قدمت السينما المصرية في موسم عيد الفطر خمسة أفلام تقع تحت بند' أفلام متوسطة التكلفة' أو أقل من ذلك بكثير, لهذا جاءت النتيجة متوقعة علي مستوي الإيرادات باستثناء فيلم واحد هو' قلب الأسد' الذي ضرب جميع الأرقام القياسية خلال الأيام الثلاثة الأولي. لكن هناك فارقا بينه وبين باقي الأفلام التي لم تحقق ثمن علب الخام المستخدم في تصوير الفيلم, لكن الظاهرة الأبرز هذا الموسم هو خروج بعض الأبطال خارج دائرة التاريخ بسبب سوء الاختيار المتكرر أو الأداء الخشن أمام كاميرا شديدة الحساسية,' نجوم وفنون' حاولت الوقوف علي أسباب نجاح وفشل هذه الأفلام في التحقيق التالي. الناقد الفني طارق الشناوي يري أن موسم عيد الفطر هذا العام كان فارقا في حياة بعض النجوم, فهناك من استطاع أن يتقدم خطوة للأمام سواء علي المستوي الفني أو علي مستوي الإيرادات مثلما فعل محمد رمضان الذي حقق أرقاما قياسية بفيلمه' قلب الأسد', وهناك من خرج تماما من الأبواب الخلفية بسبب الاختيار السييء لأفكار قديمة حاول تحديثها في وقت لم يعد الجمهور ينظر فيه للخلف. ولو دققنا النظر سنجد أن الفيلم الوحيد الذي كسر القاعدة هو' قلب الأسد' الذي اعتمد علي عدة عوامل أهمها نجاح نجمه محمد رمضان العام الماضي في فيلم' عبده موتة' الذي استطاع جذب سكان المناطق الشعبية للذهاب لدور العرض, وهو ما تكرر بشكل ما هذا العام مع اختلاف المناطق بعض الشيء, ثم استخدام بطل الفيلم أسدا حقيقيا مما أعطي بعض المصداقية للفيلم, مع وجود باقي الخلطة التي تميز أفلام السبكي. في المقابل نجد أن الفيلم الثاني في ترتيب الإيرادات هو' كلبي دليلي' بطولة سامح حسين, هذا الفيلم جاء وكأنه وجبه سريعه أثناء السير في الشارع لم يشعر الجائع بالشبع, ولا يوجد بها فيتامينات فكل ما اعتمد عليه الفيلم هو وجود المطربين الشعبيين' أوكا وأورتيجا والليثي' مع وجود بعض المضحكين مثل' بدرية طلبه وحسن عبدالفتاح' بجوار بطله سامح حسين, لكنه افتقد للمعني الحقيقي لمصطلح فيلم, فلا سيناريو ولا حوار ولا أي شيء من هذا القبيل, لذلك لم يدخله الجمهور إلا قليلا, وجاء حظر التجول ليحفظ ماء وجه أبطاله لا أكثر. أما الفيلم الثالث في ترتيب الإيرادات فكان من نصيب الفنان هاني رمزي وهو بعنوان' توم وجيمي', ويحكي قصة رجل معاق ذهنيا توقف عقله عند عمر الأطفال وهنا يتحمل هاني رمزي تبعات سوء اختياراته فالشخصية شبيهه بما قدمه قبل ذلك في فيلم' غبي منه فيه', لكن باقي عناصر الفيلم لم تكن علي المستوي المطلوب. لذلك أقول إن علي' هاني' أن يعيد حساباته من جديد ويبحث عن موضوعات وأفكار تتماشي مع قدراته وتلبي حاجة الجمهور إن أراد الاستمرار, لأنه خسر كثيرا من رصيدة باختياراته غير الموفقة في السنوات الأخيرة. أيضا هناك فيلم' نظرية عمتي' بطولة حورية فرغلي وحسن الرداد ومن إخراج أكرم فريد أيضا, وهو ما يضعنا أمام تساؤل مهم هو هل انعدمت الرؤية عند أكرم لدرجة أن فيلميه' توم وجيمي- نظرية عمتي' يفتقدون الحد الأدني من اللغة السينمائية, وركاكة السيناريو الذي تم تقديمه