراء فيؤثروا علي أفكارهم وتوجهاتهم نحو أفكار متطرفة, وغير مشروعة لكي تحقق أهدافهم وأغراضهم التي قد لا تتفق مع مصلحة الأمة الإسلامية. وطالب كل مسلم بأن يتحري جيدا عن الهيئات والجمعيات التي تعمل في مجال جمع أموال الزكاة والصدقات حتي يطمئن قلبه في وصول الزكاة الي أصحابها بعيدا عن الاستغلال الفكري والسياسي لأصحاب الحاجة من الفقراء والمساكين.