المتأمل في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في الإسلام يتأكد انه دين يحقق التكامل بين المثالية القيمية والأخلاقية وبين الواقعية و الفكر العملي الذي يركز علي معطيات الواقع و علي التنمية والنهضة الاقتصادية والاجتماعية لصالح الإنسان والمجتمعات ولتحقيق واجبات الخلافة في الأرض. ومن بينها عمارة الأرض ودعم اقتصاديات المجتمعات وتحقيق العدالة الاجتماعية بمفهومها و مضامينها الإسلامية الصحيحة. ويقول الدكتور نبيل السمالوطي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر أنه لكل هذا نظر الإسلام إلي المال و الثروات المادية علي انها قوام الحياة وأنها في الأصل مملوكة لله, وهي في يد العباد علي سبيل الاستخلاف. من هنا فإنه يجب تحصيلها و الإنفاق منها طبقا لأوامر المالك الأصلي للمال وهو الله, بمعني ان يكون تحصيل الثروات من وسائل مشروعة حددتها الشريعة الإسلامية وان يكون إنفاقها أيضا منضبطا بضوابط الشريعة الغراء. كذلك فقد حمي الإسلام المال بكل أنواع الحماية فحفظ المال هو احد المقاصد الخمسة للشريعة الإسلامية جنبا إلي جنب مع حماية النفس و العرض و العقل و الدين. وقد شرع الله حد السرقة و حد الحرابة لحماية المال و الثروات وكل أنواع الفساد في الأرض. وحرم الله أكل أموال الناس بالباطل. قال تعالي(ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل و تدلوا بها إلي الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم و أنتم تعلمون)(البقرة188). كذلك فقد حرم الله كل أنواع التحايل و شهادة الزور في ساحات المحاكم و في المعاملات المختلفة لأنها تقلب الحق باطلا و الباطل حقا. روي البخاري بسنده ان رسول الله عليه الصلاة و السلام قال:(إنما انا بشر و إنكم تختصمون إلي ولعل احدكم ان يكون ألحن( اي ابلغ) بحجته من الأخر فاقضي له بماله. فمن قضيت له من مال أخيه بشيء فإنما هي قطعة من النار إن شاء أخذها وإن شاء تركها). وقد حرص الرسول عليه الصلاة و السلام في خطبة الوداع علي التأكيد علي حرمة المال جنبا إلي جنب مع حرمة الدماء والأعراض. وقد يظن البعض ان الشريعة إنما تحرم الاعتداء علي المال الخاص فقط دون المال العام.لكن الحق ان السرقة من المال العام جناية اكبر من السرقة من المال الخاص لأنها جريمة في حق الشعب و المجتمع و الامة. وقد جاء في الحديث ان رجلا غل حيث سرق شملة من الغنيمة و هي من مال عام قبل تقسيمها, فقال عليه الصلاة و السلام(الأخذ من الغنيمة قبل تقسيمها غلول, وإني رأيت رجلا غل( اي سرق) واخذ شملة قبل تقسيم الغنائم رأيتها تلتهب نار حول رقبته). بهذا وغيره حمي الإسلام حرمة المال الخاص والعام معا.