طلاب جامعة حلوان يشاركون في ورشة عمل بأكاديمية الشرطة    تفاصيل مسابقة شغل 18886 وظيفة معلم مساعد بوزارة التربية والتعليم 14 مايو المقبل    رئيس الوفد: نرفض أي عدوان إسرائيلي على رفح الفلسطينية    «بحوث القوات المسلحة» توقع بروتوكولًا مع «المراكز والمعاهد والهيئات البحثية بالتعليم العالي»    وزير الري: إنفاق 10 مليارات دولار لتعزيز كفاءة المنظومة المائية خلال 5 سنوات    وزارة العمل تعلن الأحد والإثنين المقبلين عطلة رسمية بمناسبة شم النسيم وعيد العمال    عضو التصديري للحاصلات الزراعية يطالب بتبني الدولة استراتيجية للتصنيع من أجل التصنيع    رئيس الاتحاد المصري للاوراق المالية: نعمل على زيادة مساهمة البورصة في الناتج المحلي.. وملف «الضرائب» على رأس الأولويات    أرخص 40 جنيها عن السوق.. صرف الرنجة على بطاقة التموين بسعر مخفض    اعتقال نتنياهو!    رئيس وزراء الأردن يحذر: أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية ستؤدي إلى تفاقم معاناة غزة    "شكري" يشارك في فعالية القادة الاقتصاديين العالميين حول تعزيز الأمن والنمو العالميين    وزير الخارجية يناقش مستجدات أحداث غزة مع ممثل الإتحاد الأوروبي    تعادل بولونيا وأودينيزي 1/1 في الدوري الإيطالي    الدوري الإنجليزي، تعادل سلبي بين مانشستر سيتي ونوتنجهام بعد 15 دقيقة    حصيلة منتخب الجودو في البطولة الأفريقية القاهرة 2024    نشوب حريق داخل مصنع فى مدينة 6 أكتوبر    أسباب منع عرض مسلسل الحشاشين في إيران    أغلى 5 فساتين ارتدتها فنانات على الشاشة.. إطلالة ياسمين عبد العزيز تخطت 125 ألف جنيه    بحضور محافظ مطروح.. قصور الثقافة تختتم ملتقى "أهل مصر" للفتيات    «أبو الهول» شاهد على زواج أثرياء العالم.. 4 حفلات أسطورية في حضن الأهرامات    انعقاد المجلس التنفيذى لفرع الشرقية للتأمين الصحى    «الرعاية الصحية» تستعرض أهمية الشراكة مع القطاع الخاص وخارطة طريق الفترة المقبلة    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    بشار الأسد يؤكد ضرورة تعزيز التضامن العربي والعمل المشترك لتحقيق الاستقرار في المنطقة    جون أنطوي يقود هجوم دريمز الغاني لمواجهة الزمالك بالكونفدرالية    الإعدام لعامل قتل شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة كمبروسر هواء    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    إيقاف تشابي ألونسو مباراة واحدة    منتخب مصر يرفع رصيده ل 8 ميداليات في ختام بطولة مراكش الدولية لألعاب القوى البارالمبي    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    عاجل| البيت الأبيض: إسرائيل طمأنت واشنطن بأنها لن تدخل رفح الفلسطينية حتى يتسنى لنا طرح رؤانا ومخاوفنا    لحيازتهما كمية من الهيروين.. التحقيق مع تاجري الكيف في الشروق    رضا حجازي: زيادة الإقبال على مدارس التعليم الفني بمجاميع أكبر من العام    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    مساعد وزير الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد إلى 14%    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    أفضل أوقات الصلاة على النبي وصيغتها لتفريج الكرب.. 10 مواطن لا تغفل عنها    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    مطران دشنا يترأس قداس أحد الشعانين (صور)    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    حسام البدري: أنا أفضل من موسيماني وفايلر.. وكيروش فشل مع مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة 2012
قبل ان تقترب ساعة 2013


ومضي عام 2012 بما له وما عليه..
واقتربت الساعة من عام 2013 لينشق فجر جديد، نود أن يكون جديداً.. وجديراً بأن تدخله، وإنّا لداخلون، شئنا أم أبينا!
لحظة ما بين عامين.. لحظة ثقافية.. لحظة »تأمل« و»أمل«.. وفي المسافة بينهما.. نتحاسب بعيداً عن »جلد الذات« يتقارب في »فقد الذات«.. نستقطر من حقيبة العام الثقافية.. بدون استغراق.. كفانا وقوفاً وبكاء علي الأطلال..
