وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    بالصور.. انطلاق أول أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    سينتكوم يعلن إسقاط 5 مسيرات أطلقها الحوثيون فوق البحر الأحمر    شيكابالا يطلق مبادرة للصلح بين الشيبي والشحات، واستجابة فورية من نجم الأهلي    هدوء يشوبه الحذر، الأرصاد تحذر المصريين من 3 ظواهر تقتل المتعة بطقس اليوم    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    فيديو ترويجي لشخصية إياد نصار في مسلسل مفترق طرق    الحوثيون أطلقوا 5 صواريخ بالستية مضادة للسفن في البحر الأحمر    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة    إسرائيل تسير على خط العزلة.. والاعتراف بدولة فلسطين يلقى قبول العالم    يرسمان التاتوه على جسديهما، فيديو مثير لسفاح التجمع مع طليقته (فيديو)    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    اليوم.. الحكم علي المتهم بقتل طليقته في الشارع بالفيوم    حزب الله يبث لقطات من استهدافه تجهيزات تجسسية في موقع العباد الإسرائيلي    ادخل اعرف نتيجتك..نتائج الشهادة الإعدادية في محافظة البحيرة (الترم الثاني) 2024    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    ارتفاع أسعار اللحوم في مصر بسبب السودان.. ما العلاقة؟ (فيديو)    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    إصابة 6 أشخاص في حادثي سير بالمنيا    كريم العمدة ل«الشاهد»: لولا كورونا لحققت مصر معدل نمو مرتفع وفائض دولاري    حسين عيسى: التصور المبدئي لإصلاح الهيئات الاقتصادية سيتم الانتهاء منه في هذا التوقيت    إلهام شاهين: "أتمنى نوثق حياتنا الفنية لأن لما نموت محدش هيلم ورانا"    هل يمكن أن تدخل مصر في صراع مسلح مع إسرائيل بسبب حادث الحدود؟ مصطفى الفقي يجيب    شيكابالا يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن زيزو    «مستعد للتدخل».. شيكابالا يتعهد بحل أزمة الشحات والشيبي    «خبطني بشنطته».. «طالب» يعتدي على زميله بسلاح أبيض والشرطة تضبط المتهم    إرشادات للتعامل مع مرضى الصرع خلال تأدية مناسك الحج    نشرة التوك شو| تحريك سعر الخبز المدعم.. وشراكة مصرية عالمية لعلاج الأورام    باختصار.. أهم أخبار العرب والعالم حتى منتصف الليل.. البيت الأبيض: لم نر أى خطة إسرائيلية لتوفير الحماية للمدنيين فى رفح.. النمسا: مبادرة سكاى شيلد تهدف لإنشاء مظلة دفاع جوى أقوى فى أوروبا    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    شعبة المخابز تكشف حقيقة رفع الدعم عن رغيف الخبز    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    طريقة احتساب الدعم الإضافي لحساب المواطن    تراجع سعر الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    «الأعلى للآثار» يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بعد ترميمه.. صور    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    «زي المحلات».. 5 نصائح لعمل برجر جوسي    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د‏.‏عصفور‏:‏الفتنة الطائفية زرعها السادات بالتحالف مع الإسلاميين‏!‏

علي مدي أكثر من عشرين عاما‏,‏ ظل د‏.‏جابر عصفور مهندس الثقافة المصرية والعقل المفكر للوزير والرقم الصعب الذي لايمكن الاستغناء عنه‏!‏ السلطة اعتبرته حائط الصد القوي أمام جحافل الظلام, فراهنت عليه, والمثقفون اعتبروه واجهة مقبولة فانضووا تحت لوائه, وبالتالي أصبح هذا المثقف الكبير منطقة اللقاء المشتركة بين طرفين كثيرا ما نشبت بينهما الحروب العنيفة, وبالتالي أصبح حالة فريدة من نوعها لاتستطيع أن تحسبه علي الفلول أو تضمه في الوقت نفسه الي الثوار, ورغم ذلك كان ولايزال نجما لاتقاوم شغفك وهو يفتح خزانة ذكرياته.. سرعان ماصحح الأوضاع حين استقال من الوزارة بعد عشرة أيام فقط!.. لكن التاريخ سيظل يذكر للرجل قناعاته التي لايساوم عليها, ومن أجلها استقال من العمل الجامعي احتجاجا علي اتفاقية كامب ديفيد, كما ظل سنوات طوالا الراعي الرسمي لملف التنوير وحامل شعلة الاستنارة وصوت الحق الذي لايهادن في حربه علي أفكار تريد شد البلاد والعباد الي الوراء..
