عندما تتكرر الممارسات بنمط واحد ووتيرة لا تتغير... مع اختلاف المكان والزمان والحدث, فلا شك أن وراءها عقلا واحدا مدبرا ويدا صانعة خفية, تفتعل الفوضي والتخريب وتحدث عنفا بمناسبة وبدون مناسبة. في البداية كان الوجود السياسي والآراء المختلفة وسيلة وغطاء لتتطور الإحتجاجات إلي تخريب وعنف, وكنا لا نصدق أن الأيدي الآثمة تعبث, ونتردد في الإدانة, ونفكر أن الاحتقان والاستقطاب وراء الأحداث, ونتلمس الأعذار للتجاوزات التي بدأت لفظية ثم تطورت مادية بأدوات معتادة مع الإحتجاج مثل الحجارة وما شابه, ثم تكررت مشاهد المولوتوف والحريق ثم أصبح الخرطوش والرصاص حاضرين في كل المناسبات وتضاءل العمل السياسي والتعبير عن الرأي والاعتصام والتظاهر السلميان لمصلحة التخريب والحريق, ومشاهد اليأس والإحباط والكر والفر مع التسليط الإعلامي الفضائي ومحاولة إضفاء مسحة سياسية واجتماعية علي مرتكبيه... الآن الحقائق أصبحت واضحة, وأصبحت أتوقع حدثا إسبوعيا مواكبا لعمل يزرع الأمل ويشد الوطن إلي الأمام ومغطيا عليه ومقللا من آثاره. عنف بالمقطم مدبر ومتقن وموزع الأدوار وعن موعده لا يتخلف.. لماذا لا يهم السبب.. إنما الرسالة هي الفوضي التي صاحبت نشاطا ملحوظا لرئيس الجمهورية في معسكرات الأمن المركزي ثم جولة الصعيد ثم رحلة باكستان والهند ولقاءاته بقادة القوات المسلحة وعيد المعلم ثم رحلة أخري إلي السودان تفتح من جديد نواف ذ الأمل وتحاول اختراق جدار اليأس والإحباط فتكون أحداث سبت6 ابريل وبرغم تأكيد منظمي المسيرات علي السلمية فإن الجميع كان يتوقع التخريب والفوضي ثم تصدي الشرطة ثم ادانتها إعلاميا وقضائيا كمقدمة لإدانة النظام علي عنف الشرطة وأيضا علي عدم قدرتها علي السيطرة والقبض علي المخربين في آن واحد ثم تأتي أحداث الخصوص. رسومات علي الحائط لتنفخ الأفواه الآثمة النار في الفتنة وتحاول التضخيم والإيحاء بالانهيار... ولما أفلحت الجهود المخلصة في استيعاب الحدث وتهدئة النفوس تمهيدا للحلول.. من جديد افتعال للعنف أثناء الجنازة والتشييع والمصري بطبيعته يحترم الموت ويحني رأسه أمام المشاهدة ويبكي لآثاره ويكون في حالة من السكينة تتنافي مع العنف المقصود والسلاح المحمول وتصاعد غير مبرر للأحداث.. وتأتي الكاميرات وتتكلم البرامج ويتم التحليل والإدانة دون الإشارة بوضوح إلي الجاني الحقيقي... أصحاب مصالح النظام السابق وورائه جيش من البلطجية يتحرك بأمان من أيدي شرطة مرتعشة محاصرة إعلاميا وسياسيا... إن أدت دورها وحسمت التعامل مع المتجاوز أو لو ضبطت نفسها واختارت التعامل بتحفظ وحرص... أيها السادة الكرام.. لن يعود النظام السابق قولا واحدا وهو لا يجرؤ علي الظهور.. لكنه يتخفي بعباءة سياسية رقيقة.. وهو أول من سيمزقها إذا وصل إلي أهدافه, وهو كاره بطبعه لكل رموز الثورة ومن شارك فيها.. إنما هو الآن يرتب الأولويات.. فوضي وتخريب وسعي لايجاد حالة من اليأس والإحباط واستخدام الخصومة السياسية ليتخفي وراءها.. ثم لو تمكن من أمره.. سيزيح ويقضي بل سينتقم من كل رموز الثورة... وهيهات هيهات. إنما الحس الوطني والإخلاص للثورة ومبادئها يستلزم إعادة قراءة المشهد والتعالي علي الخصومة السياسية وترجيح الإنحياز إلي العمل السلمي والتداول المنظم للسلطة, وإذا أمكن فتح نافذة جديدة وطرق أبواب نحو إعادة التفاهم بين مكونات الثورة من قوي سياسية وإسلامية وأحزاب وتجمعات وشباب.. فالخصم ماكر والثورة تريد أن تشق طريقها بين اليأس والإحباط فهل من مجيب.... مازال الأمل يراودني.. ومتفائل انا بطبعي. أمين حزب الحرية والعدالة بالقاهرة لمزيد من مقالات د. خالد حنفى