حوار غادة قنديل: ذكريات كثيرة وخواطر تثيرها مناسبة الاحتفال بنصر أكتوبر في وجدان الشعب المصري عموما وأبطال النصر خصوصا بما فيها من آلام لفقد عزيز وفرحة لاستعادة الكرامة. تلك الذكريات نعيشها مع نسر من نسور القوات الجوية في حرب 73 قام بنحو 48 طلعة جوية خلال حرب أكتوبر واشتبك مع طائرات العدو7 مرات أسقط خلالها طائرتي فانتوم واستحق أن ينال أعلي وسام عسكري نجمة الشرف. انه اللواء نصر موسي والمولود بالمدينة الباسلة شاهدة البطولة السويس عام 1949 { بداية: ما سر ارتباط مدينة السويس بالبطولات؟ قال: السويس بحكم موقعها علي القناة كانت عرضة للكثير من الأحداث والحروب وقد مر أبناؤها بالعديد من الحروب بدءا من حرب 48 وحتي حرب 73 فقد اعتاد أهلها علي أصوات المدافع والطائرات وهو ما جعلهم شعبا لا يخاف الموت ولا يهابه, وكثير من المدنيين اشترك في المقاومة الشعبية للحفاظ علي مدينة السويس خلال حرب 56 هذا كله جعل فيهم جسارة واقداما وعدم الخوف وهذا بالضبط ما حدث خلال ثورة 25 يناير. فعندما بلغ ا.لاهمال بشعب السويس مداه خلال السنوات الماضية خرج السوايسة عن بكرة أبيهم للمطالبة باسقاط النظام وتبعهم بعد ذلك أفراد الشعب المصري في كل الميادين حتي سقط النظام. {هل كنت وزملاؤك في القوات الجوية علي علم بموعد قيام الحرب؟ أذكر أحداث هذا اليوم كما لو كانت بالأمس فقد أبلغنا العقيد طيار أحمد نصر قائد اللواء الجوي 104 مساء الخامس من أكتوبر خلال اجتماعه معنا أن غدا السادس من أكتوبر هو موعد الحرب ولكن لم يبلغنا بساعة التنفيذ وقد طلب منا ضرورة النوم مبكرا لأخذ قسط وافر من الراحة ولكن هيهات فالنوم خاصم جفوني في هذا اليوم ولم أخلد إلي النوم إلا في الثالثة صباحا بسبب الفرح فها هي اللحظة التي انتظرتها في شوق أنا وزملائي للأخذ بالثأر واعادة الكرامة للشعب المصري الذي عاش في حزن وكدر علي مدار ست سنوات. {بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل.. قال القذافي أن السادات حصل من ليبيا علي 220 طائرة بغرض التدريب ولكن استخدمها في الحرب.. فما هي صحة هذا الكلام؟ هذا الكلام لا يمت للحقيقة بصلة, فالطائرات التي اشتركت في الحرب كانت من أنواع ميراج 17, ميراج 21 والسوخوي وتلك الأنواع لم تكن موجودة بليبيا ولكن الذي حدث أن الرئيس السادات طلب من القذافي سرب طائرات الفانتوم لتدريب الطيارين المصريين عليها في طنطا ولكن حدث بها بعض المشاكل ولم تشارك في الحرب وعند توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل طلب القذافي ضرورة ارجاع الطائرات مرة أخري أي أن تلك الطائرات بغرض التدريب لا الحرب. {الساعة0041 هي موعد الضربة الجوية الأولي والتي كانت مفتاح النصر في حرب أكتوبر.. ما هي طبيعة المهام التي قمت بها في تلك الضربة؟ في صباح السادس من أكتوبر تم توزيع المهام علي طياري السرب ولم يكن التشكيل الذي أقوده ضمن طائرات الضربة الأولي ولكننا كنا في حالة استعداد لحين صدور أوامر بالاشتباك مع العدو إذا حاول الاختراق وكان من مهام التشكيل الذي أقوده علي مدار يوم الحرب عمل مظلات جوية بالجبهة كحماية لمناطق عودة طائرات الضرب الجوي وكانت نتيجة الضربة الجوية الأولي قد وصلتنا وأن نسبة نجاحها تعددت ال59% وقد انعكس هذا النجاح والحماس علي الفنيين ممن يعملون علي الطائرات وقد حطم هؤلاء الفنيون الزمن اللازم لاعادة تزويد الطائرات بالذخيرة والوقود إلي مستويات غير مسبوقة وكانوا يحملون الصواريخ التي تركب علي الطائرات بأيديهم دون الانتظار للرافعة الميكانيكية المخصصة لذلك. {كان مقررا ضمن خطة الحرب قيام القوات الجوية بضربتين جويتين ولكن بعد قيام المعركة لم ينفذ سوي ضربة واحدة فما هي الأسباب التي أدت لإلغاء الضربة الثانية؟ لأن الضربة الجوية الأولي نفذت 95 % من المهام الموكلة لها علي أرض المعركة وحققت نجاحا منقطع النظير, فقد تم من خلال تلك الضربة ضرب الجيش الأسرائيلي ب220 وتدمير القواعد العسكرية الأسرائيلية في العريش ورأس محمد والمليز وجميع النقاط الحصينة ومواقع الصواريخ الهوك, وهي مركز الدفاع الأسرائيلي والقوات المتحركة في سيناء ومراكز القيادة والسيطرة بأم خشيب ومركز التشويش بأم مرجم وكانت خسائر تلك الضربة لا تتعدي1,5% وكانت عبارة عن استشهاد4 طيارين ومن ضمنهم الطيار عاطف السادات الشقيق الأصغر للرئيس السادات وكذلك تحطم4 طائرات وهذه النسبة لا تمثل عددا لأنه من المتعارف عليه أن أي ضربة جوية في العالم لابد أن تكون خسائرها ما بين30% و50% ولكن أن تحقق تلك الضربة أهدافها وبخسائر طفيفة, فهذا انجاز كبير عظيم وكبير دفع الرئيس السادات بعدها الي اتخاذ قرار بإلغاء الضربة الثانية حفاظا علي سلامة وأرواح الطيارين. تحتفل القوات الجوية في الرابع عشر من أكتوبر بعيدها فما أسباب اختيار هذا اليوم بالتحديد؟ وهذا اليوم يوافق ذكري معركة المنصورة الجوية تلك المعركة التي سطرت مجدا جديدا يضاف لإنجازات القوات الجوية خلال حرب37 كما أنها أظهرت البطولات والقدرات الحقيقية للطيارين المصريين. ففي يوم41 أكتوبر37 وفي الساعة الثانية عصرا حدث هجوم عنيف من القوات الجوية الأسرائيلية علي مطار المنصورة وصدرت الأوامر بالأقلاع الفوري والتصدي للهجمات المغيرة. وكانت إشارة البداية عبارة عن إطلاق ثلاث طلقات حمراء( الخرطوش الحمراء الواحدة تعني أقلاع4 طائرات فورا وفي أقل من3 دقائق تم اقلاع21 طائرة دفعة واحدة بعدها توالي اقلاع العديد من الطائرات من اللواء 104 بالمنصورة وتعزيزات من اللواء 203بقاعدة أبو حماد واللواء 102 بأنشاص أي حوالي 60 طائرة من الثلاثة ألوية. وأشترك من الجانب الأسرائيلي ما يزيد علي مائة طائرة مقاتلة وقاذفة وهذا الحشد من الطائرات لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية وكان المنظر لا يتخيله عقل فطائرات العدو وطائراتنا قد ظهرت كالنجوم في السماء. وقد استمرت تلك المعركة نحو53 دقيقة منها 30 دقيقة إشتباكات وقد كسرت تلك المعركة جميع القواعد القتالية في المعارك الجوية فمن المتعارف عليه في المعارك الجوية أن الطيار ينفذ طلعة جوية واحدة ثم يقلع بعد 15 دقيقة تكون خلالها الطائرة قد جهزت مرة أخري بالوقود والأسلحة ولكن في هذه المعركة كان الطيار يهبط لإعادة التسليح والتموين ثم يقلع في فترة زمنية لا تتجاوز ال7 دقائق... كما أنه ومن الشائع في المعارك الجوية أن اقصر زمن للإقلاع يكون في حدود3 دقائق أما في معركة المنصورة فكان الطيارون يقلعون في أزمنه لا تتجاوز الدقيقة والنصف وفي النهاية كان النصر للقوات الجوية المصرية بفضل كفاءة الطيارين المصريين والجنود والفنيين الذين قاموا بإعادة تسليح وتموين الطائرات الوقود في زمن قياسي.