حماة الوطن يُهنئ الرئيس والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    الإعلان عن المرشحين من جامعة عين شمس لمنح المبادرة المصرية اليابانية للتعليم    وزير التعليم: القيادة السياسية تدعم "التعليم المنتج للإبداع والابتكار"    إنفوجراف| أسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الأربعاء 24 أبريل    بدء اجتماع الحكومة الأسبوعي بالعاصمة الإدارية الجديدة    «الغرف التجارية»: 9.9 مليار دولار صادرات مصر من مواد البناء خلال 5 سنوات    ؤالبنك المركزي: سداد مستحقات ديون خارجية ب8.16 مليار دولار خلال الربع الأول من 2023- 2024    نائب وزير الإسكان يفتتح معرض إدارة الأصول    «النقل» تتعاقد على بناء سفينتين جديدتين مع ترسانة هانتونج الصينية    وكيل «خطة النواب»: 90 مليار جنيه لدعم الخبز في موازنة 2024/ 2025    مقتل فلسطينية برصاص القوات الإسرائيلية قرب الخليل    تقرير: ضباط إسرائيليون كبار يعتزمون الاستقالة    حظر سفر وعقوبات.. كيف تعاملت دول العالم مع إرهاب المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية؟    الأمم المتحدة تدعو لإجراء تحقيق بشأن مقابر جماعية بغزة داهمها الاحتلال    صور الأقمار الصناعية تكشف الاستعدادات لعملية رفح    موعد مباراة الأهلي ومازيمبي في إياب نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا    محمد الشناوي يدخل قائمة الأهلي أمام مازيمبي    مفاجأة تنتظر المصريين بعد انتهاء الموجة الحارة.. أمطار لمدة 5 أيام    ننشر محظورات امتحانات الثانوية العامة 2024 وعقوباتها    «الشيوخ الأمريكي» يوافق على مشروع قانون لفرض قيود على «تيك توك»    قصة حب انتهت بالزواج ثم القتل لسبب صادم.. جريمة تهز المحلة    DMC تعرض تقريرا عن الفنان الراحل محمود مرسي في ذكرى رحيله    مصر تفوز بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية    مستشفيات جامعة المنيا تستقبل الدفعة الأولى من مصابى غزة (صور)    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    رئيس جامعة القاهرة يشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي التوليدي وأثره على حقوق الملكية الفكرية    تفاصيل الحالة المرورية بالمحاور والميادين صباح الأربعاء 24 أبريل    اليوم.. استكمال محاكمة المتهمين باستدراج طبيب وقتله بالتجمع الخامس    بسبب الحرب على غزة.. كل ما تحتاج معرفته عن احتجاجات الجامعات الأمريكية    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    طرح فيلم ANYONE BUT YOU على منصة نتفليكس    بعد عودة الشناوي.. تعرف على الحارس الأقرب لعرين الأهلي الفترة المقبلة    دعاء الحر الشديد.. 5 كلمات تعتقك من نار جهنم وتدخلك الجنة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24-4-2024 والقنوات الناقلة    "لا يرتقي للحدث".. أحمد حسام ميدو ينتقد حكام نهائي دوري أبطال آسيا    تقديم خدمات طبية لأكثر من 600 مواطن بمختلف التخصصات خلال قافلتين بالبحيرة    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    8 مليارات دولار قيمة سلع مفرج عنها في 3 أسابيع من أبريل 2024.. رئيس الوزراء يؤكد العمل لاحتياط استراتيجي سلعي يسمح بتدخل الدولة في أي وقت    تاريخ مميز 24-4-2024.. تعرف على حظك اليوم والأبراج الأكثر ربحًا للمال    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    الذكرى ال117 لتأسيس النادي الأهلي.. يا نسر عالي في الملاعب    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    بايدن يعتزم إرسال أسلحة جديدة لأوكرانيا اعتبارا من "هذا الأسبوع"    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعتداءات سيناء.. اختبار جديد لموقف "مصر - الثورة"

إلى أين تسير العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد الاعتداءات التي قامت بها إسرائيل في سيناء
وأسفرت عن استشهاد عدد من الضباط والجنود المصريين؟.. هذه هي القضية الساخنة التي تحتل مساحة واسعة في اهتمام صانع السياسة المصرية الرسمية والمواطن البسيط في ضوء ما تمثله قضية المواجهة مع إسرائيل من تأثيرات حاسمة على مسار الوطن. فوسط تجاذبات القوى السياسية مع السلطة على خلفيات تبعات ثورة يناير جاء الاعتداء الإسرائيلي بمثابة نقطة تحول تمكنت من اختطاف المشهد الإعلامي والسياسي في مصر.
وكان اللافت للنظر قوة رد الفعل الشعبي والذي عبرت عنه التحركات الجماهيرية الغاضبة في مختلف أنحاء البلاد رافضة الموقف الإسرائيلي ودعوة المجلس العسكري لاتخاذ مواقف صارمة تجاه تل أبيب تعكس التحول الحاصل في مصر من نظام سابق قامت سياسته على التحالف مع إسرائيل إلى آخر جديد يقدم المصلحة الوطنية على كل اعتبار.. فيما سادت حالة من الارتباك الرسمي ثارت التساؤلات بشأن دلالته وما إذا كان يعبر عن مفاجأة وعدم استعداد للتعامل مع مثل هذه المتغيرات أم أنه يعكس استمرارية لسياسات سابقة أم رؤية أعمق للمصلحة الوطنية؟
وتنطلق أهمية هذا التطور من كونه يمثل، كما ذهب الكثيرون، بمثابة اختبار لمسار العلاقات بين مصر وإسرائيل في مرحلة ما بعد الثورة بغض النظر عما إذا كان اختبارا مقصودا من تل أبيب أم أنه جاء طبيعيا على خلفية ما جرى في إيلات من اعتداء على حافلة هناك. فكيف يمكن النظر للحدث من زواياه المختلفة؟.. هذا هو ما نحاول رصده والقيام به من خلال الموضوعات التي نتناولها على صفحتي هذا الملف.
