الصرف الصحي لم يعد صحيا ونهر النيل لم يعد خالدا وغذاء الإنسان لم يعد كذلك, جميعها تغييرات نتداولها يوميا, وأصبحت جزءا من حياتنا دون وقفة حقيقية لنتدارك الموقف, فالمبيدات الفاسدة والأسمدة منتهية الصلاحية والتقاوي المضروبة يبدو أنها ليس كافية لإنقاذ الوضع الذي تدهورت معه الصحة العامة ليست فقط بل والبيئة أيضا فمن محافظات بحري إلي مراكز وقري قبلي وحتي مدن القناة الأزمة واحدة تحت عنوان الصرف السلبي وهو الهدف الصناعي والزراعي والصحي, فجميعه يصب في الإضرار بصحة الإنسان الذي أصبح يعاني العديد من الأمراض الخبيثة في ظل نظام علاجي عقيم لا يرقي أبدا إلي التعامل مع مثل هذه الأمراض وفي ظل لا مبالاة من الجهات المختصة التي كان يجب عليها التعامل مع الحدث قبل وقوعه. هي إذن صرخة من محافظات مصر المختلفة يسجلها علي الطبيعة مراسلو الأهرام بهذه المحافظات لعلها تجد آذانا صاغية في ظل المستجدات التي تشهدها مصر حاليا. المنيا: 60 ألف متر مكعب صرفا صحيا تصب في النيل يوميا المنيا من حجاج الحسيني: مع صباح كل يوم تتجدد جريمة إلقاء60 ألف متر مكعب من محطة مياه الصرف الصحي بقرية تلة التابعة لمركز المنيا في مصرف المحيط الذي يلقي بهذه المخلفات في مجري نهر النيل عند قرية إطسا بمركز سمالوط, ولا يستطيع أحد من المسئولين وقف هذه الجريمة, لأن توقف المحطة عن العمل يعني غرق مدينة المنيا بالكامل في مياه الصرف الصحي. ورغم تعدد الاجتماعات لإيجاد حلول بديلة لمنع إلقاء مياه محطة الصرف الصحي غير المعالج- في مصرف المحيط ومن ثم مجري النيل إلا أن محصلة هذه الاجتماعات صفر لأن محطة الصرف الصحي البديلة التي تنفذها الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي في الظهير الصحراوي الغربي لمركز المنيا علي مساحة400 فدان والتي تصل طاقتها إلي90 ألف متر مكعب/ يوم في المرحلة الأولي ترتفع إلي120 ألف متر مكعب/ يوم في المرحلة الثانية تحتاج إلي اعتمادات مالية للانتهاء منها, وطبقا لتصريحات المسئولين بأن المحطة البديلة لن يتم الانتهاء منها قبل نهاية العام القادم2102 أي أن الكارثة سوف تستمر لأكثر من عام آخر إذا صدقت تصريحات المسئولين. ورغم تعدد الجهات التي تقوم بالإشراف علي نهر النيل من جهاز حماية النيل إلي إدارة الصرف وإدارة حماية البيئة إلا أن جميع هذه الجهات اكتفت فقط بتحرير محاضر علي الورق ضد محطة الصرف الصحي بمدينة المنيا, المهندس رضوان فتحي خليفة رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بشركة المنيا لمياه الشرب والصرف الصحي يقول: إن المحافظة يوجد بها11 محطة معالجة,4 محطات فيها تصرف علي مصرف المحيط مباشرة و6 محطات تصرف علي مصارف فرعية ومحطة واحدة تصرف علي الظهير الصحراوي الشرقي بالمنياالجديدة, وأن جميع العينات الخاصة بمخلفات المحطات مطابقة عدا محطة صرف المنيا بطاقة40ألف متر مكعب تقوم بصرف60 ألف متر مكب- يوم وأن الحل لهذه المشكلة يتمثل في الانتهاء من تنفيذ محطة المعالجة الجديدة بالظهير الصحراوي الغربي وهذا المشروع متوقع أن يتم تشغيله في ديسمبر من العام القادم, أما بالنسبة لموقف الصرف الصحي في مدن وقري المحافظة( الكلام علي لسان رئيس شركة المنيا لمياه الشرب والصرف الصحي) فقد تم توصيل الصرف الصحي إلي جميع مراكز المحافظة عدا مركز سمالوط فقط وبلغت نسبة تنفيذ المشروع بهذا المركز90% ومن المنتظر تشغيل المشروع نهاية العام الحالي, أما القري فقد تم توصيل الخدمة إلي8 قري وجار حاليا توصيلها إلي4 قري أخري وتتم معالجة30 مليونا و923 ألف متر مكعب سنويا وأن سبب تراكم مشاكل الصرف الصحي في المحافظات يرجع إلي أن سياسة الدولة كانت تعطي الأولوية لمياه الشرب ثم الصرف الصحي في المرتبة الثانية. المهندس مصطفي إسماعيل