"سياحة الشيوخ" توصي بضرورة تفعيل المنتج السياحي "العمرة بلس"    يحيى الفخرانى يطالب بقانون لضبط استخدام الذكاء الاصطناعى فى عمل الفنانين    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يدعم مقترح الهدنة فى غزة    تصفيات مؤهلة لكأس العالم.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الأرصاد: طقس اليوم الاثنين حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 36    حزمة إجراءات.. التعليم تكشف الاستعدادات لتأمين امتحانات الثانوية العامة    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    الزمالك: شيكابالا أسطورة لنا وهو الأكثر تحقيقًا للبطولات    استشهاد عدد من الفلسطينيين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في غزة    ترامب يطالب بايدن بإجراء اختبار لقدراته العقلية والكشف عن وجود مواد مخدرة في جسمه    المجر.. حزب أوربان يحتفظ بالصدارة ويفقد مقاعد بانتخابات البرلمان الأوروبي    الكشف على 1346 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية قراقص بالبحيرة    المنوفية في 10 سنوات.. 30 مليار جنيه استثمارات خلال 2014/2023    أمر ملكى سعودي باستضافة 1000 حاج من ذوى شهداء ومصابى غزة    يمينية خالصة.. قراءة في استقالة "جانتس" من حكومة الحرب الإسرائيلية    شقيقة كيم تتوعد برد جديد على نشر سيول للدعاية بمكبرات الصوت    آخر تحديث.. سعر الذهب اليوم الاثنين 10-6-2024 في محلات الصاغة    النقل تستعرض أعمال تطوير ميناء العين السخنة (فيديو)    ميدو: مباراة بوركينا فاسو نقطة تحول في مسيرة حسام حسن مع المنتخب    ليفربول يعلن إصابة قائده السابق ألان هانسن بمرض خطير    خالد البلشي: تحسين الوضع المهني للصحفيين ضرورة.. ونحتاج تدخل الدولة لزيادة الأجور    "ده ولا شيكابالا".. عمرو أديب يعلق على فيديو مراجعة الجيولوجيا: "فين وزارة التعليم"    الحكم على طعون شيري هانم وابنتها على حبسهما 5 سنوات.. اليوم    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر (موجة حارة شديدة قادمة)    «كنت مرعوبة».. الفنانة هلا السعيد عن واقعة «سائق أوبر»: «خوفت يتعدي عليا» (خاص)    دعوة للإفراج عن الصحفيين ومشاركي مظاهرات تأييد فلسطين قبل عيد الأضحى    53 محامٍ بالأقصر يتقدمون ببلاغ للنائب العام ضد عمرو دياب.. ما القصة؟| مستند    لميس الحديدي: عمرو أديب كان بيطفش العرسان مني وبيقنعني أرفضهم قبل زواجنا    ضمن فعاليات "سيني جونة في O West".. محمد حفظي يتحدث عن الإنتاج السينمائي المشترك    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    عند الإحرام والطواف والسعي.. 8 سنن في الحج يوضحها علي جمعة    أدعية مأثورة لحجاج بيت الله من السفر إلى الوقوف بعرفة    دعاء رابع ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللهم اهدني فيمن هديت»    البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    وصفة سحرية للتخلص من الدهون المتراكمة بفروة الرأس    عددهم 10 ملايين، تركيا تفرض حجرًا صحيًا على مناطق بالجنوب بسبب الكلاب    الانفصاليون الفلمنكيون يتصدرون الانتخابات الوطنية في بلجيكا    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في القاهرة والمحافظات (رابط متاح للاستعلام)    تحرير 36 محضرا وضبط 272.5 كيلو أغذية منتهية الصلاحية بمدينة دهب    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    حلو الكلام.. إنَّني أرقص دائمًا    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحى ما زال يخضع للتحقيق حتى الآن    عمر جابر: سنفعل كل ما بوسعنا للتتويج بالدوري    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات فيتوريا    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    الطالبات يتصدرن.. «أزهر المنيا» تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد رمضان في مواجهة شون كونري
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 08 - 2014

جاء أحمد رمضان من مجال الطب وأرسي لنفسه مكانا ناشئا في هذا المجال، لكن الأدب كان يحاصره من أب يتدفق شعرا...فماذا تنتج هذه الخلطة؟ وهل يسمح الأدب بالتوريث؟ فهناك كثر حاولوا توريث أبنائهم الكتابة الأدبية وكان الفشل والنجاح معلقين علي وجود الموهبة من عدمه، مثل كل كتابة أدبية. فالكتابة في النهاية تخصك وحدك، ومهما أضاف الآخرون من كلمات وجمل تبقي مستقلة وقائمة بذاتها كوحدة فنية. لكن يبدو أن ما ساعد أحمد رمضان أكثر هو صبره وتأنيه، فلم يتعجل في النشر بالرغم من قصصه التي تعود إلي عام 2007. لفت نظري الاسم في البداية عبر قصة قصيرة نُشرت في جريدة الحياة بعنوان بائع الأحلام. وكان قد نُشر له رواية في الهيئة العامة للكتاب عام 2012، وفي العام الذي يليه صدرت مجموعته القصصية في مواجهة شون كونري عن دار روافد. وهي المجموعة التي تضم عشرين قصة وتشي بموهبة تعرف كيف تنسج حبائلها حول القارئ، موهبة قادمة من جيل مغاير يتكلم لغة جديدة، وجل همه أن يجد متنفسا لحريته في وسط ركام من الاستبداد والقهر، وأن يحافظ علي سلامته العقلية في أكوام من الجنون المطلق والعبث.