ومن خلاله نرصد تفاصيل وأبعاد مواقف القوى الشعبية والسياسية المختلفة في مصر، وطبيعة الموقف الرسمي ودلالاته مع تناول الحدث من زاوية مقارنة بما قامت به تركيا في سياق موقف مماثل.. كما نتطرق بالتناول للمطلب الشعبي الخاص بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد والتي تمثل أساس عملية السلام بين مصر وإسرائيل والأسس التي يمكن ان تقوم عليها مثل هذه الخطوة.. ونتطرق لقضية تنمية سيناء باعتبارها القضية الأم في إطار المواجهة مع إسرائيل.
«كامب ديفيد».. علي أسنة الرماح
أسس قانونية وسياسية عديدة لمطلب إلغاء الاتفاقية
عقب العدوان الصهيوني علي الحدود المصرية وقتل 6 من رجال الأمن المصريين اعتبر خبراء عسكريون مصريون أن هذه «فرصة ذهبية» لمصر كي تستغل الحادث وتضغط علي اسرائيل للمطالبة بتعديل معاهد السلام المبرمة عام 1978 بناء علي اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 1977.. ولكن لم تتحرك الجهات الرسمية في مصر لطرق الحديد وهو ساخن والمطالبة بتعديل الاتفاقية.. وعلي العكس تراجعت عن بيان سحب السفير المصري فخسرنا فرصة ذهبية لتعديل هذه الاتفاقية المهينة!.
وعقب المظاهرات والاعتصامات الصاخبة أمام السفارة الاسرائيلية ومنزل السفير الاسرائيلي وإنزال العلم الاسرائيلي عليهما لاحت نفس الفرصة مرة أخري أمام الجهات الرسمية.. خصوصا أن المطالبين بذلك هم ثوار مصر والبلاد في حالة ثورة شعبية وغليان، وعزز هذا التوجه تقدم محامين بدعاوي قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة (المحامي شحاتة محمد شحاتة) تطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل استنادا لخرقها الدائم لمعاهدة السلام، وأخري للمطالبة بإلغاء معاهدة كامب ديفيد (المحامي نبيه الوحش) بسبب إخلال اسرائيل ببنودها، ومع هذا استمر الصمت الرسمي وغابت أدوات القوة الناعمة المصرية.
والأكثر غرابة أن الاسرائيليين هم ما بدأوا يتحدثون عن حق مصر في تعديل الاتفاقية، وقال مسئولون عسكريون إسرائيليون رفيعو المستوى لصحيفة (هآرتس الاسرائيلية 23 أغسطس الجاري): «إنه يتعين على إسرائيل النظر فى تعديل اتفاقيتها للسلام مع مصر لكى تسمح للجيش المصرى بزيادة تواجده فى سيناء بشكل ملحوظ فى ضوء الوضع الأمنى المتدهور هناك».
أما سر هذا التحرك الاسرائيلي لتشجيع مصر علي طلب تعديل الاتفاقية فيتخلص في أن تل أبيب اكتشفت أن ما كانت تحققه معاهدة السلام مع مصر لها من سكينة وطمأنينة وقت توقيعها، لم تعد تحققه الان في ظل تغير الاحوال والاوضاع في سيناء وانتشار أعمال المقاومة ضدها وانطلاق بعضها من سيناء شبه المفرغة من الأمن، وأن ما كان يصلح سابقا من تعيين جندي مصري واحد لمراقبة كيلو متر كامل من الحدود مع اسرائيل لم يعد يصلح حاليا.
فاتفاقية السلام تفرض قيودا على عدد القوات المصرية فى المنطقة وكذلك نوع الاسلحة التى يمكن الاحتفاظ بها فى سيناء وتقسم شبه الجزيرة الى مناطق منزوعة السلاح بدرجات متفاوتة وتحظر الاتفاقية نشر مصر لدبابات أو مدفعية على الحدود مع اسرائيل في حين تسمح لاسرائيل بنشر طائرات!!
وبعد عام 2007 وسيطرة حماس على قطاع غزة، وافقت وزارة الخارجية الاسرائيلية على طلب مصرى بمضاعفة قوة الشرطة البالغ قواها 750 جنديا المتمركزة على الحدود المصرية مع قطاع غزة بعد فك الارتباط، إلا أن وزارة الدفاع الاسرائيلية وقوات الجيش عارضا الخطوة، وتوصل الطرفان الاسرائيلى والمصرى فقط فى يناير 2009 بعد عملية الرصاص المصبوب الى اتفاق على الانتشار المتزايد.
ومنذ الثورة فى مصر، وافقت إسرائيل مرتين على نشر مصر لمزيد من القوات فى سيناء لحماية بنية تحتية أساسية مثل خط انابيب الغاز لإسرائيل، كما وافقت على الانتشار المؤقت لأسلحة ثقيلة الى سيناء لاول مرة منذ عام 1979.

كامب ديفيد مخالفة للدستور
وعندما قامت الثورة الشعبية المصرية وبدأت تحصد المكاسب علي الصعيد الداخلي.. بدأ ثوار يطالبون تدريجيا بمكاسب علي الصعيد الخارجي خصوصا مسألة العلاقات مع اسرائيل واتفاقية كامب ديفيد تحديدا لأنها تستفز كل مصري يعلم أن غالبية سيناء منزوعة السلاح تقريبا خصوصا منطقة الحدود مع اسرائيل، ولكن رد الفعل الرسمي ظل دون المستوي ما ألجأ قانونيين للتفتيش في ثغرات قانونية للمطالبة بإلغاء الاتفاقية.
