حياة الإنسان هي أثمن ما يملك, وهي أساس لتمتعه بجميع الحقوق المقررة له, إذ لا يتمتع بها إلا إلانسان الحي, ونظرا لأهمية هذه الحياة فقد نهي الله سبحانه وتعالي عن قتل أي إنسان بغير وجه حق. ويبين القرآن الكريم مدي خطورة هذا الفعل في الآية الكريمة(... من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)(32 المائدة). كذلك يذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم مدي أهمية الحياة, ومدي هول الاعتداء عليها في الحديث الشريف: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم( سنن النسائي). وقد قررت الشريعة الإسلامية عقوبة دنيوية للقتل العمد تتمثل في القصاص من الجاني, قال تعالي:( يأيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص في القتلي..)(178 سورة البقرة). وقال جل شأنه:( ولكم في القصاص حيوه يأولي الألباب لعلكم تتقون)(179 سورة البقرة). ذلك أن من يريد قتل آخر, إذا علم أنه سيقتل قصاصا, كان ذلك حافزا له علي العدول عن القتل وفي ذلك حماية للحياة. كذلك قررت الشريعة الإسلامية عقوبة أخروية, قال تعالي:( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه, وأعد له عذابا عظيما)(93 سورة النساء), وقال الرسول صلي الله عليه وسلم: من أعان علي قتل مؤمن بشطر كلمة, لقي الله عز وجل مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله( سنن ابن ماجه). وتشمل حماية الحياة النهي عن قتل الانسان نفسه, أي الانتحار, قال تعالي:(.... ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)(29 سورة النساء). ويرجع تحريم الانتحار الي أن الحياة هبة من الله تعالي يجب قبولها والحفاظ عليها, ولا يجوز لأحد أن يدعي أنها ملك له يبرر له التخلص منها. قال تعالي:( أفرءيتم ماتمنون, أأنتم تخلقونه, أم نحن الخالقون)(59,58 سورة الواقعة). وتمتد حماية الإسلام لحياة الإنسان الي الجنين, حيث يحرم إسقاط الحمل المستكن بعد نفخ الروح فيه, ويقرر جزاء لذلك الدية إذا نزل الجنين حيا, والغرة إن نزل ميتا. كذلك تمتد حماية الحياة الي الأبناء ولو كان ذلك خشية العجز عن الإنفاق عليهم, قال تعالي:( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا)(31 سورة الإسراء). وقال جل شأنه:( وإذا المؤءودة سلت بأي ذنب قتلت)(9.8 سورة التكوير). ومن أجل الحفاظ علي الحياة, منح الشارع الإسلامي للإنسان حق الدفاع عن نفسه إذا اعتدي عليه أحد محاولا قتله, ولو ترتب علي الدفاع قتل المعتدي. قال تعالي:( فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين)( سورة البقرة), وروي أن رجلا جاء الي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فعلا تعطه مالك, قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار( صحيح مسلم). ويستوي في حماية الحياة المسلم وغير المسلم, فالاعتداء علي أهل الكتاب المسالمين شأنه شأن الاعتداء علي المسلمين من حيث استحقاق العقاب في الدنيا, وسوء الجزاء في الآخرة, قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما صحيح البخاري. وإذا كان الإسلام يحمي الحياة فهو يحمي الحياة فهو يحمي الإنسان من كل فعل فيه انتقاص منها, سواء تمثل في الإيذاء البدني, بالضرب أو الجرح أو الحبس أو التعذيب, أو في الايذاء المعنوي كالسب والإهانة والطعن في الأعراض والتهديد والترويع والترهيب, قال عليه الصلاة والسلام: ظهر المؤمن حمي إلا بحقه( الجامع الصغير), وقال: من جرد ظهر أمرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان( الجامع الصغير), وقد قررت الشريعة الإسلامية القصاص جزاء عن الإيذاء, وهو أمر يتمتع به الجميع دون تمييز, قال تعالي:( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص)(45 سورة المائدة). وقد دلل البعض علي حرص الإسلام علي حماية حق الحياة وسلامة البدن في الإنسان, بما ذهب إليه الإسلام من أن ازهاق روح حيوان أو إيلامه ظلما يعتبر جريمة يدخل فيها الإنسان النار, فمن باب أولي يعتبر جريمة إزهاق روح الإنسان أو إيذاء بدنه ظلما, فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم دخلت امرأة النار في هرة حبستها, فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض( صحيح البخاري).