في العام1946 ظن العالم أن النازية ذهبت إلي زوال, خصوصا بعد قرار محكمة نورمبرج بإعدام85 قياديا من كبار رجالات الحزب النازي والمتورطين في جرائم شتي ثبت أنهم اقترفوها بحق الإنسانية جمعاء لا ألمانيا وحدها. ولكن تمضي السنوات وتتعاقب الأجيال, ويلوح في الأفق نفر من شباب مصر يعيد إحياء النازية في حياة البلاد والعباد السياسية إثر دعوتهم إلي إنشاء الحزب النازي المصري عقب ثورة شعب أطاح بنظام جثم علي صدور المصريين لعقود. أذكر أنني التقيت أحد هؤلاء النفر في لقاء جمعني وإياه بمجموعة من نشطاء السياسة في بلادي بعد تنحي الرئيس السابق للحديث عن مستقبل الحياة السياسية والحزبية في مصر, ولم تبد عليه سمات النازيين الجدد حليقي الرءوس أصحاب الوشم من مريدي شعارات الصليب المعقوف وألمانيا الهتلرية. ولكن ما إن بدأت وسائل الإعلام في تسليط الضوء علي الرفاق أعضاء الحزب المذكور واستضافتهم, حتي كثرت التعليقات الساخرة من فكرة النازية وإحيائها في مصر, فتسابق شبابfacebook وtwitter علي إلقاء النكات والقفشات المضحكة, متناسين حقيقة مهمة, وهي أن الحزب القومي الاشتراكي العمالي الألماني النازي تأسس بعضوية55 فردا ليس أكثر, ولمن لا يعرف أيضا فإن تجربة حزب البعث العربي الاشتراكي المريرة في العراق, والأكثر مرارة الآن في سوريا بدأت بالقائد المؤسس ميشيل عفلق مع بعض من رفاقه في أحد مقاهي بيروت في أربعينيات القرن المنصرم!. فالمخيف هو أن إحياء النازية في مصر وفي هذا التوقيت الحرج بالذات يحمل في طياته, بالفعل, مركبات شمولية وأطروحات استبدادية, لم تبد النخت السياسية المصرية أي تحرك ملموس لمواجهتها. وختاما, هذه دعوة لكل من تهمه مصلحة الوطن, وكل من يتشدق بقيم الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية إلي أن يفيقوا لضرر هذه الدعوات النازية والفاشية وأن يتصدوا لها بالفكر والنقد والتحليل لغرض وأدها في المهد قبل أن تستفحل ويتعاظم شأنها, وحتي لا يأتي يوم نري فيه بأم أعيننا أحلام الملايين من المصريين وهي تتبدد وتذهب أدراج الرياح جزاء بما قدمت أيدينا في مجابهة ما يصنعون, ربما بحسن نية, غير مدركين حجم النار التي يلعبون بها.