أكثر من مرة في أفلام مختلفه مثل' البحث عن الفضيحة' وغيره. أما آخر الأفلام في ترتيب الإيرادات والمشاهدة واللغة السينمائية فكان فيلم' البرنسيسة' بطولة' علا غانم', وهو أشبه بأفلام المقاولات التي انتشرت في بداية الثمانينيات, لكن' البرنسيسة' لم يستطع أن يقدم أي شيء, ولم يصل إلي أفلام المقاولات التي تحدثنا عنها. أما الناقدة خيرية البشلاوي, فتري أنا السينما هي انعكاس للواقع الذي تمر به مصر من مساوئ, فما بين الاستسهال والاستهبال لا توجد مساحة للإبداع, لذلك نجد أن أفلام العيد مجتمعة تسير في ركب أفلام المقاولات الرخيصة, وبإستثناء فيلم' قلب الأسد' الذي يتشدق صناعه بإيراداته فباقي الأفلام لا تصلح لمشاهدة الإعلان الخاص بها, وعدم تحقيقها إيرادات يدعوني للتفاؤل, لأن الجمهور أصبح لا يقبل علي البضاعة الرديئة بمعني أن الجمهور نفسه لفظ هؤلاء النجوم أو ما يطلق عليهم نجوم بسبب أعمال لا تمت بصلة للفن وتعتمد علي العري والأغاني الهابطة. لذلك أعتقد أن انصراف الجمهور عنهم سيخرجهم من الشاشة الكبيرة, وهذا يجعل المنتجين يعيدون النظر ويفكرون في عمل أفلام لها قيمه فنية, أما نجوم الأعمال الهابطة فمكانهم علي الفضائيات التي تفرضهم علينا في برامج يقدمونها بدون هدف إلا إشاعة المستوي الهابط للفن والثقافة التي يريدون تعميمها في مصر, وللأسف نحن ندفع الثمن فالأجيال الجديدة تتعلق بإفيهات رخيصة وتحاول تقليد ال' نيولوك' التي تراه علي الشاشة. أما الناقد الفني الدكتور وليد سيف, فقال إن أفلام العيد تحتاج لنوعية خاصة من الموضوعات تجذب الجمهور كي يذهب لدور العرض لأن جمهور العيد يختلف تماما عن جمهور السينما الحقيقي, وأعتقد أن الوحيد الذي فهم هذه النوعية هو محمد رمضان في فيلم' قلب الأسد' لأنه استطاع أن يلعب دور البطل الشعبي معتمدا علي رصيده السابق عند جمهور العيد منذ العام الماضي بعد نجاح فيلم عبده موته. أما فيلم' توم وجيمي' فرغم أنه بطله هاني رمزي يمتلك رصيد عند الجمهور إلا أن اختياراته في السنوات الأخيرة لم تكن علي المستوي المطلوب والذي يتماشي مع تاريخه, فقصة الفيلم مكررة إلي حد كبير مع شخصيات قدمها هو نفسه منذ عشر سنوات ووجود طفلة داخل الفيلم لم يستطيع المخرج أكرم فريد أن يوظفها علي الشاشة بحيث تكون عامل جذب للأطفال التي ترغم عائلاتها إلي الذهاب للسينما. وهو ما يضع هاني رمزي علي المحك في الفترة القادمة إن أراد الاستمرار, لكن في رأيي أن الأفلام الثلاثة الأخري كانت خارج الزمن الذي نعيشه الآن فعلي سبيل المثال أرادت الفنانة' علا غانم' استنساخ أفلام نادية الجندي التي قدمتها منذ ربع قرن في الوقت الذي ضاق الجمهور بهذه النوعية لإختلاف الشريحة العمرية للمشاهد ورداءة الفكرة, لذلك كان الفيلم خارج دائرة الاهتمام, أما فيلم' كلبي دليلي' بطولة سامح حسين فهو أشبه بالبرنامج القديم الذي قدمه التليفزيون في نهاية الثمانينيات بعنوان' ضحكة قبل النوم' التي لا نتذكرها عند الاستيقاظ, وهو ما فشل فيه أكرم فريد في فيلمه الثاني هذا الموسم' نظرية عمتي'.