الجيش الأمريكي: جماعة الحوثي أطلقت صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر    الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما داعما لفلسطين في برلين    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    مجلس جامعة كولومبيا يصوت على قرار للتحقيق مع الإدارة بعد استدعاء الشرطة لطلبة متضامنين مع غزة    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    وسام أبو علي يدخل تاريخ الأهلي الأفريقي في ليلة التأهل للنهائي    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يطالب العاملون في «ماسبيرو» بعودة الحاكم العسكري؟!
طارق الشناوي يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 20 - 03 - 2011

· التخبط صار سيد الموقف ولا تزال المظاهرات تطالب بعودة اللواء الحاكم العسكري بعد أن فشل الحكم المدني في توجيه دفة الإعلام .. الشاشة تتراجع وليس من مصلحة أحد أن يعتقد أن ثمن الحرية هو فقدان المصداقية!!
إذا كنت لا تزال تدير المؤشر إلي تليفزيون الدولة الرسمي وإن كنت أشك في إقدامك علي هذا الفعل فإنك بالتأكيد لن تستطيع أن تحدد علي وجه الدقة ما هي الرسالة التي يقدمها التليفزيون الذي نراه في لحظات ثوري أكثر مما ينبغي وفي لحظات أخري يبدو متحفظا وخانعا أيضاً أكثر مما ينبغي وكأن 25 يناير لم يأت بعد؟!
تبدو المؤسسة العسكرية من خلال المجلس الأعلي للقوات المسلحة وهي غير قادرة علي اتخاذ موقف لتسيير الأعمال في هذا المبني الذي يضم أكثر من 40ألف موظف وظل يشكل للنظم الحاكمة في مصر منذ 23يوليو 1952 وفي كل العهود حائط الصد وصمام الأمان.. مبني الإذاعة والتليفزيون هو المعادل المدني لقطاع الأمن المركزي التابع لوزارة الداخلية!!
منذ قيام الثورة وهناك حالة غسيل مخ تتم لكي يصبح من يعمل في هذا المبني لا هدف له سوي تلميع النظام.. الدولة أيضاً اعتبرت أن التليفزيون صار أشبه بثكنة عسكرية وأصحاب الكفاءات إما أنهم يهاجرون بعيداً أو يتحولون مع مرور الزمن إلي ترس في آلة هدفها حماية النظام وعدد قليل منهم ظلو صامدين في وجه الرياح العاتية التي تسعي إلي تجريف العقول.
في البداية لجأت الدولة إلي اللواء «طارق المهدي» أحد الضباط في سلاح الدفاع الجوي لقيادة "ماسبيرو" في تلك المرحلة الاستثنائية وحتي لا يبدو الأمر أن التليفزيون يرتدي - الكاكي - أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة قراراً قبل نحو أسبوعين بتعيين رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون في كلية الإعلام جامعة القاهرة رئيساً لاتحاد الإذاعة والتليفزيون وتستطيع أن تلمح قدراً كبيراً من حسن النية متوفراً في هذا القرار الذي يبدو من الناحية الشكلية وهو متمتعاً بكل أسباب الموضوعية إلا أنه فعليا يفتقر إليها تماماً.. فلقد اعتقد المجلس أن الأستاذ الجامعي هو الأفضل لقيادة الاتحاد في هذه المرحلة الحرجة من عمر الإعلام إلا أنه عملياً غير قادر علي القيادة، بالإضافة إلي أنه لعب دوراً محورياً في التستر علي تزوير النتائج قبل 3 سنوات في مهرجان الإذاعة والتليفزيون، مما أفقده مشروعية محاربة الفساد المقيم في ماسبيرو!!
كانت القيادة سواء ارتدت زياً عسكرياً "كاكي" أو مدنياً "كاجوال" تسعي لتهدئة الأوضاع بدون رؤية استراتيجية، ولهذا مثلاً صدرت التعليمات بإيقاف التعامل مع الفنانين العرب وهو قرار للوهلة الأولي أراح بعض المخرجين والفنانين إلا أنه يمنح الثورة موقفاً سياسياً ضد التوجه العربي يتناقض تماما مع روحها!!
