اصطبغت العلاقات الخليجية- اليابانية منذ بدئها مطلع القرن العشرين بالصبغة التجارية الصرفة, فلم تنشأ في أطوارها الأولي علي النواحي الاستراتيجية والسياسية أو حتي الاقتصادية والثقافية التي تؤسس لتعزيز الشراكة والمصالح الحيوية بين الجانبين, ذلك لأن اليابان انصبت نظرتها لدول مجلس التعاون الخليجي وقتها علي جانبين, الأول أنها دول منتجة للبترول والمواد الخام التي تؤمن لها احتياجاتها لبناء نهضتها الصناعية, التي تدين بالفضل في جزء منها لدول الخليج, عقب الانهيار الذي أصابها جراء هزيمتها خلال الحرب العالمية الثانية, والثاني كونها سوقا واسعة لترويج منتجاتها. وكانت اليابان قبل الحرب العالمية الثانية تحصل علي معظم إمداداتها من البترول من الولاياتالمتحدةالأمريكية حتي تحولت في بداية عقد السبعينيات إلي الاعتماد علي البترول العربي خاصة الخليجي تزامنا مع انطلاق النمر الياباني لبناء طفرة صناعية مذهلة, حتي أصبحت اليابان واحدة من أكثر الدول تقدما في العالم من الناحية الاقتصادية باعتمادها علي التصنيع والتكنولوجيا كإحدي ركائز قوتها الاقتصادية بالرغم من افتقارها للموارد الطبيعية, لذلك فإن أحد الأساليب التي تتبعها الشركات اليابانية تتمثل في استيراد المواد الخام وتحويلها لمنتجات يتم تصديرها. فعلي الصعيد التجاري تعتبر اليابان الشريك الثاني للسعودية بعد الولاياتالمتحدة, وتمثل صادرات السعودية لليابان نحو14% من إجمالي صادراتها للخارج, تشمل المنتجات البترولية غالبيتها العظمي, وتعد السعودية أكبر مصدر للبترول لليابان بنسبة30% من احتياجاتها, أما الإمارات فتحتفظ بموقعها كثاني أكبر مصدر للبترول لليابان بما نسبته25% من إجمالي وارداتها, بالإضافة إلي التبادل التجاري غير البترولي بين البلدين بنحو40 مليار درهم, كما تعد اليابان ثالث أكبر مصدر إلي الكويت بعد الولاياتالمتحدة وألمانيا, بينما الكويت خامس أكبر مصدر للبترول لليابان, كذلك تعد قطر مصدرا رئيسيا للغاز المسال إلي اليابان, حيث تصدر ما مجموعهستة ملايين طن سنويا, وأيضا تحتل اليابان المركز الثالث من حيث حجم التبادل التجاري مع البحرين, تتركز في قطاعات البتروكيماويات والسيارات والإنشاءات والتدريب. ولكن منذ أن تعرضت اليابان لكبوتها الاقتصادية منتصف عقد التسعينيات التي ما زالت آثارها ممتدة حتي الآن, وبعد أن شعرت بخطر وقف الإمدادات البترولية بسبب سياستها الدائرة في الفلك الأمريكي إبان حرب1973 بدأت تولي اهتماما كبيرا لمنطقة الخليج العربي لتحسين ميزان مدفوعاتها مع دوله كجزء من برنامج اقتصادي يحاول النهوض بالاقتصاد الياباني من خلال سياسة رفع حجم استثماراتها المالية وحجم السلع التجارية والتقنيات الحديثة في الدول الخليجية والاهتمام بالشأن السياسي وأمن منطقة الخليج الذي يضمن تدفق الواردات البترولية اللازمة للصناعات اليابانية, ومن ناحية أخري مواجهة المنافسة الشرسة من نمور شرق آسيا التي أصبحت منافسا كبيرا للشركات اليابانية بعد أن كانت تمثل سوقا مهمة للصناعات والصادرات اليابانية, فمثلا حصلت الشركات الكورية الجنوبية علي عقود كبيرة لإنشاء أول محطتين نوويتين سلميتين لإنتاج الكهرباء في دولة الإمارات العربية المتحدة, وتأمل الشركات اليابانية في أن تستفيد من العقود المتوقعة لإنشاء محطات نووية مماثلة لتحلية المياه وإنتاج الكهرباء في كل من الكويت والمملكة العربية السعودية, التي ستنشأ تحت الإشراف الكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية, ولأغراض سلمية بحتة, بالإضافة إلي التنافس الشديد مع الغريم التقليدي والعملاق الاقتصادي الكبير الصين التي تجاوزت اليابان كثاني أكبر اقتصاد في العالم, والتي يتنامي جحم تجارتها بإطراد مع العالم العربي ومن المتوقع أن تصل إلي500 مليار دولار بحلول عام2020, كما استطاعت الصين تكوين شراكات اقتصادية هائلة مع الدول الخليجية يصبح معها من الصعوبة علي اليابان أن تنزعها بسهولة, اللهم إلا من خلال ما تمتلكه اليابان من قوة اقتصادها وتقنيتها المتطورة اللذين يمثلان جواز مرور لها لتجاوز أزمتها الاقتصادية, حيث ستسمح مثل هذه التقنيات للشركات اليابانية أن تفرض جودتها علي الأسواق العالمية. وبالمقابل لم تستفد الدول العربية عامة والخليحية خاصة من التكنولوجيا اليابانية المتطورة جدا ومحاولة توطينها وتدريب الكوادر البشرية لإقامة صناعة للسيارات أو الأدوات الكهربائية والطبية أو صناعة الكمبيوتر وغيرها من الصناعات اليابانية المتطورة, واكتفت بدور المستهلك الشره فقط. وقد أدرك الطرفان أخيرا أهمية المضي قدما من أجل المزيد من الارتقاء بالعلاقات الخليجية اليابانية إلي حيث المشروعات الاستثمارية الكبري المشتركة, والحرص علي عدم انحصار هذه العلاقات في الروابط التجارية فقط, حيث تزايد عدد الشركات اليابانية العاملة في الخليج, وتمكنت من تنفيذ مئات المشاريع في صناعة البترول والغاز والبتروكيماويات والألومنيوم والاتصالات والإنشاءات, وبموازاة ذلك, بدأت اليابان سياسة جديدة مع دول الخليج, تقضي بإنشاء مجمعات تخزين مشتركة للبترول في الجزر اليابانية يستخدمها اليابانيون في حالات الطوارئ, كما يمكن لدول الخليج الاستفادة منها في تسويق النفط في الدول المجاورة.