نسأل.. ونمارس ثقافة الأسئلة.. فما أحوجنا إلي هذه الثقافة التي تعصف بالنظام الثابت للأشياء إلا قليلاً..
ونتساءل.. والسؤال نصف الجواب..
نتسلق شجرة الذاكرة والذائقة لعام يغرب أملاً في عام يشرق.. وما بين الغروب والشروق نحدق.. نحلق.. نحقق.. ندقق..
إلي أي حد كانت حرارة عام 2012 الثقافية؟ هل كانت طبيعية.. ساخنة.. فاترة.. باردة..؟
هل كان المؤشر الثقافي مرتفعاً أم منخفضاً؟ ولماذا؟
هل شهد هذا العام مرايا متجاورة.. محدبة أم مقعرة.. أم طبيعية؟
هل كان الصوت الثقافي - والثقافة هي الحياة - مسموعاً ومرئياً بجانب الصخب السياسي الذي وصل إلي حد الضجر والصراع والصداع والصراخ.. ولايزال!
ما دلالة انفراط العقد في المشهد العام، هل السبب يكمن في غياب أو تغييب المثقف بالمعني العظيم، أو عزوفه عن المشاركة في »الفشل السياسي« الذي يبدو ماثلا للعيان؟
الموقف السياسي.. لا موقف، بل هزات.. وشتات.. وأزمات.. وتخبط.. وحواة.. وهواة.. ولعب بالبيضة والحجر.
الموقف الثقافي لم يساند .. من يتساند علي من؟ سؤال لا يبدو بريئاً؟
من يتصدر المشهد المصري الذي بدأ خلاقاً.. وتراه خلافاً واختلافاً.. لا رحمة فيه ولا هوادة..
هل تكبح الثقافة جماح السياسة علي ضوء القواسم المشتركة في هذا الملف، والتي تشير بجلاء إلي طغيان السياسي علي الثقافي.. وإن كانت نظرات المفكرين حائرة في تعميقها للتحولات، كما سنري علي الصفحات التالية.
ثم ماذا عن »الفعل الثقافي« .. هل هو فردي أم مؤسسي، أم بين بين؟! إذن.. ما حصاد الفعل.. والعقل.. والفكر.. والإبداع..
هذا الملف تفتحه »أخبار الأدب« في منظومة ملفاتها التنويرية.. وتقدم كشف حساب سعياً إلي تقنين اللحظة بين الآني والآتي.. إيماناً بمبدأ » قدر لرجلك قبل الخطو موضعها«
»أخبار الأدب«
المثقفون يقرأون الحصاد
الثقافي لعام 2012
صانع المفاتيح وكفافيس والميدان
استوقف الدكتور جابر عصفور هذا العام روايتان رائعتان، كما يقول، وهما رواية »صانع المفاتيح« للأديب احمد عبد اللطيف، وا كفافيسب لطارق امام وأري وللحق أنهما تستحقان ان تكونا في القائمة الطويلة لجائزة البوكرهذا العام لانهما تجردتا من السرد التقليدي وهما تصنفان كما أري »أدب ما بعد الحداثة«.
أما الشعر فيقول :فقد أعجبت كثيراً بديوان »الميدان« للشاعر عبدالرحمن الأبنودي .
وأما بخصوص الأقرب الي الشارع وإلي الحراك الاجتماعي بدون تردد سأقول لك علي الفور أنه السياسي ، كنتيجة لما تشهده الساحة الأن من أحداث، ومن كوننا نمر بفترة انتقالية بل ومصيرية من حياة أمتنا.
وكل الحوارات الآن لا تخلو من السياسة ، وكل الخلافات ايضاً سببها السياسة ومعظم الندوات التي تقام الأن ندوات سياسية ، السياسة الآن ورجالها يتصدرون المشهد بالكامل دون شك علي حساب النخب الثقافية.
حضور المثقفين
أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي فيقول إنه قرأ العديد من الأعمال في الفكر والأدب والسياسة بعضها أعمال تنشر لأول مرة والبعض نشر منه طبعات جديدة لكن يشير إلي أنه من الصعب ان يتحدث عن كتاب معين أو عن كاتب بعينه ليضعه علي القمة هذا العام.
