اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحاضر في ندوة بجامعة سوهاج    سعر الدرهم الإماراتي بالبنوك أمام الجنيه اليوم السبت 11-5-2024    البيت الأبيض يستبعد وصول مستوى العمليات العسكرية في رفح لمرحلة الهجوم البري    ريال مدريد يتأهب للاحتفال بلقب الليجا أمام غرناطة    «الأرصاد»: طقس السبت حار نهارا.. والعظمى بالقاهرة 30 درجة    غدا.. "الشيوخ" يناقش خطط التوسع بمراكز التنمية الشبابية ودور السياسات المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية    إيجابية نتيجة تحليل المخدرات لمطرب المهرجانات عصام صاصا وقرار جديد ضده    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    عمرو أديب: "لعنة مصر" هي الموظفون    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    ابن امه، أصغر أنجال ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري بعد تدخل ميلانيا    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    إصابة 10 أشخاص في تصادم ميكروباص مع سيارة نقل بالطريق الدائري (صور)    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    موعد مباراة توتنهام أمام بيرنلي في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    الحماية المدنية تسيطر على حريق جراج بأبو النمرس    بوكانان يوقع على هدفه الأول مع إنتر ميلان في شباك فروسينوني    780 جنيها انخفاضًا ب «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    بكام سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 11 مايو 2024    حركة القطارات | 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 مايو    قوات الاحتلال تقتحم بلدة عصيرة وقرية قوصين في محافظة نابلس    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    في أقل من 24 ساعة.. «حزب الله» ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    اليوم.. نظر محاكمة 35 متهما بقضية "خلية الاتجار بالعملة"    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرسام الهندي سودهير تيلانج:
الكاريكاتير.. »نمر« أوشك علي الانقراض
نشر في أخبار الأدب يوم 03 - 05 - 2014

أشتهر برسوماته السياسية اللاذعة التي تنتقد السياسات الظالمة التي تمارس ضد الشعوب، فهو واحد من الذين تصدوا برسوماتهم لعبث الرؤساء، وكذلك أنتقد بعنف الوزراء ورؤساء الحكومات الهندية علي مدي أكثر من ثلاثين عاما، وأستطاع الفنان الهندي البارز سودهير تيلانج أن يكون واحدا من الشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي الهندي، فقد آمن بأن " الكاريكاتير" هو واحد من الأدوات السلمية في تغيير الشعوب.. وقد تمكن من أدواته، لدرجة أن الحكومة الهندية التي هو دائم الانتقاد لها منحته جائزة " بادماشري" وهي أرفع جائزة مدنية في بلاده.
سودهير ( من مواليد 1960) زار القاهرة مؤخرا، في إطار مهرجان " الهند علي ضفاف النيل" وقد ألتقيت به ليكشف في هذا الحوار عن تكوينه العلمي والثقافي وأرائه في مختلف المجالات، وكذلك ورؤيته للمشهد السياسي في العالم، وفي هذا الإطار يقلل من دور حركة عدم الانحياز، التي يراها فقدت الكثير من جدواها، لاسيما أن العالم لم يصبح لديه حاليا زعماء ملهمون مثل جمال عبد الناصر ونهرو، كما اعترف أنه حتي الآن لم يرسم الصورة التي يحلم بها، وأنه يخشي علي فن الكاريكاتير السياسي من الانقراض، رغم إدراكه التام بأن هذا الفن يلعب دورا كبيرا في كبح جماح السياسيين.
بدأت تجربتك مع رسم الكاريكاتير، وأنت طفل لم تتجاوز السنوات العشر، ألا تري أنها بداية مبكرة مع هذا النوع من الفن، الذي يحتاج إلي تراكم خبرات؟
الحقيقة أنني بدأت الرسم وأنا عمري أربع سنوات، فقد كنت أرسم علي أرضية وحيطان البيت، وكان هذا يسبب لي مشاكل كثيرة مع أفراد عائلتي، إلا أنهم كانوا يتفهمون في النهاية أنني لا يمكن أن أعيش دون أن تكون في يدي ورقة وقلم وألوان، ولكن التغيير الحقيقي الذي أشعرني بأن رسوماتي لها قيمة كبيرة، عندما كنت في سن العاشرة أرسلت كاريكاتير عن انتقاد لأوضاع معيشية في بلدتي، إلي مجلة " هندستان" وكانت المفاجأة أنها نشرت لي الكاريكاتير، وشاهده عدد من متابعي المجلة في مدينتي، وأصبحت وأنا طفل.. شخصا مشهورا، وأتذكر أنني أشتريت عشر نسخ من هذه المجلة، كما راسلت مجلة هندية أخري وأرسلت لها خمس رسومات، وإذا بهذه المجلة ترسل لي 25 روبية، وكان ذلك في العام 1970، فاشتريت نظارة شمس ووضعتها علي عيني، وذهبت للسينما وأتفرجت علي فيلم، من الروبيات التي كسبتها من رسوماتي.
