عرفت مصر الأسس الاجتماعية القومية لنظم التأمين الاجتماعى منذ عام 1854 وهى الأسس المتعارف عليها علمياً ودولياً وكانت تحكمها اتفاقيات وتوصيات دولية. ثم طورت مصر حساباتها الشخصية إلي نظام للتأمين الاجتماعي منذ عام1962 ولقد تطورت القوانين وفي عام1975 حدث توحيد لقانون العاملين لدي الغير في الجهاز الاداري للدولة والهيئات والقطاع العام وقطاع الأعمال والعمالة المنتظمة في القطاع الخاص المعروف بالقانون رقم79 لسنة1975 وبعده صدر القانون108 لسنة1976 والخاص بأصحاب الأعمال ومن في حكمهم والقانون50 لسنة1978 ويغطي العاملين المصريين بالخارج والقانون112 لسنة1980 ويطبق علي العمالة غير المنتظمة. وهذه الترسانة التاريخية من القوانين ضمها مشروع قانون التأمينات والمعاشات الجديد في10 أبواب تضم111 مادة وتمت احالته إلي مجلسي الشعب والشوري لبدء مناقشته, ويعد القانون المقترح خطوة فاصلة في تاريخ قوانين التأمينات والمعاشات التي تعد من أهم التدابير التي يؤخذ بها لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقوم علي أساس التكافل الاجتماعي. ورغم أن مشروع القانون لاينص علي حد أقصي للمعاش ويصل به إلي80% من الاجر الاجمالي فإن هناك بعض التحفظات علي المشروع.. فيما يخص المعاشات فما هي؟ في حين يؤكد الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية ان مشروع القانون الذي يضمن المعاش لكل مواطن يصل عمره إلي65 عاما وسوف يطبق القانون الجديد علي من سيدخل سوق العمل لأول مرة اعتبارا من يناير2012 ويتيح القانون حصول مستحق المعاش عليه كحد أدني يزيد سنويا وستتحمل الدولة في سبيل ذلك ملياري جنيه وبالإضافة لذلك لن يكون هناك حد أقصي للمعاش ويصل إلي80% من الأجر الاجمالي, كما يتضمن المشروع تخفيض اجمالي الاشتراكات المؤمن عليهم من14% إلي10% وأصحاب الأعمال من26% إلي18.5% ولأول مرة يمنح القانون تأمينا ضد البطالة في حدود60% من الأجر الذي يتقاضاه العامل قبل تعطله ويستمر الصرف لمدة6 أشهر علي ان تنخفض الاعانة بنسبة4% شهريا حتي يحصل علي عمل. وأضاف ان مشروع القانون الجديد يسمح بالجمع بين معاش الإصابة والاجر من عمل جديد أو بين المعاش وتعويض البطالة دون حدود كما يسمح للأبناء بالجمع بين معاش والديهم وللأرملة أو الأرمل بالجمع بين المعاش ودخل العمل دون حدود. مواد مثيرة للجدل يقول الدكتور سامي نجيب رئيس شعبة بحوث وإدارة الاخطار والتأمين بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وأستاذ التأمين بكلية التجارة جامعة بني سويف ان هناك عدة ملاحظات تؤخذ علي المشروع الجديد لقانون التأمينات منها أنه في الوقت التي تؤكد فيه المادة الثانية استمرار سريان قوانين التأمين الاجتماعي الحالية للعاملين وأصحاب الأعمال ومن في حكمهم تفاجئنا المادة77 بإلغاء قانون التأمين الاجتماعي الشامل الصادر بقانون رقم112 لسنة1980 والذي يسري في شأن باقي فئات القوي العاملة التي لا تسري عليها قوانين التأمين الاجتماعي للعاملين وأهم تلك الفئات هم عمال الزراعة والذين يمثلون أكثر من5 ملايين مؤمن عليه وجميعهم يمثلون الفئات الأكثر احتياجا لخدمات التأمينات الاجتماعية وأقلهم قدرة علي تمويل تلك الخدمات واكتسابهم الحق في المعاش يرجع إلي30 عاما وأكده الدستور كحق يجب ألا يرتبط بموارد الدولة واعتمادات الموازنة شأن منح الضمان. كما يقوم القانون الجديد علي ربط المزايا بالاشتراكات ويؤكد في المذكرة الايضاحية اتباعه لهذا المبدأ الذي يرتبط علميا بتدابير التأمين التجاري ونظم معاشات أصحاب الأعمال ونظم التأمين الخاصة وجميعها نظم تكميلية تتكامل مع تدابير التأمين