إلا أنه - كما يقول: لا يري حدثا ثقافيا بارزا علي الساحة الثقافية خلال هذا العام، وهو أن السياسة طغت علي كل الأمور، ويري من وجهة نظره ان أهم حدث ثقافي سياسي كان علي مستوي المجتمع المصري وهو التفاف المصريين حول الديمقراطية والدستور، ودفاعهم المستميت ضد تزوير الدستور، وبرز دور السيدات والفتيات خلال الاحداث.
كما يري الشاعر حجازي ان المجتمع المصري يشهد تحولا ثقافيا وليس تحولا سياسيا فقط، مما يدل علي ان المصريين مثقفون، وان المثقفين مازالوا حاضرين في الحياة.
الوعي.. لن يأفل أبدا
وتقول الكاتبة فوزية مهران، انها انشغلت هذا العام مثل الجميع بقراءة الأحوال العامة ، كما انها كانت تعكف علي دراسة نقدية في كتاب بعنوان «مالك مصر» للكاتب حسن زين العابدين، وأهم ما جذبها في تلك الرواية انها كانت تتنبأ بما حدث في ثورة يناير لانها تستدعي التاريخ وتتحدث من خلاله عن الواقع، وتطالب بإعادة نشرها مرة أخري نظراً لأهميتها الآن.. لان الجميع الان يبحث عن الطريق وتري ان زين العابدين من افضل الكتاب.
وتشهد للكاتب حسنين هيكل بالحكمة وانه دائما يلمس الواقع الحقيقي المحلي والعالمي، وتري الكاتبة فوزية مهران ان أهم حدث ثقافي واجتماعي وسياسي هو أحداث تبعات الثورة، التي كانت بمثابة زلزال قوي هز كل الركود الذي عشنا فيه، وأحدث حركة نشطة للعقول والقلوب والأفكار وملأت روحنا، وتؤكد الكاتبة أن المثقفين لأول مرة يفيقون من غشاوتهم ويشعرون ان وراءهم رسالة يجب ان يقوموا بها.. وان ما حدث من وعي للشعب كانوا هم أصحاب الفضل فيه، وهذا الوعي الذي حدث للشعب لن يذهب ولن يأفل ابداً وسينتشر وينير للجميع.
مؤشر مضطرب
يقول: د. محمد حسن عبدالله إن مؤشر الحالة الثقافية مضطرب إضطرابا كبيرا، والدليل علي هذا حالة الإنقسام الحادة التي نعيشها قبل وبعد الاستفتاء الدستوري، ومن جهتي ما هكذا تكتب الدساتير تأسيسا ونتيجة، ومن جهة أخري أعطلي الإستفتاء مؤشرا ثقافيا سلبيا لأن المحافظات التي قالت نعم يغلب عليها طابع الفقر و الجهل وكفي بهما لعنتين، فما توضع الدساتير إلا لتنجو بالمواطن من الجهل والفقر، في حين رأي أهل الاستنارة أن هذا الدستور فاقد الرؤية المستقبلية وكفي بهذا عمي.
وفي تصوري أنه لايمكن أن يكون مستقبلك وراءك، والعالم لن ينتظرنا، فنحن علي الهامش ولا نمتلك آليات الدخول إلي حومة الوجود الإنساني الراقي.
السياسة أصبحت خبزا يوميا، حتي عجائز الجيل الماضي و قبل الماضي، إذا كان قد طال بهم العمر لاقتحموا النسيج المجتمعي السياسي ووقفوا مع أحفادهم المتطلعين وضد أحفادهم المتنطعين.
حالة ارتباك فكري
تجزم الكاتبة اقبال بركة بأن المفكرين والكتاب في حالة ارتباك فكري وغير قادرين علي حسم أمورهم وكل هذه الأمور تحتاج لمزيد من الوقت في التفكير، حتي ان بعض الكتاب أجلوا نهايات قصصهم لأن المشهد الان ملتبس وغير واضح، وبالرغم من هذا اذكر للكاتب الكبير فؤاد قنديل أعمال عديدة مهمة عن الثورة .
وتري ان أفضل كاتب هو الأستاذ محمذ حسنين هيكل، أو كما تسميه( حكيم القرية) الذي يتمتع دائما بالعمق والبصيرة والرؤية الثاقبة والتنبؤ.. نحن جميعا نهتم بآرائه ونركن إليها وتنير لنا الطريق.
والحدث الثقافي الهام هو الذي جاء في نهاية هذا العام - جائزة الكاتب الكبير نجيب محفوظ التي نالها الكاتب عزت قمحاوي عن روايته (بيت الديب) التي تمنحها الجامعة الأمريكية في ذكري ميلاد الكاتب نجيب محفوظ.