انطلقت الثورة من تونس بشعار واحد انتقل بتنويعات متعددة من بلد عربي إلي آخر وهو "الشعب يريد إسقاط النظام" رددوها في مصر مع تغيير كلمة النظام في مرحلة متقدمة من الثورة بعد بضعة أيام إلي "الشعب يريد تغيير الرئيس" ثم "محاكمة الرئيس" وفي ليبيا صار النداء "الشعب يريد إسقاط العقيد" وشاهدنا للثورة ملامح عربية في اليمن وسلطنة عمان والبحرين.. كل دولة بالتأكيد كانت لها خصوصيتها إلا أنه ولا شك هناك وشائج قربي بين كل الثورات العربية.
الغريب في الأمر هو ما حدث في التليفزيون أن البعض يحيل الثورة هذا الفعل العظيم إلي قرار صغير من أجل مصالح تبدو مرحلية تغيب عنها الرؤية الاستراتيجية.. مصالح ينظر خلالها أصحابها تحت أقدامهم فقط!!
قرر اللواء "طارق المهدي" تقليص عدد المسلسلات التي تنتجها الدولة مع تخفيض الميزانيات، وهذا القرار في هذا التوقيت تحديداً لا غبار عليه.. وكان بعض المخرجين والنجوم قد تعاقدوا علي أعمال فنية ثم توقف إنتاجها بسبب قرار تكثيف العدد ومن الممكن أن نتفهم هذا القرار الصادر في ظل تقليص الميزانيات إلا أن القادم هو الأسوأ وذلك عندما اكتشف العاملون في "ماسبيرو" أن المسلسلين اللذين بات مؤكداً إنتاجهما هما "أهل الهوي" الذي يتناول حياة شاعرنا الكبير"بيرم التونسي" المسلسل كتبه الكاتب الكبير "محفوظ عبد الرحمن" وكان مرشحاً لإخراجه المخرج الأردني "عباس أرناؤط" ولبطولته النجم السوري "تيم حسن"، كما أن مسلسل "شجرة الدر" الذي كتبه "يسري الجندي" رشح لإخراجه الأردني أيضاً "محمد عزيزية" ورشحت لبطولته السورية «سلاف فواخرجي»، هذان هما المسلسلان اللذان بات من المؤكد إنتاجهما.. علي الفور نشطت كل المشاعر العدائية لدي البعض تجاه كل ما هو غير مصري ومع الأسف هذه المشاعر عبرت عن نفسها ووجدت آذاناً صاغية ومناخاً محتقناً يسمح بذلك واستمعنا إلي كلمات من نوعية "اللي يعوزه البيت يحرم علي الجامع" و "جحا أولي بلحم طوره" وأنه عندما تتوفر أعمال فنية أخري سوف تمنح الفرصة للعرب ولكن أولاً يحصل الفنان المصري علي حقه، وهكذا رجعنا للمربع رقم واحد في التعامل مع الفنان العربي الذي كان قبل انتشار الفضائيات ينظر إليه باعتباره إضافة من الممكن الاستغناء عنها أما بعد انتشار القنوات الفضائية والتي أصبح عددها يتجاوز 700 قناة ناطقة بالعربية أفرز هذا العدد قانوناً آخر في التعامل مع الأعمال الفنية الدرامية!!
المؤكد أن من أقنع اللواء المسئول عن تسيير أعمال "ماسبيرو" بهذا الإجراء التعسفي ضد كل ما هو عربي ليست لديه رؤية لا أقول سياسية ولكن بالدرجة الأولي اقتصادية لأن اشتراك الفنان العربي في المسلسلات المصرية لا يخضع كما يروج البعض لتوجه مصري باحتواء العرب ولهذا وطبقاً لهذا الشرط إذا كانت الأعمال الفنية متوفرة فلا بأس في هذه الحالة من مشاركة الفنان العربي ولكن عندما تضيق الفرص فسحقاً للفنان العربي.. الحقيقة أن ما يفرض تواجد الفنان العربي هو بالدرجة الأولي قانون اقتصادي له علاقة بالتسويق في مختلف الفضائيات.. ولكننا عدنا إلي نفس المنطق الذي تفجر في مصر عام 2008 وتحديداً مساء 5 أبريل عندما أعلن نقيب الممثلين السابق "أشرف زكي" في مقر نادي نقابة الممثلين أنه لن يسمح للفنان العربي إلا بتقديم عمل فني واحد ويومها توقع العديد من الفنانين والفنيين الذين ليست أمامهم فرصاً للعمل في مصر أن هذا القرار سوف يعيدهم للاستديوهات وهو بالطبع ما لم يتحقق!!
