التحقت بمنظمة إجرامية نازية قامت بأعمال وحشية أثناء حكم هتلر أعترف الآن أننى التحقت طواعية فى سن الخامسة عشرة بمنظمة شبيبة هتلر، وفى سن السابعة عشرة استدعيت للعمل ضمن فرقة الوحدات النازية الخاصة المسماة «العاصفة» والمعروفة بوحد إس إس، وارتديت زيها، ومن المعروف حالياً أن هذه الوحدات كانت بمثابة جهاز الحرس الخاص، الذى يتولى حماية أدولف هتلر وكبار قادة الحزب النازى ونسبت لها أعمال وحشية. وقد تم حظرها بعد هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية وسقوط النازية، كما أدينت رسمياً بأنها «منظمة إجرامية»، وذلك فيما عرف بمحاكمات «نورمبرج». وهذا الاعتراف أرهق ضميرى، لذا سجلته بالتفصيل فى مذكراتى لأننى لم أستطع الصمت أكثر من ذلك، وكان من الممكن أن أستمر فى الصمت، خصوصاً أنه لم يعلم أحد بهذه المعلومات الخاصة بتلك الفترة سوى زوجته وقلة قليلة من أصدقائى المقربين. لقد كنت ساذجاً حينها وانجررت وراء شعارات الأيديولوجيا النازية، لكننى بعد فترة تركت كل ذلك وراء ظهرى ولم أعد أتذكر هذه التصرفات الصبيانية التى تورطت فيها فى تلك السنوات المبكرة من عمرى، لاسيما أننى لم أرتكب أى أعمال إجرامية ولم أطلق الرصاص قط على أى شخص أو أى كائن حى. (من مذكرات الكاتب الألمانى الحائز على جائزة نوبل فى الأدب جونتر جراس، التى اختار لها عنوان «خلال تقشير البصل») ذاعت شهرة جراس فى أنحاء العالم بعد روايته «الطبل الصفيح» وعرف فى العقود الأخيرة بأنه «ضمير ألمانيا»، ووجه طوال السنوات الماضية انتقادات لاذعة لمرحلة حكم هتلر، وأدان جرائم الحزب النازى صراحة وعلنا، خاصة بعد أن سطع اسمه فى مجالى الأدب والسياسة مع بداية الستينيات، حيث كان قد تعرف على المستشار الألمانى السابق فيللى براندت عندما كان رئيساً لبلدية برلين، وجمعته بعد ذلك صداقة متينة بالمستشار جيرهارد شرودر، وطوال هذه السنوات أظهر تعاطفاً كبيراً مع الاشتراكيين الديمقراطيين، وشارك بشكل فاعل فى دعم الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكى الديمقراطى فى أعوام 1965، 1969، 1972، لكنه لم ينضم إليه كعضو رسمى إلا لمدة عامين فقط فى بداية الثمانينيات (1982و1983)،وبالنسبة لقضايانا نتذكر موقفه المعارض بشدة للحرب على العراق، الذى سجله فى تصريحاته ومقالاته التى احتشدت بالانتقادات اللاذعة للسياسة الأمريكية، وربما لهذا كان اعترافه صدمة كبيرة داخل ألمانيا وخارجها، خاصة أن الاعتراف المتأخر ظهر مبتسراً فى البداية من خلال حوار أجرته معه صحيفة «فرانكفورت ألجماينة تسايتونج» قبل أسابيع من صدور مذكراته المعنونة «خلال تقشير البصل». جونتر جراس