وقد تركزت آراء القانونيين للبحث عن ثغرات للمطالبة علي عدة نقاطها منها: أن اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في 26 مارس من عام 1979 تمثل مخالفة للدستور المصري وانتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة ومن ثم لايحق للمسئولين المصريين التمسك والالتزام بها.
أيضا قيل أن الاتفاقية تخالف اتفاقية فيينا المتعلقة بالمعاهدات الدولية في مادتها رقم 35 التي تؤكد أن (كل معاهدة تعد باطلة اذا خالفت قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي وقد خالفت كامب ديفيد في جميع نصوص وثائقها قواعد القانون الدولي الآمرة).
وقيل إن الاتفاقية شابها ايضا العوار القانوني والدستوري وأن أهم هذه المخالفات الدستورية أن الرئيس أنور السادات قام بالتوقيع عليها دون العودة إلي مجلس الشعب أولا كما أنها خالفت الدستور في أنها أخرجت مصر من محيطها العربي في حين أن الدستور ينص علي (أن مصر جزء من الأمة العربية).
وقيل إنه بموجب هذه الاتفاقية فرطت مصر في السيادة الوطنية علي جزء من أرضها حين جعلت سيادتها علي سيناء منقوصة بموجب الاتفاقية المشئومة التي فرضت عليها تحويل مطاراتها العسكرية في سيناء إلي مطارات مدنية محظور عليها استخدمها في الأغراض العسكري، كما فرضت عليها ترك مناطق شاسعة من سيناء خالية من السلاح ومناطق أخري لايسمح فيها بأي تواجد عسكري مصري مما جعل ثلثي سيناء منزوع السلاح، بالتالي يصعب الدفاع عنها إذا أرادت إسرائيل إعادة احتلالها كما هددت بذلك أكثر من مرة.
ايضا قيل إن سلب السيادة المصرية كان هو اخطر ما في اتفاقية كامب ديفيد، وأن هذه السيادة اصبحت مشروطة بالتزامنا بأحكام الاتفاقية فإن رغبنا في إنهاء الاتفاقية والخروج منها، يصبح من حق إسرائيل إعادة احتلال سيناء بحجة أن انسحابها كان مشروطا بالاعتراف بها والسلام والتطبيع معها.
بل وتبين – كما روي وزير الداخلية منصور العيسوي لعبد الحليم قنديل رئيس تحرير «صوت الأمة» أن الأمر كان يتجاوز ذلك بأوامر صادرة من الرئاسة المصرية تمنع خروج دوريات الشرطة المصرية مساء علي الحدود مع اسرائيل وتقصرها علي فترة الصباح ويقال إن هذا بموجب معاهدة السلام ما يجعل حدود مصر نهبا لمن يدخلها أو يهرب عبرها أي شيء في المساء!، وهو ما لغاه الوزير منصور العيسوي وأمر بأن تكون الدوريات صباحا ومساء حتي ولوكان هذا مخالفا لاتفاقية السلام مع إسرائيل.
التدخل في سياسات مصر
وقد وصل الأمر بهذه الاتفاقية ليس فقط للتدخل في شئون مصر الداخلية بمنع من يعارضون اسرائيل في الداخل من طرح وجهات نظر تتعلق بإعادة النظر في الأتفاقية أو عقاب اسرائيل علي تجاوزاتها، ولكن امتد الأمر للتدخل في سياسات مصر الداخلية عبر إشراكها فيما يسمي عمليات مكافحة الارهاب في العالم أو توريطها في حرب الخليج بما خدم المصالح الاسرائيلي في تحييد القوة العسكرية العراقية من معادلة الصراع العربي الصهيوني، كما وضع قيدا علي عودة العلاقات الطبيعة بين مصر وايران ، وساهم في أن تلعب مصر دورا في خنق غزة وحصارها.
ولهذا من الطبيعي أن تكون مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير علي صعيد السياسية الخارجية هي مرحلة ثورة فيما يخص العلاقة مع أمريكا وإسرائيل.. ثورة علي كل العلاقات المشبوهة التي خلفها النظام السابق، وأن نشهد في هذه المرحلة بدايات العد العكسي لهذه العلاقات المتميزة للصهاينة والأمريكان وحصرها مؤقتا في مجرد اتفاقية سلام يجري محاسبة تل أبيب علي كل بند فيها وأولها بند السلام وحل مشكلة فلسطين بعدما تغيرت مصر.
دراسات قديمة لتعمير سيناء.. ولا نتائج علي أمر الواقع
القرار الذى اتخذه مجلس الوزارء بإنشاء اللجنة العليا لتعمير سيناء والذى يتضمن منح اهل سيناء كافة حقوقهم التى طالبوا بها مرارا وتكرارا, فضلا عن اعداد خطط تنموية متكاملة لتعمير العمق داخل سيناء «وهى المنطقه التى تحولت الى خلية نشطة للعناصر المتطرفة وممن ينتمون الى الجماعة الجهادية».. اشبه بكثير من القرارات التى اتخذتها الحكومات السابقة دون جدوى منذ التسعينيات..طالما ان هذه القرارات لاتزال قيد البحث.
