التهريب إلي الداخل يصنع علامات استفهام مثيرة..فالعملات التذكارية او الطوابع النادرة قد يكون من جمعها مجرد هاو ربما يجهل القانون .. لكننا نتحدث عن أمر يفوق هذا النوع من الضبطيات، وإذا كان التهريب من مصر قضية قائمة مفهومة،فإن التهريب إليها يجعلنا نتساءل إن كانت مصر قد تحولت إلي معبر أو "ترانزيت" لتهريب الآثار حيث تفتح اسرائيل ذراعيها لآثارنا وحيث يسهل التهريب عبر الدروب الوعرة التي لا يعرفها إلا الأدلة أو عبر الحدود الليبية المشتعلة أوالأنفاق التي تفتح أفواهها إما لقذف الحمم لتلتهم أغلي الأبناء في سيناء أو لتبتلع الهاربين والمسروقات الثمينة كما ابتلعت "عيني عينك" مئات السيارات التي سرقت من مصر وعبرت الحدود أيام الانفلات الأمني بعد ثورة يناير..وبالطبع فإن المحاولات عبر المنافذ العادية لا تتوقف باستخدام وسائل مختلفة للإخفاء. أحد تأكيدات الظاهرة كان عندما سلم الدكتور محمد ابراهيم وزير الاثار السابق في سبتمبر 2013 لسفارتي بيرو والأكوادور 5 قطع أثرية، ثلاث قطع تمثل رؤوس تماثيل قديمة يظهر عليها بقايا ألوان مسجل عليها أرقام تسجيل بالمداد الأسود، ضبط معها شهادة تفيد بأنها من الفنون الإكوادورية وترجع إلي 800 ق.م، كما تتضمن المضبوطات تمثالين لرجل وسيدة تظهر عليهما بقايا ألوان كما يظهر عليها أرقام تسجيل بالمداد الأسود ضبط معها أيضا شهادة تفيد بأنها ترجع إلي حضارة بيرو القديمة (250 ق.م)،القطع كانت قادمة بشهاداتها في طرد من الولاياتالمتحدةالأمريكية يفترض أن يتسلمه مواطن سكندري من المؤكد أنه لم يثبت مشروعية حصوله علي القطع تماما كما يحمل تسلم السفارتين للقطع تأكيدات قطعية بأنها سرقت من البلدين ولم تخرج بطرق مشروعة، أحد فصول القصة المتكررة كان منذ أيام قليلة عندما تمكنت وحدة المنافذ الأثرية التابعة لوزارة الآثار بالتعاون مع شرطة السياحة والآثار من ضبط طرود تضم قطعا أثرية وطوابع قديمة ووثائق تم إخفاؤها وسط متعلقات شخصية وكتب وألبومات حديثة و ضمت الطرود القادمة من دولة الإمارات العربية المتحدة 16عملة أثرية عربية وأجنبية الأصل وثمانية براويز تضم 12 قطعة أثرية من الحلي والبراقع والأساور و65 ألبوما بها آلاف الطوابع البريدية القديمة تحمل معظمهما صورا لأفراد أسرة محمد علي! وفي محاولة للإجابة علي تساؤلاتنا يقول أحمد الراوي رئيس الإدارة المركزية للوحدات الأثرية بالمنافذ المصرية أن اتفاقية اليونسكو سنة1970التي وقعت عليها مصر سنة 72 وصدر بشأنها القرار الجمهوري عام 1973تمنع استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية بين الدول بشرط أن تكون الدولة موقعة علي الاتفاقية،كما أن عددا كبيرا من الدول غير الموقعة نرتبط معها باتفاقيات ثنائية، ووفقا لتلك الاتفاقية تلتزم مصر بإعادة اي ممتلكات لأي دولة يتم ضبطها أثناء دخولها إلي مصر أو أثناء محاولة تهريبها للخارج، ويؤكد الراوي أن الإدارة تبذل أقصي جهد عبر 40 منفذا علي مستوي الجمهورية حتي لا تتحول مصر فعليا إلي بلد "ترانزيت" تنتقل عبرها الآثار المهربة خاصة مع وجود منافذ للعبور من وإلي الدول المتاخمة من الصعب السيطرة عليها مثل الأنفاق إلي قطاع غزة والدروب الوعرة التي لا يعرفها إلا الأدلة إلي السودان، إضافة إلي ماتعانيه ليبيا من انفلات أمني وتهريب لآثارها، مؤكدا أن ضبط الآثار سواء المهربة إلي الخارج أو القادمة هو جزء من هذا الجهد، ويضيف الرواي "في حالة الوارد إلي مصر "نحرص علي اثبات ملكية القطع وفاتورة الشراء من صالات المزادات لا تعتبر سند ملكية للأثر ويظل علي