هل حقا مات الكاتب الصحفي الرائع محمود عوض؟ وإذا كان حقا قد مات فما الذي أدراه بحالنا اليوم, حتي يكتب هذه الكلمات التي تشخص حالنا وتقترح الحل؟ أم أنها استشراف الكاتب الصادق الأمين لمعطيات التاريخ, والخلاص منها إلي استشراف المستقبل؟ لقد كتب هذه الكلمات في كتابه أفكار ضد الرصاص وأنقلها بالنص: ان الإسلام ينادي بالحرية, ويقوم علي الحرية, ويوم كانت لنا الحرية, كانت لنا امبراطورية, ويوم فقدنا هذه الحرية, أصبحت تستعمرنا كل امبراطورية! ان الحرية ليست مجرد حرية في مواجهة الآخرين, إنها أولا حرية في مواجهة انفسنا, نحن أسوأ أعداء لأنفسنا, لقد أصبحت السلطة مغرية, وأصبح السلطان مخيفا, يوم كان السلطان خادما للشعب انتشر الإسلام, وحينما أصبح الشعب خادما للسلطان خسر الإسلام, هذه هي الحقيقة التي تقف خلف كل صراع, الحرية في مواجهة أنفسنا, الحرية في مواجهة السلطان, الخليفة, الملك, وحينما قال أبو بكر: أيها الناس: لقد وليت عليكم ولست بخيركم, فإن احسنت فأعينوني, وان أسأت فقوموني كان الخليفة يسير بين الناس مطمئنا, وحينما قال عبد الملك بن مروان للناس: من قال لي بعد مقامي هذا: اتق الله, ضربت عنقه, كان الخليفة يسير بين الناس مذعورا, وحينما تساءل عمر بن الخطاب: متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا, وصل الإسلام إلي حدود مصر والشام والعراق, وحينما أصبح القاضي العثماني يقول: أمر السلطان لايخالف ويجب طاعته, تدهور الإسلام وحينما قال عمر بن الخطاب: من رأي منكم في اعوجاجا فليقومه بحد السيف, كان الحاكم أمير المؤمنين, وحينما قال أبو جعفر المنصور: أيها الناس: إنما أنا سلطان الله في أرضه كان الحاكم نكبة علي المؤمنين وحينما كان الفرد العادي يستطيع أن يقول لأمير المؤمنين والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا, كان الإسلام قوة, وحينما أصبح الفرد العادي يخشي سيف السلطان, أصبحت أرض الإسلام مستعمرة لكل قوة, حينما كان الدين عبادة, كانت أرضه أمانا وحينما أصبح الدين تجارة, أصبحت أرضه بغير أمان, انها بغير أمان لأن المفاهيم انقلبت, والقيم تدهورت, والسيف طغي, والسلطان ظلم, والحرية اختفت, إن الحاكم لم يعد خادما, أصبح ذئبا, والشعب لم يعد سيدا, أصبح أغناما, إن النفاق لم يعد عيبا, أصبح مطلبا, وأن الرأي لم يعد اجتهادا, أصبح جريمة! بالله أليس هذا هو واقع الأمة اليوم؟ أليس في مقدورنا الحل؟ هل الحل بعيد المنال عنا؟ هل نحن لا نبغي الإصلاح؟ هل وهل وأخيرا.. هل من مغيث وهل من مجيب؟!. د.صلاح أحمد حسن الأستاذ بطب أسيوط