دلالة ذلك ان هناك العشرات من الدراسات التى تم اعدادها تحت عنوان تعمير سيناء لما لها من أهمية استراتيجية باعتبارها جزءا من الامن القومى. وقد تضمنت اهداف وآليات يمكن من خلالها حل العديد من المشكلات بدءا من البطالة التى يعانى منها ملايين الشباب وانتهاء بخلق مشروعات تنموية مستدامة, لم تغنى او تثمن من جوع.. حتى لا تتحول هذة اللجنة الوزارية التى صدرت بقرار من الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء توافقا مع الاحداث المتلاحقة التى تشهدها منطقة سيناء ل «شاهد ما شفش حاجة», نطرح هنا ابرز المشكلات التي تواجهها سيناء والاليات والتوصيات التى كشفت عنها الدراسات البرلمانية او الصادرة عن المجالس القومية المتخصصة منذ التسعينيات, لسرعة إنجاز هذا الملف بشريا وتنمويا.
مجلس الشورى «المنحل» كان قد أعد اربع دراسات خلال أدواره التشريعية السابقة حول تعمير سيناء, كان أخطرها الاخير الذى كشف عن تجدد المطامع الاسرائيليه داخل سيناء ووجود فجوة داخل العمق فى اراضى سيناء.. اعتبرت الدراسات استغلال المساحات الشاسعة التى تتمتع بها سيناء خطوة اولى فى تحقيق منظومة تنموية لتشغيل العمالة المصرية.. وبموجب الدراسات فإن مساحة شبه جزيرة سيناء تقدر بنحو 60 ألف كيلو متر مربع، ومقسمة إلى محافظتين شمال سيناء، وتبلغ مساحتها 29 ألف كيلو متر، والجنوب، أنشئت بالقرار الجمهورى 811 لسنة 1974 وتبلغ مساحتها 31 ألف كيلو متر مربع تقريبا.
تجدر الإشارة إلى أن آخر الدراسات التى اجراها مجلس الشورى عام 2010 حول تعمير سيناء والتي ارتبطت بزيارة عدد من البرلمانيين للمنطقة كشفت عن وجود خلل فى تنفيذ الخطط الحكومية, وارجعوا ذلك الى توتر العلاقات بين الاجهزة الامنية العامله بالمنطقه وبين مشايخ القبائل البدوية وهى اول الاسباب التى ادت الى خطورة الموقف وتأزمه.. وعلى الرغم من وجود خطة قومية استهدفت توطين 5 ملايين مواطن مصري عام 2017, إلا ان تجاهل الحكومة لمطالب اهالى سيناء وتوطينهم الاراضى كان حائلا فى تنفيذ هذة الاستراتيجية, خاصة بعد قيام رموز النظام السابق ببيع مساحات من الاراضى لمستثمرين اجانب وعرب، الامر الذى دفع للمطالبة بضرورة فتح باب المشاركة لجميع المحافظات في تنمية سيناء ومنح أبناء كل محافظة قطع من الأرض يتملكونها، والتأكيد على أهمية قيام الصندوق الاجتماعي للتنمية بوضع خطط عاجلة لإقامة مراكز لتنشيط تنمية المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر ومنح حوافز اضافية استثنائية لأبناء منطقة سيناء. وقد رصدت الدراسات البرلمانية واحدث الدراسات الصادرة عن المجالس القومية المتخصصة أيضاً المشكلات الحياتية التى يعانى منها السكان فى منطقة وسط سيناء «العمق» كما يطلق عليها، التى تكاد تكون خالية من الحياة, فلا يسكنها السكان.. ولا توجد بها خدمات أو مرافق أو مواصلات.
أفادت الدراسات ان هذه المنطقة تشكل الخطر الاكبر رغم انه يمكن الاستفادة من المساحات الشاسعة الموجودة داخلها بإنشاء مشروعات زراعية وصناعية..لتتحول المنطقة من فارغة من السكان الى منطقة حيوية.. وتضمنت التوصيات التى وردت فى دراسة برلمانية حول مستقبل تعمير سيناء إنشاء محافظة وسط سيناء لحل مشكلة العمق لتجمع بين الشمال والجنوب.. وقد لاقى هذا الاقتراح تأييدا فى هذا الوقت.. إلا أن الحكومة تغافلت عنه.
برزت إشكالية واضحة فى معظم التقارير التى تناولت ملف تعمير سيناء حول إمكانية خلق حالة من التوازن بين التنمية والأمن‏.. مع مراعاه تمكين اهالى سيناء من امتلاك اراضيهم.. وهى المحك الرئيسى الذى يجب على الحكومة الحالية بحثه, فالقرار الاخير الصادر من الدكتور «شرف» ضمن الموافقة على قانون الاسكان الاجتماعى لأهالى سيناء.. ولكن متى يتم التنفيذ لإعطاء كل ذى حق حقه.
الجانب الاقتصادى جزء لم تنسه أي من الدراسات التى تم اعدادها بشأن تعمير سيناء.. حيث رصدت أن نسبة التدهور في تنفيذ مخطط تنمية سيناء بلغ 70% في المشروعات الزراعية والسمكية و66% في الصناعة والتعدين والبترول و83% في السياحة و95% في التنمية العمرانية، و57% في النقل والاتصالات و86% في المياه والصرف الصحي و97% في برامج البيئة و90% في الخدمات التجارية والمصرفية و90% في الخدمات البشرية.. وأوصت الدراسات بضرورة حفر آبارا للمياه وانشاء بيوت للبدو والبدء في توزيع أراضي ترعة السلام وضرورة الاهتمام بثروات المنطقة المعدنية.
وتضمنت ملامح التنمية خلال الفترة القادمة الاستفادة من تنوع الأراضي بين صلبة وصحراوية وكثبان رملية وطالبوا بإنشاء مجمع متكامل للصناعات الزجاجية لاستغلال المواد الخام.. وأيضا ملح الطعام والذي يصل انتاجه لنحو 1.5 مليون طن سنويا ويتميز بأنه الأجود عالميا.. بالارقام فإن الاحصاءات موجودة لتعمير كل شبر داخل سيناء.. وبالدراسات فإن بناء سيناء لن يكون إلا بأيدى اهلها الذين ظلوا مهمشين بسبب سياسات فاسدة.. اليوم ليس أمام حكومة الدكتور عصام شرف سوى إخراج ملفات سيناء من الأدراج والبدء فى تنفيذها على وجه السرعة.
