هذا حوار مع رجل من أبناء المؤسسة العسكرية المصرية يمثل نموذجا في الوطنية والكفاءة العلمية.. هو اللواء طارق سعدالدين ابن سلاح المهندسين الذي تخرج في الكلية الفنية العسكرية مهندسا وضابطا حتي وصل إلي رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.. وطوال خدمته حقق إنجازات مشهودا لها بكل تقدير, وكان قد تلقي قدرا من التعليم والتدريب في أمريكا كما عمل مساعدا للملحق العسكري في لندن مما أكسبه بعدا ثقافيا في شخصيته. بعد ثورة يناير وبالتحديد في مايو1102 أي منذ عامين ترك القوات المسلحة وانتقل إلي الحياة المدنية ليتولي منصب رئيس الجهاز التنفيذي لهيئة التنمية السياحية بوزارة السياحة في ظروف صعبة مرت بها الهيئة بعد الثورة, خاصة بعد كل ما أثير حول أراضي التنمية السياحية من تجاوزات في ظل النظام السابق.. لكن شخصيته وتعامله مع جميع القضايا باتزان اكسباه احترام رجال الأعمال والمستثمرين والعاملين معه وعبرت الهيئة معه إلي حالة من الهدوء. علي مدي4 ساعات بالتمام والكمال استقبلني اللواء طارق سعدالدين في مكتبه من الرابعة ظهرا وحتي الثامنة مساء حسبما اختار الوقت ليكون متفرغا لهذا الحوار تقديرا منه لالأهرام ولصفحات سياحة وسفر التي علي حد قوله ينتظرها قطاع السياحة كله بل خارج القطاع. ورغم قلقي من طول وقت الحوار احراجا من تأخيري لأفراد مكتبه ومساعديه فإنه قال لا تقلق فهذا حالي كل يوم.. إلا إذا كنت في مهمة متابعة لأراضي ومشروعات الهيئة خارج القاهرة. وما بين نظرة من مكتبه المطل علي حديقة الحيوان بالجيزة أو النيل من ناحية أخري تواصل الحوار وكانت هذه هي المحصلة التي لن أنشرها في شكل سؤال وجواب توفيرا للمساحة كما سأحتفظ ببعض من القضايا لمرات قادمة نظرا لكثرة ما تعرضنا له في الحوار. بداية أجاب اللواء طارق سعدالدين عن حجم أراضي التنمية السياحية في مصر ومدي اهتمام الدولة بالتنمية قائلا ان الأراضي التي كانت مخصصة لهيئة التنمية السياحية منذ انشائها تبلغ نحو9 مليارات متر مربع في كل انحاء مصر, وكان التركيز علي شواطيء البحر الأحمر.. لكن المفاجأة كما يقول رئيس هيئة التنمية السياحية ان هذه الأراضي تمت زيادتها خلال الشهور الأخيرة إلي نحو81 مليار م2( اللون الأحمر في الخريطة المنشورة) أي تمت مضاعفتها, وذلك بعد التفاوض مع اللواء عمر الشوادفي رئيس المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة الذي وافق علي زيادة أراضي التنمية السياحية وبالفعل وافق مجلس الوزراء علي ذلك ويجري حاليا اعداد القرار الجمهوري تمهيدا لاصداره. وهذا يعني ان الدولة حاليا وبعد ثورة يناير ليست ضد السياحة والتنمية السياحية لان الهدف في النهاية هو توفير فرص عمل وتحقيق اضافة للاقتصاد القومي. الكلام عن أن الهيئة أهدرت أراضي مصر وباعتها بدولار واحد للمتر كلام غير صحيح, فبداية كل ما تم تخصيصه من ال9 مليارات متر لا يتعدي054 مليون متر أي لا يصل إلي نصف مليار من جملة9 مليارات فكيف نقول إنه تم اهدار ثروة مصر وأراضيها؟ أما إذا كان الكلام عن بيع المتر بدولار فهذا أيضا يحتاج إلي تفسير وهو ما أوضحته أخيرا في مجلس الشوري أمام لجنة الثقافة والسياحة.. فحقيقة الأمر أن سعر الدولار للمتر معمول به في دول عديدة بل بعض الدول تعطي الأراضي مجانا لان العبرة بتحقيق التنمية السياحية وخلق فرص عمل خاصة أن التنمية السياحية تضيف مساحات جديدة للمعمور المصري الذي يتكدس حول النيل لانها غالبا في الصحراء وهذا شيء مهم جدا. وإذا كانت الدولة ممثلة في الهيئة تبيع المتر بدولار فالحقيقة أن رجل الأعمال أو المستثمر يكلفه هذا المتر من051 جنيها إلي002 جنيه ثمن البنية الأساسية والمرافق وفي هذه الحالة يمكن حساب أن سعر الفدان إذا كان0024 دولار فانه بحساب المرافق وسعر المتر بالدولار وعلي أساس أن الدولار كان في التسعينيات بنحو3 جنيهات فقط فانه في هذه الحالة يكون سعر الفدان أو تكلفته علي المستثمر نحو056 ألف جنيه ومع زيادة الدولار حاليا فان سعر الفدان يتضاعف أو أكثر من مليون جنيه مع العلم بان هذه الأراضي في الصحراء والمناطق النائية.. هذا مع العلم بان سعر الفدان كان في الوقت نفسه والأراضي الزراعية لا يصل إلي ربع أو نصف هذا الثمن. هذه بالفعل هي حقيقة أسعار أو تكلفة أسعار أراضي التنمية السياحية وفضلا عن ذلك لا ننسي أن الدولة طبقا للقانون تحصل من المستثمر علي1,57 دولار عن كل متر بناء بالفندق أو المشروع وفي حالة الشاليهات أو القري السياحية تحصل5 دولارات عن المتر المسطح المباني ويتم تحصيلها فور بدء البناء وهذه مبالغ ضخمة للدولة زيادة علي سعر الأراضي ولا ننسي ان البناء يتم علي مساحة من21% إلي02% فقط من الأراضي والارتفاعات محددة. هيئة التنمية يهمها تحقيق التنمية وتوفير فرص العمل لأنها ليست تاجر أراض ويهمها تحقيق دخل أو موارد للدولة وهي ما نجحت فيه طوال السنوات الماضة فنحن ملتزمون بدفع04 مليون جنيه شهريا لوزارة المالية من فائض ميزانية الهيئة وللعلم حققنا فائضا العام المالي الماضي بلغ042 مليون جنيه يسدد لوزارة المالية وكان العام السابق له نحو833 مليون جنيه نعم تم تغيير نظام البيع وليست كل الأراضي حاليا بدولار فهناك مناطق بخمسة دولار أو أكثر حسب الموقع. فعلا بعد الثورة كان قد تم الإعلان عن سحب أراضي من المستثمرين وكان في ذلك مبالغة ولكن بعد الدراسة والتدقيق تم سحب نحو93 مليونا م من63 شركة ونحن الآن اعطينا مهلة6 أشهر لهذه الشركات من خلال مجلس إدارة الهيئة بحيث يكون هناك التزام بتنفيذ نحو04% من جملة الأعمال بالمشروع قبل6/03 المقبل والا ستقوم بسحب الأراضي المخالفة. بالفعل تمت مصالحات مع عدد من رجال الأعمال وبعض هذه الشركات وتحديدا(7 شركات) أسفرت عن الآتي: التنازل عن نحو22 مليون متر من ال93 مليون من الأراضي التي كانت مخصصة لهم وهو تنازل بمحض ارادتهم وقيمة هذه الأراضي المتنازل عنها008 مليون جنيه والدفعة المقدمة التي حصلتها الهيئة54 مليون جنيه وسيعاد بيعها أو تخصيصها بمقابل