تعاني العشرات من قري البحيرة النائية من العطش, فبعضها لم تصله مياه الشرب منذ أكثرمن3 أشهر, ومع صمت المسئولين و انشغالهم بالأحداث السياسية, اضطر سكان القري إلي استخدام الجراكن وقطع مسافات طويلة بالعربات الكارو لنقل المياه من القري المجاورة إلي قريتهم ناهيك عن تدهور الوضع البيئي والصحي داخل هذه القري, وانتشار الإصابة بالأمراض المعوية بها بسبب سوء حالة النظافة. لقد سقطت قريتنا خارج حسابات الزمن ولا أحد يكترث بمعاناتنا بهذه الكلمات بدأ الحاج فوزي إبراهيم مبروك حديثه إلينا عن مشكلة قرية الكوم الأحمر بأبو حمص والتي تتبع مجلس قرية جواد حسني, موضحا أن القرية التي يبلغ تعداد سكانها4 آلاف نسمة يقتلها الظمأ كما لو كانت في دولة تعاني الجفاف وندرة المياه ولا يتخللها أعظم أنهار العالم, وذلك بسبب الانقطاع المستمر للمياه منذ أكثر من شهرين. ويتابع قائلا: لقد بحت أصواتنا من الشكوي إلي المسئولين دون مجيب, ولو انقطعت المياه عن مدينة مثل دمنهور لساعات معدودة لقامت الدنيا ولم تقعد, لكن أحدا لا يبالي بمعاناة البسطاء من أهل الريف, حيث تحولت حياة أهالي القرية إلي جحيم لا يطاق. ويضيف قائلا: يكفي للتدليل علي مأساة القرية أن جميع السيدات قد لجأن إلي استخدام مياه ترعة أم عشرة التي تخترق القرية, والملوثة بمياه الصرف الصحي لقري أخري, لغسل أواني الطعام والملابس وغيرها, فضلا عن غسيل غلة القمح تمهيدا لطحنها, مما يمثل خطرا صحيا كبيرا علي الأطفال والذين باتوا عرضة للاصابة بالأمراض المعوية مثل الاسهال والمغص وغيرها, وبات الأهالي في حاجة إلي الاعلانات القديمة للفنان محمد رضا والتي كان يحذر فيها خلال الثمانينيات من خطر استخدام مياه الترع لما تسببه من الإصابة بمرض البلهارسيا. ويوضح أنه لايمكن لأهالي القرية حفر آبار أو عمل طلمبات حبشية نظرا لكون المياه الجوفية مالحة, وعليه لجأ الأهالي إلي استخدام العربات الكارو والانتقال إلي قريتي إسلام وجواد حسني لملء الجراكن من حنفيات السبيل في منظر غير آدمي بالمرة. ويشير إلي ضرورة تغيير خط الطرد الذي لايتجاوز عرضه5 بوصة لتغذية القرية بالمياه من محطة مياه أبوحمص. في المقابل قام عشرات المئات من أهالي قري كوم القدح وزاوية سليم وباغوص, والخوري القبلي. والحزرا بمركز أبوالمطامير إلي قطع الطريق المؤدي إلي دمنهور, ومنع مرور السيارات في كلا الاتجاهين, ومحاصرة مقر شركة المياه بأبوالمطامير ومنع دخول أو خروج أي من الموظفين, احتجاجا علي انقطاع مياه الشرب منذ شهر. ويوضح الحاج عبدالمنعم هليل(56 سنة), وأحد أبناء قرية كوم القدح, أن القري المحرومة من المياه تتبع إداريا مركز أبوالمطامير, إلا أنها تعتمد علي خطي مياه في مركزي أبوحمص وحوش عيسي, نظرا لوقوع القري في المنطقة الحدودية بين المراكز الثلاثة, وفي نهايةالخطوط. ويؤكد إستمرار مشكلة انقطاع المياه لساعات طويلة علي مدار العام لكنها تزداد وطأة مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة وما يصاحبها من استهلاك متزايد من المياه, مشيرا إلي عودة الحياة في القري المحرومة إلي العصور الوسطي. ويؤكد أن الأهالي لجأوا أيضا إلي استخدام الجراكن في نقل المياه من قرية تروجي, والتي تبعد نحو3 كيلو متر عن القرية, ويوضح معاناة السكان قد بلغت ذروتها مع ارتفاع درجة حرارة الصيف, ولك أن تتخيل مرارة حالك عندما ترغب في دخول الحمام ولا تجد مياها للوضوء بها أو الاغتسال.