انخفاض المؤشر الثقافي
ويقول الشاعر محمد ابراهيم ابو سنة: قرأت أشياء متنوعة منها المترجم وأعمال عربية منها أعمال للشاعر محمد سليمان، وحسن طلب، ومحمد منصور، وأعمال أخري جديدة لشعراء السبعينيات لكن أهم ما قرأت هذا العام كتاب تراث بعنوان »المستطرف في كل فن مستظرف«، اما بالنسبة للكاتب لا يوجد كاتب معين أضعه علي القمة خلال هذا العام.
لكن المؤشر الثقافي، في رؤية الشاعر أبو سنة كان منخفضا نسبيا نتيجة للاضرابات والعراقيل التي تحدثها المظاهرات والاعتصامات، كما تراجع دور المؤسسات الثقافية خلال هذا العام وانخفض النشاط الثقافي لأن السياسة طغت علي كل الأمور وكانت أهم من أي موضوع آخر .
فرض نفسه بقوة
ويشير الناقد د. عبد الرحيم الكردي، استاذ النقد بجامعة قناة السويس، إلي إصدارت هذا العام المتعددة وأنه قرأ منها الكثير، لكنه عاد لقراءة كتاب تراثي بعنوان »الكشاف« للزمخشري وقرأ من الروايات للكاتب الجزائري »واسيني الأعرج« كما قرأ عملا للروائية نجلاء محرم بعنوان«رنزي ياظل الاله» كما قرأ للكاتبة الأردنية سناء شعلان بعنوان »يعشقني«
أما بالنسبة لأهم حدث ثقافي في رؤية الدكتور الكردي فهو خروج أربعة اعداد حديثة من مجلة نجيب محفوظ للنور الصادرة عن المجلس الأعلي للثقافة.
ويشير إلي نماذج من الحراك الثقافي لعام 2012 منها المؤتمر الذي نظم في بداية العام بمحافظة الشرقية وجمع عددا كبيرا من أدباء الأقاليم وأدباء القاهرة ويقول: شاركت في أربعة مؤتمرات أخري الأول كان بمدينة سوسة بتونس وكان عنوانه »الشعر والموقف«والمؤتمر الثاني بمدينة الباحة بالمملكة العربية السعودية عن »السرد الروائي المعاصر والتاريخ«، والمؤتمر الثالث كان بمسقط عن »السرد الروائي العربي« واخيراً كان مؤتمر الشعر الأول بالمجلس الأعلي للثقافة بعنوان »تحولات الشعر«،.
وشهد هذا العام أن السياسة فرض نفسها بقوة علي المشهد العام ولونت النشاطات الثقافية وموضوعاتها بالطابع السياسي.
المدنية والأحلام والميدان
يقول الدكتور حسام عقل أستاذ النقد بجامعة عين شمس: هناك روايتان لفتتا انتباهي هذا العام ، اولاهما رواية »حكايات المدينة« لمنال القاضي وفيها ترصد ثورة 25 يناير بسياق تاريخي منذ ثورة 1919 الي ثورة يناير، وصنعت نوعا من التضافر ما بين الواقعية والفنتازيا، وإن كانت تميل في معظمها الي التاريخ، وأري أن سر تميز تلك الرواية أنها لم تغرق في الواقعية المباشرة التي دائما ما يقع فيها من يكتب رواية بها سرد تاريخي .
اما الرواية الثانية فهي امهربوالأحلام ب ل« إبراهيم المصريب وهي رواية صدرت عن دار الأدهم، تتحدث عن موضوع غاية في الأهمية في تلك الفترة وهو واقع الفرقاء في مصر بعد الثورة ,ما بين التيارات الفكرية: الليبرالي واليساري والإسلامي وفشلهم في الاندماج او تقديم شئ ايجابي لمجتمعهم ، وتنتقدهم الرواية بشدة، بل وتتوقع ظهور حزب سياسي. واختارالكاتب له اسم »مصر تتحدث عن نفسها« وقال ان هذا الحزب او الحركة عبارة عن تعبير عن استياء الرأي العام من كثرة الدكاكين السياسية التي تتحدث باسمه .
