جاء عام 2010 وحمل معه حالة من الترقب والقلق علي مستقبل صناعة السينما ولما يحدث علي الساحة من تأثير الأزمة العالمية والتي تسببت في توقف عدد من الأفلام التي كان من المقرر إنتاجها مرورا بحمي القرصنة وغلق شركات إنتاجية كبيرة مثل شركة جود نيوز للإنتاج الفني كل هذا جعل البعض يتوقع حالة من الركود وتراجع الإنتاج السينمائي بدءاً من عام 2010 بما يهدد صناعة السينما بالانهيار إذا لم تتدخل الدولة وايجاد حلول للخروج من تلك الأزمة وإعادة السينما لعصرها الذهبي التي كانت فيه صاحبة الريادة وفي السطور القادمة سنكشف ملامح خريطة السينما لعام 2010 الحالي. بداية يقول المنتج والمخرج هاني جرجس فوزي: إن عام 2010 لم يكن عاماً خارج التوقعات فإن ملامحه علي السينما بدأت في الظهور عام 2009 متأثرا بمرض أنفلونزا الخنازير والأزمة الاقتصادية مرورا بحمي القرصنة الأكثر تأثيرا علي صناعة السينما في مصر مما أدي لتوقف إنتاج الأفلام التي كان من المقرر إنتاجها كما أنه لا توجد تعاقدات جديدة لسنوات قادمة فكل ما سيتم تصويره حاليا من التعاقدات القديمة فقط. أمراض السينما ويبدي جرجس فوزي تخوفه من استغلال بعض الجهات خاصة الخارجية الأزمة الاقتصادية لضرب المنتجين مقابل رفع أسعار الكاميرات وأجور الاستديوهات وأماكن التصوير وغيرها بشكل متعمد يهدف للربح علي حساب هؤلاء مما يضر بصناعة السينما كما وكيفاً وهذا يؤدي إلي انصراف النجوم الكبار عن السينما وتركها للوجوه الجديدةالشابة مما يؤثر علي السينما وجودة أعمالها مشيرا لظلم الإنتاج السينمائي عام 2010 في ظل فعاليات كأس العالم الذي قد تجذب الناس بعيدا عن السينما لفترة يلحقها موسم رمضاني لذلك تكون الكلمة الأخيرة لجودة الأفلام كي تستطيع المنافسة والاستمرار رغم توقف كثير من شركات الإنتاج الكبري مثل شركة جود نيوز وغيرها. ويؤكد فوزي أن برغم تلك الأزمات فإنه يدرك جيدا أن الإنتاج المنظم لابد ألا يتأثر حتي لا تبحث القنوات الفضائية عن بديل مما يضر بالفيلم المصري والذي يواجه أزمة وهي انحسار مساحة التسويق المفتوحة أمامه في الخليج، كما يتوقع أن التوجه في الفترة القادمة يكون للأفلام الكوميدية في ظل تراكم الهجوم حول المواطن البسيط فالجمهور لم يعد قادراً علي استيعاب موضوعات فكرية جامدة الآن. بورصة النجوم ويقول المؤلف وليد يوسف إن في عام 2010 علي السينما أن تكون فيه الصورة غريبة ومتغيرة وفيها مقاييس لبورصة النجوم فهناك أسماء جديدة تنطلق في سماء النجومية وأخري تتراجع والمعيار هنا بجودة العمل وليس معتمدا علي اسم النجم السوبر، كما يفتح المجال في عام 2010 للبطولات الجماعية التي ستكون في صالح العمل الفني وجودته كما يستبعد أن الأزمات التي تلاحق الجمهور قد تدفع المنتجين مرة أخري إلي الأفلام الكوميدية نتيجة لتغيرات طرأت في أذواق الجمهور، ومن جهة أخري يتوقع تراجعاً ملحوظاً في السينما عام 2010 في الكم والكيف لعدة أسباب يرجعها إلي تراجع القنوات الفضائية العربية عن المشاركة في الإنتاج بسبب الأزمة العالمية الاقتصادية التي بدأت عام 2009 والتي نشعر بتأثيرها علي السينما هذا العام والدليل أن كثيراً من الأفلام التي تم تصويرها وعرضها الفترة الأخيرة تعرضت للخسارة رغم ادعاء منتجيها بتحقيق إيرادات بالإضافة إلي أن موسم الصيف هذا العام سيكون قصيرا ولم يعد من أهم المواسم السينمائية كما كان من قبل مما يجعل المنتجين في رعب من خوض مجازفات إنتاجية جديدة خوفا من الخسارة، ومن ناحية التفاؤل لحال السينما هذا العام أصبح مشروطاً باستمرار تجربة الدولة ووزارة الثقافة في دعم الأفلام السينمائية وإنتاجها حتي تحافظ السينما علي جزء من جديتها وجودتها تسمح للأفلام المصرية المشاركة في المهرجانات الدولية في الوقت التي تواجه فيه صناعة السينما لعوامل وتحديات تضربها. صعود وهبوط ويتوقع السيناريست فايز غالي أن عام 2010 يشهد صعودا وهبوطا مما يعرض السينما لمشكلة حقيقية تهدد بمستقبلها بعدما كانت الصناعة الثانية في مصر في ظل وجود مؤسسات قوية إنتاجية مثل استديو مصر وطلعت حرب الذي انتج العديد من الأفلام السينمائية المتميزة مشيرا إلي أزمة السيناريوهات الجيدة وسطوة الكيانات الإنتاجية الضخمة وهيمنتها علي الصناعة وكذلك احتكار النجوم وغياب دور غرفة صناعة السينما في مصر وهروب كبار النجوم إلي التليفزيون يسمح بعودة أفلام المقاولات وتدهور صناعة السينما وتراجعها. ويضيف غالي: لم أتوقع أي