بالصور والفيديو| الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك بمركز شباب بشتيل    بالصور.. شلالات البالونات ترسم البسمة على وجوه الأطفال في بورسعيد    محافظ القليوبية يوزع الورود ويلتقط الصور التذكارية مع المواطنين احتفالًا بعيد الأضحى.. صور    الألاف يصلون صلاة عيد الأضحى في مجمع أبو العباس بالإسكندرية    القنوات الناقلة لمباراة إنجلترا وصربيا في كأس أمم أوروبا يورو 2024    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباراة المقاولون العرب وطلائع الجيش    توافد آلاف المصلين على ساحة مسجد السلطان لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم على طريق بحيرة قارون السياحي بالفيوم    بالصور والفيديو.. توافد الآلاف من المصلين على مسجد خاتم المرسلين بالهرم لأداء صلاة العيد    عاجل - بث مباشر شعائر صلاة عيد الأضحى المبارك 2024 من مسجد السيدة زينب    بسبب صلاة العيد، زحام مروري بمصر الجديدة (فيديو)    بدء توافد مواطني الأقصر على ساحة أبو الحجاج لأداء صلاة عيد الأضحى (بث مباشر)    محمد رمضان يحقق 80 ألف مشاهدة بأغنية العيد "مفيش كده" في ساعات    الاحتلال يمنع الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى قبيل صلاة عيد الأضحى (فيديو)    الرئيس السيسي يشيد بحسن تنظيم السلطات السعودية لمناسك الحج    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    الحجاج يرمون جمرة العقبة الكبرى فى مشعر منى    حماس: نتنياهو يراكم كل يوم العجز والفشل.. والحقائق تؤكد انهيار جيش الاحتلال    قوات الاحتلال تمنع مئات الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    محافظ جنوب سيناء يشارك مواطني مدينة الطور فرحتهم بليلة عيد الأضحى    ريهام سعيد: «أنا عملت عملية وعينيا باظت ومش محتاجة حد يصدقني» (فيديو)    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: مرضى الربو الأكثر تأثرا بالاحترار العالمي    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    ننشر موعد صلاة عيد الأضحى المبارك لعام 1445ه‍    تعرف على سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم في السعودية الاحد 16 يونيو 2024    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    مع زيادة الطلب على الأضاحي.. تعرف على أسعار اللحوم اليوم الأحد    طقس أول أيام العيد.. أمطار وعواصف تضرب الوادي الجديد    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    «الغرف التجارية»: زيادة الاحتياطى يزيد من ثقة المستثمرين    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    دعاء النبي في عيد الأضحى مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة كان يرددها الأنبياء في صلاة العيد    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    خوفا من اندلاع حرب مع حزب الله.. «أوستن» يدعو «جالانت» لزيارة الولايات المتحدة    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا والعالم وتلك المسافة
نشر في أخبار الأدب يوم 03 - 05 - 2015

بدأ كل شيء مع وعي الطفل أن نظرته لكل ما حوله تنتمي لذات تقف في مواجهة العالم، علي مسافة تُقاس بعدد الاحتمالات والخيارات المطروحة، هل أنا جزء من كل ما يدور حولي؟ هل أنا مختلف؟ هل الصواب في الحفاظ علي هذه المسافة، أم في تبديدها؟؟ الطفل الذي سيترك ذ طوعا ذ قيادته لآخرين سيلتفت متأخرا إلي ما يمارسه من لعبة مدمرة؛ حين يتعامل مع المسافة بالتجاهل تارة وبالوعي تارة أخري... لعبة سيدرك بعد بلوغه الأربعين كم تتآكل بسببها روحه... وسيبقي الوعي بالذات نقطة البداية لكل ما يعول عليه في الحياة...
في مواجهة العالم تتسلح الذات بالخيال الذي يبقي كامنا ريثما تحقق الحواس رصيدا من الخبرة يقوي ذبغض النظر عن حجمهذ علي تفعيل الخيال الكامن الذي سينطلق ببراءة تعوقه عن ملاحظة الحدود بين ما نسميه تجاوزا الواقع وبين ما هو غير ذلك، حتي إذا ما اضطربت الذات، لجأت إلي السؤال.... السؤال الذي لا ينتهي رغم أنف الإجابات المحبطة وضجر الكبار وجديتهم الزائفة... لتأتي في مرحلة متأخرة القراءة... بحثا عن إجابات ثم بدافع الشغف ثم تستقر بيد العادة وبما تحققه من متعة...