في ذاكرة كل منا فلاشات قوية تلح عليه وتومض من آن إلي آخر مؤكدة تأثيرها في مسار حياتنا فلنبدأ من أبعد نقطة في حياتك ؟
سأبدأ من اسمي الذي اختاره لي والدي قبل مولدي حيث كان قد تأخر في الإنجاب فنذر إذا رزق ولدا اسماه جابر علي اسم سيدي جابر الولي المعروف بالإسكندرية. وعندما جئت إلي الحياة مع توءم أطلقت عليه والدتي اسم سيد تيمنا بالسيد البدوي إلا أنه لم يعش طويلا وتوفي قبل أن يتم الشهور الثلاثة. وتصور كل من أبي وأمي أني ما زلت أحيا ببركة سيدي جابر, فكان والدي يصحبني لزيارة ضريحه مرة أو اثنتين في العام توفية للنذر الذي نذره قبل مولدي.. واستمر الإيمان بمايمكن تسميته أفكار الإسلام الشعبي في حياتي وأنا طفل فأذكر أنني كنت بصحبة والدتي عندما التقيت أحد المجاذيب الذي
أصبح فيما بعد وليا صاحب مقام يدعي سيدي محمد الزغبي لقد نظر إلي طويلا ثم التقط من الأرض علبة دخان وقطعها قطعتين وأعطاني إياهما فجريت علي والدتي خائفا إلا أنها طمأنتني وقد انفرجت أساريرها ظنا منها أن الورقتين تعني أنني سأحصل علي شهادتين وظلت علي اعتقادها حين حصلت علي الشهادتين الابتدائية والاعدادية وحتي وفاتها ظنت أن نجاحاتي بفضل سيدي الزغبي.. في المحلة عشت مع والدتي التي أخذت عنها الصرامة وقوة الشخصية ووالدي السكندري الذي كان نبعا للحنان وعشت في بيئة لم تعرف أي شكل من أشكال التعصب الديني والفكري فكانت لنا جارة مسيحية تدعي ز ز. وفي المرحلة الابتدائية التحقت بمدرسة الأقباط وكانت المدرسة يوم الجمعة تنتهي بعد الحصة الثالثة فكنا نخرج إلي مسجد قريب أبوفضل الوزير وكانت تجاوره كنيسة قديمة ترجع إلي القرن الثالث الميلادي. وكان بعض زملائي من المسيحيين يأتون بصحبتي إلي المسجد ويقفون إلي جانبي ويصلون مثلي. كما كنت أذهب معهم إلي الكنيسة دون أن أشعر أن هناك خطأ ما, وكنت أذهب إلي نادي الكنيسة للعب البينج بونج دون أية حساسية وعلي هذا سارت بي الحياة إلي أن حدثت وقائع الفتنة في السبعينيات وشعرت بدهشة لم تفارقني حتي الآن, لأن هذه ليست مصر التي عرفت فيها معني التسامح. لقد عشت في بيئة تعتز بالإسلام وتؤمن بالأولياء وفي الوقت نفسه تعيش عيشة طبيعية مع الأقباط.
إذا ما الذي حدث لمصر وأدي إلي ظهور هذا السيل من الأحداث الطائفية ؟
حدث هذا مع السبعينيات ونتيجة جريمة ارتكبها السادات لقد اضطر في البداية للقضاء علي بقايا الناصريين الذين كانوا يعارضونه إلي التحالف مع الإخوان المسلمين فبدأت تنشأ الجماعات الإسلامية السياسية في مصر التي أخذت تتوغل شيئا فشيئا إلي حد أن السادات لم ينجح في كبح جماحها رغم تحالفه معها وانتهي الأمر إلي أنها هي التي قتلته, فكأن السادات قتل بسم الثعبان الذي رباه في حجره. ومع الوقت ظهرت المساعدت المالية التي قدمتها الدول النفطية للتيار الإسلامي في مصر والتي ما زالت موجودة حتي الآن وإلا لما رأينا بعض المصريين يرفعون علم السعودية الوهابي في قنا ورأينا هؤلاء الذين فتحوا قنوات فضائية ويطلون علينا من خلالها بفتاوي أبعد ما تكون عن الإسلام السمح إنما هي من بقايا السلفية الوهابية حتي جرؤ أحدهم علي تحريم إنشاء الحمامات العامة في الميادين وأنه لايجوز أن يتبول الإنسان واقفا.. هل هذا هو الإسلام الذي نعرفه ؟..الغباء السياسي للسادات وأموال النفط لعبت دورا سيئا إلي جانب تصاعد المد الديني في العالم كله ابتداء من الثورة الإيرانية.
