أثار انقطاع التيار الكهربي في معظم محافظات الجمهورية في الفترة الأخيرة حالة من القلق لدي المواطنين، وزاد هذا الفزع عندما سمعوا بعض المسئولين يدلون بتصريحات يؤكدون فيها أن مصر تواجه شبح الظلام في الصيف القادم مما جعل البعض يقوم بشراء كشافات الكهرباء الطارئة استعداداً لصيف حار ومظلم، ولجأ فريق آخر إلي شراء مولدات كهربائية للتغلب علي الظلام، وظنوا أنهم بذلك قاموا بحل المشكلة لكن واجهتهم مشكلة جديدة وهي أزمة الوقود فهذه المولدات تعمل بالسولار والبنزين. في حياتنا الكثير من النعم التي لا نشعر بقيمتها إلا إذا فقدناها، فقد تعودنا علي الكهرباء بدءا من لحظة استيقاظنا من النوم صباحا وحتي أثناء نومنا، فعندما نقوم من النوم نقوم بتشغيل المصابيح أو الأجهزة المنزلية بمجرد الضغط علي المفتاح الكهربي المجاور للجهاز وقبل النوم نقوم بإطفاء المصابيح وتشغيل المراوح وأجهزة التكييف مما جعل الكهرباء من أهم ضروريات حياتنا، فما بالنا إذا كانت هناك أزمة في الكهرباء وانقطعت واستمر هذا الانقطاع عدة أيام!!، لا تستطيع القراءة ليلاً أو مشاهدة التلفزيون أو شحن التليفون المحمول إذا فرغت البطارية أو استخدام الغسالة..إلخ، ليس هذا فقط بل هناك تخوفات من تصريحات كثير من المسئولين بوزارة الكهرباء حول أن مصر ستواجه في الصيف القادم شبح الظلام، كل ذلك جعل كثيرا من المواطنين يبحثون عن بديل في حالة انقطاع الكهرباء حتي لا تتوقف حياتهم فكان المولد الكهربائي الذي يعمل بالسولار بطريقة تلقائية عند انقطاع الكهرباء مما يتيح لك ممارسة حياتك طبيعياً دون التأثر بانقطاع الكهرباء . لكن ظهرت مشكلة جديدة وهي أزمة السولار مما زاد المشكلة وجعلها ليس لها بديل أو حل، هذا بالإضافة إلي زيادة الطلب علي المولدات الكهربائية الأمر الذي أدي إلي قلة المعروض بالسوق مما ترتب عليه ارتفاع أسعارها، بجانب لجوء بعض التجار وتعمدهم إخفاءها من المحلات لتهريبها إلي قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية لتحقيق ربح أكبر من خلال رفع سعر المولد عند تصديره رغم عدم مشروعية طرق التصدير، والمشكلة ليست فقط في أزمة السولار فحتي إن كانت هناك انفراجة في هذه الأزمة الفترة القادمة فإن من لديه مولد كهربائي ويريد شراء سولار أو بنزين لتشغيله فإنه سيذهب إلي محطة الوقود ومعه "جركن" ليضع فيه المواد البترولية المطلوبة لكن الأجهزة الأمنية منعت بيع المواد البترولية في "جراكن" أو وضعه في أي شيء بخلاف "تانك" السيارة خوفاً من استخدامه في تصنيع عبوات المولوتوف التي كثر استخدامها هذه الأيام فأصبحت المشكلة معقدة والجميع يخشي شبح الظلام . المولد الكهربائي هو عبارة عن جهاز يقوم بتحويل الطاقة الحركية إلي طاقة كهربائية بالاعتماد علي الحث المغناطيسي، ومن مصادر الطاقة الحركية التوربينات الحرارية التي تعمل بواسطة البخار أو التوربينات المائية أو مكائن الاحتراق الداخلي أو التوربينات الهوائية وهناك الكثير من المصادر المختلفة للطاقة الحركية التي يجب أن تتوفر وبشكل مستمر لتوفر تيار كهربي بشكل مستمر أيضاً، وموضوع البحث علي مصادر للطاقة