القراءة انعكاس صادق للحياة ... حتي الكتب السيئة بما تمثله من نسبة غالبة، تذكرنا أن الجمال حولنا استثناء والقبح والتفاهة هما المشاع الذي في متناول الوجود... كما لا تنسي القراءة أن تعلمنا التمسك بالأمل، فدائما ثمة باب ضيق تنفذ منه إلي عالم أكثر رحابة وأكثر جمالا.... الباب ذاته موجود في الحياة من حولنا فقط نحتاج إلي الوعي بالذات في قوتها وفي ضعفها وفيما تملكه وفيما تحتاجه بصدق... عندها سنقطع الطريق نحو ذلك الباب.. وسيفاجئنا كم كان قريبا منا!!
لا يحتاج الشاعر لمن يرشده إلي حقيقة أنه شاعر.. هو يعرف ذلك، ويعرف أنه من الضروري الإطلاع علي أعمال من سبقوه، وفي حالة كون الشاعر عربيا؛ يصير تعبير من سبقوه غير مطابق لمقتضي الحال؛ لأنه يشير إلي منجز إبداعي يمتد لأكثر من ألفي عام هذا الرقم بمزيد من التجاوز... منجز فادح في عظمته وفادح في كم الغث وتنوعه.... الغث في ذاته والغث بقراءته خارج سياقه الاجتماعي والحضاري، والغث الذي تقول أنه غث بينك وبين ذاتك فقط ولا تجرؤ علي الجهر به... والغث الذي تواطأ الجميع من حولك مدعين أنه غير ذلك...
حتي يضيق بك الحال ويصيبك الكرب، فتهرب إلي التجارب الحداثية أو الطليعية أو التجريبية، وتتخفف من سلطة الماضي وهوائه الراكد باللجوء إلي الترجمة سعيدا بحماقة أن ماضي النصوص المترجمة لا يعنيك في شيء... بعدها لن تطيق النظر فيما تكتبه؛ لأنه ببساطة ليس أنت...
ستبقي قصيدة النثر اليوم وغدا وبعد غد كما قلت عنها في شهادة سابقة منذ ثلاث سنوات، تلك القديسة شفيعة الخيبات... ليس فقط لأنها تصدر عن ذات غارقة في خيباتها، بل لأن لها من السحر ما ينأي بهذه الخيبات بعيدا عن ابتذال السخرية وكآبة النواح وحماقة الفخر بها! قصيدة النثر تضع خيباتنا علي درجة غامضة من الوجود، بعيدة عن الأرضي المبتذل وبعيدة عن السماوي المقدس، درجة من الوجود لا تملك لها تعريفا، فقط تستشعر أثرها في قيلولة البلدات الصغيرة وأمسيات الضواحي! هل من اللباقة أن أحدثكم الآن عن حلمي بكتابة ديوان لا أعرف عنه أي شيء سوي عنوانه: في مديح البلدات الصغيرة؟!!
إن كان ثمة يقين بشأن قصيدة النثر، فهو يقين شخصي وحيد... يتمثل في قراري بالتجاهل التام للسؤال: ولماذا تكتب قصيدة النثر؟؟ السؤال الذي طالما تعرضت له بلهجة واحدة لا تتغير رغم تغير السائلين والمكان والزمان، لهجة من يسألك: لماذا أنت بعين واحدة في منتصف رأسك؟ أو لماذا تحمل جرابا في بطنك أيها الكانجارو؟؟!
أشعر أن علاقتي باللغة تتسم بالثراء، أتعامل في حياتي اليومية باللهجة العامية، أحب الكثير من الأغاني منها المكتوب العامية ومنها المكتوب بالفصحي، أحب شعر العامية سماعا لا قراءة، الكتابية تسلب روح الشعر من قصيدة العامية، لا أستطيع أن افكر أو أصوغ الفكر إلا بالفصحي، نعم لا تخلو من الأخطاء لكنني لا أستطيع غير ذلك، وفي الحلم تتحدث الشخوص لغات عدة منها ما أجهله ومنها الفصحي والعامية! هذا انا وهذه ذاتي ولا يمثل لي الأمر أي اضطراب بل ثراء وتنوع. ذات مرة شخص الصديق الشاعر ياسر عبد اللطيف عجزي عن قراءة شعر العامية، أن الاحتكاك المبكر لي مع النص المكتوب جاء مع القرآن الكريم. وهذا تشخيص قوي لأبعد الحدود، فقد بدأ أبي تحفيظي القرآن الكريم قبل حتي أن أعرف الحروف، ثم علمني القراءة عن طريق المصحف الشريف، صحيح أن مشروع تحفيظي القرآن كاملا فشل مبكرا، لكن بقيت لي منه حسنات كثيرة ذ أو هكذا أراها ذ ومنها أن كل ما هو قابل للقراءة لا بد أن يكون مكتوبا باللغة الفصحي.