مدير إدارة شئون البيئة بمحافظة المنيا يقول: الإدارة تقوم بعمل تنسيقي بين جهاز شئون البيئة والمحليات, حيث إن الإدارة تتبع جهاز شئون البيئة فنيا والمحليات إداريا وأن هناك عدة اجتماعات تم عقدها لحل مشكلة إلغاء مخلفات الصرف الصناعي من مصنع السكر بأبو قرقاص ومخلفات الصرف الصحي من محطة المنيا في مصرف المحيط الذي يلقي بكل مخلفاته في النيل عند قرية إطسا تبين من خلال الاجتماعات أن الحلول تحتاج إلي اعتمادات مالية. ويقول الدكتور حسن الفولي وكيل وزارة الزراعة بالمنيا إن مصرف المحيط مخصص لتجميع الصرف المغطي من الأراضي الزراعية للحفاظ علي جودة الأراضي الزراعية والقضاء علي ملوحة التربة وتطبيل التربة بسبب عدم صرف مياه الري ولكن ما يحدث من إلقاء مخلفات صرف صناعي أو صحي في هذا المصرف ظاهرة خطيرة, خاصةأن المصرف ينتهي عند مجري النيل ويلقي بجميع المخلفات فيه وأن مياه الصرف التي تتم معالجتها غير صالحة في أغراض الزراعة والاستثناء الوحيد هو استخدام المياه- المعالجة- في زراعة الغابات الشجرية. بورسعيد: مطلوب002 مليون جنيه لحل مشكلة الطفح بورسعيد من خضر خضير: حتي وقت قليل كانت محافظة بورسعيد مثلا يحتذي به في مشروعات الصرف الصحي وكانت المدينة من المدن الخالية من أي مشاكل طفح أو تلوث من المجاري والصرف الصحي, فهناك محطة الصرف الرئيسية بالمحافظة بطاقة300 ألف متر مكعب يوميا.. وهناك محطة أخري بطاقة150 ألف متر مكعب هي الأولي في تاريخ مدينة بورفؤاد بدأت العمل منذ عدة أشهر لتنتهي أزمة قرن من الزمان كانت تعتمد خلاله المدينة علي خزانات تحت الأرض. ولكن بدأت أزمة الصرف الصحي تطل برأسها وبعنف من منطقة جنوب بورسعيد.. حيث توجد منطقة مصانع الاستثمار والتوسعات في المشروعات السكنية والتي ضاقت بها سعة شبكات الصرف في المنطقة لتتحول إلي ما يشبه حمامات السباحة, فالشوارع غارقة في مياه الصرف وليس الصرف الصحي فقط ولكن الصرف الصناعي لمنطقة الاستثمار التي تغطي مياهها الزرقاء والخضراء منطقة جنوب شرق بورسعيد. مشكلة الطفح المستمر بدأت تؤثر بشكل خطير علي أساسات المساكن الموجودة بالمنطقة, وأمام كل هذه المظاهر الخطيرة كان لابد من الحركة السريعة لاحتواء هذه الأزمة, وهناك إشارات ومبادرات بدأت تخرج علي أرض الواقع لإنهاء الأزمة وبخلاف الصرف الصحي ومظاهره السيئة.. هناك الكارثة الأكبر وهي كارثة التلوث الرهيب في بحيرة المنزلة والتي تستقبل كافة أنواع الصرف الصحي والزراعي والصناعي, ويقول المهندس عادل الصياد مدير عام إدارة الصرف الصحي بالمحافظة إن تطور أزمة الصرف الصحي في الفترة الأخيرة يرجع إلي تهالك محطة الصرف82A والتي يتطلب وعلي وجه السرعة عملية إحلال وتجديد لها حيث تخدم أكبر أحياء المحافظة وهي حي الزهور وحي الضواحي إلي جانب الكثافة الجديدة عليها وهي9 آلاف وحدة سكنية جديدة تابعة للمشروع القومي للإسكان, إلي جانب أن هناك مشكلة أخري ظهرت جليا بعد إزالة مناطق سكنية كاملة تضم منطقة السلام سريع وناصر وعشوائية زرزارة حيث أزيلت فوق جميع مطابق الصرف الصحي الموجودة بها مما أدي إلي انسداد كافة الخطوط وكانت السبب الرئيسي في عملية الطفح المستمر والذي يتم علاجه بالمسكنات فقط عن طريق استخدام سيارات كسح مياه الصرف الباشبوري وما أن تنتهي عمليات الصرف إلا وتعود مرة أخري, وأشار إلي أن الحل هو إجراء تعديل لتلك الخطوط خارج هذه المنطقة والجاري حاليا إعدادها لبناء وحدات سكنية جديدة بالإضافة إلي ضرورة إنشاء محطة رفع جديدة بين أحياء الزهور والضواحي لتقريب المسافات وتقضي علي انحدار الشبكة علي طول5 كيلو ولكن سيتم انتظار الاعتمادات المالية العام المقبل حيث إنها لم تدرج في الخطة المالية هذا العام والتي تحتاج إلي ما يقرب من200 مليون جنيه لإنهاء