انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري والأمة الإسلامية بعيد الأضحى المبارك    وفد وزارة العمل يشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    وزيرتا التعاون الدولي والبيئة تبحثان مع الجانب الإيطالي تعزيز فرص التعاون في إدارة المخلفات الصلبة    قبل ساعات من العيد.. رحلة البحث عن أضحية في سوق الأغنام بالسويس - صور    الزراعة: متبقيات المبيدات يفحص 1500 عينة منتجات غذائية.. اليوم    سلطنة عمان: إيران والسويد تكملان تبادل السجناء    جيش الاحتلال: حادث اليوم بغزة لم يستهدف ناقلة جند بل مدرعة طراز "نمر"    إسبانيا تقسو على كرواتيا في أولى مبارياتها بيورو 2024 (فيديو)    الزمالك يستعيد خدمات عمر جابر فى مباراة فاركو بالدورى    بطريقة غريبة.. صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال32 (صورة)    وزير الشباب: القيادة السياسية والحكومة تدعم الرياضة المصرية    بعد إعلان وفاته.. ما هي آخر جائزة حصل عليها ماتيا ساركيتش؟    مدرب برايتون الجديد أصغر من 6 لاعبين بالفريق.. من هم؟    سيارات أجرة لنقل المواطنين مجانًا إلى ساحات صلاة العيد في الوادي الجديد    «الصحة السعودية»: تقديم الرعاية لأكثر من 112 ألف حاج وحاجة حتى وقفة عرفات    «القاضية بتاعتي أجمد».. أفشة وإمام عاشور وكولر يروّجون ل«ولاد رزق 3» (فيديو)    مقتل جنديين إضافيين من اللواء 179 وإصابة اثنين آخرين جراء عبوة ناسفة بغزة    "عيد سعيد".. بسمة بوسيل تنشر فيديو من أحدث جلسة تصوير والجمهور يعلق    أمين الفتوى بقناة الناس: رسول الله بلغ الغاية فى حسن الظن بالله    دعاء مؤثر للإعلامي أحمد فايق من صعيد جبل عرفات    موعد أذان مغرب يوم عرفة.. ودعاء النبي عند الإفطار    الإفتاء يجوز تأخير طواف الإفاضة إلى آخر مكث الحاج بمكة ليُغنِيَ عن طواف الوداع.. ويجوز توكيل رمي الجمرات    لكبار السن- 9 أطعمة يجب تجنبها في عيد الأضحى    «المصرية للحساسية والمناعة» يقدم نصائح لتجنب أعراض ارتفاع درجات الحرارة    للحوامل- نصائح لعلاج عسر الهضم بعد تناول لحوم العيد    «الحياة اليوم» يرصد أعمال توزيع اللحوم والملابس تحت مظلة التحالف الوطني بالجيزة    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إعداد معلمي رياض الأطفال ب«تربية القاهرة للطفولة المبكرة»    تضامن بورسعيد تعلن شروط التقدم لمسابقة "الأب القدوة"    بمناسبة صيام يوم عرفة، توزيع وجبات الإفطار للمسافرين بالشرقية (فيديو وصور)    الإنتاج الحربي: الرد على 762 شكوى واردة للوزارة بنسبة 100%    الأوقاف: خطبة العيد لا تتعدى 10 دقائق وتوجيه بالتخفيف على المصلين    موعد صلاة العيد 2024 في الأردن.. اعرف الأماكن    رونالدينيو: لن أشاهد البرازيل في كوبا أمريكا    مساجد الإسكندرية انتهت استعداداتها لاداء صلاة عيد الأضحى    الإسماعيلى متحفز لإنبى    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    الكشف على 900 حالة خلال قافلة نفذتها الصحة بمركز الفشن ببنى سويف    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    الشيخ ماهر المعيقلي يلقي خطبة عرفة (بث مباشر)    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    هالة السعيد: 8.6 مليار جنيه لتنفيذ 439 مشروعا تنمويا في البحيرة بخطة عام 2023-2024    الاحتلال الإسرائيلي يعلن قصف مبنى عسكري لحزب الله جنوبي لبنان    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    يورو 2024.. أسبانيا تسعى لانطلاقة قوية أمام منتخب كرواتيا الطموح    تزامنا مع عيد الأضحى.. ما التوقيت الشرعي والطريقة السليمة لذبح الأضحية؟    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العويس تفوز بأمين معلوف‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 01 - 2012

