لا أحد يصدق ما يجري حاليا في سوق البنزين, فمن ناحية وضعت بعض المحطات حواجز للتأكيد علي عدم وجود بنزين لديها, وحتي لا تتكدس السيارات في المحطات, ومن ناحية أخري تكدست الطوابير أمام محطات أخري في انتظار الحصول علي البنزين وفي كل الأحوال لا أحد يعرف بالتحديد سبب الأزمة الحالية, فأصحاب المحطات يؤكدون أن السبب هو الجراكن التي يحصل فيها أصحاب السيارات علي كميات إضافية خشية استمرار أزمة نقص البنزين- وهو أمر مجرم قانونا لكن البعض يستغل حالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد حاليا لترويع أصحاب المحطات في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم, فضلا عن تردد تجار السوق السوداء علي المحطات للحصول علي كميات من البنزين, ثم بيعه خارج المحطات بأزيد من السعر المقرر, بينما يشير أحد التفسيرات إلي أن بعض سائقي التاكسي ارتدوا عن استخدام بنزين90, ولجأوا إلي بنزين80 للاستفادة من فارق السعر لتحقيق مكاسب علي حساب مستخدمي بنزين80 وهم من محدودي الدخل, الذين لا يستطيعون استخدام الأنواع الأخري من البنزين مرتفعة السعر. للوقوف علي أسباب الأزمة قامت تحقيقات الأهرام بجولة في محطات البنزين, حيث ذهبنا إلي إحدي المحطات في نهاية شارع فيصل, وقد وجدنا المحطة تضع بعض الحواجز البلاستيكية أمام منطقة دخل السيارات, للإيحاء للسائقين, ومالكي السيارات بعدم وجود بنزين, اقتربنا من أحد العمال سألناه عن البنزين, فقال أن المحطة لا يوجد بها أي نوع من أنواع البنزين منذ ساعات, وأرشدنا إلي محطة موبيل, مشيرا إلي أن سيارة البنزين تقوم حاليا بتفريغ حمولتها من البنزين, وأنه يمكن الانتظار لمدة نصف ساعة لحين انتهاء عملية التفريغ ومن ثم الحصول علي الكمية المطلوبة, ثم ذهبنا إلي هناك فوجدنا طابورا طويلا من السيارات, التي تنتظر من أجل البنزين. ثم انطلقنا إلي إحدي محطات شركة شل في طريق مصر إسكندرية الصحراوي, وهناك وجدنا وفرة في البنزين, فسألنا أحد العمال الذي قال لنا أن المحطة ظلت بدون بنزين لمدة24 ساعة, مشيرا إلي أن المحطة تتسلم حاليا كميات أقل مما كانت تحصل عليه في السابق, ولأن عددا كبيرا من السيارات المتجهة إلي الإسكندرية تمر بهذا الطريق, فإن الكميات تنفد بسرعة. الجراكن.. كلمة سر الأزمة! ويروي محمد عبد الفتاح سائق ميكروباص معاناته مع محطات البنزين للحصول علي البنزين, مشيرا إلي أنه لا يجد البنزين في بعض المحطات, وإن وجده فإنه يقضي أكثر من ساعتين في الطابور, وعندما يأتي عليه الدور, يصطدم بالعديد من سائقي التوك توك, وأصحاب الموتوسيكلات الذين يحتفظون بجراكن, يقومون بتعبئتها, والاحتفاظ بها ككميات إضافية خشية استمرار الازمة, ومن ثم تنفد الكمية التي تحصل عليها المحطة في وقت قصير, في حين يلجأ زملاؤه من سائقي الميكروباص, والتاكسي إلي تجار المواد البترولية الذي يقفون في شوارع جانبيه للحصول علي بنزين80, حيث يباع اللتر بأزيد من سعره بنحو50 قرشا, لكنهم يضطرون للحصول علي الكمية التي يرغبون فيها حتي لا تتوقف سياراتهم. ارتباك في المحطات وبشكل عام, فإن المحطات الموجودة حاليا كما يقول أحد وكلاء شركة مصر للبترول في إحدي محافظات الوجه القبلي أن تتبع شركتي مصر للبترول والتعاون, فضلا عن6 شركات استثمارية أخري, في حين يقدر عدد المحطات في مصر بنحو2650 محطة, موضحا أنه لا توجد أزمة في السولار, بينما تتركز الأزمة الحالية في بنزين80 في بعض المحطات, في حين تتوافر الأنواع الأخري من البنزين مثل بنزين90 و92 في بعض المحطات, بينما لا يتوافر أي نوع من البنزين في محطات أخري, الأمر الذي يعكس حالة من الارتباك في سوق البنزين. سألته: وما تفسيرك للازمة؟ يجيب: الأزمة تتجدد بين الحين والآخر بسبب نقص الكميات التي تصل إلي محطات البنزين, مما يخلق حالة من التكالب علي المحطات, ومن ثم يحصل المواطنون علي كميات إضافية تفوق احتياجاتهم الفعلية في جراكن بالقوة, رغما عن العاملين في المحطات, وتحت التهديد يحصلون علي ما يريدون مستغلين حالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد حاليا, وضعف الرقابة علي سوق المواد البترولية. سماسرة السوق السوداء والأمر كذلك, انتعشت تجارة البنزين في السوق السوداء, حيث يجري بيع بنزين80 بسعر يصل إلي150 قرشا للتر, حيث يقوم تجار الأزمات بالحصول علي كميات كبيرة في جراكن, ثم بيعها مرة أخري مستغلين أزمة نقص البنزين في معظم المحطات, فضلا عن ارتداد ما لا يقل عن40% عن السيارات خاصة سيارات التاكسي عن استهلاك بنزين90, ولجوء أصحابها إلي استهلاك بنزين80 توفيرا للنفقات, خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة حاليا. تكثيف الرقابة ومن أجل مواجهة عمليات التلاعب في المنتجات البترولية, ومنع الاتجار فيها بالسوق السوداء, وحظر بيعها بأزيد من الأسعار المقررة, أصدر الدكتور جودة عبد الخالق وزير التضامن والعدالة الاجتماعية قرارا وزاريا بتجريم تخزين ونقل وتداول المواد البترولية بغير الطرق الشرعية, بحيث يقتصر ذلك النشاط علي الشركات والمحطات المصرح لها بذلك, كما تم تغليظ العقوبة علي المخالفين, وتم تخصيص خط ساخن برقم19468 للبلاغ عن المخالفات, كما صدرت توجيهات لجميع مديريات التموين بالمحافظات بتشديد الرقابة علي محطات تموين السيارات, لضبط من تسول لهم ضمائرهم مخالفة القانون, وعند ضبط المخالفة تكون عقوبات الحبس, والغرامة في انتظار المخالفين, كما يتم إلزامهم بدفع فروق أسعار عن المنتجات التي تم التلاعب فيها بالبيع بأزيد من السعر المحدد, وقد تصل العقوبة إلي حد إغلاق المنشأة, وإلغاء الترخيص بقرار من المحافظ. العقوبة من الحبس إلي الإغلاق في حين يؤكد فتحي عبد العزيز رئيس قطاع الرقابة والتوزيع بوزارة التضامن والعدالة الاجتماعية أن القطاع لم يتلق شكوي بوجود أزمة في البنزين, موضحا أن البعض يستغل الظروف الراهنة للحصول علي كميات تفوق احتياجاتهم الفعلية, وأنه تم مؤخرا تحرير18 محضرا علي مستوي الجمهورية في مخالفات تتعلق بالبيع البيع بأزيد من السعر المقرر, أو البيع بدون ترخيص, وفي هذه الحالات يتم مصادرة الكمية المضبوطة, وإغلاق المحطة التي تبيع بنزين80 وهي غير مصرح لها بذلك,, فضلا عن تطبيق القرار الوزاري الصادر مؤخرا بشأن هذه المخالفات, والذي يقضي بالحبس والغرامة10 آلاف جنيه في حالات الامتناع عن بيع البنزين, أو البيع بأزيد من السعر. من جانبه, يؤكد عبد الله بدوي وكيل أول وزارة التموين بالجيزة, أن البنزين متوافر, مشيرا إلي أنه لا توجد طوابير في المحطات, و أن المحاضر التي حررتها مديرية التموين بالجيزة تتركز في البيع بأزيد من السعر المقرر.