الضيوف كانوا ضيوفاً علي عَصْرنا عصافيرُهم لا تطيرُ وأشجارهم في الجحورِ وأنهارهم مَيِّتَة وكانوا يُلِحّونَ مثل الغُبارِ ويحبون مثل الغبار ويَدَّحْرَجونَ.. ويَبْتَسِمونَ لأطفالنا ولكنهم حينَ ابْتَسمْنَا لهم وأحَطْنا أساطيرهم بالشموعِ وأشجارهم بالمرايا عَرْبَدوا.. واستهانوا وخانوا واستعادوا وجوه الغُزاةِ وأعلامَهم وأشاعوا الخرابَ هنا وهنا هكذا أعلنوا الحربَ ضدّ الخريرِ وضدّ الطيورِ وضدّ الأغاني ومثل الذينَ احْتَفوا بالظلامِ وبالوهم لاذوا وَسَّعوا موتَهم طواحين فازت طواحينُ الكلام ولم تَفُزْ بِنْتُ بقلب وَلَدْ ولا قمرٌ بجائزةٍ ولا سُورٌ بعصفورٍ ولا راءٍ بنافذةٍ يَري منها طيورَ البرْق أحياناً وأحياناً خيولَ المَدّْ هل صرتَ مثلُ الآخَرينَ رَحَّي تلهو بأشلاء الكلام لتَخْدَعَ الخاوينَ والغافينَ والجَرْحي؟ أمْ تَحْتفي مازلتَ بالكلماتِ.. تَغْسِلها.. وتُدْفئها لتري بها وتشُدَّ بَرْقاً هائماً في القلب أو ريحاْ وتقولَ مذ دارتْ طواحينُ الكلامِ تناسَلتْ في دورنا الفوضي وغاب البابُ والبَوّابُ والرائي وسار القردُ مُخْتالاً بثوب أسَدْ طيور الطيورُ لم تعُدْ في غرفتي تطيرُ أو تحُطُّ.. كي تُحَدِّثَ الغريبَ عن فضائهِ ومائهِ.. ونَجْمةٍ بعيدةٍ.. بعيدةٍ خَبَتْ الطيورُ هاجَرَتْ ولم تَعُدْ ناياتُها تَشُدّني في الفجْرِ مِنْ مَتَاهةٍ ولمْ تَعُدْ تُدَحْرِج الهواءَ عندما تَحُطّ أو تَعْلو مَنْ الذي أبْعَدها ولوَّثَ الهواءَ بالعُواءِ كي يُرهبَها؟ لم أسْتَضِيفْ رُخّاً ولم أضَعْ في الجَيْب دانَةً أو خِنْجراَ.. أو حَجَراً ولمْ تصِرْ أصابعي فِخاخاً ولم أزل مِنْ أجْلها أُجَمِّع الأشجار في دفاتري وأحْتَفي بِغَيْمَةٍ هناكَ أو بنَجْمةٍ هنا ولمْ أزلْ أُلِحُّ بالصغيرِ كي أشُدَّها من ظُلمةِ البراري هل هَدَّها الدخانُ والجنونُ والقنابلُ التي يَدُسّها الخاوون والموتي أم هاجَرَتْ لأنّني كبِرتُ هكذا ولم أعُدْ أطيرُ.. أو أدَحْرِجُ الهواءَ مثلها؟ قال أبوالعلاء لا تقفوا بين الله وبيني لا تقفوا.. وتَسُدّوا وتُخيفوا فالله كبيرٌ جداً وغفورٌ وقديرٌ يَهَبُ ويُغْني.. ويُعِزّ ويَعْف