لم يفاجئني خبر فوز الأديب أمين معلوف بجائزة العويس للإنجاز الثقافي والعلمي في دورتها الثانية عشرة‏(2011/2010). لأن هذا الأديب العربي الكبير رفع الرواية التاريخية إلي أنضج مستوياتها في الأدب العربي, واستفاد من الخطوات المهمة التي قطعها روادها جورجي زيدان وطه حسين ومحمد حسين هيكل ومحمد فريد أبوحديد وعبدالحميد جودة السحار, وعلي أحمد باكثير, ومحمد سعد العريان, وعلي الجارم, ونجيب محفوظ. وإذا ردد البعض أن أعمالهم كانت محاولات لانتشال الإنسان العربي من تخلفه, بإظهار تاريخه الحافل بالأحداث والانجازات, فقد نحا معلوف منحي مختلفا, وانتهج رؤية أوسع, وأكثر رحابة وانفتاحا علي كونية الإنسان, منطلقا من إيمانه بلقاء وتواصل الحضارات, كما تبدي في روايته الأولي ليون الإفريقي وارتحاله مع بطلها حسن الوزان من دولة الأندلس في لحظات انهيارها الأخيرة, وانتقاله إلي شمال وعمق إفريقيا, ووصوله إلي القاهرة إبان دخول السلطان العثماني سليم الأول في لحظات الفتح الأولي, ومنها إلي تركيا, وأثناء عودته عبر البحر المتوسط إلي تونس جري اختطافه واقتياده إلي حاضرة الفاتيكان, ليقضي بقية عمره هناك باسم ودين مختلفين ليون الإفريقي, ليدور بنا معلوف بمهارة ووعي حول حوض الحضارات الأقدم في تاريخ الإنسانية, ليدفعنا لتأمل فكرة أننا نطل علي ذات الشارع منذ عصور سحيقة, و ننهل من مشرب واحد طوال تاريخنا المشترك, فعلي ضفاف المتوسط نشأت وامتزجت الحضارات, وظهرت الديانات, وسعي هو جادا للتذكير بهذا في إبداعاته, ومثل هذه الرؤي مكنته من امتلاك مشروع أدبي واضح الملامح, لايكتفي فيه بالبحث والتنقيب في التاريخ العربي والشرقي وحسب, لكنه ينطلق من رؤي أبعد, فالتعايش بتقديره شيء يتعلمه الإنسان طوال حياته ويتدرب عليه, ومصير البشرية واحد.
ولأن مؤلفاته في مجملها ملضومة بخيط فكري واحد, فنراه لم يبتعد كثيرا عن تلك الفكرة في روايته الشهيرة الحروب الصليبية كما رآها العرب حيث أعاد تأمل أصول تشظي العرب, وانقسامهم إلي دويلات, ما مكن أمراء الحروب الصليبية من النفاذ إلي المنطقة, وإعمال الفرقة بين الأشقاء, وإشعال الحروب, إلي أن أتي نور الدين زنكي, وجمع أشتاتهم, ووحدهم وقاد حروب التحرير لطرد الصليبيين, وهي التي ظهر خلالها صلاح الدين الأيوبي والذي تحفظ معلوف علي دوره, وطرح أسئلة مهمة حوله تحتاج لإجابات شافية, وهو بهذه التفاصيل لم يبتعد عن سؤال أراه جوهريا, ماذا لو استبدل الأوروبيون والعرب هذه الصراعات بالتواصل الحضاري وتبادل المنافع؟.. وهو ما يكشف عن نظرة طوبوية امتلكها معلوف تتجلي في جوانب من رؤاه وأعماله, من دون أن تعيق مخيلته الإبداعية من إطلاق الأسئلة المدهشة, كما فعل في روايته سمرقند, حول ما يمكن أن يحدثه اجتماع سياسي داهية مثل الوزيرنظام الملك, مع عالم وفلكي وشاعر مثلعمر الخيام, ومتشدد أيديولوجي هو حسن الصباح, مع أنهم لم يتزامنوا في الواقع, وهذه ليست إعادة صياغة للتاريخ ولا تحريف له, بل محاولة لتصور جديد من معطيات تاريخية حقيقية, يدفعنا للبحث عن إجابة السؤال ماذا يحدث لو اجتمع هؤلاء الثلاثة في وقت ومكان واحد؟ وفي روايته حدائق النور تعقب رحلة ماني ذلك النوراني الملاحق من أمته المتطرفة, مثلما ذهب في روايته بلداسار مع بطلها إلي بلدان شتي للبحث عن الاسم المائة لله عز وجل, وهو ما يكشف المدي الهائل لتحليقاته.