بمناسبة الحديث عن جماعات الإسلام السياسي... كنت شخصيا علي وشك الانضمام إلي جماعة الإخوان المسلمين.. فما الذي دفعك إلي التراجع ؟
لقد نفرت مما لاقيته من الجهامة والعسكرة فقد لاحظت أن الإخوان يريدون من شبابهم الانضباط العسكري والسمع والطاعة ليس فقط للإمام بل أيضا لمن ينوب عنه.. وقد استأت من العبوس الذي لاقيته لأني لحسن الحظ كنت علي صلة وثيقة بالشيخ عبد السلام إمام مسجد ابن عطاء الله الصوفي المعروف وكان لهذا الشيخ أثر كبير في نفسي. وعندما كنت في مرحلة الصبا كنت ارتاح إلي هذا الشيخ الواعظ المبتسم شديد الحنو تسامحه وابتساماته جعلتني أقرب إلي الإسلام السني من هذا الإسلام الوهابي إسلام الإخوان المسلمين.
- بعد كل هذه السنوات كيف تنظر إلي جماعة الإخوان المسلمين بعد سلسلة من المراجعات تنكروا خلالها لتاريخهم المليء بالعنف والاغتيالات وخروجهم إلي الحياة السياسية بحزب يزعم رغبته في تأسيس الدولة المدنية ؟
لا أصدق الإخوان قط., فالمثل يقول كيف أصدقك وهذه آثار فأسك.. الدعوة عندهم مقترنة بالعنف صحيح أن هناك جماعات أصبحت أكثر عنفا منهم وهم السلفيون. إلا أن الإخوان هم الذين ابتدعوا العنف. كما أن الإخوان ضد التاريخ ولا يستفيدون منه. ودائما ما يتحالفون مع الحكم الديكتاتوري رغبة في الحكم.. فعلوا ذلك مع الملك فؤاد وهم الذين كانوا يدعون للديكتاتور إسماعيل صدقي رئيس الوزراء الذي ألغي دستور1923 أعظم الدساتير المصرية, وهم الذين بدأوا نشاط الاغتيالات بدءا من الخازندار. إن أي جماعة سياسية تلجأ إلي العنف المادي أو المعنوي غير جديرة بالثقة وهل هناك دليل علي العنف أكثر من الشعار الذي هو عبارة عن سيفين ومصحف..تسمية الإخوان المسلمين نفسها تعني استبعاد من ليس معهم وكأنه ليس من الإسلام. وموضوع دعوتهم إلي الدولة المدنية اضطروا إليه بعد أن أصر الشباب في ميدان التحرير علي هتاف الدولة المدنية. إلا أن الخلافة ركن أساسي عندهم في فكر حسن البنا.
ذكرت في مذكراتك أنك أحد أبناء ثورة يوليو وأنه من غير الممكن أن تكن لها العداء.. لكن ألا تري أن هذه الثورة هي التي قادت مصر إلي ما هي عليه بسبب الحكم الديكتاتوري الفردي وعدم محاولة رجال الثورة إرساء حياة ديمقراطية سليمة ؟
حكم الفرد هو النقطة السوداء في ثورة يوليو. لقد كان عبد الناصر ديكتاتورا رغم أنه كان رجلا وطنيا. صحيح أن مصر أثناء حكم عبد الناصر كانت أفضل حالا بكثير من الآن.. لكن لا يوجد أحد حتي من الناصريين وأنا منهم يمكنه إنكار أن الاستبداد و إلغاء التعددية مع إلغاء الأحزاب كان البذرة التي سرعان ما أنتجت كل تلك الثمار المرة التي نراها اليوم والتي تمثلت في النهاية في مدي سطوة وإجرام وكوارث الحزب الوطني.