هل دعمت هذه الموهبة بالدراسة الأكاديمية المتخصصة؟
لا.. فقد التحقت، بعد مرحلة الثانوية العامة بكلية العلوم وقمت بدراسة تشريح الحيوانات، وهو ما أفادني في رسم عدد من الشخصيات، لكنني لم أستكمل هذه الدراسة، وحصلت في النهاية علي الليسانس والماجستير في الأدب الإنجليزي، ورغم ذلك فقد احترفت فن الكاريكاتير، وأصبح هو عملي الأساسي.
هل تري أن رسام الكاريكاتير هو سياسي من طراز ما؟
أعتقد أن رسام الكاريكاتير ليس شرطا أن يكون من محترفي السياسة، لكن يجب أن يكون علي دراية ولديه معرفة جيدة بالسياسيين وقناعاتهم وأفكارهم وتوجهاتهم، فهو هنا مثل المعلق، الذي يحلل ما يجري في الملعب، دون أن يكون أحد اللاعبين، لكنه علي دراية بتفاصيل المشهد الذي ينقله للمشاهد.
من خلال تجربتك الطويلة في نقد الوزراء الهنود.. هل يجب أن يكون رسام الكاريكاتير دائما معارضا للنظام؟
ليست معارضا بالمفهوم السياسي، أي أن أنضم للحزب المعارض للحكومة، ولكن من وجهة نظري أن كل سياسي بارز سواء كان في الحكومة أو المعارضة، لابد أن تطاله ريشة الفنان، لأنني أنقد أفكاره وأتساءل: هل هي في صالح المواطن أم أنها تخدم فقط طموحه السياسي، فالنقد عبر الكاريكاتير مبني علي مناقشة قضايا بعينها، وليس موجه للأشخاص، فرسام الكاريكاتير يجب أن يعي منذ اللحظة الأولي أنه معارض للأحزاب السياسية أيا كان توجهها، فهو ينقد موضوعات معينة، فرسام الكاريكاتير في الدول الديمقراطية يلعب دورا مهما جدا، في أن يكون صوت الشعب وأن يتصدي لألاعيب السياسية من أي طرف، خاصة الطرف الحكومي، من هنا ممكن أن تحكم علي مدي حرية دولة ما، بناء علي مدي الحرية التي تعطي لرسامي الكاريكاتير، ففي الدول الديكتاتورية يختفي الكاريكاتير السياسي، ويحل محله كاريكاتير اجتماعي لا يتطرق للقضايا الأساسية التي تشغل المجتمع.