بأكثر من5 أو6 دولار للمتر بدلا من دولار واحد تقريبا وبالتالي هناك فرق أسعار لمصلحة الدولة11 مليون دولار في الدفعة المقدمة التي تحصل عليها الدولة(72%) أما باقي الأراضي فهذه الشركات محتفظة بها وفقا للأسعار التي تم الاتفاق عليها. مشكلة شركة داماك الإماراتية مختلفة وخلال أيام سيتم الإعلان عن التصالح الكامل معها وهي ليست في مشكلة مع التنمية السياحية الآن ولكن ننتظر انتهاء التصالح مع الإسكان, أما بالنسبة للسياحة فقد قررت داماك التصالح معنا والتنازل الكامل عن ال02 مليون متر كانت مخصصة لها في البحر الأحمر منطقة جمشة وكانت قد دفعت لنا8 ملايين دولار تم خصم3 ملايين دولار منها مصاريف لمصلحة هيئة التنمية السياحية والمبلغ الباقي5 ملايين سيحول لصالح الإسكان وسيعلن عن جميع التفاصيل خلال أيام. هناك أيضا المشروع الضخم لرجل الأعمال السعودي الشيخ عبدالرحمن الشربتلي بمنطقة نبق بشرم الشيخ وهذا الرجل هو صاحب سيتي ستارز بالقاهرة وهو واحد من أكبر المشروعات في مصر ونحن في هيئة التنمية حريصون علي حل مشكلة مشروع شرم الشيخ الذي تعطل في الشهور الماضية وفي سبيلنا لحل مشاكله ودعمه كمستثمر جاد يحب مصر. وسنتعاون معه لاستكمال المشروع. في جميع المناطق السياحية تبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروعات المنفذة في الأراضي التابعة للهيئة حوالي34 مليار جنيه سواء غرفا فندقية أو إسكانا سياحيا منها08 ألف غرفة فندقية منفذة فعلا و75 ألفا تحت الانشاء وهذه الغرف تمثل نحو06% من الطاقة الفندقية في مصر. لدينا خطة في طرح الأراضي الجديدة للتنمية السياحية حيث يبلغ اجمالي ما طرحناه من أراض9 ملايين متر وسنطرح هذا الأسبوع01 ملايين متر لكن الأهم أن نحدد المشروعات التي نريدها مثل أن تكون مشروعات ترفيهية أو سياحة علاجية أو مراكز تجارية أو سياحة بيئية وثقافية. وللعلم الأسبوع القادم سيتم فتح المظاريف المالية للأراضي التي تم الإعلان عنها قبل ذلك وتقدم لها9 شركات لاقامة مشروعات استثمارية وذلك بعد انتهاء الفحص الفني لهذه المشاريع مثل مشروع للبولينج والمراكز التجارية الترفيهية بمنطقة نبق بشرم الشيخ ومشروع متحف ثقافي بمنطقة أبوالمخادج بالغردقة وسياحة بيئية وبدوية في شرم الشيخ. نعم نسعي لتعديل قانون المناقصات والمزايدات رقم98 لسنة8991 بحيث لا يسري علي الهيئات الاقتصادية مثل التنمية السياحية أو الصناعية أو المجتمعات العمرانية لان الهدف التنمية وخلق فرص عمل وهو هدف لا يمكن تحقيقه من خلال أعلي سعر, وبالتالي كان هناك فشل في تحقيق هذا الهدف الذي يعتبر هدفا اجتماعيا ولذلك اقترحنا مع الإسكان والزراعة والصناعة ان يطبق علي الهيئات العامة فقط أما الهيئات الاقتصادية فاقترحنا تعديلا يسمح بتحقيق الغاية من انشطتها واتوقع ان يوافق مجلس الوزراء قريبا علي هذا التعديل الذي سيتيح لكل هيئة وضع قواعد في إطار من الشفافية والعلانية يساعدها في تحقيق التنمية وفرص العمل وليس البيع بأعلي الأسعار وفقط.