لم يعد هناك مفر أمام المواطنين, الذين أنهكتهم أزمة انقطاع التيار الكهربائي, فتداهم منازلهم بين الحين والآخر, سوي شراء الكشافات الكهربائية التي تعمل بالشحن, لمواجهة انقطاع التيار أيام امتحانات آخر العام, التي اصبحت علي الأبواب.. فيما لجأ العديد من أصحاب المحلات التجارية إلي شراء مولدات الكهرباء, لتشغيلها وقت انقطاع التيار! الأزمة خلقت حالة من الرواج غير المسبوق علي تجارة الكشافات والمولدات, فارتفعت أسعارها بنسب تتجاوز100% حيث استغل التجار الأزمة لبيع منتجاتهم بأسعار أعلي من أسعارها الطبيعية, بينما انتشرت الأجهزة غير المطابقة للمواصفات القياسية علي الأرصفة, وفي بعض المحلات لتحقيق اكبر قدر من الأرباح علي حساب المواطنين البسطاء, الذين أصبحوا علي يقين من أن أزمة انقطاع الكهرباء ستكون أشد ضراوة خلال شهور الصيف, حيث يزداد فيه استهلاك الطاقة الكهربائية لتشغيل أجهزة التكييف, وغيرها من الأجهزة, في وقت تواجه فيه محطات توليد الكهرباء أزمة طاحنة في تدبير الغاز الطبيعي أو السولار اللازم لتشغيلها. لم يفكر محمد عبد الفتاح( موظف) في شراء كشاف كهرباء, فقد كان يتغلب علي انقطاع التيار بالشموع, أو اللمبة الجاز, التي يحتفظ بها في منزله منذ سنوات طويلة, لكنه وجد نفسه مضطرا تحت إلحاح زوجته وأولاده- لشراء كشاف كهربائي يعمل بالشحن, فما كان منه إلا أن توجه إلي محلات بيع الأجهزة الكهربائية المنتشرة في شارع عبد العزيز, بمنطقة العتبه, وهناك كانت المفاجأة.. فلم يتخيل محمد أن تقفز أسعار الكشافات بهذه الصورة, إذ وجد الكشافات تباع بأسعار جنونية, بسبب إقبال المواطنين علي شرائها للتغلب علي أزمات انقطاع الكهرباء, وهو ما دفع العديد من التجار الجشعين لاستغلال أزمة انقطاع الكهرباء, وقرب موسم امتحانات نهاية العام الدراسي, فقاموا برفع الأسعار, بحجة ارتفاع أسعار الدولار, وتأثيرذلك علي أسعار المنتجات المستوردة من الصين, أو تايوان, حيث وصلت أسعار الكشافات الصينية ذات المائة لمبة ليزر إلي250 جنيها بالضمان, فقرر شراء كشاف صغير بسعر50 جنيها من بائع علي الرصيف, فإذا بالكشاف يتوقف عن العمل بعد أسبوع من تشغيله بسبب رداءة صناعته.. فتوجه إجباريا إلي شارع عبد العزيز مرة أخري ليشتري كشافا بالضمان, وإذا به يقول لنا لقد طار من المرتب250 جنيها لشراء كشاف, فماذا سأفعل بقية الشهر؟.. كيف أسدد التزاماتي الشهرية, من فواتير كهرباء, وغاز, ومصاريف الدروس الخصوصية, ونفقات المعيشة الأخري من مأكل وإيجار شقه, وكأننا كانت تنقصنا الأزمات, حتي ننفق أموالنا علي شراء الكشافات الكهربائية للتغلب علي أزمة انقطاع التيار, التي تم الإعلان عن أنها ستنقطع مرتين يوميا, ونحن مقبلون علي أيام امتحانات, ونحتاج إلي كل دقيقة لكي يستطيع الأبناء استرجاع دروسهم. فيما قال لنا أحمد محمود مدير أحد محلات الموبايلات بمنطقة فيصل, أن أزمات انقطاع التيار المتكررة دفعته لشراء مولد كهرباء, للتغلب علي الأزمة, فهو يراها وقف حال علي حد تعبيره, فالكهرباء تنقطع لمدة ساعة, وفي بعض الأحيان تنقطع أثناء وجود الزبائن بالمحل, مما يضطر الزبون للمغادرة, وبالتالي لم نجد مفرا من شراء مولد كهرباء يعمل بالسولار, لتشغيل اضاءة وقت انقطاع التيار