نعود إلي فترة تكوين الدكتور جابر عصفور.. لقد تربيت في بيئة تؤمن بالغيبيات فكيف جاءت عقلانيتك ومنهجيتك.وموقفك الوسطي من الغلو الديني والعلماني ؟
لقد تربيت علي يد تلامذة طه حسين الذي كنت مفتونا به وقد كان السبب في التحاقي بكلية الآداب قسم اللغة العربية وكتابه الأيام قادني إلي هذا الطريق الذي مضيت فيه لقد بهرتني عقيدة التحدي في حياة طه حسين التي تغلب بها علي الفقر والمرض وانتصر علي الظلام فلم يمثل عائقا أمامه في أن ينهل من العلم والمعرفة.تأثرت بعقلانية طه حسين وهي التيار المنهجي والفكري في قسم اللغة العربية العقلانية في رأيي هي الانطلاقة في أي تيار ليبرالي أو اشتراكي
والوسطية فأنا أؤمن بدور العلم وأهمية الدين في الوقت نفسه في حياتنا.
لقد فصلت من الجامعة بسبب موقفك الرافض لاتفاقية كامب ديفيد.. هل ما زلت علي موقفك خصوصا أن هناك من يطالب الآن بإلغاء تلك الاتفاقية ؟
ما زلت أري أن أي شكل من أشكال الخضوع للضغط الإسرائيلي نوع من الخيانة للقضية القومية. وانظري الآن لأول مرة في تاريخ العلاقات المصرية الإسرائيلية تعتذرإسرائيل عن قتل جنود مصريين هذا لأنها شعرت أن مصر بعد ثورة يناير لم تعد مستعدة لتقبل مثل هذا النوع من الأخطاء. اتفاقية كامب ديفيد ليست قرآنا أو إنجيلا هي اتفاقية بين طرفين وقد عدلنا من عدد قواتنا في سيناء لكني لست مع فكرة الغائها الآن. ليست المعاهدة هي المشكلة المهم أن تكوني قوية حازمة ولا نرضخ أمام إسرئيل أو نعطيها الغاز الذي يغذي أسلحتها التي تقتل بها العرب. وأن نمتنع عن الاستعانة بتلك الشركة الفرنسية التي تنفذ حاليا مشاريع في مصر وهي الشركة نفسها التي تسهم الآن في تهويد مدينة القدس.
لكنك أثناء توليك منصبك كأمين عام للمركز القومي للترجمة اتهمك البعض بالتطبيع الثقافي مع الجانب الإسرائيلي من خلال ترجمة كتب لمؤلفين صهاينة ؟
هذا محض افتراء. كنت مؤمنا بما كان يفعله عبد الناصر اعرف عدوك ولأن إسرائيل ما زالت إلي الآن عدوا فقد عملت علي ترجمة المؤلفات عن العبرية التي تتعلق بصورة العرب عند اليهود دون أن تكون هناك أي علاقة مباشرة بالمؤلفين الصهاينة وترجمت حوالي ست كتب لكن بعد اتفاقات الملكية الفكرية كان لزاما علينا استئذان الناشر الإسرائيلي ومنحه حقوقا مادية عن الترجمة فرفضت أن أقدم أموال الشعب المصري للصهاينة فلجأنا إلي ترجمة الكتب العبرية من خلال لغات أخري وسيطة كالإنجليزية والإيطالية.
وأنا فخور بما أنجزته في المركز فيكفي أنني تركته وقد وقعت علي طبع الكتاب رقم2000 وقد أصبح مشروع الترجمة مركزا مستقلا عن باقي مؤسسات وزارة الثقافة عدد الكتب المترجمة علي مستوي العالم العربي كله لم تبلغ هذا العدد.
