تربية نوعية جامعة الفيوم تنظم معرضا للتصوير الفوتوغرافي لطلابها    جامعة قناة السويس تستقبل وفدا من الإدارة المركزية لشؤون الوافدين    وفد اليونسكو يزور معهد الموسيقى العربية    الحوار الوطني: نجحنا في تخصيص مساحات مشتركة ومناقشات هامة لقضايا الأسرة    مفتي الجمهورية: انتشار العنف والإرهاب جاء نتيجة الانحراف عن تعاليم الأديان    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها بالقليوبية.. الجمعة    «محلية النواب» تناقش مشروع موازنة هيئة النقل العام بالقاهرة    توريد 216 ألف طن لشون و صوامع المنيا    اقتصادية النواب: إسرائيل تتنصل من المسئولية الجنائية بتصريحات كاذبة عن معبر رفح    زعيم كوريا الشمالية يشدد على ضرورة إحداث تغيير في استعدادات الجيش للحرب    لا تصدقوهم.. إنهم كاذبون!    بلينكن: استعادة القدرة التشغيلية للجانب الفلسطيني من معبر رفح ضرورة ملحة    14 مليار دولار.. رئيس الوزراء: تسلمنا الدفعة الثانية من صفقة تطوير رأس الحكمة    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    3 نسخ متتالية في قطر.. «فيفا» يعتمد كأس العرب بطولة دولية رسمية    تصفيات كأس العالم - بيرسي تاو على رأس قائمة جنوب إفريقيا لمواجهة نيجيريا وموزمبيق    السيطرة على حريق داخل مستشفى بالدقي    محافظ بورسعيد للطلاب: "بتأخذوا دروس خصوصية علشان تنزلوا الشارع" - صور    مصرع طفل غرقا خلال لهوه على حافة بحر النزلة بالفيوم    قائمة مبدئية 4 أفلام ينتظرها الجمهور في عيد الأضحي.. تعرف عليها    ليا سيدو بطله فيلم افتتاح كان: حركة "me too" احدثت تغيير كبير    تفاصيل اجتماع مجلس إدارة المتحف المصري الكبير برئاسة وزير السياحة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الإفتاء توضح حكم الطواف على الكرسي المتحرك    توقيع الكشف على 1317 حالة خلال قافلة طبية بمركز ديرمواس بالمنيا    قبل بدء موسم الحج 2024.. نصائح وإرشادات هامة لصحة الحجاج (تفاصيل)    تحرير (148) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    انهيار جزئي بمنزل دون إصابات بسوهاج    "التعاون الإسلامي" تؤكد دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني    انطلاق الامتحانات العملية بجامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر.. صور    محافظ الجيزة يتابع خطة رصف طريق البراجيل أسفل محور 26 يوليو الجديد    بينها «الجوزاء» و«الدلو».. 5 أبراج تحقق أهدافها في الأسبوع الثالث من مايو 2024    إنعام محمد علي تكشف مفاجأة حول المرشحة الأولى لبطولة «ضمير أبلة حكمت» قبل فاتن حمامة    نسرين أمين: أحداث فيلم "ولاد رزق 3" مختلفة وأكثر تطورًا    الصورة الأولى لأمير المصري بدور نسيم حميد من فيلم "Giant"    فرقة سمالوط تقدم "كيد البسوس" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    وزير الرياضة يعلن عودة الجماهير للملاعب ويتوعد المخالفين    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    بسبب عطل مفاجئ.. قطع مياه الشرب عن مركزين بالمنيا    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    العمل: إطلاق حملة "معاً نحو بيئة عمل آمنة" بمجمع إعلام بورسعيد    «حياة كريمة» تطلق قافلة تنموية شاملة إلى قرية شماس بمركز أبو النمرس    الداخلية: ضبط 25 كيلو مخدرات و132 قطعة سلاح بالدقهلية    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    «النقل» تكشف تفاصيل التشغيل التجريبي ل5 محطات مترو وتاكسي العاصمة الكهربائي    كاتب صحفي: مصر تمتلك مميزات كثيرة تجعلها رائدة في سياحة اليخوت    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    97 % معدل إنجاز الري في حل مشكلات المواطنين خلال 3 سنوات    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    6 ميداليات لتعليم الإسكندرية في بطولة الجمهورية لألعاب القوى للتربية الفكرية والدمج    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    ضبط 572 صنف سلع غذائية منتهية الصلاحية في الفيوم    «إكسترا نيوز»: قصف مدفعي إسرائيلي عنيف على عدة مناطق في رفح الفلسطينية    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النسيان‏..‏ فوائده وأضراره

ما أكثر ما يشكو الناس من النسيان‏,‏ بل يطلبون أيضا علاجا للنسيان‏,‏ حقا إن للنسيان مساوئ كثيرة‏,‏ ومع ذلك لكي ننصفه‏,‏ نقول إن هناك ولاشك فوائد للنسيان‏.‏ فالنسيان ليس كله شر‏. ولقد سمح الله به من أجل نفع الانسان وفائدته, ولو احسن الانسان استخدامه, فالانسان الحكيم يعرف متي ينبغي أن يتذكر ومتي ينبغي أن ينسي..