الحركية لتحويلها إلي طاقة كهربائية محل اهتمام الكثير من العلماء والمخترعين وخصوصاً في التوجه لمصادر الطاقة المتجددة مثل أشعة الشمس والرياح والمد والجزر في البحار والمحيطات، وفي عام 1832م توصل العالم مايكل فارادي البريطاني الأصل إلي اكتشاف مذهل وجديد يكمن في توليد فرق جهد كهربي علي طرفي موصل عندما يتحرك عمودياً علي مجال مغناطيسي، كما توصل عالم أمريكي يدعي جوزيف هنري إلي نفس النتائج ومن ثم قام العالمان بعدة تجارب للتحقق من هذه الظاهرة والتي تأكدت بالفعل وأطلق عليها قانون فارادي للحث المغناطيسي، وفكرة توليد الكهرباء من المولد تكمن في دوران ملف مصنوع من سلك نحاس بين قطبي مجال مغناطيسي وهذا يسمي التوربين والمشكلة تكمن في الوسيلة التي نستخدمها لجعل الملف يدور باستمرار وخير مثال علي ذلك محطة توليد كهرباء السد العالي حيث تم استخدام فرق منسوبي الماء لتحريك الملف . أوضح صبري عتمان المسئول عن أحد محال الأدوات الكهربائية بمنطقة رمسيس أن هناك إقبالا كبيرا من المواطنين من شرائح مختلفة علي شراء كشافات الإنارة الأمر الذي أدي إلي ارتفاع أسعارها بنسبة تزيد علي ال60٪ بسبب انقطاع الكهرباء وخوف المواطنين من تكرار هذا الانقطاع فالكشاف الصيني الذي تتراوح أسعاره ما بين 30 و35جنيها وصل ثمنه بعد إقبال المواطنين علي شرائه إلي 50و55جنيها، وهناك أنواع من الكشافات جودتها عالية يصل ثمنها إلي 100جنيه و150جنيها، ومنذ أشهر قبل تكرار انقطاع الكهرباء وتصريحات المسئولين بالظلام القادم كنا نبيع حوالي 15٪ من النسبة التي نبيعها الآن، هذا أدي إلي أن كثيرا من التجار لايجدون الكمية التي يطلبونها من الكشافات بخلاف عدم وجود قطع غيار لها بسبب السحب المتزايد من المواطنين عليها، كما أصبح الزبون لا يبالي بالنوع الذي يشتريه فكل ما يهمه هو أن يضئ. وأشار عادل عصمت مدير أحد محال الأدوات الكهربائية بالقرب من ميدان التحريرإلي أن الإقبال المتزايد من المواطنين علي شراء المولدات أدي إلي زيادة أسعارها بنسبة تجاوزت ال25٪حيث وصل سعر مثبت التيار 220فولت محلي الصنع إلي 1200جنيه بعدما كان يباع ب900جنيه في الفترات الماضية وقفز سعر المثبت الصيني إلي 950جنيها بعدما كان يباع ب730جنيها، أما أسعار مولدات المساكن فأسعارها مختلفة حسب جودتها والغرض من استعمالها حيث تبدأ الأسعار ب5آلاف جنيه وتصل إلي 25ألف جنيه، موضحاً أن كثيرا من التجار يأتي لهم زبائن من سيناء ويطلبون منهم كميات كبيرة من المولدات بأنواع وأحجام مختلفة ويعطونهم ثمنها مقدماً لضمان جدية الشراء وهنا يوجد نوعان من التجار الأول كل ما يخصه هو إعطاء السيناوي المولدات التي تم الاتفاق عليها في موعدها أما النوع الثاني من التجار من يشارك الزبائن السيناوية ويتحمل مخاطر تهريبها عبر الأنفاق إلي غزة ويتقاسمون المكسب مناصفة لأن التاجر يعرف كيفية توفيرها في ظل قلة المعروض منها بالأسواق والسيناوي يعرف كيفية تهريبها عبر الأنفاق، وهذه الطريقة تحدث كثيراً الآن . قطعت الحديث مع مدير المحل وتوجهت لأحد الزبائن ويدعي حسين عامر صاحب إحدي العمارات بمنطقة المعادي وسألته عن