الاجتماعي ولايمكن ان تحل محلها باعتبارها نظما فردية أو فئوية بعكس نظم التأمين الاجتماعي لكونها نظم قومية تهتم بجميع أفراد المجتمع وتعطي أولوية للاعتبارات الاجتماعية عن اعتبارات العدالة التمويلية. ووفقا للمادة24 رفع المشروع سن استحقاق معاش التعاقد من60 عاما لتصبح61 عاما اعتبارا من2015 ثم تتزايد تدريجيا لتصبح65 عاما اعتبارا من2027 وفضلا عن ان رفع سن التقاعد لايتفق مع تشريعات العاملين بالقطاعين الحكومي والعام ومع الهيكل الديموجرافي لمصر كبلد يتزايد فيها السكان بمعدلات عالية ومع المستوي الصحي وظروف سوق العمل فلامعني لرفع سن المعاش سوي تخفيض عبء الاشتراكات وفي هذا الشأن لم يتضمن القانون معدلات الاشتراكات المترتبة علي رفع السن المعاش ووفقا لتطبيق تلك المادة يجب ان تخفض الاشتراكات بمعدل النصف طبقا للحساب الالكتروني. نظام ادخاري: يري الدكتور محمد عطية سالم وكيل أول وزارة التأمينات السابق ان النظام المقترح يستند لحسابات شخصية مماثلة لنظام الادخار الصادر بالقانون رقم316 لسنة1952 وبعد القانون419 لسنة1955 قبل تطويره إلي نظام التأمين الاجتماعي وهذه النظم تبعد تماما عن الحسابات الاكتوارية التأمينية والأسس الاجتماعية القومية لنظم التأمين الاجتماعي المتعارف عليها علميا ودوليا والتي تحكمها اتفاقيات وتوصيات دولية والتي عرفتها مصر منذ عام1854 وطورت حساباتها الشخصية إلي نظام للتأمين الاجتماعي منذ عام1962 والنظام المقترح نظام ادخاري شخصي ينقل مسئولية تغطية الاخطار علي العامل بينما التأمين الاجتماعي نظام جماعي ومسئوليته عن الأخطار جماعية أيضا وإذا كانت هناك استفادة من خبرات تجارب الدول التي طبقت هذا النظام فالتطبيق يتم إلي جانب نظام عام للتأمين الاجتماعي أي أنه نظام تكميلي. وبالنسبة للتعريفات الواردة بمشروع القانون الجديد فيجب الوقوف عندها واعادة النظر فيها فعلي سبيل المثال هناك خلط بين ما هو ممول بالاشتراكات التي يساهم فيها أصحاب الحسابات الشخصية وما هو ممول من الايرادات العامة للدولة ولم يراع ان القضاء الاداري قد فصل بين الموازنة العامة للدولة وأموال التأمين الاجتماعي وكان يجب تلافي وضع تشريعات يطعن عليها بعدم القانونية وعدم الدستورية. وبالنسبة لتعريف المعاش الممول فلقد قصره المشرع علي أنه المعاش الذي يتحدد علي أساس مجموع أرصدة الحسابات الشخصية الخاصة بالمؤمن عليه وقد تجاهل ما يتحقق لصاحب الحساب من عوائد استثمار. ويضيف ان من أبرز مواد القانون المقترح والتي تحتاج إلي اعادة نظر م17 والتي تتضمن إلغاء ضمان الخزانة العامة للعجز في صناديق التأمين الاجتماعي بعد الفحص الاكتواري كل خمس سنوات والمادة18 التي تتعرض لنسبة الاشتراك13% يتحملها صاحب العمل ونسبة9% يتحملها العامل وهي نسبة مرتفعة جدا حيث ان اصحاب الحسابات الشخصية من صغار السن وهم الداخلون الجدد إلي سوق العمل والمادة20 الخاصة بتقسيم الحساب الشخصي إلي حساب اعتباري من65% 80% توجه لتمويل العجز في الموازنة العامة للدولة في صورة سندات حكومية غير قابلة للتداول أي ان وزارة المالية ستسيطر علي هذه النسبة من الأموال وحساب مالي من20% 35% توجه للاستثمار في سوق الأوراق المالية البورصة بمعرفة شركات تكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية في القطاع الخاص مما يؤدي إلي اعباء في المصروفات الإدارية والعمولات التي تؤثر بالسلب علي أرصدة الحسابات الشخصية المستحقة لأصحابها. ويقضي القانون المقترح أيضا بايقاف العمل بنظم التأمين الاجتماعي الخاص البديلة الصادرة بالقانون رقم64 لسنة1980 وإغلاقها علي من فيها اعتبارا من أول يناير2012.