سقوط القوة الناعمة لمصر فى أزمة استشهاد جنود سيناء
«إسرائيل تأسف لمقتل أفراد من قوات الأمن المصرى خلال اشتباكات على الحدود».. كان هذا نص بيان إيهود باراك وزير الخارجية الاسرائيلى بشأن اغتيال خمسة من أفراد الأمن المصريين فى سيناء برصاص اسرائيلى، وهو البيان الذى وصف بأنه أدنى من اعتذار وأعلى من تكبر واصرار على عدم الاعتراف بالخطأ.
لم يكن الحادث هو الاول الذى تتخطى فيه مقاتلات إسرائيلية حدود مصر الشرقية وتطلق نيرانها على جنود مصريين تحت زعم «نيران صديقة خاطئة» وهو ما كان يمر مرور الكرام فى ظل رخاوة الدولة المصرية خلال عهد النظام السابق. وعندما وقع الاعتداء فى مصر الثورة كان الاعتقاد السائد أن رد الفعل الرسمى فى مصر سيكون مماثلاً للحدث، خاصة فى ظل الحديث عن حكومة وطنية تستند الى تأييد شعبى وتضم عناصر مختلفة عن النظام السابق.
وبدا الوضع الرسمى متخبطا عندما صدر بيان من مجلس الوزراء يندد بالارهاب الصهيونى ويقرر سحب السفير المصرى من تل أبيب، إلا أن الرخاوة السياسية أطلت مرة أخرى عندما صدر بيان آخر ينفى سحب السفير ويعتبر البيان السابق خطأ غير مقصود.. وطلبت الحكومة المصرية الاعتذار من الجانب الاسرائيلى وجاء الأسف باهتا وسط استنكار اعلامى اسرائيلى وتحريض على عدم الاعتذار.
لقد نقلت جريدة الحياة الجديدة الفلسطينية عن الكاتب والمفكرى الاسرائيلى عوزى برعام مقالاً استنكر فيه أن تعتذر اسرائيل لمصر وكتب أن الجيش المصرى هو صاحب السيادة على سيناء التى انطلقت منها هجمات إيلات الارهابية.
تعنت إسرائيلي
كما كتبت جريدة «يديعوت احرونوت» أنه لا يمكن الاعتذار لمصر، ومنطق الساسة الاسرائيليين فى ذلك أن الاعتذار السياسى تستتبعه خطوات أخرى أهمها التعويضات المالية والتعهدات الدولية فضلا عما يمثله ذلك من تأثيرسياسى سلبى على الساحة الدولية.. والمتابع لأزمة قافلة الحرية التركية التى تعرضت لاعتداء اسرائيلى فى مايو 2010 يمكنه أن يعرف مدى أهمية الاعتذار السياسى الذى تصر عليه حكومة اردوغان، بينما تماطل اسرائيل مكتفية بالاعتذار الجزئى.
ومن المعروف أن اسرائيل إحدي أكثر الدول المستفيدة من الاعتذار السياسى حيث تلقت مليارات الدولارات تعويضا من المانيا عن مذابح الهولوكوست خلال سنوات النازى.. كما استفادت كوريا الحنوبية من اعتذار اليابان عن المذابح التى ارتكبت خلال احتلالها لها فى بداية القرن الماضى، كذلك حصلت المجر على تعويضات مباشرة نتيجة اعتذار روسيا للمجر.. ومازالت تركيا ترفض الاعتذار لارمينيا عن المذابح التى ارتكبت عام 1920 على يد قوات الدولة العثمانية.. المهم أن الحكومة المصرية فشلت فى الحصول على اعتذار سياسى من اسرائيل رغم أن لديها آليات للضغط للحصول على ذلك الاعتذار، خاصة أن حادث قتل الجنود المصريين يمثل انتهاكا واضحا لاتفاقية السلام واعتداء مباشراً على الاراضى المصرية.. وأولى تلك الآليات تتمثل فى التلويح بتجميد اتفاقية السلام التى لم تحقق أمن مصر وسلامة أبنائها داخل أرضها.. ومن المعروف أن تلك الاتفاقية تمثل عنصرا استراتيجيا فى العلاقات المصرية الاسرائيلية ويتم استخدامها فى الترويج لفكرة الشرق الاوسط الجديد وما يعرف ب «التعايش السلمى».
خطوات مطلوبة
كذلك كان يمكن تقديم شكوى رسمية الى مجلس الامن ضد اسرائيل اعتمادا على تقرير قوات حفظ السلام الدولية التى تابعت اختراق القوات الاسرائيلية لحدود مصر، ومن المعروف ان الفصل السادس من ميثاق مجلس الامن يقر بفرض عقوبات دولية وغرامات مالية على الدول المنتهكة لحدود الدول المجاورة.
ومن بين الآليات الاخرى التى كان يمكن اللجوء اليها للمطالبة بحق الجنود المصريين الذين استشهدوا أن تقوم الحكومة المصرية برفع دعوى قضائية فى محكمة العدل الدولية، وهو حل تنظمه قواعد القانون الدولى.