توليت أمانة المجلس الأعلي للثقافة في فترة حرجة كانت هناك خلالها قطيعة بين المثقفين العرب ومصر عقب اتفاقية كامب ديفيد.. كيف تغلبت علي هذا الموقف ؟
لقد تربيت تربية قومية وفي وجداني الوعي بالقومية فأدركت أن مهمة المجلس الحركة علي المستوي المحلي بأ ن أفتح باب الحوار أمام كل المثقفين المصريين بما فيهم الإسلاميون لكن كانوا هم الذين يمتنعون عن الحضور, المستوي اثاني القومي فمصر تنتسب إلي الأمة العربية وهي مركز مهم من مراكز الثقافة العربية وبسسبب حسن سمعتي بين المثقفين العرب فقد عادوا إلي مصر
من أهم إنجازاتك خلال توليك المجلس تنظيم احتفالية مرور مائة عام علي حكم محمد علي.. ألم تلاق أي اعتراضات سياسية علي تنظيم تلك الاحتفالية ؟
علي الإطلاق. وقد اشترطت علي وزير الثقافة فاروق حسني ألا يتدخل أحد في عملي لأنه لايمكن لعاقل أو مفكر إنكار أن محمد علي هو الذي أنشأ الدولة المدنية الحديثة واول من ارسل البعثات التعليمية واستعان بالخبرات الأجنبية كل ذلك بدأ في عهد محمد علي ولا يماثله في الأهمية التاريخية سوي عبد الناصر. المصادفة التي ليست بمصادفة أن القوي الكبري كما تكالبت علي محمد علي لإسقاطه تكالبت علي عبد الناصر وساعد علي ذلك أخطاء عبد الناصر فلولا الديكتاتورية ما حدثت نكسة1967.
الدكتورة سهير القلماوي لها قدر كبير في نفسك هل خصوصية العلاقة بين الاستاذة وتلميذها هي التي جعلت للمرأة بوجه عام مكانة في نفسك دفعتك لتأليف كتابك الرائع دفاعا عن المرأة ؟
أشهد أن هذه الأستاذة الفاضلة كانت أكثر حزما وأقوي إرادة من كثير من الرجال الأساتذة الذين تتلمذت علي أيديهم.. كان حنوها في التعامل معي أكبر دافع لي في الاقتراب منها وسرعان ما جذبتني إلي عوالمها: التفتح الاجتماعي الموسوعية الثقافية الجسارة في الحق والإيمان بقضية المرأة والدفاع عن حقوقها المهدرة وازدادت الصلة بيني وبينها بتعييني معيدا في قسم اللغة العربية وكانت سهير القلماوي أما حنونا ذهبت إليها لأخذ موافقتها عندما قررت أن أخطب زميلتي التي أصبحت رفيقتي وأم أولادي وقررت أن أطلق اسمها علي ابنتي رحمهما الله. لقد تعلمت من أستاذتي أن أنقد نفسي قبل أن ينتقدني الآخرون فعندما قدمت إليها أطروحة الماجستير متعجلا في إعدادها أعادتها إلي مقرونة بمجموعة من المراجع لإقرارها فمضيت في العمل بلا كلل وقدمت إليها أطروحة جديدة وحينها ابتسمت وسألتني عن رأيي في الأطروحة الأولي فاندفعت قائلا: كلام فارغ فامرتني أن أمزقه وعندها شعرت أنني أتخلص من مراهقتي العلمية وسذاجتي الفكرية وتعلمت الدرس الأول. وقد وجدتني أمارس مع طلاب الدراسات العليا اسلوب القسوة الصادمة في البداية حتي يضعوا أقدامهم علي الطريق السليم نحو العلم. ثم إنها الابنة المقربة لطه حسين هذا الكائن العجيب الذي سحرني وجعلني أعشق اللغة العربية وأحاول الاقتداء به في نطقها قد كان يغني عندما ينطق العربية. ولا شك أنها هي التي جعلتني أنحاز إلي المرأة
لقد أعلنت في استقالتك من وزارة الثقافة في حكومة أحمد شفيق أنك استقلت لشعورك أن النظام لم يستوعب ما يحدث وأنه مصر علي البقاء.. هل كان هذا هو السبب الوحيد أم أنه الهجوم الذي لاقيته من جماعة المثقفين في مصر والذي وصفوك برجل الوزير الأول؟
لست الرجل الأول لوزير الثقافة ولا لغيره أنا رجل وطني وأعمالي في مجال الثقافة سيذكرها لي التاريخ. لقد أخطات حين قبلت منصب وزير الثقافة لأني خدعت. والخديعة ليست بعذر فقد قيل لي إن الوزارة جديدة تماما فإذا بي أثناء حلف اليمين أفاجأ أنها تشكلت من العصابة نفسها
هل هذا سبب الوجوم الذي بدا علي وجهك اثناء حلف اليمين ؟
لقد شعرت بالخديعة, فقررت أن أقدم استقالتي بعد ذلك الأمور تطورت وجرؤ الحزب الوطني علي قتل المتظاهرين فكان أول وآخر اجتماع في الوزارة الذي اختلفت فيه مع الوزارة ومع أنس الفقي تحديدا وقد أذاعوا أنني استقلت لأسباب صحية لكني انتهزت أول فرصة وأعلنت السبب الحقيقي للاستقالة
وكل من كانوا معي في الوزارة اصبحوا في طرة الحمد لله وهو ما يثبت أنني كنت علي صواب وكانوا هم علي خطأ اللهم لاشماتة.
