الأوضاع الخطيرة على الحدود المصرية الإسرائيلية ومقتل عدة جنود مصريين ثم بعدها وقبلها عدة تفجيرات فى بعض نواحى سيناء من بينها تفجير خط الغاز المغذى لإسرائيل والأردن.. ما بين تلك الحوادث معان كثيرة كان أبرزها المناداة بتعديل بنود اتفاقية كامب ديفيد.. ويصل البعض الآخر إلى المطالبة بإلغاء الاتفاقية من أساسها ومن جذورها. من الناحية المبدئية فإن هذه الاتفاقية ليست اتفاقية كامب ديفيد.. والأمر القائم الآن بين مصر وإسرائيل هو اتفاقية للسلام أو بالأحرى معاهدة سلام وقعت يوم 26 مارس 1979. وكامب ديفيد هى منتجع يقضي فيه الرئيس الأمريكى إجازته ومنه وفيه انطلقت مباحثات مصرية بقيادة أنور السادات وإسرائيلية بقيادة مناحم بيجين فى سبتمبر 1978.. تحت رعاية أمريكية من الرئيس جيمى كارتر. كان السادات في هذه المفاوضات يضع حقوق الفلسطينيين قبل الانسحاب من أرض سيناء, ولذلك انتهت المفاوضات إلي ما عرف باتفاق كامب ديفيد الذي يضم وثيقتين الأولي خاصة بإطار حل المشكلة الفلسطينية, والوثيقة الثانية خاصة بالعلاقات المصرية الإسرائيلية. لكن العرب كعادتهم لا ينظرون إلا تحت أقدامهم فلم يقبلوا بما قبل به السادات.. فاضطر السادات إلى تنفيذ اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل فقط.. وتحول إلى معاهدة سلام فى عام 79.. أى بعد ستة أشهر من المباحثات. وكان من أخطر بنود هذه الاتفاقية هو تحويل سيناء لعدة مناطق أخطرها المنطقة ج والتى من المفترض ألا يزيد فيها الجنود المصريون على 750 جنديا وضابطا.. وهو بالتأكيد عدد غير كاف بعد كل ما حدث على الأرض المصرية فى القريب العاجل. وناهيك عن المسميات اتفاقية كامب ديفيد أم معاهدة سلام.. فإننا سواء اختلفنا أو اتفقنا حول جدوى هذه الاتفاقية.. فإن أهم ما يبقى فى كل الأمور صغيرها وكبيرها.. حلوها ومرها فى حياتنا هو الوضع على الأرض. وهذا الوضع كان مزريا.. لكنه فقط من الناحية الأمنية.. حتى جاءت هذه الأيام لنعيد النقاش فى زيادة عدد هؤلاء الجنود على أرض الفيروز الحبيبة. وإذا ما تم تعديل بنود هذه الاتفاقية إلى الأحسن إن شاء الله.. فإننا لا نسعى إلا للترحم على شخص السادات وعلى عبقريته السياسية الفذة التى أربكت الكثيرين ووضعت الكثيرين فى خندق الشعارات والحناجر الفارغة.. وهذا ليس كلاما مرسلا أو منمقا.. ولكن تذكروا معى منذ عدة أشهر قول رئيس إسرائيل ثم من بعده وزير خارجيتها.. عن الوضع على الأرض حينما اعترفت عدة دول بأمريكا اللاتينية بدولة فلسطين فقالوا: "ليس هناك ما يزعجنا.. كل ما يهمنا هو الوضع على الأرض".. أى أن إسرائيل لديها الأرض الفلسطينية وتستطيع أن تبنى عليها مستعمرات كما تشاء ولا يهم الاعتراف بفلسطين أم لا!! وهذا الوضع على الأرض أتذكره الآن فى تعديل الاتفاقية بزيادة عدد الجنود وبتوفير قوات مصرية أكبر.. وأهم وضع على الأرض.. وهو تراب سيناء بين أيدينا.. وثرواتها التى لم نستغلها كل هذه السنين.. ولكن أيضا لم تستغله إسرائيل.. هذا هو المهم والأهم والجميل والمعتبر فى المعاهدة. كان السادات مثل رجل طلب المساعدة بذل وانكسار من أحد الأغنياء لكى يعمل أولاده فى وظيفة مناسبة مثل سلك القضاء.. وحين يكبر أبناؤه يجدون عملا لائقا مرموقا فعليهم أن يشكروه على ما فعل.. ولقد لاقى كثيرا من الأقاويل وتلقى كثيرا من الضربات الموجعة من الصديق قبل العدو.. ولكنه بشهادة الكثيرين.. وضع مصر على الأرض الآن أفضل من أى دولة عربية أخرى محتلة.. أما ما فعله السادات فيمكن مناقشته فى وضع آخر وفى مقال تالي. [email protected] المزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى