لعن الله السياسة إذا كانت تفرق ولا توحد وتقيم بحورا من الدم بدلا من أن تقيم جسورا للتواصل والحب بين الناس! لقد أصبحت السياسة في عالمنا العربي مدخلا لحروب داخلية بعد أن غفلنا عن عدونا الحقيقي خارج الحدود وتحولت لغة السياسة من خطب ومقالات و مواقف إلي عنف وتخريب وجرائم اغتيال بلا أدني رحمة ولا شفقة! ما الذي جري لنا لكي ينقلب الحال في عالمنا العربي دون سائر الدنيا كلها فإذا بمهرجانات واحتفاليات العمل السياسي تتحول إلي عنف وبلطجة وأشلاء جثث متناثرة ؟! لقد أصبح الجميع مستهدفين, وإن تعددت الأسباب من صراع علي كرسي في البرلمان إلي ضيق وغضب من سطور مقال بينما الجناة أحرار طلقاء في ظل فوضي مصنوعة عمدا لكي تتفرق دماء الضحايا بين جميع الأطياف والفئات والقبائل! لا.. هذه ليست سياسة يا أمة العرب... فالسياسة يحركها العقل ولا تخضع لنوازع الشيطان الذي يرتكب كل الخطايا والآثام وهو يرتدي زي المشايخ والقسس والكهنة والأحبار! إن السياسة ليست فقط هي فن الممكن وإنما هي في الأساس في فن الاختلاف وفن الحوار بالكلمات وليس بطلقات الرصاص... فلماذا ذهبنا بالسياسة بعيدا وبعيدا جدا إلي ساحات الموت والتصفية بنزعات الكراهية والثأر والانتقام ؟! من الذي قال إن الخصومة السياسية نوع من العداء... ومن الذي قال إن الخلاف في الرأي يستوجب انتصار رأي واحد حتي لو كان الثمن إزهاق أرواح وكتم أنفاس وإخماد أصوات إلي الأبد؟ إن الذين يمارسون العنف والتخريب لخدمة أهداف سياسية ليسوا مجرد منفلتين وإنما هم أعداء للحرية وأعداء للحياة وأعداء للديمقراطية. من الذي قال إن القنبلة والبندقية والعصي والحجارة هي الأدوات الصحيحة للتعامل مع الكلمة الحرة والرأي الحر والموقف المستقل ؟ إنه عار علي أمة العرب أن يصبح القتل والاغتيال والتدمير والتخريب هو العنوان الأبرز للعمل السياسي في بلادنا المنكوبة بتحديات خارجية تفوق الطاقة وأزمات داخلية أغلبها من صنع أيدينا نتيجة غياب العقل والحكمة!
خير الكلام: الحياة تتسع أو تضيق تبعا لحكمة المرء وقوة إرادته! [email protected]