إن مجرد سحب السفير المصرى فى تل أبيب للتشاور كان يمكن استخدامه كخطوة أولى للضغط ولتوجيه رسالة مفادها أن عدم الاعتذار سيؤدى الى تصاعد الأزمة.. ومثل هذا الاجراء معروف دبلوماسيا كإحدي إشارات الاستياء السياسي. لقد استخدمت تركيا القوة الناعمة لاستعادة حقوق مواطنيها التسعة المقتولين على يد الاسرائيليين فى الاعتداء على قافلة الحرية فوضعت خطة لعزل اسرائيل سياسيا فى حال رفضها الاعتذار الرسمى.. وقد تضمنت تلك الخطة التي اعلنها رئيس الوزراء التركى عدة مراحل منها سحب «تولكا اونجو» القائم بالأعمال التركي لدى «إسرائيل» الذي يمثل تركيا حاليا بدلا من درجة سفير، وبهذا الشكل سينخفض مستوى التعامل الدبلوماسي التركي مع «إسرائيل» إلى درجة الصفر، بالاضافة الى اعلان تركيا رفضها تعيين سفير «إسرائيلي» جديد يحل محل جابي ليفني السفير «الإسرائيلي» في أنقرة الذي تنتهي فترة عمله خلال سبتمبر المقبل، أو ستضطر «إسرائيل» إلى عدم إرسال سفير جديد لها إلى تركيا.. ومن بين هذه المراحل أيضًا أن يقوم رئيس الوزراء التركي بزيارة إلى قطاع غزة المحاصر خلال شهر سبتمبر القادم في حال عدم تقديم «إسرائيل» اعتذارها لتركيا، كما سترفع عائلات الضحايا قضية ضد الجنود ومسئولي الحكومة «الإسرائيلية» وستقدم وزارة الخارجية التركية مختلف أنواع الدعم القانوني لتلك العائلات بهدف إضعاف «إسرائيل» معنويا وماديا.
ومن بين التحركات التركية كذلك تقديم دعمها المطلق لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة ومقابل ذلك ستبذل جهودها في المحافل الدولية لعزل «إسرائيل»، فضلا عن تقليص كافة أنواع التعاون مع «إسرائيل» في مجال التصنيع العسكري وعدم الاشتراك بأي مشروع عسكري مع «إسرائيل»، بالإضافة إلى عدم توجيه الدعوة السنوية «لإسرائيل» للاشتراك في مناورتي «نسر الأناضول» و«عروس البحر»، كما ستقلص تركيا علاقاتها الاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية مع «إسرائيل».
قراءة في الموقف الشعبي والحزبي من الحادث
حالة الاستنفار كشفت عمق العداء المصري لإسرائيل
جاءت الأحداث التي شهدتها الحدود المصرية مؤخرا والتي نتج عنها مقتل ضباط وجنود مصريين من قبل القوات الاسرائيلية لتكون حدا فاصلا وبداية تاريخ جديد للعلاقات المصرية الاسرائيلية التي اتسمت علي مدار 30 عاما هي فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك بالغموض وعدم اتخاذ موقف ملائم تجاه أي اساءة لمصر.
وجاءت الأحداث هذه المرة بصورة مختلفة لكونها نشبت بعد ثورة الشعب المصري في 25 يناير والتي انتزع فيها حريته وأسقط نظام حكم الرئيس السابق مبارك بما اتسم به من ديكتاتورية ليعطي درسا للعالم أجمع بأن مصر مهما غابت عنها شمس الديمقراطية تستطيع ان تنتفض وتسترد إرادتها.
لكن في كل الأحوال أثبت الشعب المصري أنه يستطيع الخروج في جزء من الثانية ليبدأ الاعتصام المفتوح أمام السفارة الاسرائلية ،بل استطاع الشاب البطل أحمد الشحات انتزاع العلم الاسرئيلي من فوق مقر السفارة ووضع بدلا منه العلم المصري لتعيش القاهرة أياما دون ان يرفرف عليها علم الكيان الصهيوني الذي قتل أبناءنا لكونه العدو الأول.
موقف الأحزاب والقوي السياسية
والمتابع للأحداث يعرف جيدا أن الشعب المصري اختلف كثيرا بعد ثورته حتي في شكل مظاهراته واحتجاجاته وارتفاع سقف مطالبه وهنا كانت الوقفة الحقيقية للقوي الوطنية والأحزاب السياسية رغم اختلاف رؤيتها للمرحلة القادمة.
فقد أصدر حزب الوفد بيانا علي لسان رئيسه الدكتور السيد البدوي شحاته أدان فيه الاعتداءات مؤكدا أنه لا جدال في أن كل المخاطر التي تهدد امن وسلامة الوطن تأتي من الناحية الشرقية وهو مايجب ان يكون في الاعتبار في هذه الفترة التي تشهد بناء مصر الجديدة، مشيرا إلي أن سيناء كانت وما زالت مطمعا لمؤامرات دولية بغيضة تستهدف استقرار مصر.
ووجه البيان للكيان الصهيوني قائلا: إننا نعلن لمجلس الوزراء الإسرائيلي الجالس الآن مراقبا للساحة المصرية وساعيا لتلغيم مصر ابتداء من سيناء وأنهم واهمون وعليهم أن يدركوا أن مصر الذي جعلها النظام السابق الكنز الاستراتيجي قد تغيرت بعد أن استرد الشعب المصري وعيه وأصبح صاحب قرار وإرادة.
كان اقوي مافي بيان الوفد هو الفقرة الاخيرة التي قال فيها أن أوراق كامب ديفيد لم تكتب في السماء ووجه البيان تهديدا صريحا للكيان الصهيوني عندما جاء فيه نصا: إن بقاء سفارة اسرائيل في القاهرة مهدد بقوة المصريين وإرادتهم وبقواتها المسلحة مشيرا إلي حتمية القصاص لدم الشهداء الأبطال.
كذلك لم يختلف موقف حزب التجمع الذي اصدر بيانا طالب فيه بطرد السفير الاسرائيلي وسحب السفير المصري من تل أبيب والتحرر من القيد الذي فرضته اتفاقية كامب ديفيد علي عدد من الجنود المصريين المتواجدين علي الحدود لأن هذا القيد يشجع إسرائيل علي انتهاك السيادة المصرية.