إذن هل رسام الكاريكاتير يجب أن ينعم بحرية كاملة تتيح له التعبير عن كل ما يريد أم أنه يستطيع أن يحصل علي حرية ما تمكنه من اداء ما يريد؟
بصراحة في الهند ليس لدي حرية كاملة، لكن لدي حرية ما ..تمكنني من أن أقول ما أريد في موضوعات مثل السياسة أما الاقتراب من رسم موضوعات تتعرض للأديان، فمن الصعوبة بمكان، ومن الممكن أن تؤدي لإحراق جريدتي بالكامل، فمع مرور الوقت أصبحت أرسم بحرية كاملة عن أي سياسي، حتي لوكان يتولد لديهم شعور بالغضب أو الإهانة مما أرسم، لا يهم، وهذه هي قوة رسام الكاريكاتير السياسي، الذي يتوجه لتغيير مجتمعه بوسيلة سلمية هي الرسم، وأعتقد أننا في الهند ننظر إلي فن الكاريكاتير باعتباره يعبر عن فلسفة التغيير السلمي التي انتهجها غاندي، فنحن نعتمد علي الأفكار البناءة التي تحملها اللوحة، مع عدم التعرض للأشخاص في حد ذاتهم، إنما ننقد افكارهم ورؤاهم، ومع مرور الوقت أدرك العديد من المسئولين لدينا أهمية فن الكاريكاتير في بناء المجتمعات بشكل ديمقراطي، وأتذكر واقعتين هامتين، الأولي تتعلق برئيس وزراء الهند مانموهان سينج الذي زار أحد معارضي واقتني لوحة تنتقده وفوجئت به يعلقها في منزله، أما الواقعة الثانية فتتعلق بأنني قررت التوقف عن رسم أحد الوزراء في جريدتي، بعد ان أنتقدته كثيرا، ففوجئت بسكرتيره الخاص يخبرني بأن الوزير غاضب مني بشدة، فقلت له لماذا وأنا توقفت عن رسمه منذ ستة أشهر، فقال لي السكرتير الوزير معك علي الهاتف، فإذا بهذا الوزير يقول لي لماذا توقفت عن انتقادي، معني ذلك أنني أصبحت وزيرا بلا قيمة وليس لي أي شأن سياسي، وليس فيما أصدره من قرارات أي تأثير يذكر، هذه المكالمة اشعرتني بأهمية ما يفعله الكاريكاتير في كبح جماح السياسيين، كما أنه يقدر علي عقابهم وإشعارهم بأنهم بلا قيمة سياسية.
إذن هل أفهم من كلامك أن الكاريكاتير هو الذي يقود المعارضة الآن في الهند؟
لا.. لكن في الهند تراث كبير من رسومات الكاريكاتير التي تركزت علي فضح المواقف السياسية التي تضر بالشعب، إلا أنه في السنوات الأخيرة اختفي هذا الدور أو قل إلي حد كبير، وذلك بسبب تركيز الصحافة علي فنون وموضوعات أخري، مثل السينما، الجرائم، الكتابة عن لعبة الكروكيت، فهذه المجالات الثلاثة تفوقت علي فن الكاريكاتير، وهو ما أدي إلي قلة عدد رسامي الكاريكاتير، وأستطيع تشبيه الوضع بالنسبة لفن الكاريكاتير في الهند الآن، إنه مثل النمور التي أوشكت علي الانقراض، فقد غلبت التسلية والمتعة في الصحف أكثر من إتاحة الفرصة للفنون التي تعبر عن الرأي، لكن في هذه الفترة وبسبب الانتخابات العامة التي تشهدها الهند، وستؤدي إلي اختيار رئيس وزراء جديد، يهتم قراء الصحف الآن بالكاريكاتير، لتكوين وجهة نظر فيمن سينتخبونه، فبالرغم مما قلته سابقا من تراجع فن الكاريكاتير لصالح فنون أخري، سيظل هذا الفن هو العمود الخامس للديمقراطية، بعد: البرلمان، الحكومة، السلطة القضائية، والصحافة بصفة عامة.
هل تنظر إلي الموقفين اللذين ذكرتهما عن تعليق رئيس الوزراء للوحة كاريكاتير من أعمالك في منزله، وغضب وزير لأنك لم تنتقده لمدة ستة أشهر إلي أنه تقدير حقيقي لفن الكاريكاتير أم ذكاء سياسي؟
مبدئيا أن يظهر السياسي في رسومات فناني الكاريكاتير فهذا ميزة كبيرة له، فالناس ستعرفه علي نطاق واسع من هذه الرسومات، وبالنسبة لي ليس مهما أن يوافق هذا الوزير أو ذاك علي رسوماتي، إنما الأهم أن يقدر رسمي ويحترمه، وهذا ما شعرت به في الموقفين السابقين.
لك كتاب جمعت فيه رسوماتك عن رئيس الوزراء الهندي الذي انتقدته لمدة خمس سنوات هي مدة رئاسته للحكومة، التي أوشكت علي الرحيل، بعد الانتخابات الهندية في 17 مايو المقبل، هل تري أن هذا الكتاب يلخص تجربته في الحكم؟
نعم بكل تأكيد، فقد كانت رسوماتي ساحة لمناقشة قراراته، والتعليق بشكل كوميدي علي سياساته، ومن يطلع علي هذا الكتاب، يدرك مواطن القوة والضعف في سياسة الهند في السنوات الأخيرة.
