قدمت لنا الحكومة مشروع قانون ناقشه مجلس الشوري والخبراء حول تنظيم الصكوك في الأسواق المالية كأداة تمويل جديدة حققت نجاحات علي حد قولهم في دول عديدة مثل تركيا, ماليزيا, فرنسا, وانجلترا, ودول عربية أخري. وبحثت في أغلب كتب النقود والبنوك العالمية ودققت الدراسة بعناية في كتاب النقود والبنوك, وأسواق المال العالمية للكاتب فردريك مشكن, أستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا بأمريكا ومستشار البنك المركزي الفيدرالي الأمريكي والبيت الأبيض, لأكثر من خمسة عشر عاما, فلم أجد كلمة صكوك من قريب أو بعيد, فلم أيأس وبحثت مرة أخري في كتب المفكرين الاقتصاديين العرب فوجدت الإجابة في التالي: أولا: الصكوك أوراق مالية( أي تزيد مدة الاستثمار فيها علي العام) متساوية القيمة, تصدر لتمويل مشروع بعينه وفقا لصياغة تمويلية تذهب إلي سبعة وعشرين نوعا وطريقة تمويل. ثانيا: الصكوك ليست سندات, فصاحب السند لا يتحمل أي خسارة( لأن السند حصة في هيكل التمويل فقط) ويحصل مالك السند علي عائد محدد بتعاقد عند الشراء, أما الصك مشاركة في الربح والخسارة( فحامل الصك مساهم مالي في الأصول والمنافع والحقوق).. إذن هل الصك بديل للأسهم المتعارف عليها في البورصة ؟! الإجابة لا الصك ليس سهما أيضا, وذلك لأن حامل الصك لا يحق له التصويت في الجمعية العمومية لمشروع الصك الذي نشأ من أجله, ولا يتحمل مالك الصك التزامات وديون المصدر عند التصفية مثل الأسهم, ولا يحق لحامل الصك إدارة الشركة, فهو أشبه إذن بشرائك وحدة في أحد صناديق الاستثمار مع الفارق في الحقوق والالتزامات. ثالثا: ووجدت في أنواع الصكوك بضاعة وفيرة, فمنها مثل صكوك ملكية الموجودات المؤجرة, وصكوك ملكية المنافع والموجودة والموعودة, وصكوك السلم, والاستصناع والمرابحة, والمزارعة... الخ, وهناك أنواع أخري فقط للتمويل وللمشاركة والاستثمار والمضاربة.... الخ رابعا: قد يكون كل هذا حميدا ولا ضرر منه ولكن السؤال المحير.. لماذا الآن؟ فجاء الرد: حيث إن مصر بعد الثورة, ونتيجة تراكمات عديدة, تعاني خللا هيكليا واضحا في البناء الاقتصادي المصري, نحن في حاجة الي جذب الاستثمارات من الخارج لضخ تمويل جديد الي الأسواق المصرية بهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي المتدني الذي تعانيه البلاد والذي وصل الي أقل من3% سنويا. وطرح الصكوك الآن سوف يساعد علي دفع عجلة التنمية وتحفيز مضاعف الاقتصاد مما يسهم في رفع معدلات النمو المنشودة في الخطة والموازنة للأعوام الخمسة المقبلة والتي تليها. خامسا: ماذا لهذه الصكوك الحكومية أن تمول؟! بصرف النظر عن المسمي صكوك إسلامية من عدمه, الأمر دون تعقيدات أو فلسفة اقتصادية يصعب فهمها للعامة, هي إن الغرض من إصدار الصكوك يفترض أن يتمحور في تمويل مشروعات بنية أساسية أو استثمارية مثل مطارات وطرق... الخ. فهي إذن لا تمول عجز الموازنة بل تمول, كما طرح في مشروع القانون, مشروعات استثمارية يحتاجها الشعب وأنشطة حكومية. الأمر الذي سوف ينعكس بشكل غير مباشر علي ما حدده مشروع القانون من تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة وإعادة توظيف الموارد التي سوف تتاح في الميزانية( جراء اصدار الصكوك) إلي توجيه الإنفاق الي قطاعات أخري أشد إلحاحا, تعاني الآن عجزا في التمويل يحتاجه المواطن المصري, وعليه فالصكوك بديل ومكمل جيد في هذا المضمار.اذا كان الامر كذلك و النيات طيبة والهدف دعم الاقتصاد الوطني ولا أحد غيره, فإن تقديم أي أداة نقدية أو مالية جديدة( محلية او اجنبية) تحفز علي الاستثمار وتدفع بمعدلات التنمية الاقتصادية وتحارب مشكلات الركود وتخفض من معدلات البطالة وتهدف الي ضبط مستوي الأسعار في الحدود الآمنة, في ظل خطة حكومية واضحة لرفع معدلات الأجور الحقيقية للعاملين في الحكومة والقطاع الخاص يومها لن يعترض أحد علي الصكوك الجديدة وسوف تجد كل مواطن حريصا علي تقدم بلده وتحسن أحواله المعيشية, يرحب بها ويدعمها ويشارك فيها. تذكروا الصندوق الشعبي لتمويل السد العالي الذي تبرع له كل المصريين من أفقرهم إلي أغناهم دون انتظار مقابل أو عائد, لأن من يؤمن بشيء يدعمه ومن جهل شيئا عاداه, والفيصل في النهاية هو السوق.. اعرضوا بضاعتكم ولنر المشتري, شريطة ألا يكون هناك أي ضغط أو إجبار من قبل الدولة علي البنوك والمؤسسات المالية المحلية علي الشراء. فقواعد السوق لا تعرف اسماء, انما تعرف ارقام الربح و الخسارة فالسلعة الجيدة تطرد السلع الرديئة. لمزيد من مقالات د. أيمن رفعت المحجوب