من الخطأ طبعا أن ينسي المرء واجباته الدينية أو واجباته العالمية, ومن الخطأ أن ينسي عهوده ووعوده ونذوره ومواعيده, ومن الخطأ أن ينسي فضل الناس عليه, أو ينسي بالأكثر إحسانات الله العديدة إليه.
ولعل من أخطر أنواع النسيان, أن ينسي الانسان أصله الترابي, إذ أن الله جل جلاله قد خلق التراب أولا, ثم خلق الانسان من هذا التراب, والذي ينسي أصله الترابي قد يقع في الكبرياء, والعجرفة, والإعجاب بالنفس, والتباهي بالمناصب والألقاب, وأتذكر أنني قلت عن ذلك في بعض أبيات الشعر:
قل لمن يعتز بالألقاب إن... صاح في فخره من أعظم مني؟!
أنت في الأصل تراب تافه... هل سينسي أصله من قال إني؟!
وهكذا فإنني جعلت أمامي هذا الأصل الترابي, كأنشودة أغني بها باستمرار, حيث قلت:
يا تراب الأرض يا جدي... وجد الناس طرا
أنت أصلي أنت يا من أقدم... من آدم عمرا
ومصيري أنت في القبر... إذا وسدت قبرا
أما عن فوائد النسيان فلعلنا نذكر في قمته أن ننسي إساءات الناس إلينا ننساها لكي نستطيع أن نصفح وأن نسامح.. وننساها لكي لايملك الغضب علي قلوبنا من جهتهم.. وأيضا لكي نهرب من شيطان الحقد والكراهية.
الذي ينسي أخطاء الناس إليه, يمكنه أن يحب الجميع, ويملأ السلام قلبه من جهة الكل, ويستطيع أن يقابل كل أحد ببشاشة, ولايخزن في قلبه شرا من جهة أحد, لذلك إن اساء أحد إليك, لاتحاول أن تسترجع في ذهنك إساءته إليك, ولاتجلس مع الناس وتحدثهم عما فعله بك ذلك المسيء,, لاتفكر في هذا الموضوع, ولاتتكلم في تفاصيله, لئلا يرسخ كل ذلك في ذاكرتك وفي قلبك ويتعبك.
وليس فقط تنسي أخطاء الناس إليك, إنما عليك أن تنسي أخطاءهم بصفة عامة, فإنك لو تذكرت علي الدوام أخطاء الناس, لأسودت صورتهم في نظرك, وأصبحت تعجز من أن تجد لك في الناس صديقا.. فكل الناس لهم أخطاء, ولو تذكرنا لكل واحد أخطاءه, لما استطعنا أن نتعامل مع أحد, وربما يدخل الشك إلي قلوبنا من جهة الناس, وربما لانستطيع أن نتكلم باحترام مع أحد!