كافة مشاكل إحلال وتجديد وإنشاء محطات بديلة. وهناك دراسة هامة تتعلق بهذه القضية أعدها الدكتور أحمد عبد العظيم استشاري الميكروبيولوجي بكلية العلوم بجامعة قناةالسويس والحاصل علي مراكز أولي في دورات علمية دولية. والتي فجر من خلالها مفاجآت من العيار الثقيل بدأ فيها الدكتور أحمد عبد العظيم كلامه بنصيحة لوجه الله تعالي بعدم تناول أسماك بحيرة المنزلة أو المزارع السمكية التي تستخدم مياه البحيرة- وكلها تستخدم مياه البحيرة- لأنها تتسبب في الإصابة بمرض الفشل الكلوي بسبب الصرف الصناعي لعشرات مصانع الكيماويات بمصر والصرف الزراعي والصرف الصحي لدرجة انهار فيها النظام البيئي بالبحيرة من شدة التلوث وأصبح غير قادرة علي إعادة توازنه من جديد و يحتاج إلي جهود بشرية ضخمة وتكلفة اقتصادية عالية حتي يعود النظام البيئي إلي ماكان عليه. قنا: الحياة تتوقف أمام بيارات العصور الوسطي قنا من أسامة الهواري: أمس واليوم في قنا ليس بينهما جديد في ملف الصرف الصحي, فما بين الأمس واليوم تغرق قنا في مشاكل الصرف الصحي, ففي ليلة عيد الفطر قضي أهالي منطقة مصنع المكرونة بقنا ليلتهم في نزح مياه الصرف التي أغرقت مساكنهم وبدلا من الاحتفال بالعيد هرعوا لحماية محلاتهم التجارية ومساكنهم من الغرق في مياه المجاري, صورة ترسم طبيعة المشهد ربما وتزيد عليه مأساة عاشها أهالي قرية الجيلاو بعدما أتلفت مياه الصرف مئات الأفدنة داخل قريتهم من أجود الأراضي. وربما يكون المشهد أشد سوءا في قلب مدينة قنا وتحديدا بمنطقة مساكن عثمان حيث أخرجتها مشاكل الصرف الصحي التي تهدد أكثر من200 عمارة سكنية من صفة المدنية أو تبعيتها بعدما حاصرت مياه الصرف الصحي أرجاء المنطقة ولم يستمع أي رئيس مدينة لأصوات ساكنيها ولتحقيق معانتهم التي حولت منطقة مساكن عثمان إلي بؤرة للخطر تحتاج إلي سرعة تحرك من قبل مسئولي مجلس مدينة قنا الجدد الذين أكدوا أن منطقة مساكن عثمان ستكون هي المشكلة الأولي بالحل بعد استشعارهم بحجم المشكلة هناك. وفي قري قنا حدث ولا حرج حيث يزداد الوضع سوءا ويحتاج إلي حلول عاجلة وبشكل فوري, وفي مركز الوقف من الواضح أن ساكني هذا المركز كان لهم نصيب وهو توقف الحياة عند العصور الوسطي وما قبل الوسطي فغياب الصرف في غالبية القري والاعتماد علي البيارات أيضا هو أسوأ ما يمكن أن يحدث في هذا القرن, وما بين ألم وأزمة يستغربها المواطنون هناك في محافظة قنا وانتظار للفرج في قري المحافظة تبدأ بصدارة المشهد في قرية العضاضية بأبو تشت كما يقول كمال همام أحد أبنائها إلي مركز دشنا حيث الأمس مثل اليوم, يبقي بريق الأمل في تعهد اللواء عادل لبيب محافظ قنا والذي قال للأهرام إنه تم رصد51 مليون جنيه من قبل الدولة لحل مشكلتي الصرف الصحي ومياه الشرب, وقال إنه حرص علي تحديد جدول زمني مع شركة مياه الشرب والصرف الصحي ينتهي بنهاية2012 لتنتهي أزمة الصرف الصحي. وذلك لاعتماد أكثر من07 بالمائة من تلك القري علي بيارات وطرنشات الصرف وهو ما يهدد بالتلوث والأوبئة, وفي الوقت الذي تغيب فيه سيارات الكسح لمدينة نجع حمادي عن الأنظار ليلا وفي مركز أبو تشت أيضا تذهب خلسة إلي مصرف بقرية العضاضية وقري أولاد نجم بين أبو تشت ونجع حمادي لتفريغ حمولتها من الصرف وسط الزراعات وداخل الترع ولا يبقي للمواطنين إلا الدعاء بالفرج من عند الله. وفي قلب مدينة نجع حمادي تغرق10وحدات سكنية في مياه الصرف جوار المزلقان منذ15 عاما والغريب أن ساكني تلك المساكن يدفعون مبالغ مالية نظير الصرف الصحي وحده. وتحولت تلك العمارات السكنية إلي بركة كبري للصرف محاطة بالحشائش وخلف مبني الأحوال المدنية بذات المدينة يحدث الأمر بشكل أشد سوءا وهو ما يهدد أهالي وساكني تلك المناطق بمخاطر التلوث بمراكز المحافظة.