وجاء بيان جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للجماعة ليؤكد علي تلك المطالب السابقة مطالبا بالتعجل في إعمار سيناء وملء فراغها بملايين المصريين حماية للأمن القومي والتيقظ لعمليات التجسس المستمرة فضلا عن ضرورة تغيير السياسة الخارجية.
وقال البيان إنه لو اعتقد الصهاينة أن الجيش المصري منشغل بالأمور الداخلية وان ذلك سيشغله عن واجبه المكلف به لحماية البلاد فهم واهمون لأن الشعب سيظل ظهير داعم للجيش وعليهم أن يعلموا بأن المصريين علي استعداد لطرح كل الخلافات خلف الظهور والوقوف صفا واحدا للحفاظ علي البلاد.
وندد حزبا الناصري والوسط في بيانهما بالاعتداءات، مؤكدين علي مطالب الشعب المصري وداعما لموقف الجيش تجاه العدو، ولم تختلف مواقف الأحزاب الأخري التي لم يتسع المجال لذكرها عما سبق.
وجاء موقف بقية الحركات السياسية متسما بالقوة حيث أصدرت حركة شباب 6 أبريل بجبهتيها «أحمد ماهر والجبهة الديمقراطية» بيانا وصف الحدث بالأحمق مشيرا إلي ان استقلال التراب المصري هو المهمة الاولي لكل مواطن حر شريف مطالبا بوقف تصدير الغاز لاسرائيل والقصاص للشهداء مؤكدا علي أن الجبهة الداخلية ستكون يدا بيد خلف القوات المسلحة لحماية الثورة وأصحابها.
وهنا تتضح عظمة الشعب المصري من خلال هذا البيان ودعم الحركة للجيش رغم ماشهدته الفترة الماضية من اختلافات واتهامات من المجلس العسكري ضد الحركة ووجود العديد من البلاغات المقدمة للنائب العام من أعضائها ضد المجلس لتأتي الاحداث الأخيرة للتأكيد علي ان مصر قادرة قوية بسواعد ابنائها.
ولم تختلف بيانات غالبية الحركات مثل كفاية و الجبهة الحرة للتغيير السلمي شباب من أجل العدالة والحرية إلي جانب اتحادات وائتلافات شباب الثورة عن سابقتها لتدل علي وحدة الصف وتوحد المطالب ضد الخطر الخارجي.
الأحداث ومستقبل العلاقة مع إسرائيل
نشجب.. نستنكر.. ندين.. ثلاث كلمات اكتفي بها النظام البائد ورئيسه المخلوع في رده علي مثل هذه الأحداث لكن الشارع يتساءل عن الموقف بعد الثورة وعن عدم اتخاذ موقف بسحب السفير المصري من تل أبيب منذ اللحظة الأولي للاحداث وعن عدم طرد السفير الإسرائيلي وقطع تصدير الغاز لإسرائيل.
البعض أرجع الموقف الرسمي لعدم الانخراط في أزمة مع اسرائيل في تلك الظروف وانشغال الجيش المصري بضبط البلاد والبعض الآخر يري ان الموقف لم يختلف عن النظام السابق، خاصة مع عدم خروج أي مسئول سواء في المجلس العسكري أو حكومة الدكتور عصام شرف، خاصة وزير الخارجية لاطلاع الرأي العام علي حقيقة ما حدث رغم مرور أيام علي الحادث ليكون غياب الرؤية هو سيد الموقف لدي جموع الشعب.
ويتساءل الشارع السياسي عن طبيعة العلاقات مع اسرائيل خلال المرحلة المقبلة فهل ستكون علاقة الند للند أم ستبقي كماهي حتي إشعار آخر؟.. أم ستكون تلك الأحداث سببا رئيسيا في وضع العلاقات مع اسرائيل في نصابها لنوقف تصدير الغاز المصري لاسرائيل أو علي الاقل تعديل اسعاره بما يتلاءم مع الاسعار العالمية وإمكانية تعديل معاهدة كامب ديفيد وتكثيف التواجد المصري في سيناء لحماية الحدود؟!
مرشحو الرئاسة
بمجرد وقوع الأحداث خرجت التصريحات من مرشحي رئاسة الجمهورية حول الواقعة بالطبع كان الرفض لما حدث هو سيد الموقف، ومع الإقرار بحقيقة أن ذلك كان نابعا من غيرتهم على الوطن وكرامته، فإن أغلبهم حاول الترويج لبرنامجه الانتخابي من خلال التصريحات لأحدهم بوقف تصدير الغاز لاسرئيل في حالة فوزه والآخر أعلن عن ضرورة إلغاء معاهدة كامب ديفيد في حالة توليه ومنهم من طالب باتخاذ مواقف ربما تظهر في شكلها الخارجي في صالح البلاد لكنها في توقيت خاطيء، وهنا كانت علامات الاستفهام والاسئلة كثيرة عن ماذا لو كان أحدهم رئيسا هل ستكون رؤيته كماهي أم أنها مجرد تصريحات للاستهلاك الانتخابي كعادة الانتخابات لكسب تأييد الشارع أو فصيل سياسي او ديني معين أم انه لمجرد الظهور في تلك الاحداث التي شغلت الرأي العام وبالتالي يصبح التواجد علي الشاشات والفضائيات حتميا لاثبات الوجود والمواقف؟!
