في الوقت الذي حققت فيه السينما المصرية200 مليون جنيه إيرادات في2012 حيث تم انتاج وعرض29 فيلما سينمائيا فقط.. حسب تقديرات غرفة الصناعة المصرية. بلغ حجم إنتاج صناعة السينما الهندية في العام نفسه من800 إلي ألف فيلم حسب الاتحاد الهندي للغرف التجارية والصناعة و بلغ حجم إيرادات صناعة السينما الهندية نحو122.4 مليار روبية( نحو2.2 مليار دولار) اي نحو14 مليار جنيه مصري. والسؤال الذي يطرح نفسه علينا اليوم هو: كيف يمكن ان نصل إلي مستوي يقارب إيرادات السينما في الهند علي الاقل مع العلم ان السينما المصرية بدأت قبل السينما الهندية؟ في البداية يقول نقيب الممثلين اشرف عبد الغفور لقد ادرك صناع السينما في الهند منذ اللحظة الاولي قيمة هذا المنتج الفني الخاص جدا.. وتعاملوا معه بجدية فتم انشاء اعداد كبيرة جدا من دور العرض في جميع المدن والمحافظات لدرجة ان الفيلم يحقق ارباحا كبيرة جدا في الداخل.. اما عن سوق التوزيع الخارجي فهو يشمل العالم اجمع.. ولان الفيلم الهندي اصبح له هوية.. وطابع خاص.. فقد اصبح له عشاقه في كل بلاد الدنيا.. وقد تشكلت السينما في وجدان الشعب الهندي نظرا للانتاج الغزير علي مدي العام وكثرة دور العرض فاصبحت السينما جزءا من برنامج الحياة اليومي لدي الاسرة في الهند.. ثم تخطي الحدود ووصل الي المهرجانات العالمية.. وقد اخترقوا حجبا كثيرة جدا واستطاعوا ان يطبقوا نظرية ان السينما صناعة وتجارة وفن.. وحققوا المعادلة واصبح دخل السينما فقط في الهند اكبر من الدخل القومي الاجمالي لدول كثيرة. ويضيف نقيب الممثلين ان مشكلة الفيلم المصري تتمثل في انه اصبح بلا هوية ولا طابع علي ايدي الجيل الحالي.. وسقط اهم ضلعين في منظومة السينما.. حيث ان الفن تواري والصناعة انحدرت وبقي فقط الضلع الثالث وهو التجارة.. والحقيقة ان السينما المصرية منذ عشرات السنوات لاتقدم فنا ولاتهتم الا بشريحة واحدة فقط.. وهي الشباب!! وعليه فقد خسرت السينما شرائح عديدة اهمها الاسرة مجتمعة.. فما بين القضايا المطروحة والتي يخجل افراد الاسرة ان يجتمعوا امامها الي ارتفاع ثمن التذاكر بشكل مبالغ فيه بالنسبة لدخل الاسرة البسيطة جدا.. فكيف لرب اسرة مكونة من5 افراد ان يذهب الي دار العرض السينمائي كل اسبوع ليدفع100 جنيه فقط للتذاكر.. مايعادل400 جنيه في الشهر.. مستحيل طبعا.. كان في الماضي توجد سينما الدرجة الثالثة الصيفي والتي كانت تقدم3 افلام متنوعة مابين العربي والاجنبي وكانت تراعي ظروف عشاق السينما البسطاء.. وتقدم لهم وجبة فنية وثقافية وامتاعا وترويحا للنفس.. كل هذا اختفي اليوم.. بالاضافة الي الانفلات الامني واجهزة العرض والصوت المتهالكة. ويؤكد عبد الغفور يجب ان تعود الدولة لتمارس واجبها الثقافي والفني مثلما كانت تفعل من قبل لان هناك نوعيات من الافلام لايمكن ان تنتج الا من خلال الدولة.. مثل الافلام التاريخية والدينية وسينما الاسرة والطفل.. الافلام ذات الموضوعات الثقافية والتربوية.. السينما المصرية زمان كانت تقدم روايات لكبار الكتاب مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف ادريس واحسان عبد القدوس.. اما اليوم فلايوجد مؤلف... واصبح المثل الاعلي والبطل في السينما المصرية هو المجرم.. وانتصر الشر علي الخير.. وبما ان السينما مرآة الواقع.. فقد ارتد تأثيرها واصبح السائد في الشارع هو العنف.. هذه هي الاوضاع الخطأ.. بالاضافة الي انهيار سوق التوزيع الخارجية.. أما الدكتور سيد خطاب استاذ الدراما بأكاديمية الفنون ورئيس الرقابة الاسبق فيقول: الذهاب الي السينما هو جزء من ثقافة وتقاليد المجتمع في الهند.. وهذا هو جوهر الموضوع.. الدولة لاتشارك في الانتاج في الهند ولكنها توفر مناخا مناسبا يشجع الجميع علي العمل والاستثمار في السينما.. ولديهم شركات تسويق علي اعلي مستوي.. تستطيع الوصول الي اخر بلاد الدنيا لتوزيع الفيلم الهندي.. وبالتالي فمردود وعائد ارباح اي فيلم يعادل مئات المرات تكاليف الانتاج.. رغم ان تكلفة انتاج الفيلم زهيدة جدا لاعتمادها علي التصوير الخارجي في الاماكن المفتوحة والحدائق والقصور القديمة وكل هذه تتم بدون مقابل تشجيعا من الدولة.. عكس مايحدث في مصر.. بالاضافة الي ان دور العرض توفر الات عرض ديجيتال.. وهذا يوفر كثيرا من تكاليف طبع ونسخ الاشرطة السينمائية.. كما انه لاتوجد لديهم مشاكل ثقافية فيما يخص الشعوب العربية والافريقية والاوروبية.. كما انهم يحترمون عادات وتقاليد الاسرة.. فلا يقدمون إسفافا ومشاهد جنسية فاضحة.. فلم يتم منع اي فيلم هندي من العرض يوما في اي من البلاد الاسلامية او غير الاسلامية.. عكس مايحدث مع الفيلم المصري.. نحن في الستينيات والسبعينيات غزونا الاسواق العربية.. لكننا فشلنا في تجاوز المنطقة العربية.. ولم نستطع ان نتجاوز الحاجز اللغوي.. واليوم آن الأوان ان نناقش هذه المشكلة بصوت عال لنتوصل الي حلول. ويشير د. خطاب الي أن سر نجاح الأفلام الهندية هو الموضوعات الدرامية والتي كان يجيدها حسن الامام.. والابهار اللوني والمؤثرات السمعية والبصرية والموسيقي والغناء المميز جدا لدي الهنود.. اي ان الحدوته البسيطة والتي تناقش هما انسانيا يمس مشاعر الناس جميعا.. بالاضافة الي الرقص الاستعراضي الممتع.. وقصص الحب والتضحيات والبطولات التي امسك بها وحش الشاشة فريد شوقي.. بينما نعاني في مصر من العراقيل سواء تقييد الحريات.. واشتراط الحصول علي تصريح الحركة فلا يسمح بالتصوير في الشوارع الا بتصاريح رسمية وبعد دفع رسوم كبيرة للسماح بالتصوير بالقرب من القصور والاماكن الاثرية.. والفنادق بالاضافة الي مغالاة النجوم في الاجور.