اما أهم عمل شعري قرأته فهو ديوان بعنوان »الحكم للميدان« للشاعر احمد سراج، وهو ديوان يتميز بالبعد عن المعاني المباشرة، ولدي الشاعر قدرة علي رسم صور شعرية متوهجة وجديدة، كما يتميز احمد سراج بامتداد النفس الكتابي، فضلاً عن ان لديه طزاجة المعجم الشعري، كما استطاع ان يقدم ملحمة الميدان بنبض إنساني شديدالخصوصية .
أعمق من السياسي
يثني الناقد الدكتور مدحت الجيار علي الكثير من الروايات المصرية والعربية التي صدرت هذا العام ولكنه قال ان رواية محمد المغبوب المسماة »ثينيكس« اعجبتني كثيرا وهي لكاتب ليبي يعيش في القاهرة، وما لفت نظري لها أنها تلعب علي فكرة القناع والرمز ، وتجعل من البطل امتداداً للشخصية العربية بوجه عام في هزيمتها ثم في تمردها وثورتها بالإضافة إلي لغة شعرية ملفته للنظر
اما الشعر فيهمني ان انوه إلي ديوان د.حسن طلب الأخير فقد تجاوز طلب نفسه ويبدو انه تحرر من أقوال المحيطين به وانطلق شاعراً .
اما المشهد الاجتماعي الآن فيتصدره رجل السياسة بكل تأكيد لأن المرحلة التي نمر بها الأن أعمق من السياسي علي حساب الاجتماعي والثقافي حتي من نراهم من المثقفين في الفضائيات تحولوا الي ساسة ايضاً لإدراكهم ان السياسة الآن هي الجسر الذي يمكن أن يؤدي إلي الحرية او إلي الشقاء .
هيكل وعين الصقر
ويري الكاتب فتحي امبابي ان أهم كتاب صدر هذا العام هو للكاتب يسري عبدالله بعنوان »سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد« وهو كتاب نقدي للنصوص الروائية التي نشرت في العشر سنوات الأخيرة وعلاقتها بثورة يناير وإلقاء الضوء علي الحياة قبل الثورة.
وأن أهم كاتب لهذا العام هو محمد حسنين هيكل الذي يري المشهد دائما بعين الصقر وطول الوقت قادر علي ان يري المشهد في الدول العربية والخارجية بحس عال ومخيف ومتجاوز دائما للصراعات الراهنة.
أما عن المثقف فهو طول الوقت في أزمة وخسران معركته دائما، فهو ليس أكبر من المعركة .. والأزمة الحقيقية تكمن في المثقفين المسيسين، الأمر الذي يشير لعجز بالغ تجاه لحظة العصر، ويبدو ان المثقف المصري لم يستوعب الدرس ولم يستوعبه بحثا عن السلطة فتعجز النخب ان تضع مصر في وحدة واحدة.
طاعون الإنقسام
كما يري الكاتب فؤاد قنديل أن أفضل كتاب قرأه لهذا العام هو »ولع الفرجة .. فقرالتاريخ« للأستاذ أحمد عبدالعال، و أفضل كاتب لهذا العام هو السيد يس.
أما علي الساحة الثقافية فيقول: لا يوجد أي حدث مهم أو غير مهم والسبب انشغال كبير علي مستوي الكتّاب وعلي مستوي المؤسسات بالأحداث السياسية التي لا تستند إلي الحد الأدني من الرؤية الاستراتيجية ، كما أن الأوضاع الاقتصادية تضرب القوة الشرائية بشدة، وقد تأثرت بذلك السينما والتليفزيون والأغنية والنشر والتوزيع وعروض المسرح، فضلا عن غياب المزاج النفسي والوجداني للمشاركة الثقافية في أي عمل، بل تأثرت القراءة ذاتها، وهي ربما تمثل الحدالأدني لاكتشاف العالم وبناء رؤية ملهمة.