الشخص إثبات الملكية وهو مايطبق ايضا علي القطع التي تخرج من مصر، وهو ماجعل مصر منذ مايقرب من شهرين تمنع سفر 30 عملة للملك عبد العزيز آل سعود وبالفعل سيتم تسليمها للسعودية، مؤكدا أنه لا يمكن القول بأن المنافذ تستطيع منع التهريب مائة بالمائة لأن شغل المنافذ هو مايعرض عليها بعد تفتيش الجمارك أو مايتم الإبلاغ عنه "إخبارية" وقد قمنا بعمل دورات تدريبية لرجال المنافذ الجمركية لتثقيفهم لمعرفة مايتم الاشتباه بأثريته اضافة لتثقيفهم في القوانين، مؤكدا أنه في أبريل 2014 تم ضبط آثار مصرية تخص فترة وجود اليهود في مصر في حاوية بميناء دمياط كانت في طريقها لبلجيكا من بينها صندوق خشبي اسطواني، مطلي بالفضة، كان يحوي "مطويات التوراة"ووقتها احتج سفير اسرائيل لدي الاممالمتحدة علي الضبط والمصادرة متعللا بأنها آثار تخص العصر اليهودي رغم أنها مصريه مائة في المائة..وهو مايؤكد أن اسرائيل متداخلة بشكل أو بآخر في عمليات تهريب تلك القطع، مشيرا إلي أنه بعد ماقيل عن نقل آثار بالحقائب الدبلوماسية بعد ثورة يناير تحمل مسئولية قرار اعترضت عليه الخارجية بتفتيش تلك الحقائب، والتزمت كل السفارات والجهات الأجنبية بالتفتيش، وقد تم العثور بالفعل علي مكاييل قديمة من عصر أسرة محمد علي بإحدي السفارات وتعاونت السفارة وتم تسليمها دون أدني مشاكل، موضحا أن القانون 117 لسنة 83 المعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 غلظ عقوبة تهريب الآثار..وان البعض قد لا يعلم ان بعض القطع قد لايمر عليها مائة عام ومع ذلك يطبق عليها القانون في مادته الثانية لأن لها قيمة فنية وتاريخية، كما أن القانون رقم 8 لسنة 2009 يخص ضبط المخطوطات والكتب والوثائق المصرية وهناك تعاون بين الآثار ووزارة البيئة فيما يخص الأشجار المتحجرة والحفريات والمحميات الطبيعية والشعاب المرجانية وقد قمنا ذات مرة بمصادرة حاويتين كانت إحدي الشركات في طريقها لتصدريهما للصين علي أنهما رخام بينما كانتا مملوءتين بأشجار متحجرة،كما اعدنا للعراق تمثالا منذ عدة سنوات. ووفقا لمصدر بوزارة الخارجية فإن الحقائب الدبلوماسية كانت بالفعل وسيلة من وسائل التهريب من وإلي مصر وربما منذ عهد مبارك وليس فقط في اعقاب ثورة يناير لأنه طبقا لاتفاقية فيينا عام 1960 فإن الحقيبة لا يجوز فتحها أوحجزها أو تأخير دخولها إلي إقليم الدولة المعتمدة لديها لتبلغ وجهتها وهي دار البعثة الدبلوماسية كما لا يجوز تأخير خروجها. وفي السياق ذاته كان الدكتور حجاجي ابراهيم عضو اللجنة الدائمة للآثار قد أكد قيام بعض الدبلوماسيين بأعمال تهريب وأنه لم يتم الإعلان عن القبض علي حاوية لدبلوماسي قطري تحتوي علي متحف بالكامل من القطع الأثرية في ميناء العين السخنة. وكان شاي بار طوبا مدير وحدة مكافحة سرقة الأثار في سلطة الآثار الإسرائيلية قد اكد في تصريحات صحفية في مايو 2012أن تهريب الكنوز الأثرية من البلدان العربية إلي إسرائيل قد ازداد بعد الثورات العربية نتيجة ضعف نظام الحكم وفقدان حالة الاستقرار فيها وتفشي الحفريات غير القانونية،مشيرا إلي ازدياد ظاهرة تهريب المكتشفات الأثرية من مصر لإسرائيل عبر سيناء،وبالطبع يمكن نقل تلك الأثار عبر اسرائيل إلي أي دولة في العالم أو أن تباع مباشرة عبر صالات مزاداتها أو في محلات عادية تبيع الآثار في شوارع تل أبيب، ومن المعروف أن إسرائيل لم توقع علي اتفاقية اليونسكو وهو ما لايلزمها برد شيء ومن المعروف أيضا ان عمليات نهب واسعة منظمة تتم للآثار الليبية وأن الكثير من تلك الأثار وصل بالفعل إلي إسرائيل.