والحقيقة أن هناك أعراض غضب أعلنت عن نفسها وأدت إلي إصدار هذا القرار قبل أكثر من عامين بدأت بعد النجاح الطاغي الذي حققه الفنان السوري "جمال سليمان" في مسلسل "حدائق الشيطان" ومن بعدها كثر تواجد الفنانين السوريين في الدراما المصرية وفي محاولة لامتصاص الغضب أصدر "أشرف زكي" هذا القرار ثم تراجع عنه بعد ذلك مؤكداً أنه لم يكن يقصد، وقلت يومها بعد إصدار هذا القرار بساعات قليلة علي الهواء في البرنامج المصري الشهير "البيت بيتك" قبل أن يصبح اسمه "مصر النهارده" إن هذا القرار يحمل بداخله أسباب موته وهو ما حدث بعد بضعة أشهر وكان بعض الفنانين طمعاً في تحقيق تواجد فني قد رحبوا بهذا القرار ودافعوا عنه ونسي هؤلاء أن الاستعانة بالفنان العربي ممثلاً أو مخرجاً أو موسيقياً ليست لها علاقة برغبة إنتاجية ولكنها صارت بمثابة ضرورة اقتصادية يفرضها الواقع بعد انتشار الفضائيات.. لقد أصبح تسويق المسلسل عبر الفضاء وليس من خلال القنوات الأرضية كما كان يحدث قبل 10سنوات، ولهذا فإن العمل الفني لم يعد يحمل جنسية إبداعية محددة مصري أو سوري أو تونسي.. مثلاً تجد في العمل الفني عناصر من كل العالم العربي بغرض الحصول علي أفضل توليفة إبداعية وأيضاً تسويقية.. الغريب أن أكثر مخرج مصري تعرض للهجوم بسبب استعانته بفنان عربي كان هو المخرج "إسماعيل عبدالحافظ" هاجمه أكثر من فنان مصري وقالوا كيف يسند دور الصعيدي "مندور أبو الدهب" إلي الممثل السوري "جمال سليمان" وكان "عبد الحافظ" يدافع عن نفسه، مؤكداً أن الإبداع لا يعرف جنسية والغريب أن "عبد الحافظ" هو الذي سعي أن يحل مكان المخرج الأردني "عباس أرناؤط" في مسلسل "بيرم التونسي" وأغلب الظن أنه أمام تلك النغمة المصرية التي شاهدناها مع الأسف وهي تعلو بعد ثورة يناير في جنبات "ماسبيرو" الأكيد أننا في هذه الحالة سوف نستمع إلي أصوات تدعو لاستبدال الفنان السوري "تيم حسن" بفنان مصري تبعاً لنفس الحجة وهي حكاية جحا ولحم طوره، بالطبع من حق المخرج الجديد ألا يتقيد بترشيحات من سبقه من المخرجين لأن لكل مخرج رؤية إبداعية ولكن أتمني ألا يسود الإحساس المصري في الاختيار أي أننا نرشح الفنان المصري لمجرد كونه مصرياً ولكن نرشحه لأنه الأفضل فنياً هو الأولي بعيداً عن الجنسية!!
