أخبار الأهلي : إبراهيم حسن يكشف حقيقة غضب إمام عاشور    بعد إقرار تعديلات القانون.. اختصاصات هامة للمدير التنفيذي لصندوق قادرون باختلاف (تعرف عليها)    الأوقاف: توزيع 12 طن لحوم و5 أطنان دواجن على الأسر الأولى بالرعاية    توريد 605 ألف طن من الذهب الأصفر لشون وصوامع الشرقية    أمن مصر.. أولاً وأخيراً    المطيري يلتقي وزيرة العمل الفلسطينية على هامش مؤتمر جنيف    القيادة الأمريكية تعلن نجاح إعادة إنشاء الرصيف البحرى المؤقت فى قطاع غزة    حسابات الرئيس    الداخلية تكشف ملابسات سرقة هاتف محمول من أحد الأشخاص بالقاهرة    بعثة الحج بوزارة الداخلية تستقبل آخر فوج من ضيوف الرحمن بالمدينة المنورة| صور    إصابة 9 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص في الشرقية    نرمين الفقي تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    متحدث الأونروا ل"القاهرة الإخبارية": أكثر من 179 منشأة للوكالة دمرت فى غزة    مصابة بمرض الباراسومنيا، سيدة تتسوق أثناء النوم    القائمة النهائية لمنتخب إسبانيا المشاركة في يورو 2024    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    ارتفاع أسعار المكرونة واللحوم وانخفاض الجبن اليوم الجمعة بالأسواق (موقع رسمي)    حرمة الدماء والأموال في ضوء خطبة حجة الوداع، موضوع خطبة الجمعة القادمة    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    بدء تلقى تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ الأحد    وزارة العمل: توفير 7 ملايين و240 ألفا فرصة عمل فى الداخل والخارج منذ 2014    بايدن يعتذر لزيلينسكى عن تأخير المساعدات العسكرية لأوكرانيا    تشييع جنازة نادر عدلى في العاشر من رمضان اليوم والعزاء بالمعادى غداً    أحكام الأضحية.. ما هو الأفضل: الغنم أم الاشتراك في بقرة أو جمل؟    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024    إزالة 465 حالة إشغال طريق مخالف بمراكز البحيرة    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    مصر وروسيا تبحثان سبل تعزيز التعاون في مجالات التجارة والصناعة والاستثمار    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    مذكرة تفاهم بين مصر وجامبيا للتعاون في إدارة الأنهار المشتركة والتحلية    عيد الأضحى- فئات ممنوعة من تناول الممبار    بروتوكول تعاون لاستقطاب وافدين من أوروبا والخليج للعلاج بمستشفيات «الرعاية الصحية»    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    أيام البركة والخير.. أفضل الاعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة 1445    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    تفاصيل موعد جنازة وعزاء المخرج المسرحي محمد لبيب    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    يونس: أعضاء قيد "الصحفيين" لم تحدد موعدًا لاستكمال تحت التمرين والمشتغلين    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    خلاف داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الدائري بالقليوبية    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تتوقف الصدفة عن حكم مصر؟

للصدفة قانون ربما لا ندركه. فهي قوة سيطرت علي كثير من أحداث التاريخ ومصائر الأمم وأقدار الأفراد. كان فولتير يسميها صاحبة الجلالة..... الصدفة اعترافا بتأثيرها. تراجع كثيرون من المؤمنين بحتميات التاريخ إلي الاعتراف بأن الصدفة لعبت دورا بارزا في حركة التاريخ.
أصبح من السذاجة الفكرية أن نطمئن لكل شيء يقع باعتباره يقينا وأن نعتقد أن الأشياء تقع وفق حتمية لا مفر منها. وليس لذلك علاقة بتفكيرنا الديني في القدر وسطوته. في القرن التاسع عشر كان أنطوان كورنو وهو فيلسوف وعالم رياضيات واقتصاد يري الصدفة التقاء متزامنا بين واقعتين لا رابط بينهما وإن كان لكل منهما سببه. الصدفة التقاء سلسلتين من الأسباب مستقلتين عن بعضهما البعض.
