نتمسك بمحاكمة قتلة الشهداء ورؤوس الفساد, ولا يمكن لأي مصر, عاقل أن يفرط في هذا الحق, ولكن المصري الفطن هو الذي يعي جيدا انه بنفس قدر تمسكه بحقه في القصاص من كل قاتل وناهب ومفسد لهذا البلد, فعليه أن يبدأ فورا في العمل من أجل مصر, وألا يعطل مصالحها أكثر من ذلك, ويكون بذلك قد وجه أكبر صفعة علي وجوه النظام السابق وفلوله. فكفانا ما عانته مصر قرابة الثلاثين عاما من عجز كلي وتوقف كامل عن الدوران في شتي مناحي الحياة, وهو ما أدي الي هبوط حاد في سعر الانسان المصري ذاته داخل بلده ناهيك عن وزنه وتسعيرته في الخارج الذي مازال يدفع ثمنها حتي يومنا هذا! أتوقف هنا لأسأل ثوار مصر الشرفاء,الذين لولاهم لما استنشقت بلادي لأول مرة هواء صحيا نظيفا خاليا من الملوثات والشوائب: ألم يأن الأوان لنتكاتف ونبني مصر سويا؟ ألم يأن الأوان لنفكر ونصمم شيئا نصدره للعالم أو نزرع أرضا علها تغنينا عن سؤال اللئيم؟ وهل يتعارض العمل وبناء مصر مع سير المحاكمات حتي يقول القضاء كلمته؟ وهل يعقل ياشعب مصر أن نعلق مصالحنا وأعمالنا وحياتنا بالكامل الي ان يسدل الستار عن أكبر قضية ثأر عرفها التاريخ أو محاكمة القرن اذا صح التعبير, من رئيس مصر المخلوع الذي يواجه تهما جسيمة بقتل المتظاهرين والاستيلاء علي ثروات ومقدرات أمة؟ ولكن من خلال كل ما رأيته وعاصرته في الفترة الماضية, ومازلنا نعيشه كل يوم, فإن الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والاضرابات الفئوية وغير الفئوية والبلطجة متعددة الأشكال, أصبحت هي العمل الوحيد الآن الذي بات يتقنه عدد لا بأس به من الشعب المصري! مشاهد غاية في الأنانية ما كنت أحب أن تحدث في مصر بعد25 يناير وفي هذا التوقيت تحديدا والبلد لم تضمد جراحه الاقتصادية والنفسية بعد. كنت أتمني أن تقدم الحركات السياسية خريطة حقيقية لبناء مصر أو حتي آلية محددة لتنفيذ مطالبها, فما أشد احتياجنا مثلا في الوقت الحالي لاستحداث مشاريع حيوية تخدم البلد من ناحية, وتوفر فرص عمل لخريجي الجامعات وأصحاب التخصصات المهمة قبل أن تفتك بهم البطالة وتقضي علي ما تبقي من أحلامهم. المزيد من مقالات جيلان الجمل