جماليات وفنيات قصيدة النثر تتميز بأنها حية، ليست مطلقة في ذاتها، بل تنمو عبر جدلية علاقتها ببقية العناصر داخل القصيدة، لذلك عناصر مثل الإيجاز والتوهج والمجانية ليست كافية لصنع قصيدة نثر، واستعمالهم علي نحو منفصل وقاصر يصل بالنص إلي لا شيء، لا بد من تفاعل هذه العناصر عبر ( رؤية ) بحثية، فإذا حق لي أن أضيف اسما إلي القائمة الطويلة الواصفة للشاعر: المنشد، النبي، الرائي معطل الحواس... فأظن -وقد أكون مخطئا- أنه الشاعر الباحث، بحثه يبدأ من الذات دون أي شروط مسبقة اللهم إلا شرط الحركة الطليقة غير الموجهة سلفا، ودون أي تحديد لمسارات، ربما ينحو الشاعر ببحثه نحو الذات أو نحو العالم أو نحو المسافة القائمة بينهما.....
هذه مجرد احتمالات والشاعر لا يعرف نحو أيهم سيتحرك ولا يعرف أين سيصل، هو في الأساس لم يقم بمغامرة الكتابة وفاء لقيمة أو لمبدأ بل تحت ضغط داخلي يشبه الشغف غير أنه أكثر قدرية وإجبارا...
إذا فقد الشاعر هذا الضغط الداخلي فلن يجدي معه الإيجاز والتوجه والمجانية ولن تجدي معه طرافة الفكرة و غرابة المشهد...
إذا تخلي الشاعر أثناء فعل الكتابة عن جدية الباحث وطموحه فسيسقط في فخ المباشرة والدعائية والاستسهال.. كما ستفلت من يده خطوط العالم الذي دخله للتو، هذا إذا كان الحظ حالفه وهيأ له الوقوف علي عتبة يعرفها كل من اشتغل ذات مرة علي كتابة جيدة..
ثمة ظاهرة في حاجة إلي دراسة جادة عميقة، قصيدة النثر التي يزعم الكثيرون أنها أكثر الأنواع حرية وانفتاحا وكسرا للقيود تلتقي في تأثيرها الانفعالي والجمالي مع أكثر الأنواع صرامة ودقة والتزاما بالقواعد.. أقصد شعر الهايكو.
بعد ثلاثة دواوين... اشتغل الآن علي تجربة في قصيدة النثر تطمح عبر مواضيع ومواقف شخصية حميمية إلي استعادة جانب فني في القصيدة الكلاسيكية ... لست أدري هل يصح لي أن أسميه عمومية الدلالة، اي النص المفتوح علي دلالات متشعبة تلافيا لمنجز شعري اتسم بعضه بأحادية الدلالة وبعضه الآخر باختفاء الدلالة تحت طبقات الغموض... هل سأنجح في ذلك؟؟ ربما نعم وربما لا... لست أدري إلي أين ستأخذني التجربة ولا علم لي أية حياة تنتظرها وأي صيغة ستكون عليها...
أطمح في المستقبل بتنفيذ مشاريع أراها مثيرة للاهتمام، سبق وتحدثت عن حلمي بديوان في مديح البلدات الصغيرة، وأحلم بكتابة فقرات نثرية ممتدة عن حياة فلاح أخذوه للعمل بالسخرة في حفر قناة السويس، وأحلم بكتابة نص طويل يتناوب عليه صوتان: صوت لجندي عربي وصوت لجندي أوروبي زمن الحروب الصليبية.... هل يمنح المستحيل صفة الهراء لأحلام كتلك؟ ربما... لكنني منذ سنوات حلمت بصياغة القصص الديني في قالب شعري وتحديدا قالب قصيدة النثر، وجاءت تجربة ( ثمة أشياء لن يجربها ) علي درجة من الرضا الإيجابي... ليس الرضا المطلق الذي هو في أساسه لا وجود له، ولا الرضا الذي يضعني في مواجهة مع أخطائي لأتمكن من تلافيها وتطوير أدواتي في المشاريع اللاحقة.
أخيرا كلمة للقارئ:
القصيدة التي تطالعها، كتبها صاحبها دون أي قواعد مسبقة ودون تحديد لمسارها، كتبها وهو مطلق الحرية دون فقدانه الحس بالمسئولية الفنية.... أنت أيضا أيها القارئ لست أقل من الكاتب، ادخل النص حرا من أي تصورات مسبقة، وأضمن لك أنك ستكون فاعلا داخل النص، مثلك مثل الكاتب وستعبر بالمفاجأة حدود النص إلي العالم من حولك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.