الكل أراه الآن ينظر تحت قدميه فما الذي سوف يحدث إذا أغلقت مصر الأبواب أمام الفنانين العرب سوف ندفع نحن الثمن لا محالة.. أتفهم بالطبع في ظل ظرف اقتصادي غير ملائم أن يخفض الفنانون من أجورهم ولكن هذا يسري علي المصري والسوري واللبناني والخليجي.. وهكذا مثلاً أعجبتني "سلاف فواخرجي" عندما سارعت بالتأكيد علي ترحيبها بتخفيض أجرها في مسلسل "شجرة الدر" الذي رشحت لبطولته قبل نحو شهرين عندما كان المخرج المنوط به تقديم العمل هو الأردني "محمد عزيزية" قبل أن يسند الإخراج إلي "مجدي أبو عميرة" قالت "سلاف" إنها تقدر بالطبع الظرف الاقتصادي الذي يعيشه "ماسبيرو" ولهذا لن تتناقش في أجرها السابق الذي تعاقدت عليه قبل الثورة وسوف تقبل بالأجر الذي تحدده جهة الإنتاج وبالتأكيد علي المخرج الجديد ألا يضع شرط الجنسية المصرية في الاختيار!!
أتمني أن تخرج الدراما المصرية من هذا النفق المظلم الذي كنا قد عبرناه قبل عامين.. مصر والثورة المصرية التي فجرها شباب 25 يناير كانت ثورة عربية أيضاً وعلي كبار الفنانين أن يتجاوزوا مصالحهم الصغيرة بعد أن سقطت تلك النعرات الإقليمية في الفن لأنك إذا منعت الممثل السوري والمخرج الأردني فهل تمنع المطرب العربي من إقامة الحفلات علي أرض مصر بمنطق جحا وطوره.. الأمر يحتاج إلي رؤية أكثر عمقاً.. ثورة يناير لا يمكن أن نعتبرها عدواً للفنان العربي!!.
التخبط يبدو أنه صار سيد الموقف في "ماسبيرو".. المظاهرات تطالب بعودة اللواء الحاكم العسكري إلي المبني بعد أن فشل الحكم المدني في توجيه دفة الإعلام إلي الانحياز للمشاهد.. "سامي الشريف" غير قادر علي احتواء الغضب ولا علي استيعاب دور الإعلام.. القيادات السابقة لا تزال هي التي تصدر الأوامر هذه القيادات التي لعبت دورها في تضليل المشاهد طوال الزمن الماضي.. الشاشة تتراجع وليس من مصلحة أحد أن يعتقد أن ثمن الحرية هو فقدان المصداقية!!
************
«جابر» و «تامر» المثقف والفنان في الحظيرة!
لا وجه شبه بين "د.جابر عصفور" و"تامر حسني" سوي أن الاسمين "جابر" و"تامر" علي نفس الوزن " فاعل" ما دون ذلك يبدو أن الفارق بينهما شاسع في كل شيء .. "جابر" رأسماله في عقله "تامر" رأسماله في صوته.. "تامر" في لحظات يكسب الملايين "جابر" يكد ويكدح زناد فكره حتي يحصل علي بضع مئات من الجنيهات مقابل مقال ينشره في جريدة عربية.. "د.جابر" أحد كبار المثقفين في الوطن العربي "تامر" أطلق عليه معجبوه لقب "الملك".. لا توجد مثل هذه الألقاب في الوسط الثقافي.. ورغم ذلك فإن للأقدار رأيا آخر صار ما يجمع "جابر" و"تامر" أكثر مما يفرق بينهما الاثنان راهنا علي "مبارك" حتي اللحظات الأخيرة والاثنان تخليا عن "مبارك" أيضاً في اللحظات الأخيرة.. "تامر" دافع عن "مبارك" في التليفزيون المصري وأعد له أغنية تعبر عن حبه وتوقيره في عز الغضبة الجماهيرية ضد "مبارك" التي عاشها المصريون ثم بعد أن تأكد من سقوط "مبارك" انضم إلي شباب التحرير وقدم لهم ولثورتهم أكثر من أغنية وعاقبوه بالطرد من الميدان ورد عليهم بالبكاء.. "جابر" أيضاً حلف اليمين كوزير ثقافة أمام "حسني مبارك" في آخر محاولة له - أقصد مبارك - لإنقاذ نفسه.. واختيار "مبارك" لجابر تحديداً في آخر وزارة شكلها يؤكد علي أن "مبارك" أراد