تقدم هذا العام أو خروج من حالة التأرح التي تحدث في السينما إلا بتعاون الجميع بشكل مؤسسي لانقاذ تلك الصناعة من الانهيار ورفع مستوي الرسالة التي تقدم من خلالها مستوي الكتاب والمخرجين والفنانين حتي نستطيع إنتاج أفلام تمثلنا في المهرجانات. ضعف الإيرادات ويؤكد منيب شافعي رئيس غرفة صناعة السينما أن عام 2010 يشهد ضعف الإيرادات بسبب المستوي الفني الضعيف وقلة عدد الأفلام المنتجة نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية والتي تؤثر سلبا علي صناعة السينما فينخفض التوزيع الخارجي في ظل ارتفاع الأسعار وتأثر البلدان الخليجية بالأزمة. كما أن ارتفاع أسعار التحميض والطبع في الدول المتخصصة في هذا المجال لن تؤثر علي المنتجين المصريين بشكل كارثي كما يتوقع البعض فمن ناحية أخري يكون لتلك الأزمة تأثير إيجابي في اجبار المنتجين علي الالتزام بالقواعد الأساسية الصحيحة لمواجهة الأزمة ومنها مسألة تحديد الأجور وكذلك التركيز في عدد جيد من الأعمال التي يضمنون بها المكسب مما يحدث انفراجة لحال السينما في ظل توقعه أن معدل الإنتاج السنوي في الفترة المقبلة سينخفض لأن صناعة الأفلام الآن محملة بمصاريف كثيرة لا داعي لها وأن استمرارها بهذا الانفاق الضخم يؤثر بالسلب علي صناعة ومستقبل السينما المصرية مؤكدا علي ضرورة مساهمة الجميع في خطة محكمة لمواجهة الأزمة وانقاذ حال السينما في مصر. هروب الفضائيات ويري الناقد الفني طارق الشناوي أن بالرغم من أن عام 2009 شهد كل انماط الأفلام السينمائية منها الكوميدية والسياسية والاجتماعية والأكشن وكانت ضخمة التكاليف لأن الأزمة الاقتصادية لم يظهر تأثيرها مباشرة العام الماضي إلا أن تلك الأعمال لم تعجب الجمهور لأن الأقوال وحدها لا تصنع سينما مؤكدا أن حال السينما يسوء في مصر يوما بعد الآخر خصوصا في الفترة المقبلة بسبب امتناع القنوات الفضائية عن شراء الأفلام وتوزيعها خارجيا من جراء تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية بجانب إفلاس في الفكر فإن بالرغم من وجود أفضل نجوم الكوميديا في مصر إلا أنه كانت الأفلام الكوميدية لم تلق اعجاب الجمهور. ويتوقع الشناوي تراجعاً في عدد الأفلام التي يتم إنتاجها خلال عام 2009 وتراجعاً لصناعة السينما في الفترة المقبلة إذا ظلت سرقة الأفلام بعملية القرصنة وعدم خلق رؤي جديدة لإنقاذها، وفي الوقت نفسه يتوقع طرح حلول لتلك الأزمة يشهدها عام 2010 بإنتاج الأفلام المستقلة التي توازي السينما التقليدية مشيرا لدعم وزارة الثقافة لإنتاج فيلم كل عام وهذا يضمن مساهمة الأفلام المصرية في المهرجانات القائمة في جميع أنحاء العالم. ويتوقع الناقد محمود قاسم أن عام 2010 لن يكون مبشراً لمستوي السينما مشيرا لعدم وجود عقود جديدة لأفلام سينمائية حتي الأفلام التي تم تصويرها عددها قليل والسبب أن كل المحطات الفضائية التي تقوم بشراء الأفلام تعرضت للافلاس بالتالي يصبح حال السينما بدءاً من عام 2010 سيئا جدا لمواجهتها كثيراً من التحديات في المرحلة المقبلة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية مما جعل الصناعة تعتمد علي التوزيع الداخلي فقط الذي لا يغطي تكلفة الفيلم العالية وخاصة في ظل ارتفاع أجور النجوم فأصبحت أجورهم تتجاوز حجم الإيرادات التي تأثرت لعوامل كثيرة منها تدني مستوي وجودة العمل الفني بجانب أزمة الأفكار المطروحة التي أصبحت سطحية مستهلكة أو مقتبسة من الأفلام الأجنبية وهذا يجعل دور العرض لا تجد أفلاماً مصرية كافية لملئ المولات التجارية ودور العرض بها مما يضطرها إلي اللجوء لبديل عرض الأفلام الأجنبية في هذه الدور. وأخيرا تؤكد الناقدة دلال عبدالفتاح أن سينما 2010 تتراجع تراجعاً شديداً لأنها سوف تعتمد اعتماداً كبيراً علي الشباب لهروب كبار النجوم إلي التليفزيون مما يحقق لهم مكسباً وتواجداً أفضل مضمون عن السينما كما نتوقع لعام 2010 أنه سيكون عام عودة أفلام الفانتازيا لتصبح السينما المصرية في ذيل السينما العالمية لا نستطيع المنافسة مع صناع السينما في العالم خاصة في أمريكا والصين والهند مشيرة لضرورة تدخل الدولة في إنتاج الأفلام السينمائية حتي يضمن تمثيلها في المهرجانات وضرورة تخطيط العملية الإنتاجية بفكر مدروس ومنظم ينقذ صناعة السينما بالإضافة إلي عودة النجوم الكبار بجانب دماء جديدة قادرة علي المشاركة بأداء مميز ومبدع أكثر ضروري لاحياء السينما من جديد وعودتها لعصرها الذهبي.