تعرف فنزويلا بسجونها الكئيبة والتي يسودها العنف والتي تفوق سائر سجون أمريكا اللاتينية فهي وكر و مرتع للمنظمات الإجرامية المتناحرة وتعاطي المخدرات والأمراض المتفشية والازدحام الشديد. فيها يلوح شبح الموت في كل لحظة حيث قتل195 سجينا في العام الماضي خلال اشتباكات بين العصابات الإجرامية المتناحرة داخل أسوارها. سرد الصحفيان المصوران سيباستيان ليستا وجورج بينيسرا في مجلة التايم الأمريكية صورة واقعية عما يجري داخل سجن فيستا هيرموزا أحد سجون فنزويلا سيئة السمعة بعد أن سنحت لهما فرصة دخوله الشهر الماضي والإقامة فيه لأكثر من أسبوع. ففي سجن هيرموزا الواقع في ولاية بوليفار جنوب فنزويلا, تنتشر دورات الحرس الوطني التي تسيطر علي أسواره الخارجية فقط, أما بداخله فيعيش ويموت السجناء في عالم خاص بهم و من صنع. والمثير للدهشة أن هناك شعورغريب ينتاب كل من يدخل سجن هيرموزا حيث يري صورة مصغرة من فنزويلا نفسها وكأنه يسير في أحد أحياءها الفقيرة المزدحمة. فقد تم إنشاء السجن في الخمسينات ليسع650 سجينا ولكنه يحتوي الآن علي أكثر من ضعف هذا العدد, وكلما زاد عدد السجناء داخله كلما أصبحت الاشتباكات التي تجري يوميا بين السجناء وحراس الأمن أمر شائع وطبيعي. وبدلا من محاولة السلطات تحسين الأوضاع داخل السجن إلا أنهم سمحوا بتدني الأوضاع داخله حتي أصبحت الفوضي هي السمة الأساسية له. كما نجد عمليات البيع والشراء داخل سجن هيرموزا تسير بشكل طبيعي كما لو كان حيا تجاريا فهناك باعة يقومون ببيع المخدزات وآخرون يقومون ببيع أدوية والبعض الآخر يقوم ببيع وجبات خفيفة. وفضلا عن هذا او ذاك هناك ساحات للرقص وقاعات للمناسبات الرسمية والحفلات, كما ان زيارات السيدات والأطفال لذويهم من السجناء تسير بشكل طبيعي حيث تم إزالة قضبان الحديد وتم وضع رسوم جديدة علي أسوار السجن. جانب آخر يصور لنا الوضع الراهن داخل سجن هيرموزا و يتمثل في حالة العنف واليأس المرسومة علي وجوه بعض السجناء, فالعشرات من المدمنين داخل السجن وهنت أجسادهم بسبب المخدرات والدخان والنوم علي حاويات القمامة. أما بالنسبة للرجال الذين يقضون عقوبات بتهم ارتكاب جرائم جنسية فلهم مكان آخر بعيد عن زملائهم وهو معروف باسم حرب عصابات لوس انجلوس حيث يعيش فيه السجناء المنشقين عن قوانين سجن هيرموزا الوهمية وتحت حراسة مسلحة تابعة لسلطات السجن. ومثلما نشاهد في الأفلام العربية البوليسية القديمة سيطرة أحد كبار السجناء علي زملائه وهو ما يطلق عليه أحيانا اسم الفتوة, نجد في سجون فنزويلا نفس الوضع بل أسوأ حيث يروي لنا الصحفيان ليستا وبينيسرا سيطرة السجين ويلمر بريزويلا الشهير ب بران علي الوضع الداخلي هناك بشكل كامل فهو الآمر الناهي علي ما يزيد علي1400 سجين. ويقضي بران وهو بطل ملاكمة عقوبة مدتها01 سنوات بتهم الخطف والقتل العمد التي مارسها طوال16 عاما. ويعتمد بران في سيطرته علي الوضع داخل سجن هيرموزا علي الأسلحة فيقول: نستخدم الأسلحة هنا لحمايتنا من حراس السجن. ومنذ أن فرض بران سيطرته هو وعصابته علي سجن هيرموزا بالقوة الجبرية عام2005, يحصل بران علي3 مليارات دولار أمريكي سنويا وهي أرباح عن الأنشطة غير المشروعة والجباية الأسبوعية التي يدفعها السجناء له. وبعد عرض نموذج سجن واحد فقط من سجون فنزويلا البالغ عددها حوالي30 سجنا, يتضح أن حكومة فنزويلا تقف مكتوفة الأيدي معصوبة الأعين صماء الأذن حول ما يحدث في سجونها وهو ما ينذر بحدوث كارثة قومية.