تندرج "ابن الخطيب في روضة طه" للمغربي عبد الإله بن عرفة ضمن مشروع روائي يشير إليه صاحب الرواية ويسميه "الرواية العرفانية"، والذي يتغيا فيما يقول بعبارات غائمة: "الكتابة بالنور". ولكن الرواية، خارج هذا، ليست سوي رواية تاريخية تقليدية، تفيد كما تفيد كل رواية تاريخية من المسافة الممكنة بين "الحقيقة التاريخية" و"الحقيقة الفنية"، بما يجعل الروائي الذي يتناول التاريخ يتحرك بحرية بين وقائعه؛ بالحذف والإضافة والتخييل. الرواية تتناول سيرة لسان الدين بن الخطيب، وأدواره المتعددة، من حيث هو طبيب ومؤرخ وفيلسوف وسياسي، ولكنها لا تركز علي هذه الأدوار كلها.تنبني الرواية علي مجموعة فصول: طبع الماء طبع الهواء طبع النار طبع التراب شجرة المطبوع، وفي هذه الفصول يتناول الكاتب حياة ابن الخطيب، وتفاصيل عصره، بنزوع شبه توثيقي يتوقف عند الأطعمة وكيف تطهي، والملابس وألوانها، والحفلات وتقاليدها..إلخ. عالم الرواية، الذي يحفل بقصائد واقتطاعات من قصائد لابن الخطيب، يتطرق أيضا للوقائع السياسية في عصر لسان الدين، وهذه الوقائع تتجاور مع وقائع الحياة الشخصية له؛ موت والده، موت أخيه، سجنه..إلخ. سرد الرواية، الذي يتقاطع كثيرا مع صوت المؤرخ، ينجح في كثير من المواضع في أن ينأي عن الرواية التاريخية التقليدية. وحوارات الرواية، التي يفترض أنها تعبر عن شخصيات بأعيانها، ينحصر أغلبها في مستوي لغوي بعينه ويأخذ جزءا كبيرا منها شكل "المناظرات" التي تهتم بتقديم المعلومات، أو بتقديم التصورات الفلسفية والعلمية والأدبية المثارة، لا بتجسيد الشخصية التي تتكلم.