واهم ما ميز هذا العام في نظرة فؤاد قنديل، ان السياسة طغت علي الثقافة بشكل حاد، واستقطبت كل العقول والمشاعر، كما عطلت الخيال والأفكار، يكفي أن أري طاعون الانقسام والتشتت يغزو كل بيت وكل أسرة بل يقتحم فكر الشخص الواحد، ناهيك عن العنف الزائد والتربص والمؤامرات ، وعشوائية القرارات وسوء الإدارة والتخبط ويتوج كل هذا بدستور نصفه علي الأقل مشوه، ولا يستطع الكاتب أو المبدع شاعرا كان أو روائيا أن يبلور رؤيته لعمل أدبي فكل فكرة قد يلتقطها سرعان ما تتشظي وتتفكك وتتبعثر أمامه لتذروها رياح السياسة والاضطراب غيرالمسبوق في الأحوال السياسية التي انعكست علي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

السياسة طغت علي الثقافة
ويؤكد د. حسين حمودة أن خلال هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، كما نشهد ونعيش جميعاً. كان في كل يوم تقريبا حدث جديد ومتغير جديد. وأتصور أن مصر خلال هذا العام والعام السابق مرت بأحداث تعادل دهرا كاملا. ظهرت وجوه، تكشفت وجوه، وتوارت وجوه، وتلاحقت وقائع كبري وصغري. فيما يخص الثقافة كان هناك نشاط محمود، رغم كل شيء، وإن كان هذا النشاط يلوح أحيانا نوعا من أداء الواجب، أو يبدو أحيانا سعياً وراء انتزاع مساحة من اهتمام ضمن اهتمامات أخري أكثر إلحاحا؛ فكيف مع كل هذه المتغيرات الكبري، والوقائع اللاهثة، والغضب والدم، يمكن أن تحتل الثقافة ونشاطها المساحة التي تليق بهما ؟
لكن من الأحداث الثقافية المهمة في هذا العام ما ارتبط بالنشاطات المتعددة، الرسمية وغير الرسمية، التي تذكرت أن الأدب العربي عرف كاتبا عظيما اسمه نجيب محفوظ. ومن الكتب التي استوقفتني الدواوين التي صدرت عن ثورة 25 يناير. وهناك أعمال أدبية متعددة استمتعت بها، لا أريد أن أشير إلي صاحباتها وأصحابها فأتذكر البعض وأنسي أخريات وآخرين.
الوعي السياسي.. ثقافة
ويقول الناقد د. هيثم الحاج علي أن أفضل كتاب قرأه هذا العام هو ..سيرة روائية ..لسيد الوكيل، وأفضل كاتب لهذا العام هو محمد عفيفي مطر، وأهم حدث ثقافي حدث خلال هذا العام هو تعليق أدباء مصر لمؤتمرهم العام احتجاجاً علي مواد الدستور التي تطال من حرية الإبداع والإعلام.
اما عن الساحة الثقافية خلال هذا العام فتراجعت فعاليات ثقافية عديدة بل تم إلغاؤها بسبب الأحداث السياسية، وكان من الملاحظ قلة التجمعات الثقافية.
لكن الملحوظ أن هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، وأصبحت الاحداث الراهنة تشير دائما للتحدث في السياسة.. وربما كان ذلك مؤشراً إيجابيا مع اعتبار الوعي السياسي جزءاً مهما من المكونات الثقافية ومع ازدياد هذا الوعي السياسي المتكون لدي رجل الشارع حتي لو في بدايته فسوف تكون الثقافة إذأ في حالة ارتفاع ملحوظ.
غياب المشروع القومي الثقافي
ويري الناقد د.مصطفي الضبع وأستاذ الادب المقارن أن أفضل كتاب هو : تاريخ العلم (1543- 2001) لمؤلفه جون غريبين الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت ومن ترجمة أحد أهم المترجمين العرب المترجم المصري شوقي جلال، وأفضل كتاب للروائي الكويتي »سعود السنعوسي« بعنوان »ساق البامبو«، أما أفضل كاتب هو : الراحل جلال عامر .
أما عن أهم حدث ثقافي لهذا العام فهو ارتفاع مؤشر الوعي لدي الشعب المصري، أما عن مؤشر الحالة الثقافية خلال هذا العام فكان مؤشراً لغياب المشروع القومي الثقافي أو الخطة الاستراتيجية الثقافية، وقد تكون هناك غزارة في الإنتاج لكن هناك خللا في الطرح، ومن الملاحظ أن المؤسسة الثقافية غائبة أو مغيبة الوعي.. لافتقادها عقلية التخطيط .
أما فيما يخص طغيان السياسي علي الثقافي أري الوضع من زاوية معكوسة بعض الشئ، الحقيقة أن التأثير السلبي للثقافه هو الأكثر طغيانا علي السياسي فافتقادنا للوعي بمعناه الثقافي يجعلنا نعيش حالة من التخبط السياسي .
دور اتحاد الكتاب.. تلاشي
في منظور الكاتب اللواء حمدي البطران أن الكتاب الذين يعطيهم الأفضلية هذا العام في مجال الإبداع هم د. عزالدين شكري فشير وروايته »باب الخروج» والكاتب السياسي نبيل عبد الفتاح وكتابه »الدين والدولة الطائفية« والكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي وكتابها الأسود يليق بك«.
