بأزميل ومبرد ومنشار ودبورة شاكوش جلس عم حسان بجوار زملائه بدوي وعلي ويقف علي رأسهم جمال فنان الألباستر كل يعمل علي قطعة من الحجر ليصنع منها تمثالا آية في الجمال. انها صناعة لتماثيل التاريخ توارثها الأحفاد عن الآباء والأجداد طيلة4 آلاف عام..ساعات أو أيام أو أسابيع يمكن ان يستغرقها فنانو صناعة الألباستر من أجل ان يخرجوا تمثالا واحدا ولكن قطعة طبق الأصل من التمثال الموجود في معبد الكرنك أو المتحف المصري أو علي جدران المعابد.. لاشيء صعب بين أيدهم.. فبحرفية متقنة وصبر وفن بديع يصنع أكثر من ألفي عامل ملايين التماثيل من الألباستر لكي تجوب العالم في ايدي مرتادي محافظة الأقصر وزائريها من كل ارجاء العالم.. هناك في منطقة القرنة القديمة تتلاصق ورش صناعة الألباستر وعلي الأرض يجلس الفنانون بجوارهم أحيانا مئات السائحين حتي يشهدوا صناعة تمثال طلبوا اقتناءه سواء من الحجر الأبيض أو الأخضر أو الجيري أو حتي الجرانيت والبازلت. كلها مواد خام الألباستر, الحجر الذي يأتي من جبال نجع حمادي وأسيوط لتصنع منه ملايين التماثيل والقطع الفرعونية الشبه أصلية من شدة إتقانها ان صح التعبير وان كانت منافسة دولة مثل الصين لهؤلاء الفنانين لم تفلح وسقطت أمام أيدي محترفة ومتقنة لصناعة توارثوها منذ4000 سنة وسط ولع السائحين فجلسوا علي الأرض بجوارهم للحصول في النهاية علي جواز سفر فرعوني يحمله كل سائح منهم بفرحه غامرة تؤكد أنه كان بصحبة الفراعنة وانه حمل هدية منهم تمثلت في تمثال شارك هو وأحفادهم في صناعته أمام عينيه. أصحاب المهنة الأقدم في الأقصر يحدوهم الأمل في ان تتم مراجعة إزالة ورشهم واستبدالها ببازارات لايمكن ان تستوعب سوي العشرات منهم بعد ان اعتادوا ان يجلسوا وسط جو القرنة وفي احضان جبلها العتيق والنظر الي معابد أجدادهم ومقابرهم حتي يتسلل اليهم الوحي وكأن كل نظرة منهم الي المعابد هي حوارهامس بين الاحفاد والاجداد يحمل توصية باتقان صناعة تماثيل التاريخ التي تسعدهم كثيرا رغم أنهم لايحصلون إلا علي10 جنيهات علي القطعة الواحدة التي يمكن أن يمضي في صناعتها العامل يومين إلا ان ولعه بصناعة قطعة متقنة وانبهار السائحين هي متعة غير قابلة للتقدير مهما كان الثمن.