أزمة الكهرباء فأجابني مسرعاً بسبب هذه الأزمة جئت إلي هذا المحل لشراء مولد كهربائي لكنه ليس لشقتي أو لأقوم بتأجيره لكني اتفقت مع اتحاد ملاك العمارة علي شراء مولد كهربائي ووضعه بالمبني لمواجهة انقطاع الكهرباء وللحفاظ علي الأجهزة الكهربائية التي تعطلت وتهالكت بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، لكنني ذهبت لأكثر من محل قبل مجيئي إلي هنا والكل رفع الأسعار ورغم ذلك هناك إقبال من المواطنين علي الشراء . وتقول زينب عبدالعال (ربة منزل) 43سنة جئت إلي المحل لمعرفة أسعار المولدات لكن لا أريد شراء مولد جديد حيث يوجد مولد بالعمارة التي أسكن بها لكن بعد تركيبه بأشهر قليلة توقف وبعد إصلاحه واجهنا العديد من المشاكل مع الجيران بسبب ارتفاع صوته وبسبب خروج عوادم منه نتيجة احتراق المواد البترولية لأنه يعمل بالسولار، والأخطر من ذلك أن كثيرا من الجيران وأقاربي حذروني من أنه قد ينفجر في أي لحظة مما يشعرني بالقلق كلما تذكرته لكن ليس أمامنا حل آخر إما الاستمرار في الظلام أو تحمل المخاطر لكن لا نستطيع إلا أن نقول ربنا يستر. يؤكد الحاج (عبدالحميد محمد 55 سنة) من محافظة الجيزة أنه من خلال خبرته وعمله في مجال الكهرباء والطاقة وتركيب الأدوات الكهربائية أن هناك احتكارا في سوق المولدات الكهربائية يسيطر عليه مجموعة من كبار تجار الأدوات الكهربائية، فسوق الكهرباء مثل سوق الذهب وخلافه له تجار كبار يسيطرون عليه ويحتكرون السلع، فبالنسبة للمولدات الكهربائية التجار الكبار يمنعون دخول المولدات التي تعمل بالغاز الطبيعي حيث إنها تتميز عن المولدات التي تعمل بالبنزين والسولار ومن مميزاتها أنها تحتوي علي كاتم للصوت فهي تعمل بدون إزعاج لأحد، بالإضافة إلي أنها لا تخرج عادماً مثل المولدات التي تعمل بالسولار مما يكون له تأثير خطير علي صحة المواطنين. أما أهم ما يميزها هو أن عمرها الافتراضي أطول مما يجعل كبار التجار يحاربون من يفكر في إدخال هذه المولدات إلي مصر لأنها ستعرضهم لخسائر كبيرة، فمن سيشتري مولدا واحدا يعمل بالغاز الطبيعي سيغنيه عن شراء ثلاثة أو أربعة من ذلك الذي يعمل بالسولار، كما إن المولدات أحجامها وأسعارها مختلفة، فهناك مولد لا يشغل سوي بيت أو شقة، وهناك آخر حجمه كبير يشغل مصانع، مشيراً إلي أن بعض الأماكن لا تستطيع الاستغناء عن المولدات مثل الفنادق والمنتجعات لأنها تعمل بمولدات كبيرة فالدولة لا تسمح لها باستهلاك الكهرباء الخاصة بها وإلا فإن الكهرباء لن تكفي. وأكد مصدر مسئول بوزارة الكهرباء رفض ذكر اسمه أن انقطاع الكهرباء هذا الصيف سيكون أكثر من العام الماضي وأرجع السبب إلي العجز المتزايد في الوقود والمواد البترولية المستخدمة في محطات توليد الكهرباء، كاشفاً عن أن العجز وصل إلي 7 آلاف ميجاوات بزيادة وصلت إلي ألفي ميجاوات عن العام الماضي كما أن نسبة الحمل علي شبكة الكهرباء ستزيد العام المقبل وتصل إلي 60٪ مشيراً إلي أن بعض المحافظات مثل الجيزة والغربية تعاني من انقطاع الكهرباء عنها يومياً لأكثر من ساعة وهناك بعض المناطق تنقطع بها الكهرباء أكثر من 4مرات يومياً .