افضل رواية مصرية : : رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة.
ويري البطران أن ثمة أكثر من حدث ثقافي مثل: حصول وزير الثقافة الحالي د. صابر عرب علي جائزة الدولة التقديرية ، وإعادة طبع رواية يوميات ضابط في الأرياف في مكتبة الأسرة، وإعادة ترميم المعهد العلمي، لكن هناك حدثا سلبيا تمثل في استبعاد الكتاب والمبدعين من اللجنة العليا للدستور.
وعن مؤشرات الحياة الثقافية عام 2012 يري أن الحركة الثقافية تأثرت بالحالة العامة للدولة، ويضرب علي ذلك أمثلة من قبيل: ظهور بعض الدعوات المتطرفة التي تعيد النظر في حرية التعبير، وتقلص الندوات الأدبية، وأنشطة الهيئة العامة لقصور الثقافة ، واضمحلال دور اتحاد الكتاب ، بل وتلاشيه من الشارع الثقافي ، وانقسام الكتاب وخروجهم عليه، كل هذا أدي الي تراجع الإبداع الفني سواء في القصة أم الرواية، في مقابل ظهور الشعر السياسي والحماسي، وطغيان الكتابات السياسية .
الحلم المصري في كل مكان
الناقد الدكتور يسري العزب أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب بجامعة بنها يقول :أعجبني كثيراً ديوان شعر بالعامية للشاعر ماجد كمال أبادير بعنوان بكان حلما وجدت فيه حسا وطنيا مرتفعا ودعوة للاستمرار في نصرة الثورة ودعمها والدعوة إلي تأكيد الوحدة الوطنية بين كل المصريين .
أما افضل رواية قرأتها فهي رواية للأديب خيري حداد بعنوان »امرأة من دخان« وهي الجزء الثالث من مشروع روائي كبير بدأه الكاتب منذ ما يزيد علي خمسة عشر عاماً، وفيه تصوير جيد للواقع الاجتماعي وجزء كبير منه عن وسط الدلتا »أشمون ومنوف وسيرس الليان والباجور« ونري في الرواية تصويراً جيداً لذكاء الفلاح المصري الذي يصل إلي درجة الدهاء في معظم الأحيان ، كما نري وجوداً طاغياً للمرأة المصرية والدور الذي تقوم به في تكوين الشخصية الوطنية ,التي تنهض لتغير الواقع مع الرجل إلي الأجمل ، سوف نقرأ في هذا العمل أسماء المدن الصغيرة والقري والأسواق ونتعرف علي الخصائص الدقيقة والتي تميز كل وحدة عن الأخري اجتماعيا وسياسيا وثقافيا إلي اخره.
اما عن المشهد الآن ومن المتصدر فأقول انه في الفترة الأخيرة اي بعد الثورة ظهر السياسي وغطي جزاً كبيراً من الصورة لدعم كل وسائل الأعلام له، بينما ظل الثقافي دافعا ومحرضا علي إنقاذ الوطن والسعي بمصر إلي الأمام ، لا تعنيه الشهرة التي نالها »النشطاء السياسيون« الذين اعتلوا السطح وانما الذي يعنيه كما هي رسالة الأدب دائما، شحن الوجدان الشعبي بكل ما ينهض بالوطن ويدفعه إلي التقدم وتجاوز الأزمات ، ولكن فترة ما قبل الثورة كان الإبداع المصري موجودا بكل ألوانه يبذر نبات الثورة بالحلم المصري في كل مكان علي أرض مصرا وأنا أقول هذا بصفتي مطلعا علي معظم ما يكتبه أدباء الأقاليم .
واقعنا الثقافي .. صادم
الحسين الخضيري: أحسن كتاب : رواية »أنا عشقت« للكاتب الكبير محمد المنسي قنديل ، الذي يحكي في سلاسة وشاعرية أخّاذة عن قُروية شابّة تصحب عاشقها إلي محطة القطار نفاجأ بأنها تتجمد واقفة في محطة القطار وتظل مكانها وتضحي حديث القرية ، وتمضي الأحداث لنري أحد طلبة كلية الطب يبحث لها عن حل ؛ ويمضي للبحث عن العاشق ، ويبدأ رحلته في عوالم مختلفة .
