المناطق الصناعية بالمحافظات قد تبدو وهما في بعضها وقد تنشط في البعض الآخر إلا أن ما يجمع بينها هو عدم اكتراث السلطة المركزية بمشكلاتها علي الرغم مما يمكن أن توفره من فرص عمل واعدة وما يمكن أن تحققه في الناتج الإجمالي للدولة. وعلي الرغم من وجود الأراضي المخصصة لهذا الغرض في المحافظات كافة ومن وجود رأس المال المحلي المتحفز للاستثمار في هذه الأراضي إلا أنها تصطدم عادة بمعوقات البيروقراطية تارة وسوء التخطيط تارة أخري إضافة إلي ممارسات العمالة التي رأت في فوضي الشهور الأخيرة أرضا خصبة للهرج والمرج. الخسائر أصبحت تطارد المستثمر المحلي والتردد أصبح سمة المستثمر الأجنبي والدولة استسلمت لموقف المتفرج والمواطن في النهاية يدفع الثمن كما أن معاناة الاقتصاد ككل تتفاقم يوما بعد يوم دون إجراءات حقيقية تنهض بهذا القطاع الذي كان يجب أن تمتد إليه يد الإنقاذ. مراسلو الأهرام في المحافظات رصدوا الوضع علي الطبيعة في تلك المناطق وسجلوا من خلال ملاحظاتهم وآراء القائمين علي أمر هذه التجمعات المشكلات والمعوقات التي لا حصر لها ولا تتطلب أكثر من وضعها علي خريطة الاهتمام مع بداية عصر جديد تعيشه مصر أزمات ومشكلات ومعاناة وصراعات تحاصر مدينة برج العرب الصناعية بمدينة الإسكندرية.. فمنذ إنشائها مطلع الثمانينيات كانت تهدف تلك المدينة إلي أن تكون إحدي القلاع الصناعية الحديثة.. التي تحقق أهداف الصناعة المأمولة في مصر.. وكرست الدولة كل الإمكانات.. لإيجاد مجتمعات صناعية متكاملة.. وخططت لتشييد ما يقرب من خمسة آلاف مصنع في تلك المنطقة الواعدة بقدرة600 ألف عامل وذلك في عام2000 إلا أن أحلام الدولة تقلصت ووصل عدد المصانع إلي1680 مصنعا بطاقة بشرية وصلت إلي75 ألف نسمة.. إلا أن المعوقات فرضت نفسها.. وأطلت برأسها وتم غلق ما يقرب من350 مصنعا بالمنطقة.. لتعمل باقي المصانع وتصل إلي850 مصنعا ينتج في مختلف المجالات الصناعية وتم توفيق أوضاعها القانونية والباقي يعمل برخص صناعية مؤقتة ومهدد بالغلق. الأهرام بحثت عن أسباب الأزمات التي تعاني منها منطقة برج العرب الصناعية والتقت بالمهندس هاني المنشاوي رئيس اتحادات الصناعة الصغيرة والمتوسطة فقال لدينا العديد من المشكلات التي تحاصر المدينة أهمها سوء التخطيط الذي تعانيه منذ سنوات.. والعشوائية في الفكر والسياسات المتغيرة لدي المسئولين عن إدارة تلك المنظومة.. فالمنطقة واعدة بالفعل إذا ما تكاتفت الأيدي وزالت المعوقات وأولها تلاشي الرغبة بين العاملين لتقديم المزيد من الإنتاج.. فاتجهوا إلي المظاهرات الفئوية التي عطلت حركة الإنتاج وزادت الأمر سوءا مما اضطر أصحاب الكثير من المصانع إلي غلق منشآتهم لتقليل الخسائر وتسريح العمالة التي فرضت حالة من الانكماش بعد أن توارت العمالة المدربة وظهور العمالة العشوائية التي أثرت سلبا علي سير العمل. الأمر الثاني هو وجود واضح لسلبية وضبابية من قبل المسئولين تجاه تناول أزمات المناطق الصناعية وتضارب القرارات المنظمة لتلك المنطقة بالذات فضلا عن معاناتنا من قرارات سابقة فاسدة يجب أن نعيد صياغتها خاصة فيما يتعلق بالتراخيص فنحن نواجه مافيا بالمعني الحقيقي للكلمة.. فنجد عند الحصول علي هذه التراخيص أننا نمر بما يقرب من22 موافقة حكومية معظمها ينال من وقتنا وأموالنا. وتساءل المنشاوي لماذا لا يتم دمج تلك الموافقات في خمس أو ست نقاط فقط, فضلا عن مشكلات شراء الأراضي الصناعية سواء من الأفراد أو الدولة, فالأمر يستدعي وقفة حازمة تنظم تلك الأمور وترحم رجال الصناعة من الهروب في إقامة مشروعات تدفع عجلة التنمية إلي الأمام. أما المهندس أمير واصف أحد رجال الصناعة ببرج العرب وعضو مجلس أمناء المدينة السابق فيقول هناك تدهور كبير في أحوال الصناعة ببرج العرب وهناك العديد من المصانع توقفت تماما عن الإنتاج وزادت الخسائر التي يتعرض لها أصحابها, فالأخطاء كبيرة ومتعمدة من قبل المسئولين من جهة ومن أصحاب المصانع من جهة أخري, لذلك يجب أن يجلس الجميع معا لوضع آلية جديدة بفكر جديد للوقوف علي جميع المعوقات, ويجب علي المسئولين المرونة في التعامل حتي لا تزيد الخسائر وتتفاقم والنتيجة توقف عجلة الإنتاج وزيادة البطالة. وشدد أمير واصف علي إعادة النظر في أسعار الطاقة التي أرهقت المصنعين وأخرتهم عن تقديم إنتاج تنافسي قوي بالمنطقة العربية بالذات, كما يجب إعادة فتح ملف العمالة وتأمينها وإيجاد مجتمعات مستقرة وغير متنقلة, وذلك لن يتأتي إلا ببناء مجتمعات عمرانية جديدة من قبل الدولة ضمانا لعدم استغلال رجال الأعمال للأراضي في غير محلها وإيجاد سوق أراضي سوداء لتجار الأراضي بالمنطقة, أما المهندس محمد الأحمدي أحد رجال الصناعة ببرج العرب فيقول: إن هيئات كبيرة بعينها هربت من المنطقة الصناعية من ويل ما وجدوه من معوقات فتكلفة مصنع أستطيع أن أقوم بإنشائه في دولة أخري مجاورة بربع الثمن, متسائلا ما الذي يدفعني أنا كمستثمر خارجي أن أجازف بفتح مصنع في مصر.. لذا أقولها بصراحة ما تم الإعلان عنه من قبل المسئولين من تسهيلات للصناعة وهم كبير وما تم الإعلان عنه أيضا من قبل بعض الدول في إنشاء مناطق صناعية كبيرة ببرج العرب كقطر وتركيا وهم كبير أيضا.