إذن أفهم من ذلك أنه ممكن قراءة تاريخ الهند من خلال متابعة الكاريكاتيرات في السنوات الأخيرة؟
نعم .. فالأعمال الكاريكاتورية عبارة عن تعليق ساخر لما شهدته البلاد من أحداث في السنوات الثلاثين الماضية، فكل المشاكل التي شهدتها الهند علي مدي هذه السنوات، ومن ذلك تسليط الأضواء علي الفساد، واحتكار أسر بعينها الحياة السياسية، أضف إلي ذلك علي المستوي الشخصي ستجد في أعمالي رؤية واضحة لتدني بعض الخدمات في التعليم والطرق والمستشفيات والفقر والبطالة، وغياب العدالة الاجتماعية، فهذه المشكلات التي تواجه الهند، تظهر في أعمالي بشكل واضح وبرؤية تنحاز لجموع الشعب الهندي.
رغم أنك دائم التأكيد علي معارضتك للنظام في الهند.. إلا أنك فوزت بجائزة بادم اشري التي تمنحها الحكومة الهندية ألا تجد تناقضا في قبولك للجائزة من نظام دائم الانتقاد له؟
لهذه الجائزة قيمة كبيرة في المجتمع الهندي، وسبق أن فاز بها نخبة من العلماء والكتاب والفنانين وأساتذة الجامعة، وهي تمنح لأصحاب الانجازات، وهي توازي لقب فارس الذي تمنحه ملكة انجلترا للشخصيات البارزة هناك، وجائزة بادماشري أرفع جائزة مدنية تمنح لأي شخص في الهند، ولا أجد تعارضا بين مواقفي وأن أحصل عليها من الحكومة التي أنتقدها، فهذا جمال الديمقراطية تنتقد كما تشاء ولا تسقط حقوقك، بأن تحصل علي أي جوائز، طالما أنك تستحقها، فالديمقراطية ذ من وجهة نظري- ليست إجراء انتخابات نزيهة فقط - وإنما أيضا- عدم احتكار الأفكار من جانب مجموعة من السياسيين، وأن نسير خلفهم دون أن يكون لنا أفكارنا التي ندافع عنها بجميع الأشكال السلمية ومنها الكاريكاتير، وكذلك الحركات الاحتجاجية التي بدأت تتشكل حاليا في الهند.
المتأمل لرسوماتك يكتشف أنها ليست مقصورة علي الشأن الهندي، فهناك رسومات عن الرئيس الأسبق مبارك، تصوره وهو يهدم أبو الهول وأخري وهو جالس فوق قمة الهرم، كيف تتابع الشأن المصري؟
أنا لا أتابع ما يحدث في مصر فقط، بل في مختلف أنحاء العالم، لا سيما الدول ذات مناطق النفوذ والتأثير، مثل أمريكا، وسبق أن رسمت رؤساءها ونشرت هذه الرسومات في كبريات الصحف، أما فيما يخص مصر، فقد كنت دائما أعتقد أنها قريبة الشبه من الهند، وتأكد لي هذا الاحساس في هذه الزيارة، وكنت أتابع أحداثها دائما عبر مختلف وسائل المعرفة والاتصالات، وكان لي رأي في مبارك فهو بلاشك شخصية سياسية بارزة، لكنه بمرور الوقت تحول لديكتاتور، ولا أخفي سرا أنني انتقدته قبل قيام ثورة 25 يناير 2011، فواحدة من رسوماتي تصورت مبارك وهو يهدم أبو الهول، هذا الرمز المصري الخالد، وفي رسمة اخري جعلته يجلس في قمة الهرم، هو يظن أنه في جلسته هذه يحدث توازنا بين الجميع، فمبارك كان يجيد علي مدي تاريخه لعبة التوازنات، لكن في النهاية اختلت الأمور من بين يديه، وهو لايدري أن الوضع أصبح خارج السيطرة، كما رسمت كاريكاتيرا مساء تنحي مبارك في 11 فبراير 2011 وفيه تساءلت لماذا لا تتصل برئيس وزراء الهند ليخرجك من هذه الأزمة، مثلما يخرج نفسه من أزمات شبيهة، والحقيقة أن مبارك ونظامه لم يستوعبا اللحظة الراهنة، وأن الديمقراطية لابد أن تنتصر في النهاية، إضافة إلي أنه من الناحية التشريحية فوجه حسني مبارك مغر لرسامي الكاريكاتير، فهو من الوجوه المميزة التي تجبرك علي رسمها، لاسيما شكل أنفه، وهو نفس ما جذبني علي مدي خمس سنوات ( 1991-1996) لرسم رئيس الوزراء الهندي الأسبق نارسيما راو، فقد كان من الوجوه التي خلقت من أجل فناني الكاريكاتير، وربما لم تخدم شخصية هذا الفن، مثلما فعل هو بشكله وقراراته، ففتحات أنفه جذابة، وشفتاه عندي أحلي وأجمل من شفتيي أنجيلنا جولي، كما كان صاحب مظهر لافت للأنظار، فدائما يرتدي ثوبا فضفاضا وأكماما طويلة، فلا تري من يديه سوي أظافر، فيداه عندي أصبحت مجرد أظافر فقط.
