اختطاف الجنود الستة في رفح لم يكن هو فقط دليل ضعف الدولة, فقد جاءت عملية التفاوض مع الخاطفين بهذه الطريقة المهينة لتضيف دليلا آخر أقوي من الدليل الأول. نحن الآن أمام دولة تتفاوض مع الإرهاب والإرهابيين, وليس مع أصحاب مطالب فئوية, أو حتي سياسية.. نحن الآن نخضع لضغط البلطجة والإجرام, وليس لفصيل سياسي يحمل وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر النظام الحاكم.. نحن الآن أمام أسوأ لحظة يمكن أن تعيشها مصر, سواء قبل الثورة أو بعدها, وهي لحظة الخضوع أمام الإرهاب.. نحن الآن أسري لسلاح دخل البلاد بطرق غير مشروعة علي مدي عامين تساءلنا خلالهما كثيرا عن الهدف من دخول هذا السلاح, وتوقيت استخدامه؟!. أرواح الجنود المختطفين أيها السادة, في رقبة القوات المسلحة, ولا أحد غيرها, ومن العار أن تتفاوض هذه القوات, وتقدم التنازلات والمقايضات في سبيل الإفراج عنهم, وإلا فسوف تتكرر مثل هذه الأعمال الإرهابية يوما تلو الآخر, خاصة إذا علمنا أن هذه الأزمة التي نحن بصددها, إنما هي نتاج تنازلات سابقة في حالات مشابهة. الإرهاب أيها السادة لابد أن يواجه بالقوة, بل والإفراط في القوة, وإذا كان قد تم تحديد موقع الخاطفين كما هو معلن, فكان يجب دك الأرض علي من فيها ليكونوا عبرة لغيرهم, وإذا كان قد تم تحديد من يقف خلفهم كما هو معلن أيضا, فكان يجب استئصالهم من جذورهم بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة, وليكن ذلك شعار المرحلة الحالية, وكل المراحل المقبلة, لا حوار مع الإرهابيين!. نحن الآن نتحدث عن مصر, وليس عن وزيرستان في باكستان, أو تورابورا في أفغانستان.. مصر الواحدة الموحدة, التي تدار بقيادة واحدة, وجيش واحد, وعاصمة واحدة, ورئيس واحد, وحينما نخضع للتفاوض تحت ضغط الإرهاب, فلن تكون هناك مصر بهذه المواصفات, وذلك لأن مثل هذه المفاوضات هي بداية التمزق, وفرض النفوذ. وسواء أسفرت مفاوضات الإفراج عن الجنود مقابل تنازلات معلنة أو غير معلنة, أو لم تسفر عن ذلك, ففي كل الأحوال نحن أمام امتهان لكرامة مصر, كل مصر, من سلطة تنفيذية وتشريعية, وقضائية وأمنية, ناهيك عما يمثله ذلك من انهيار معنوي لكل المنتمين إلي المؤسسة العسكرية التي نكن لها كل احترام وتقدير, ونرجو أن تستمر كذلك. لنكن علي يقين بأن أي جندي من المختطفين لن يسعد بالإفراج عنه, إذا كان المقابل النيل من كرامة وطنه, ولن يشعر أي مواطن بالفخر حال الإفراج عن الجنود, وهو يعلم أن الإرهابيين قد حصلوا علي ما يريدون. ولن تكون مصر مرفوعة الرأس أبدا في نظر العالم الخارجي, وهي تخضع أمام الإرهاب, وبالتالي فنحن أمام خسارة آنية ومستقبلية علي كل المستويات. ما يحدث في سيناء علي رءوس الأشهاد, وتحت سمع وبصر القائمين علي أمرنا, من التسليم بكونها مأوي للتطرف, وتخزين السلاح, وفرض سياسة الأمر الواقع, يجب عدم التعامل معه بوسطاء, وسياسيين, وحزبيين, وشيوخ قبائل وإنما يجب أن توكل مهمة هذا الأمر إلي قواتنا المسلحة للقضاء عليه خلال مدة زمنية محددة يتم الإعلان عنها, بدعم سياسي وشعبي واضح, لا يقبل المساومة, أو الحلول الوسط فما نستطيع تحقيقه اليوم, قد لا نستطيع مجرد التفاوض حوله في المستقبل, وإن غدا لناظره قريب. لمزيد من مقالات عبد الناصر سلامة