الحوار المصري الروسي حوار قديم تمتد جذوره في الماضي البعيد والقريب ،وقد اتخذ اشكالات وقنوات عدة: تجارية ، سياسية ،علمية ،ثقافية ،وغيرها ،لعل من اقدمها رحلات الحجاج الروس الي مصر لزيارة الاماكن المقدسة في سيناء(القرن الرابع عشر)،وكذلك الرحلات التي قام بها الرحالة الروس الي مصر بداية من القرن الثامن عشر للسياحة او العمل الدبلوماسي ،ثم سجلوا انطباعاتهم في كتابات كان لها فضل التعريف بمصر،ومن اشهرها رحلات نوروف، وبيرج، ،وبارسكي ومورافيوف،وسينكوفسكي ،كذلك اثمرت رحلات الشيخ المصري عياد الطنطاوي،والكاتب محمد طلعت والقاضي رشاد بك والامير محمد علي باشا الي روسيا كتابات عرفت بروسيا.بالاضافة الي ذلك كانت هناك زيارات متبادلة بين ابناء الاسر الحاكمة في مصر وروسيا .ومن المعروف المراسلات المتبادلةتالتي ربطت الامام محمد عبده بأديب روسيا الكبير تولستوي الذي احب الشرق العربي وتاًثر بتراثه. التواصل والتعاون بين مصر وروسيا حدث في مناسبات عده فقدشاركت روسيا في احتفالات قناة السويس بوفد ضم صفوة من الادباء والفنانين والدبلوماسيين. وساندت مصر روسيا في الظروفتالصعبة التي اعقبت ثورة 1905في روسيا، وتاسست في مصر انذاك لجان وجمعيات لجمع التبرعات، واحتوت مصر عددا من المهاجرين الروس الذين هاجروا من روسيا بعد ثورة اكتوبر1917،واتخذوا من مصر مقرا لهم. توجد الروس انفسهم في دائرة الولع الاوربي بالحضارة المصرية القديمة، خاصة بعد ظهور كتاب "وصف مصر". وتوالت علي مصر زيارات علماء المصريات الروس ومنهم العالم جولينتسيف الذي اسهم في تأسيس قسم المصريات في جامعة القاهرة وترأسه في الفترة 1942-1992.آثار الحضارة المصرية لها حضورها الآسر في روسيا،زوار مدينة سانت بطرسبرج في روسيا يستوقفهم عند ضفتي نهر النيفا تمثالان لابي الهول نقلا من مصر عام 1843،ويعتبران من معالم المدينة المهمة،ومزاراتلزوارها، ومصدرا لالهام العديد من الشعراء الروس ،ومنهم الشاعر ايفانوف الذي كتب قصيدته "ابو الهول فوق نهر النيفا" ،كذلك يضم متحف الارميتاج اكبر متاحف روسيا جناحا لآثار الحضارة المصرية القديمة . لقد اثارت الحضارة المصرية القديمة اهتمام تالادباء الروس واعجابهم،فترجموا الادب المصري القديم من خلال الترجمات الاوربية الوسيطة،واسهم في اعداد هذه الترجمات شعراء عديدون منهم الشعراء بالمونت ،وماندلشتام ،واخماتوفا.كذلك انعكست رموز الحضارة المصرية القديمة واتضح التأثر بها عند الكثير من الادباء الروس منهم شاعر روسيا الاكبر بوشكين الذي كانت تربطه صداقة بعالم المصريات الروسي جوليانوف،الذي امده بالكثير من المعلومات التاريخية عن مصر ،وبونين وهو اول اديب روسي يحصل علي جائزة نوبل،والشعراءبريوسوف،وكوزمين وغيرهم من الادباء الروس الذين زاروا مصر وكتبوا عنها.من جهة اخري كان للادب الروسي تاثيره الكبير في مصر، فقد كان لابداع عمالقة الادب الروسي جوجول، تورجينيف،تولستوي، دستويفسكي ،وتشيخوف، وجوركي،وغيرهم اكبر الاثر في تكوين فنون القصة،والرواية والمسرح في مصر، وشكل الادب الروسي رافدا مهما في التكوين الثقافي لاجيال من المثقفين في مصر . في هذا الاطار من المهم التنويه الي اهمية حركة الترجمة تبين العربية والروسية في الحوار بين الثقافتين، فما من شك في الدور الذي لعبته الترجمة خاصة الادبية في المعرفة المتبادلة بين الشعبين في مصر وروسيا، وفي عملية التلاقح بين الثقافتين . ظهرت باكورة ترجمات الادب العربي الي الروسية في نهاية القرن الثامن عشر وكانت تنجز من خلال الترجمات الاوربية الوسيطة ، ثم بعد ذلك ومع تكوين كوادر المستشرقين الروس الدارسين للعربية بدأ ظهور ترجمات روسية عن العربية مباشرة في القرن التاسع عشر،وامتدت حتي وقتنا هذا ،والي جانب الاهتمام بترجمة التراث العربي ،والشعر العربي القديم ، ظهر الاهتمام بترجمة الادب العربي في مصر الي الروسية في القرن العشرين فترجمت اعمال لطه حسين ،وتوفيق الحكيم،ونجيب محفوظ ، وجمال الغيطاني ،ويوسف القعيد،وصلاح عبدالصبور وغيرهم. اما ترجمات الادب الروسي الي العربية فقد ظهرت بفارق حوالي قرن وذلك في الثلث الاخير من القرن التاسع عشر،والاهم انها ظهرت مباشرة عن الاصول الروسية ، ثم تلاها بعد ذلك في القرن العشرين ظهور ترجمات للادب الروسي من خلال لغات وسيطة اوربية ، والبعض الاخر عن الروسية مباشرة ، الترجمات العربية للادب الروسي اهتمت بشكل خاص بترجمة الاعمال الكلاسيكية اما الادب الروسي في القرن العشرين والنصوص الشعرية فلم تأخذ حقها من العناية.هناك جهود متفرقة للترجمة بين اللغتين هنا وهناك سواء من قبل دور النشر الحكومية والخاصة ، منها ما لعب دورا مميزا مثل النشاط المميز الذي لعبته في وقتها دار نشر التقدم في موسكو التي قدمت العديد من الترجمات من والي العربية ،وليس فقط ترجمات ادبية بل وعلمية، وترجمات لكتب الاطفال،للاسف توقف نشاط هذه الدار في الفترة الاخيرة.نحن الان علي اعتاب مرحلة جديدة من ، ناًمل ان يفعل نشاط الترجمة بين اللغتين نظرا لاهميته في توطيد اواصر الصداقة بين الشعبين ،وتعميق المعرفة المتبادلة،فمما لاشك فيه ان تفعيل الحوار الثقافي والعلمي شأنه الاسهام في تدعيم الحوار السياسي والاقتصادي.لقداثمرت فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي اجيالا من الباحثين والمتخصصين في المجالات المختلفة الذين تكونوا علميا وثقافيا في الاتحاد السوفيتي السابق وانا واحدة من هذه الاجيال، وقد كان لروسيا اسهامها الكبير في الاعدد لكوادر المتخصصين في الفنون المختلفة في اكاديمية الفنون:الباليه،الاوبرا،الموسيقي وغيرها.كذلك من المعروف ان روسيا تحظي بمكانة علمية متقدمة في تخصصات علمية متقدمة مثل الطاقة النووية والرياضيات والفيزياء وكذلك الفنون والاداب وغيرها،والتي يمكن الاستفادة فيها بالخبرة الروسية من خلال التبادل العلمي والثقافي والاكثار من البعثات. استاذ الادب الروسي ،جامعة عين شمس