القرار الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا بشأن حق المرأة في العمل قاضية بمجلس الدولة مازالت أ صداؤه واسعة. وجاء في أسباب الحكم أن المجلس الخاص وافق علي جواز تعيين السيدات بالوظائف القضائية بالمجلس باعتباره مختصا بذلك, وأعلن بالفعل في24 أغسطس الماضي فتح باب تقدم السيدات للتعيين في وظيفة مندوب مساعد بالمجلس, في حين رفضت الجمعية العمومية في15 فبراير الماضي ذلك الأمر بحسبانه داخلا في اختصاصها. وقالت المحكمة برئاسة المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضوية المستشارين محمد عبدالقادر وماهر سامي والسيد حشيش وسعيد مرعي والدكتور عادل عمر ورجب سليم وحضور المستشار الدكتور حمدان حسن رئيس هيئة التوصية وسكرتارية ناصر حسن إنها تختص بتفسير نصوص القوانين إذا أثارت خلافا في التطبيق. وحيث إنه بالنسبة لطلب تفسير البند(1) من المادة(73) من قانون مجلس الدولة الذي يجري نصه علي أنه يشترط فيمن يعين عضوا في مجلس الدولة أن يكون مصريا متمتعا بالأهلية المدنية الكاملة, فإنه مع التسليم بأهميته لم يثر خلافا في التطبيق, إذ لم ينازع أحد في انطباقه علي كل من يحمل الجنسية المصرية, ولم يختلف الرأي حول تفسير مدلوله, ومن ثم يكون طلب التفسير في هذا الشق منه قد افتقد مناط قبوله لعدم توافر شرائطه القانونية, متعينا معه والحال كذلك التقرير بعدم قبوله. وقالت المحكمة إنه عن طلب تفسير الفقرة الثالثة من المادة(83) من قانون مجلس الدولة المشار إليه التي تنص علي أن ويعين باقي الأعضاء والمندوبون المساعدون بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية فقد توافر الشرطان اللذان تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير بالنسبة لهذا النص, وذلك لما وقع في شأنه من خلاف في التطبيق بين المجلس الخاص للشئون الإدارية, والجمعية العمومية للمجلس, وقد تجلت أوجه هذا الخلاف فيما وقفت عليه المحكمة مما هو ثابت بالأوراق في تضارب قرارات المجلس الخاص نفسه في هذا الشأن, ثم في تعارضها مع ما أصدرته الجمعية العمومية وافق المجلس بالإجماع علي الإعلان المقترح للتعيين في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة من خريجي وخريجات كليات الحقوق, والشريعة والقانون, والشرطة دفعتي2009,2008, وفي اجتماعه يوم16 نوفمبر الماضي وافق المجلس بالإجماع علي بدء المقابلات الشخصية للمتقدمين للتعيين في وظيفة مندوب مساعد من دفعتي2009,2008, وفقا للجدول الزمني المعروض, وبجلسة18 يناير الماضي نظرالمجلس ضمن بند ما استجد من أعمال المذكرة المقدمة من بعض السادة المستشارين أعضاء مجلس الدولة برغبتهم في عقد جمعية عمومية لمناقشة أمر تعيين المرأة في المناصب القضائية( الفنية) بالمجلس. وقد اختلف الرأي بين السادة المستشارين أعضاء المجلس الخاص فيما إذا كان موضوع تعيين الإناث من اختصاص المجلس الخاص أم أن للجمعية العمومية لمستشاري المجلس اختصاصا في هذا الأمر. وقررت المحكمة الدستورية أن الاختصاص بالموافقة علي تعيين المندوبين المساعدين بمجلس الدولة معقود للمجلس الخاص للشئون الإدارية دون الجمعية العمومية للمجلس. وفي مجلس الدولة يعقد المجلس الخاص برئاسة المستشار محمد أحمد الحسيني رئيس المجلس جلسته يوم22 مارس الحالي بتشكيله الأصلي وهم: المستشارون محمد عبدالغني النائب الأول لرئيس المجلس