" عزة محبتي لك ولرضوان رحمه الله فنحن منكما وأنتما منا" خالك عبد الرحمن الأبنودي غادرنا القاهرة إلي الإسماعيلية أنا والشاعر والمؤرخ "شعبان يوسف" والباحث " أحمد بهاء الدين"، لزيارة الخال والاحتفال مع أصدقائه بعيد ميلاده وهناك انتظرنا في قاعة "الكتب خانة"، جاء إلينا وهو يستند إلي عصا، كانت آثار المرض والتعب بادية عليه، لكن عندما جلس وبدأ الكلام بدا مختالا كطاووس وتحول المكان إلي خلية نحل، كان يتفقد المكان بعينيه ويمر علينا ويشاغب كل شخص فينا وينادي علي هذا ويسأل ذاك، كثير من الضحك المشوب بالسخرية، كان الأبنودي يحاول أن ينفض التعب عن جناحيه، وبصوت ذي جلجلة حادة كان ينبهنا إنه سيد الموقف، فحضوره رغم المرض لا يقاوم، وصوته الملئ بالحيوية والمكر ما زال حاضرا، ورغم كل هذا الصخب الذي يتخلله أحيانا سعاله، إلا أنه صخب مشوب بحزن وقلق، رغم كل هذه البهجة التي كان يثيرها ويوزعها علينا إلا أن مرارة ثقيلة كانت تغمرنا جميعا. وبينما تحتشد أفكارنا ونتلمس بصيص نور بين أنفاس الخال وسكتاته المتقطعة، كان يحكي لنا بلغته الجنوبية المميزة، حكايات عن أيام تجنيده في الجيش ونوادره مع الفنانين والفنانات كإنه الحنين للماضي والشغف بزمن جميل، وقرب رحيلنا تناولت إحدي كتبه "مربعات الأبنودي" الذي ظل بين يدي مدة طويلة، لكي يكتب إهدائه، انتظرت لأنه كان يستعيد أنفاسه، ربما من إصراره علي الضحك والكلام بشكل متواصل رغم تعبه، أو لأن المرض اللعين أبي أن يترك الحرية لزفراته، كتب الأبنودي الإهداء وودعته وعلي الباب تمتمت: إلي متي تنشر الذكري خواطرها، آه من وجع لا يجففه الليل، ومن قصيدة فتحت جُرحها للقمر.