الكهربائي. الأسعار نار وقد استغلت محلات بيع المولدات الكهربائية الأزمة, فرفعت أسعارها, حيث يقول محمود عبد الله بائع أن اسعار المستورد زادت بسبب ارتفاع سعر الدولار, مشيرا إلي أن الأسعار تختلف حسب بلد المنشأ, وحسب قوة المولد نفسه, ففي بعض المحلات يباع المولد قدرة5,2 كيلو وات بسعر3600 جنيه, فيما يباع المولد الصيني درجة أولي بقدرة5 كيلو وات, ومزود بعازل للصوت بسعر8500 جنيه, ويكفي لتشغيل جهاز تكييف بقدرة تتراوح بين5,1 و2 حصان, ويكفي لإنارة شقة, ويستهلك لترا ونصف لتر سولار, فيما يبلغ سعر المولد ذي القدرة10 كيلو وات نحو24 الف جنيه, ويكفي لتشغيل3 تكييفات بقدرة3 أحصنه, وإنارة محل تجاري بدون ثلاجات, كما يكفي لإنارة شقة سكنية, وتباع المولدات بضمان لمدة عام, ويرتفع السعر إذا كان المولد مزودا بكاتم للصوت, وبطبيعة الحال يزيد السعر إذا كانت جهة الصنع تايوان, أو اليابان, بسبب جودة الصناعة, وطول العمر الافتراضي, واتساع فترة تغطية الجهاز بالضمان, والتي تصل إلي عامين لبعض المنتجات. الدولار متهما فيما يبرر محمود عبد العزيز تاجر أدوات كهربائية ارتفاع أسعار الكشافات الضوئية ذات الشحن الكهربائي خلال الفترة الأخيرة, بسبب زيادة الإقبال من ناحية, مما دفع البعض من التجار ممن لديهم كشافات مخزنة لرفع الاسعار استغلالا للطلب المتزايد عليها, نتيجة أزمات انقطاع التيار الكهربائي, كما أن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري أدي من ناحية أخري لارتفاع أسعار المنتجات المستوردة, مشيرا إلي أن الطلب علي الكشافات ذات الشحن الكهربائي قد زاد بنسبة100% عن العام الماضي, حيث وصل سعر الكشافات المعدنية ذات اللمبات الليزر إلي250 جنيها, ويزداد الإقبال علي هذه النوعية من الكشافات بسبب قوة الإضاءة, وكفاءة اللمبات, وكثرة ساعات التشغيل, فيما وصل سعر الكشاف ذات اللمبات النيون إلي185 جنيها. حلول مؤقتة وكما هو معروف- والكلام للدكتور فؤاد أبو ستيت الخبير الاقتصادي- فإن المولدات والكشافات الضوئية- قد أصبحت تشكل عبئا ماليا علي الأسرة المصرية, لارتفاع أسعار ها بصورة جنونية خلال الفترة الأخيرة, نتيجة تزايد معدلات الطلب عليها, وارتفاع سعر صرف الدولار, مما نجم عنه ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة من الخارج, ومع ذلك فهي لا تمثل حلا حذريا لأزمات انقطاع التيار في وقت لم يبدأ فيه فصل الصيف بشكل فعلي, ولم يتزايد استهلاك الطاقة كما هو معتاد خلال الموجات الحارة, كما لم يتم تشغيل أجهزة التكييف بالمنازل والمحلات التجارية بكامل طاقتها, ولذلك لابد من البحث عن حلول لأزمات الطاقة, التي تهدد محطات توليد الكهرباء, وتؤثرعلي كفاءة تشغيلها, وتضطر المسئولين إلي تخفيف الأحمال, في مختلف مناطق الجمهورية بلا استثناء.. مصادر جديدة للطاقة ولأن أزمة الوقود اللازمة لتشغيل محطات توليد الكهرباء, قد حان الوقت كما يقول الدكتور إبراهيم العسيري خبير الطاقة النووية, يري ضرورة البدء فورا في إنشاء المحطات النووية, و التوسع في استخدام مصادرالطاقة المتجددة كطاقة المساقط المائية وطاقة الشمس والرياح, وتقليل الاعتماد علي الغاز الطبيعي والسولار بشكل تدريجي في تشغيل محطات توليد الكهرباء. [email protected]