ولا أذهب مع القول بأن أمين معلوف ينشد من وراء أعماله إطلاع الغرب علي جوانب مهمة من تاريخنا, بل ظني أن موهبته الكبري وشغفه الواضح بقراءة التاريخ, وتألمه من تردي الواقع العربي, هي دوافعه لكتابة هذا اللون المرهق من الإبداع, و هو يطرح أسئلته علي الجميع, ومنهم القارئ العادي حول العالم, ويضئ حقائق تاريخية بدأب ومكابدة في البحث عن أحداث فارقة تمكنه من بلورة أفكاره المثالية حول الحضارات والتعايش بين البشر, وأيضا لمعاتبة الواقع من زاوية قديمة.
وفي كل أعماله لم يبحث عن موتيفات شرقية عجائبية يبهر بها القارئ الغربي, بل امتلك رؤية مفكر رصين يتأمل الوقائع التاريخية, ويعيد تفكيكها, ليخرج بنظرات أعمق وأدق, لعلها تمنحنا طريقة جديدة في الحكم علي الأشياء, وأيضا في جل حواراته لم يظهر أي تحيز للغرب, ففي الوقت الذي يقر فيه بتفوقه, ينحو عليه باللائمة لعدم اتساقه مع ذاته في علاقته بالعالم الثالث.
وهذا الجهد الإبداعي والفكري يبين أن أمين معلوف معني بالضرورة ببناء فرص حقيقية للتواصل بين العرب والغرب, بين الثقافتين, الأولي التي انطلق منها وتشبع بها عبر أسرة عريقة في الثقافة والإبداع, والثانية التي أغرم ونهل منها لكنه لم ينسحق أمامها, بل بقي ندا يقظا لها, ومعجبا موضوعيا يحترم مكوناته الأولي, وهو ما حفظ عليه مستواه الإبداعي العظيم, وما جعله بعد عدة عقود قضاها في فرنسا واكتسابه جنسيتها, وعضوية الأكاديمية الفرنسية التي يفتخر بها يقول ببساطة: عندما تكون هناك مشكلات في لبنان أتألم وأشعر أنني لبناني أكثر, وعندما يكون هناك مشكلات في أوروبا أتصرف كأوروبي.
لهذا كله أكرر أنني لم أفاجأ بفوز أمين معلوف بجائزة العويس, بل أراها هي الفائزة به.
أمين معلوف في سطور:
ولد في بيروت عام1949
درس الاقتصاد والعلوم الاجتماعية بآداب الجامعة اليسوعية في بيروت.
عمل صحفيا بالملحق الاقتصادي لجريدة النهار البيروتية.
هاجر في1976 إلي فرنسا, وعمل بمجلة إيكونوميا, ثم رأس تحرير إفريقيا الفتاة.
ثاني عربي يتمتع بعضوية الأكاديمية الفرنسية( تأسست1635) بعد الأديبة الجزائرية آسيا جبار.
حاز جائزة جونكور1993 عن رواية صخرة طانيوس, وأمير أستورياس أرفع جائزة أدبية في إسبانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.