إذن ليتنا ننسي أخطاء الناس, لكي يعاملنا الله بالمثل, وما أجمل قول القديس العظيم الأنبا أنطونيوس: إن ذكرنا خطايانا, لايذكرها لنا الله, وإن نسينا خطايانا, يذكرها لنا الله.
إذن أذكر خطاياك, وإنس خطايا غيرك, فإن هذا يقودك إلي الاتضاع, وإلي المحبة, أما الانسان المتكبر أو غير المحب, فإنه علي العكس: دائما ينسي نقائصه الخاصة, ودائما يذكر أخطاء غيره, وقد يتحدث عن خطايا الناس, بينما يتضايق إن تحدث الناس عن خطاياه!
لذلك فإنه من النسيان النافع, أن تنسي فضائلك, أو تنسي الاعمال الحسنة التي شاءت نعمة الله أن تعملها علي يديك.. فإن عملت خيرا, أو إن عمل الله خيرا بواسطتك, فالواجب عليك أن تنسي ما عملته, لاتذكره ولاتتذكره لئلا يوقعك هذا الأمر في الإعجاب بالنفس أو في الكبرياء, وأيضا لكي لاتجلب لنفسك مديحا من الناس, قد تضيع معه بعض أجرك في السماء, ويقال لك تلك العبارة الخطيرة: قد استوفيت خيراتك علي الأرض!!.
إن الذي يعمل خيرا, ليس عليه فقط أن يعمله في الخفاء علي قدر الإمكان, حيث لايراه الناس.. إنما الأفضل أن يخفي الأمر حتي عن نفسه بالنسيان, حسبما قال السيد المسيح لمن يعمل صدقة: لاتعرف شمالك ما تفعله يمينك.. والله الذي يري في الخفاء هو يجازيك علانية.
حقا إن الانسان الذي يحاول أن يظهر فضائله, أو يتحدث عنها, ما أسهل أن يقع في الغرور وربما يفقد ثوابه.. فإن لم تستطع أن تنسي الخير الذي تعمله, وإن ألح عليك الفكر في تذكاره.. فإنسب ذلك إلي نعمة الله وعمله وليس إلي نفسك.
ومن فضائل النسيان أيضا, أن ننسي المتاعب والضيقات.. فأحيانا يكون التفكير في الضيقة, هو أشد إيلاما وضررا من الضيقة ذاتها لذلك اجعل الضيقات خارج نفسك لاداخلها.
لاتسمح لها بالدخول إلي فكرك أو إلي قلبك لئلا تتعبك, حاول أن تنساها, وإن ألح عليك الفكر ولم تستطع أن تنسي, حاول أن تنشغل بالقراءة أو بالعمل أو بالحديث مع الناس, لكي تنسي.. علي قدر امكانك حاول أن تنسي المتاعب والهموم, لأن تذكرها قد يجلب الأمراض النفسية والعصبية وأمراضا أخري.
من فوائد النسيان أيضا, أن ينسي الانسان المعثرات التي تجلب الخطية, وقد يقرأ شاب قصة بذيئة أو يري منظرا خليعا, أو يسمع كلاما مثيرا.. وإن لم ينس كل هذا, تظل هذه الأمور حربا علي فكره تضيع نقاء قلبه, فمن الخير له أن ينسي.. حاول إذن أن تنسي كل ما يعكر نقاء قلبك.
من فوائد النسيان أيضا أن ننسي التفاهات, لكي تبقي في الذهن فقط الأمور المهمة النافعة, فلو ذكر الشخص كل ما يمر عليه في يومه أو طوال الأسبوع من أمور تافهة تختص بالأكل والشرب وأحاديث الناس ومناظر الطريق وأيضا كل القراءات والحديث.. فإن طاقة هذا الانسان لاتحتمل أن تخزن ما يلزمه من المعلومات الأساسية.
إذن إن النسيان هو عملية غربلة حيوية, تغربل في الذهن وفي الذاكرة جميع المعارف والمعلومات والمناظر والسماعات, فتستبقي منها النافع وتترك ما لايفيد وتنساه.
المزيد من مقالات البابا شنودة الثالث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.