لم أستطع حبس دمعة فرت من عيني في وداع 2011 أجمل الأعوام كيف لا وهو العام الذي تحقق فيه الحلم الأكبر بخلع الطاغوت وأسرته ورؤوس عصابته المجرمة. التي أذاقت الشعب الطيب المسالم صنوف العذاب والهوان, وأنزلت به المرض والفاقة مما يحتار المرء في تحليل أسبابه ومعرفة دوافعه, اللهم إلا إذا كانت عمالة رخيصة أو سادية مقيتة, أو رغبة مجنونة في الاستئثار والتسلط والعدوان. وبرغم الأحداث الدامية التي واكبت أو تلت ثورة يناير المجيدة والشهداء والمصابين الذين سقطوا, فإنها كانت الفاتورة التي لابد من دفعها حتي نتخلص من الكابوس الذي ظل جاثما علي صدورنا ويقض مضاجعنا طيلة ثلاثة عقود, وإذا جاز لنا التشبيه فإن هذه الأحداث والحوادث المؤلمة كانت أشبه ما تكون بالموج الهادر الذي يذهب بزبد البحر ليبقي ما ينفع الناس, أو هي النار تصهر المعدن الثمين حتي ينفي خبثه ونستخلص أنفس ما فيه, أو كالأرض يتم حرثها فتخرج نبتتها قوية عفية بإذن ربها. وإذا كان بعض أيتام النظام البائد وأزلامه والمتضررين من الثورة العظيمة يهول علينا ما نعانيه جميعا من أزمات اقتصادية ومصاعب أمنية في محاولة يائسة لخداع البسطاء ودفعهم للتباكي علي زمن الطاغية, فإننا نذكرهم بأن كل هذه الأزمات والمصاعب عشناها وعشنا أفظع منها طيلة سنين المخلوع, الذي اتخذ من تجويع وإفقار وقمع الشعب وإنهاك الناس جسديا وعصبيا في البحث عن لقمة العيش وسيلة جهنمية لتنفيذ مخططه المرسوم في البقاء حتي آخر نفس في الحكم, ومن ثم توريثه لنجله المأفون. ومع نسمات العام الجديد السعيد, بإذن الله تعالي, تبقي بعض الأمنيات التي أثق في أن رجال برلمان الثورة سيضعونها في مقدمة أولوياتهم, ومنها استئصال أذناب النظام بعد قطع رؤوسه وإيلاء عناية خاصة لأسر الشهداء والمصابين لبلسمة جروحهم وإثبات أننا جميعا مدينون لهم وتفعيل منظومة العدالة الحقة لإنصاف كل من ظلم في العقود الثلاثة السوداء والقصاص العادل من المجرمين والقتلة حتي يهدأ المجتمع ويتفرغ لمهام البناء والإصلاح ويشعر الجميع بثمار الثورة العظيمة والخير القادم في ركابها إن شاء الله. المزيد من أعمدة هشام فهيم