في حركة التاريخ وقعت أحداث صغيرة ترتبت عليها نتائج كبيرة. مثل قول باسكال لو أن أنف كليوباترا كان أقصر قليلا لتغير وجه العالم هو الحب والغرور الإنساني. ولولا الحصاة الصغيرة التي سدت مجري بول كرومويل في بريطانيا لقضي علي المسيحية وأطاح بالعائلة المالكة هناك وأشاع الرعب في روما. ولكن الحصاة الصغيرة كانت سببا في موته واندحار عائلته وبقاء المسيحية وعودة السلام والملكية إلي بلاد الانجليز. ولولا قرار رئيس الكتيبة الألبانية التي هبطت ميناء أبي قير في ربيع عام1801 بالعودة إلي بلاده ليتولي القيادة بعده محمد علي لما تمكن الأخير من استخدام كتيبته في الصعود بين الفريقين المتصارعين آنذاك في مصر بعد رحيل الفرنسيين ليتولي في نهاية الأمر حكم مصر وبناء نهضتها الحديثة. وللصدفة تاريخ طويل في الاكتشافات والاختراعات. ولكن الصدفة ليست أبدا بديلا عن إرادة الإنسان في صناعة التاريخ وتقرير مصائر الأمم. قد تأتي الصدفة حينا وتختفي أحيانا. فبغير إرادة الإنسان تصبح الأحداث سلسلة من المصادفات العشوائية. تظل إرادة الإنسان الخلفية العامة التي تحتوي الصدفة في النهاية. قد تقع المصادفات ولكن إرادة الإنسان قد تقلل من التأثير السلبي لها. انخفاض مستويات الوعي وتأخره جعل تاريخ مصر الحديث سلسلة من المصادفات. بدأ هذا التاريخ صدفة وصعد إلي سدة الحكم سلسلة من الحكام الذين جاءت بهم الصدفة بشكل أو بآخر. صلاة محمد علي وراء المشايخ في الأزهر جاءت به لسدة الحكم لتنشأ الأسرة العلوية ليتولي عرش مصر أكبر أبناء الأسرة طوال مائة وسبعة وأربعين عاما. كبر السن وهو صدفة جاء بمن يستحق ومن لايستحق إلي سدة الحكم. يتولي أقدار أمة غاب عن النظر في شئونها شعبها فرضيت بقرارات حكامها إن أصابوا أو أخطأوا. فأصبحت مصر رهينة إرادة حكام لم يكن لها رأي فيهم. ولم تكن الصدفة غائبة عن النظام الجمهوري الذي جاء بعد زوال الأسرة العلوية. لم يأت أي من حكام مصر بعد ثورة يوليو بإرادة شعبية رغم ما تحقق لبعضهم من شعبية هائلة ودون نكران لما تحقق علي أيديهم. فالصدفة لا تأتي دائما بالأسوأ. ومثلما تحولت الحركة المباركة للضباط الأحرار في يوليو52 إلي ثورة بإنجازاتها, تحولت المظاهرات الإصلاحية في25 يناير إلي ثورة بإنجازاتها التي تمثلت في اقتلاع نظام سلطوي عتيد لتبدأ حركة مضادة لعموم التاريخ المصري. ولكنهم وجدوا أنفسهم محصورين في الاختيار بين تيارين لم يكونا أبدا ضمن قوي الثورة. صوت المصريون في الانتخابات الرئاسية تصويتا شابه الكثير من العوار السياسي فلم تكتمل ثورتهم ولم تتحقق أحلامهم رغم الاختيار الملون بالديمقراطية.
أما الذي حدث في30 يونيو فهو يبدو حتي الآن خروجا كاملا عن المصادفة في الحياة السياسية المصرية. لم تخرج الملايين في شوارع وميادين مصر من أقصاها إلي أقصاها تطالب بإصلاحات يقوم بها النظام السياسي القائم بل طالبت قبل30 يونيو باقتلاع هذا النظام وأصرت عليه وتمسكت به فكان لها ما أرادت. لم يواجه المصريون في30 يونيو نظاما شاخ مع الزمن وفقد الرغبة في الاستمرار, بل واجه نظاما طامحا عنيدا وقادرا علي المقاومة. ولكنهم بإرادتهم تمكنوا من إسقاطه. ولذلك سوف يبرز هذا اليوم في تاريخ مصر أكثر من أي يوم آخر إذا ما قدر لهذا اليوم أن يحقق في قادم الأيام طموحات المصريين في الحرية والعدالة الاجتماعية.
لايزال الأمر في مصر حتي الآن خارجا عن حدود الصدفة وتأثيراتها ببقاء المصريين في الميادين دفاعا عن إرادتهم. ولكن الصدفة قد تعود إذا تراجعت الإرادة الشعبية الجارفة أو غابت رؤيتها. لم يعد إسقاط نظام سياسي كافيا لقيام دولة مصرية حديثة. ولكن التحدي الكبير الذي نواجهه هو النظام السياسي البديل الذي يسكن القصر. كيف نبنيه وكيف نختار أفراده. ليست وسائل الإعلام أبدا وسيلتنا لاختيار الوزراء وكبار المسئولين. فالواقع الحالي للإعلام المصري شديد البؤس والظهور في وسائل الإعلام مع القدرة علي مخاطبة المصريين ليست دليل كفاءة واقتدار لإدارة النظام السياسي الجديد. وليس القبلية أو العشائرية السياسية أو الثقافية وسيلة لاختيار قوي النظام السياسي المنشود. وليس بالسن وحدها تتراكم الخبرات. وليس بالثقة المطلقة فيمن نختارهم تتحقق الأمنيات.
في الممارسات الديمقراطية الحديثة يخضع السياسيون لفحص شعبي دقيق حتي يتوافر الحد الأدني من الضمان بأن لديهم قدرة علي الإدارة وتحقيق الأهداف. أما أن نختار سياسيا لأنه فصيح اللسان يستنهض من التاريخ البعيد أحلاما لن تتحقق, أو قادر علي إثارة الحماسة الوطنية أو لأننا نجده ضيفا دائما في سرادقات العزاء أو يرتاد المساجد فذلك اختيار يفتح الباب علي مصراعيه للمصادفة.
تطور الأمم يحتاج إلي ظروف موضوعية مواتية ودافعة نحو التقدم وقد تحتاج إلي قائد ملهم تأتي به أحيانا مصادفة تاريخية. ولكن الظروف الموضوعية هي في النهاية إرادة شعب وبدونها لايستطيع قائد ملهم أن يدفع بشعبه إلي التطور.
لمزيد من مقالات د. حمدي حسن أبوالعينين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.