كيف تري مصر الآن وكيف كنت تراها في الثمانية عشر يوما التي حدثت فيها الثورة ؟
في ميدان التحرير شعرت أن مصر تتغير لكن الفارق كبير بين ما حدث في ميدان التحرير وما يحدث الآن وهذا بسبب خيبة من يحكمنا وعدو جبار من فلول الحزب الوطني وبقايا النظام. النظام لم يسقط بل باق كما هو وما سقط هوالرأس فقط. الوزارة التي تسير أعمالنا لا تختلف عن أي وزارة في العهد السابق فهي لا تتحرك إلا بعد انفلات الأمور. وانظري الفارق أيام1968 لما خرجنا من الجامعة في مظاهرات شبابية اعتراضا علي الأحكام الهزيلة التي صدرت في حق الطيارين المسئولين عن جانب كبير من النكسة. في اليوم نفسه التقي عبد الناصر بقيادات الشباب كان منهم عبدالحميد حسن وزير الشباب بعد ذلك. لوكان مبارك استجاب لثوار التحرير منذ اليوم الأول لما سقط النظام الاستجابة الآن بطيئة فلو صدر قانون التمييز عقب أحداث الكشح لما وقعت أحدا ث ماسبيرو. إن الغباء السياسي أحد أسباب نجاح الثورة التي قامت بعد أن فاض الكيل بالمصريين من مبارك الذي اغتال مصر.
وعلي من يتولون مسئولية البلد التحرك علي مستوي الثورة والشروع في التغيير.
كيف تقيم كمثقف أداء وزارة الثقافة خلال ربع القرن الأخير والذي يري البعض أنها كانت تعيش في برجها العاجي ولم تسهم ابدا في تشكيل وعي المواطنين ؟
وزراة الثقافة ارتكبت عددا من الاخطاء نشاطها نخبوي تعتمد علي-
مركزية القاهرة.. الاتجاه الان الي شعبوية الثقافة يقودها باقتدار عماد الدين ابو غازي
بعد سنوات علي رحيل عبد الناصر والسادات ما زال هناك وجود قوي لتيار الساداتيين والناصريين هل تعتقد أنه بعد عدة سنوات من الآن سيكون هناك وجود لما يمكن تسميته التيارالمباركي ؟
هناك فريق اليوم يقول ولا يوم من ايام مبارك لكنه لن يكون ابدا
بقوة التيار الناصري الذي كان تيارا شعبيا له جذوره لأنه جعل
الغلابة يتعلمون بالمجان وحقق العدالة في توزيع الثروة وقام بتوزيع الأراضي علي المحتاجين وهوالذي جمع الأمة العربية فكان شعارها ارفع نفسك يا أخي فقد مضي عهد الاستبداد.
لكن ما الذي يمكن أن نتذكره لمبارك الكباري أم الأنفاق ؟
مبارك أضاع تاريخه بالكوارث التي ارتكبها وقد منح الكثير من الفرص و أضاعها بشكل عجيب ينم عن ضيق الأفق و لو استغل أحدها لصار. في مكتبة الإسكندرية وضعنا وثيقة الإصلاح وقمنا بتحديد المدد الرئاسية فيها بمرتين إلا أن د. كمال أبو المجد رأي أن نضع صيغة دبلوماسية سقف زمني محدد.. لو عمل مبارك بالجانب السياسي في الوثيقة أو لو كان قد اعلن بعد فوزه في انتخابات2005 عدم خوض الانتخابات مرة أخري لاختلفت الأمور. أنا كنت أحبه والآن أشفق عليه ولا أحبه علي الإطلاق.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.