يعتبر قصر سعيد حليم باشا حفيد محمد علي أو كما يطلقون عليه قصر شامبليون، نسبة إلى الشارع الكائن بوسط البلد، والذي يعد تحفة أثرية معمارية مثل بقية القصور الملكية الموجودة في مصر. واكتفت تماثيله ذات التراث الأوروبي الرائع، إلا أنه فقد بريقه وجماله بفضل الإهمال الذي يتعرض له. وأنشأ سعيد حلمي باشا القصر عام 1879، ولد "سعيد" ودرس بالقاهرة قبل استكمال تعليمه العالي في سويسرا وحصل على شهادة العلوم السياسية، وكان يتقن الانجليزية والفارسية والفرنسية، وحصل على وسام التميز من السلطان العثماني بسبب نجاحاته العسكرية والسياسية والدبلوماسية، كما أن له كتب ومؤلفات كثيرة جُمعت في مجلد واحد، تعد من أهم المراجع في دراسة الفكر الإسلامي وتحليل أسباب تفكك الإمبراطورية العثمانية. وتطرق سعيد حليم باشا في المناصب السياسية حتى شغل منصب رئيس وزراء تركيا، وصادرت السلطات الانجليزية أملاكه، ومن بينها قصره الحالي، وفي عام 1917 عُزل من منصبه لأنه كان صاحب مواقف متشددة ضدد الانجليز. وشيد القصر المهندس المعماري "“أنطونيو لاشياك” الايطالي، الذي صمم قصر المنتزه، والعمارات الخديوية بشارع عماد الدين، والمبنى الرئيسي لبنك مصر في شارع محمد فريد، وبعض القصور بمدينة القاهرة، ومنها قصر الأمير يوسف كمال بالمطرية، حيث ُصُمم القصر على طراز معماري فريد استغرق إنشائه 6 سنوات. صمم “لاشياك" القصر على طراز النيو باروك، المطرز بالرخام الأحمر النادر المموه والمطعم بالأبيض العاجي، ويتكون من مبنى رئيسي مكون من طابقين وبدروم، وبجانبه جناحين متماثلين يتكون كل منهما من دور واحد وبدروم، ويتصلان بممشى خاص بالمبنى الرئيسي، كما أن "لاشاك" أراد أن ينشئ شيئا مختلفا، فنوع من استخدام الوحدات الفنية على جدران القصر، من تماثيل مستوحاة من الأساطير، وأقنعة آدمية وزهور منتظمة في عقود وزخارف هندسية وفيونكات ونياشين، والحروف الأولى من اسم سعيد حليم. ويقع القصر ذا التراث المعماري الجميل على مساحة 4781 متر مربع مربعًا، مكوّنًا من مبنى رئيسي وجناحين يضمان عددًا كبيرًا من الغرف، ويربط بينهما سلم ضخم على كلا الجانبين، وفي أعلى القصر يوجد عدد من الغرف المصممة لإقامة الخدم كما كان شائعًا آنذاك. ويقال أن الأمير أنشأ هذا القصر ذا التحفة المعمارية الفريدة لزوجته كهدية، وكان متحمسًا جدًا لرد فعلها تجاه القصر، الذي يعد من أروع وأجمل القصور، لكن الزوجة لم يعجبها القصر ورفضت الاقامة به، وذهبت إلى قصر عين الحياة بحلون ثم إلى القصر الخاص بهم في تركيا على مضيق البوسفور والذي كان كبير الشبه بالقصر «الهدية». لكن حال القصر حاليًا يشعرك بالحزن والأسى والكآبة لما وصل إليه من إهمال وخراب على مرأى ومسمع من الجهات المعنية، وإن لم يرمم القصر سينهار تمامًا وتنهار معه قيمة معمارية وتاريخية وفنية كبيرة، حيث أصبح يستخدم الآن كمأوى لعابري السبيل والمشردين الذين يستخدمون أسوار القصر لعربات الطعام المتجولة وكخلفية للمقاهي المقامة على أرصفة الشوارع.