أن تواصل الوزارة دورها في استقطاب المثقفين لحظيرة الدولة وهي المهمة التي ظل "جابر" يؤديها بإخلاص للنظام علي مدي 20 عاماً ثم عندما تأكد "جابر" من غرق سفينة "مبارك" استقال من الوزارة ثم تشعبط علي الفور في قطار الثورة.. أيضاً الاثنان لم يكتفيا برئيس البلد، بل تطلعا إلي أقرب بلد ترتبط جغرافياً بمصر وهي ليبيا وارتبطا بالقذافي خاصة في العام الأخير من حكمه وكأن القدر يجمعهما مرة أخري علي حب رئيس مرفوض من شعبه.. "جابر" حصل علي جائزة "القذافي" التي تصل إلي 150 ألف يورو رغم أن عدداً كبيراً من المثقفين العرب وجدوا في الجائزة محاولة لإضفاء قيمة أدبية علي اسم زعيم دولة يذل أعناق شعبه وكان قد سبق وأن رفض الجائزة أكثر من أديب لأنهم رفضوا أن يصبحوا أداة لتجميل وجه الديكتاتور.. "د.جابر" ذهب إلي طرابلس مثل العريس وكان معه عدد كبير من المثقفين المصريين اصطحبوه إلي هناك وكأنهم يقولون للقذافي نحن ننتظر 150 ألف يورو العام القادم ثم بعد أن صار "معمر" هو الرئيس العربي الثالث المعرض للسقوط بعد "بن علي" و "مبارك" أعلن "جابر" أنه يتنازل عن جائزة "القذافي" ولا أدري هل التنازل خاص فقط بالقيمة المادية للجائزة أم الأدبية فقط لأن "جابر عصفور" لا يمكن أن يرحب بقبول جائزة تحمل اسم "القذافي" إلا إذا كانت القيمة المادية لا تقاوم.. قال "جابر" إنه أمام هذا التعامل الوحشي الذي مارسه "معمر" مع شعبه فإنه لن يقبل أن يحمل جائزة تحمل اسم هذا السفاح وكأن "جابر" اكتشف فقط قبل أسبوعين أن "القذافي" هو السفاح الذي يغتال شعبه!!
"تامر" كان قبل أقل من عام قد جمعه أكثر من لقاء مع "القذافي" وغني له أكثر من مرة وتقاضي بالتأكيد ثمن نفاقه وفي "النت" بدأوا في نشر صوره مع "القذافي" فقال إنه لم يكن قبل هذه الأحداث يدرك أن هذا النظام يحمل كل هذا الظلم لشعبه.. الحقيقة هي أن كلا من "جابر" و"تامر" برغم كل الاختلافات بينهما إلا أنهما في نهاية الأمر يجمعهما نفس التوجه الذي أصاب قطاعا وافراً من القوي الناعمة في العالم العربي، الاثنان خضعا للحاكم وانتظرا، أيضاً مكافأة النظام.. كان "د. جابر" هو أعلي الأصوات وأقسي الأقلام التي تدافع عن النظام وتهاجم كل أديب يرفض الدخول إلي حظيرة "فاروق حسني" ولهذا كان هو الرجل الثاني مباشرة الذي اتجه إليه النظام بعد استبعاد "فاروق حسني" عن وزارة الثقافة.. "تامر" خرج من السجن بعد أن أمضي فترة العقوبة لهروبه من أداء الخدمة العسكرية واتجه مباشرة لإحياء حفل وطني بحضور الرئيس السابق "حسني مبارك".. كل منهما لم يتجاوز طموحه الشخصي سوي الحفاظ علي نجاحه والرغبة في المزيد وكل منهما ولا شك صاحب موهبة.. الاثنان انطلقا خارج الحدود من "مبارك" إلي "القذافي" من أجل الحصول علي أي مكاسب مادية لا يهم من يمنح الأهم أنه يمنح!!
نعم لا وجه للمقارنة بين "جابر" و"تامر" لا مقارنة بين الفكر والصوت بين القلم والحنجرة، ولكن ما يجمعهما هو أن كلا منهما يحيل الحماية الرئاسية إلي منفعة مادية ثم إن كلا منهما تسمعه وتشاهده بعد ذلك وهو يراهن علي الجماهير مهاجماً الحكام.. كل منهما يغني للحاكم في لحظات زهوه وانتصاره ثم يغني للجماهير ويلعن الحاكم بعد أن يوقن من هزيمته!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.