هذه زيارتك الأولي لمصر.. ما الفارق بين تصورك الذهني عنها السابق للزيارة، ورؤيتك لها الآن؟
بلاشك أن لمصر منزلة في نفوس الهند، ولهما الكثير من الأدوار المشتركة، لاسيما أنهما من دول عدم الانحياز، لكنني لم أكن أتصور أن الوضع في أمور كثيرة شبه متطابق، فعلي سبيل المثال عندما قررت القيام بجولة في شوارع مدينة القاهرة، لاسيما منطقة وسط البلد، فوجئت بكم البائعين المتجولين، الذين يفترشون الأرصفة، وكذلك الشحاذين، الذين يشبهون الشحاذين في بلدي، ولا أكون مبالغا أنني لو أخذت مجموعة من المصريين وسرت بهم في شوارع الهند، لما اكتشف أحد أنهم مصريون، والعكس صحيح، فنحن تقريبا نفس البلد، والأدهي من ذلك أنه من خلال مناقشاتي مع مجموعة من فناني الكاريكاتير المصريين في ورشة العمل التي جمعتنا في المركز الثقافي الهندي بالقاهرة، وجدت قاسما مشتركا كبيرا من الأفكار التي تعبر عن ذات الأزمات التي يمر بها المجتمعان.
بمناسبة الحديث عن ورشة العمل التي جمعتك برسامي الكاريكاتير المصريين، شعرت من ردك عن سؤال خاص بحركة دول عدم الانحياز وجه من الفنان عماد عبد المقصود، أنك تقلل من شأن هذه الحركة في الوقت الحالي.. أليس كذلك؟
نعم، فحركة عدم الانحياز التي كان من مؤسسيها الزعيمان جمال عبد الناصر ونهرو، كانت تعبر عن حقبة تاريخية انتهت، شهدت زعيمين ملهمين، ووجود مثل هذه الشخصيات في اللحظة الراهنة أمر بالغ الصعوبة ، أضف إلي ذلك أن الغرض من إنشاء حركة عدم الانحياز قد زال.. فالهدف كان إحداث توازن في العالم بين القطبين الأمريكي والروسي، لذا بدأت تتراجع أهمية هذه الحركة عندما انهار الاتحاد السوفيتي وأصبحت أمريكا هي المسيطر الوحيد، فلم يعد للحركة قيمتها، ولا يعني ذلك أنها ليست لها دور الآن، ولكنه دور محدود لايقاس بهدفها الذي أنشئت من أجله.
لكن روسيا الآن أصبحت في وضع قوي، ومن الممكن أن تعود الثنائية مرة أخري بينها وبين أمريكا؟
لا أعتقد أن الأمر بهذه السهولة، فلكي تسترد روسيا عافيتها مرة أخري، تحتاج ما يقرب من نصف قرن، فالأوضاع الاقتصادية الروسية سيئة للغاية، وتعاني من الأعداد الكبيرة التي تعيش في حالة بطالة، ربما تبدو روسيا في هذه الأيام قوية، لكنها من الخارج فقط، أما في الداخل فهي فارغة جدا.
ما الكاريكاتير الذي تمنيت أن ترسمه ولكن لم يخرج للنور؟
كل يوم أتأمل ما رسمته، وأشعر أنني من المفترض أن أعبر عن الموضوع المرسوم بشكل آخر، ومن هنا أبحث دائما عن أفضل رسمة في حياتي، وإلي الآن أعترف أنها غير موجودة، بالإضافة إلي أنني أحلم بإنتاج فيلم رسومات متحركة، وهو أمل أتمني تحقيقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.