وعادل فرغلي رئيس محاكم القضاء الإداري ود. محمد عطية رئيس التفتيش القضائي وكمال اللمعي رئيس هيئة مفوضي الدولة ومحمد عزت السيد رئيس قسم التشريع وعبدالله أبو العز وكيل قسم التفتيش القضائي, لحسم الأمر في ضوء قرار التفسير للمحكمة الدستورية العليا وسوف ينظر المجلس الأمر في ظل وجود قرار المجلس الخاص الصادر في22 فبراير الماضي بإرجاء قبول دفعتي2008 2009 من الجنسين بالمجلس. وأكد قضاة مجلس الدولة أنهم يحترمون قرار المحكمة الدستورية العليا بالتفسير بالرغم ماقد يكون قد تضمنته من معلومات غير دقيقة أدت الي اصطناع الخلاف علي غير الحقيقة ويترتب علي ذلك الحكم التفسيري ومقتضي تنفيذه أمران أولهما اعتبار أن قرار المستشار محمد الحسني منعدما تأسيسا علي قرار المحكمة الدستورية العليا والتي قررت أن المجلس الخاص هو المختص بالتعيين دون الجمعية العمومية ومن باب أولي رئيس المجلس منفردا. ثانيا: أن حكم المحكمة الدستورية اكد قرار المجلس الخاص بارجاء تعيين الدفعتين(2008 2009) من الجنسين وليس للاناث فقط لحين اجراء الدراسة. وأضافت اللجنة المفوضية من الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة ان قرار رئيس مجلس الدولة الذي صدر في22 فبراير رغما عن قرار أغلبية اعضاء المجلس الخاص بالاستمرار في اجراءات التعيين للدفعتين جاء في ديباجته أن4 من أعضاء المجلس الخاص رفضوا تعيين الاناث بالمغايرة للحقيقة حيث أنهم قرروا ارجاء التعيين لمزيد من الدراسة وبالتالي فان عبارة الرفض الواردة في ديباجة قرار رئيس المجلس هي وسيلة اصطناع وجود خلاف وهو الذي عولت عليه المحكمة الدستورية قرارها التفسيري. وأضافت اللجنة أن تصوير الأمر علي أن هناك جهتين تتصارعان داخل الدولة, هو أمر مجاف للحقيقة والواقع اذ أن الجمعية العمومية لمجلس الدولة ليست جهة أخري بالنسبة للمجلس الخاص, وانما هي له بحكم تشكيلها بمثابة الأصل للفرع والكل للجزء. وأن مانشر في وسائل الاعلام عن حسم المحكمة الدستورية لمسألة تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة هو أمر مخالف للواقع والحقيقة, اذ أن الموضوع المعروض علي مجلس الدولة هو مدي ملاءمة تعيين المرأة قاضية في الوقت الحالي وهو مالم يكن محلا لطلب التفسير الصادر عن المحكمة الدستورية. ووصف ممثلو الجمعيات الأهلية والمؤسسات الحقوقية المصرية قرار المحكمة الدستورية العليا بأنه خطوتين للأمام لمصلحة المرأة. وأعربت المنظمات الحقوقية التي أخذت شعار حملة معا من أجل المرأة قاضية عن ترحيبها بتفسير المحكمة الدستورية لبعض نصوص قانون مجلس الدولة والتي أثارت جدلا خلال أزمة تعيين المرأة في الوظائف القضائية بمنجلس الدولة. وأكدت السيدة مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان ثقتها في أن مجلس الدولة سند المشروعية والحقوق الدستورية وصاحب الدور التنويري وحماية الحقوق والحريات الذي قاد حركة تمكين المرأة وفي أحقيتها بتولي القضاء لن يتخلي عن مسئوليته في توحيد اسس ومعايير العدالة في مصر ولن يسمح بالعودة الي الوراء في مسيرة حقوق المواطنة. وقالت الوزيرة ان المساواة مبدأ دستوري لايمكن الاستفتاء عليه وقد تجاوزنا مرحلة مناقشته وأصبح مستقرا أي لايمكن اعادة النظر في أصل الحق للمرأة المصرية وأن نظل نتجادل من جديد في مسألة مبدئية والعالم من حولنا يقطع أشواطا وأشواطا في التقدم والتنمية.