عظمة الشعب المصري
ربما كانت الأحداث اختبارا من إسرائيل لتشخيص حالة وطبيعة تعامل المصريين معها كعدو اساسي لها بعد الثورة ولكن كان الرد قاطعا، فبرغم الخلافات والاختلافات القائمة بين الأحزاب السياسية والتيارات الدينية والجماعات الاسلامية حول شكل الدولة القادمة في مصر ما بين مدنية واسلامية وعسكرية وخلافه، ورغم ما شهدته الساحة السياسية من اختلافات في وجهات النظر بين القوي الوطنية وانتقادها لبعض سياسات المجلس العسكري في ادارة حكمه للبلاد، إلا ان الشعب المصري يظهر بشكل مختلف عند الشدائد.
وكانت وقفة الشعب المصري خلف قواته المسلحة وحكومته بمثابة رد قاطع لكل من يحاول تفكيك هذا الوطن وظهرت عظمته في توقف جميع المظاهرات الفئوية التي ملأت الشوارع منذ بدء هذه المرحلة الانتقالية بل تم تأجيل جميع الوقفات التي دعي إليها لأجل غير مسمي ليرسل الشعب رسالتة الجديدة التي اختلفت مع بزوغ شمس 25 يناير إلي الكيان الصهيوني ليثبت دائما بأن مصر كانت ولاتزال صخرة تحطم عليها أحلام الغزاة.
إيلات «أم الرشراش».. مصرية وليست إسرائيلية
وسط الغليان الحادث بسبب الاعتداء الإسرائيلي والذي أودي بحياة عدد من الجنود المصريين غاب عن البعض أن الموقع الذي تسبب في كل هذه التطورات وهو إيلات حيث وقع الهجوم على حافلة إسرائيلية هو مصري، الأمر الذي يكاد ان يتم نسيانه في غمار الكثير من التفاعلات والقضايا الحيوية الأخرى التي تعيشها مصر. فإيلات ليست سوى أم الرشراش، ويتجدد الجدل من آونة لأخرى حولها وقد احتلتها إسرائيل عام 1949 وقتلت كل من فيها من الجنود والضباط المصريين.
وحسب العديد من المصادر فإن أم الرشراش كانت قرية عربية مصرية على البحر الأحمر غرب مدينة العقبة.. وتقدر مساحتها ب 15 كيلو مترا مربعاً. وقد اكتسبت أم الرشراش اسمها نسبة إلى إحدى القبائل العربية التي سكنتها.. وقد جاء احتلال المدينة من قبل إسرائيل في مارس 1949 بعد ستة شهور من اتفاقية الهدنة، وبعد حرب 1948 بسنة أي بعد قرار وقف إطلاق النار، مستغلة فرصة انسحاب الحامية الأردنية التي كانت تحت إمرة قائد إنجليزي، للحصول علي موطئ قدم، ومنفذ بحري على البحر الأحمر.. وقامت القوات الإسرائيلية بقتل جميع أفراد وضباط الشرطة المصرية في المدينة، وعددهم 350 شخصًا، بالرغم من أن «عصابات رابين»، دخلت المدينة دون طلقة رصاص واحدة، لالتزام قوة الشرطة المصرية بأوامر القيادة بوقف إطلاق النار.. ولأم الرشراش جبهة تحرير مصرية تسعى لإبقاء ذكرى مصريتها حية في الأذهان وتكثيف الجهود من أجل تحقيق هذا الهدف.
وفي عام 1997 أنشأت ما يسمى ب «الجبهة الشعبية لاستعادة أم الرشراش» وضمت صحفيين شباباً ومحامين وعسكريين كباراً متقاعدين وشخصيات مصرية بارزة. وقد اجتمعت خبراتهم العسكرية وجهودهم التوثيقية والقانونية، وحصلوا على خرائط تثبت مصرية «أم الرشراش»، وتعاون معهم في ذلك الوقت ضابط شاب متقاعد من الجيش، استطاع الوصول لوثائق نادرة من تركيا، تدعم موقف مصر القانوني حال حاولت استعادة هذه الأرض المصرية مرة أخرى، وأخذ الأمر يأخذ طابعاً جدياً وبدا أنه في طريقه لأن يكون أمرا شعبيا ومطلبا عاما.. وما يشار إليه أن القضية حسب البعض غالبا ما كان يتم التعتيم عليها في وسائل الإعلام المصرية، لتجنب تكوين ضغط شعبي على الحكومة للمطالبة باستعادتها.. ولم تفعل الحكومة أو أية جهة مسئولة أي شيء يذكر لاستعادة القرية.
وجاءت تسمية إسرائيل للمدينة ب «إيلات» نسبة إلى بلدة قديمة مذكورة في «سفر الخروج» كأحد منازل «بنو إسرائيل» في طريقهم عبر بادية «سيناء». تضم المدينة ميناء يوصل إسرائيل بمواني «شرق آسيا» الشرق الأقصى ومنطقة سياحية كبيرة نسبيا مكونة من فنادق ومتنزهات.. وفي 1985 أعلنت الحكومة الإسرائيلية إيلات وضواحيها منطقة تجارية حرة، حيث قللت نسبة الضرائب المفروضة على سكانها وزوارها لتشجيع السياحة فيها، وقد بلغ تعداد سكان المدينة 46600 نسمة في عام 2008.
وبعد «حرب 1967» واحتلال الجيش الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء أصبحت إيلات محطة للجنود وللسياح الإسرائيليين الذين سافروا إلى جنوب سيناء. بعد إتمام إعادة سيناء لمصر في أبريل 1982 في إطار الاتفاقية السلمية بين البلدين حلت إيلات محل المواقع السياحية في جنوب سيناء من ناحية السياحية الإسرائيلية الداخلية فتوسعت المنطقة السياحية منها. منذ افتتاح المعبر الحدودي في طابا في 1988 وإعفاء المواطنين الإسرائيليين من ضرورة طلب التأشيرة سلفاً لزيارة منطقة شرقي سيناء، أصبحت إيلات من جديد محطة للعابرين من إسرائيل إلى جنوب سيناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.