من أجل أن يتمكن الكاتب من مواجهة شون كونري بثورة غضب عارمة- في القصة الأخيرة التي تحمل اسم المجموعة- كان لزاما عليه أن يتدرج في الثورة، فجاءت ثورته علي كل المستويات. بدأت بكسر منظومة الرقص- مع الالتزام بقواعد اللعبة- في قصة رقصة تانجو إذ لم يتلقف الراقص زميلته وتركها تسقط وتموت، وكان لديه منطقه في المحكمة، ثم كانت ثورة الضحك حيث قام الشعب بمحاصرة قصر الحاكم ومقاومته بالضحك، ثم السباحة عكس التيار في زأمازال يونس ببطن الحوت؟ »ثم «نيوتن العصري الذي رُفض بحثه في مركز البحوث ففضح الجميع، وهناك عدم الرغبة في الاستماع لثرثرة الآخرين في »هدوء تام ولماذا صحت اليغاد؟ « وهناك التمرد علي الأوهام والوصاية الأبوية في » الرابض خلف الأسوار« (وهي قصة تُشكل من وجهة نظري قلب المجموعة)، والتمرد علي القوالب المجتمعية في » ليلة صيف هادئة وفضع السلطة في « زعندما قابل الملك الملكة، التي جاء قبلها راحة أبدية حيث يُعيد الكاتب صياغة المقولة الشهيرة قُتلت يوم قُتل الثور الأبيض.
المدهش هو أن معظم القصص التي كُتبت عام 2010 تحمل في داخلها بذور ثورة وشيكة، ولا أقصد مطلقا أنها قصص تنبأت بالثورة- كما يحلو للكثير من الكُتاب أن يصنفوا أعمالهم- بل أرمي إلي فكرة استعداد جيل آنذاك للثورة ورغبته في الخروج من منظومة الفساد التي عاني منها نيوتن الذي لا تعرفه والتي جعلت الببغاء يصمت والتي دفعت ذاك الرابض خلف الأسوار إلي القفز فوق السور تطلعا لمساحة مغايرة غير مأهولة، متسلحا بروح المغامرة والفضول، ضاربا عرض الحائط بكل التحذيرات والخطوط الحمراء. اللافت للنظر أن القصة الأخيرة في مواجهة شون كونري كُتبت أيضا عام 2010، حيث كانت شحنة الغضب التي يحملها أكبر من أن يكتمها بداخله، غضبه من المنبه المتعطل، غضبه من مديره، من الشوارع المزدحمة، من رائحة الدخان، من الكوب المتسخ، من عدم مغازلته للنساء، من سبارتكوس النادل، ..، فتمثل له المدير في صورة شون كونري »وثارئورته العارمة التي لم يكن ليثورها إلا لأعظم الأسباب «.
إلا أن براعة أحمد رمضان تكمن في منطقة مغايرة- وإن كانت رؤيته للعالم تضيف للموهبة- وهي مقدرته علي رسم هذه الرؤي في شكل أدبي، في حبكة، في تفصيلة البداية، في الخيط الذي يلتقطه لينسج قصة. يعتمد الكاتب بشكل واضح علي فكرة الحلم، الذي هو ليس بحلم، هو الحلم الذي يتداخل مع الواقع ليحل محله، وبتطور القصص تصل الواقعية السحرية إلي أعلي ذروة لها، وهو ما يجبر القارئ علي التعامل مع هذا العالم كما هو. بمعني آخر، لا يُوظف الكاتب منطقة الإبهام والغموض لتحميلها برموز، أو منطقة الحلم كعالم مواز، بل يتحول الحلم- شكلا ومضمونا- إلي وسيلة التعبير الرئيسية في القصص، حتي أن الحلم نفسه يُمكن بيعه والحصول عليه بالطلب كما ظهر في قصة بائع الأحلام (غير منشورة في المجموعة). في الوقت نفسه، لا تُعتبر الأحلام وسيلة هروب من الواقع كما تسير الكتابة التقليدية، بل هي تكشف عن قسوة الواقع، عبر رسمه بسحرية ولا منطقية تنتظم في تسلسل منطقي. تتيح أيضا هذه التقنية للكاتب تأمل الواقع بشكل أكثر دقة، ومن هنا تظهر المفارقة، ففي قصة الفتي الطائر يتحول الطيران إلي عدسة مكبرة للتفاصيل غير مُتاحة لمن هم علي الأرض. أحلام أحمد رمضان ليست كابوسية ولا رمزية، بل هي أحلام- إذا اتفقنا علي تسميتها هكذا- دالة تقدم لحظة كشف للراسخ والسائد، فتتحول لحظة الكشف إلي حجر يُلقي في بركة مياه آسنة لتتأكد أهمية أن تكون وقحا في مواجهة شون كونري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.