والحدث الأبرز ثقافيا من وجهة نظره.. هو غياب الأحداث الثقافية عامة، وتراجعها أمام طغيان التغيرات والتظاهرات السياسية الجارية التي عصفت وما تزال بالعالم العربي مما جعل الشارع العربي يمور بالعديد من التفاعلات التي لم يشهد مثيلاتها من قبل .
ويري أن واقعنا الثقافي واقع صادم فهو لم ينضج بعد كي يتلقي التغيرات التي طرأت عليه وعلي حياتنا ولمّا يتأهب بعد ليواكبها ، ما يزال العديد من المفكرين يُعانون التهميش ، حتي النخبة التي ليست تُعاني تهميشا ً ، نعاني غياب دورها إلي حد ٍ كبير ، ما زلنا نَعدُ القراءة ترفا ً وليست ضرورة ً من ضرورات الحياة ، الشارع السياسي يغلي الشارع الثقافي خامد ٌ مُهمَّش .
كما أننا علي المستوي العربي مازلنا نكتب لأنفسنا، الآخر قد لا يرانا أو يشعر بنا ولا نُسمعه سوي ضجيجنا المنبعث من الشارع السياسي، لكنني أري أن هذه التغيرات السياسية لابد ستنعكس إيجابيا ً علي الواقع الثقافي في مصر وعالمنا العربي- مثلما انعكست سلبا ً - لذا استبشروا خيرا ً.
جفاف ثقافي
أفضل ما قرأ الروائي رجب سعد السيد هذا العام، رواية (أنا عشقت) لمحمد المنسي قنديل؛ وثلاثة كتب في السيرة الذاتية، هي : سيرة الأديب الكبير فؤاد حجازي، وهي في جزءين صدرا في النصف الثاني من هذا العام: (م الدار للنار صادر عن دار الثقافة الجديدة)، و(قرون الخروب صادر عن سلسلة أدب الجماهير)؛ أما الكتاب الثالث فهو (أمواج العمر بين بحر اسكندرية وبحيرة جنيف صادر عن دار العين، بالقاهرة) للدكتورة فوزية العشماوي، أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة جنيف، بسويسرا، ويمكن اعتبار مؤلفي هذه الكتب هم أفضل من عرفت من الكتاب، في هذه السنة شديدة الاضطراب، التي سادتها الفوضي، ولم تتح الأحداث المتتالية ذ ومعظمها مؤسف ذ الفرصة لالتقاط الأنفاس، ناهيك عن الإنتاج، لا للمبدعين، ولا للمتابعين.
ثمة أكثر من حدث ثقافي هام في منظوره يتمثل في عودة مجلة (المجلة) للظهور، في مبادرة شجاعة من الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة أسامة عفيفي. وقد حاولت الاستجابة للمتغيرات الزمنية، وللأحداث المتسارعة التي تعصف بالوطن.والحدث الثاني إعادة ترتيب وتجديد سلاسل كتب الهيئة العامة لقصور الثقافة، وظهور سلسلة جديدة فيها هي (الثقافة العلمية) لكن ثمة حدثا سلبيا يتمثل في عدم انعقاد دورة مؤتمر أدباء مصر لهذا العام، كرد فعل للأحداث الجارية.
ويري رجب سعد أن أن عام 2012 كان عام قحط ثقافي عام، ارتبط بانحسار الموارد التمويلية، ونفاد بنود الصرف في ميزانيات المؤسسات والهيئات التابعة لوزارة الثقافة قبل انقضاء نصف السنة المالية، مما اصاب خططها بالشلل، وهذا انعكاس للحالة الاقتصادية العامة للدولة، من جهة، ومن جهة أخري، راجع إلي فتور في علاقة إدارات جديدة لبعض المؤسسات بالثقافة والإبداع.
وهو لا يري أي بادرة أمل في أن تتحسن الأحوال مستقبلاً، فإن كانت شريحة كبيرة من الشعب المصري قد خضعت في سنوات مبارك القاحلة للتسطيح الثقافي الممنهج، الذي أغرقها في موجات من الفنون والمفاهيم الثقافية الهابطة، ليسهل قيادها، فإن منهجاً له تأثير مماثل سيغرق الشريحة ذاتها في جدليات وصراعات عقيمة حول ما هو حلال وما هو حرام، ليسهل قيادها أيضاً. وأتوقع أن يواجع المبدعون في مختلف الفنون بالعداء.
عام مرتبك
الروائي السكندري سعيد سالم يعيش حالة من اليأس إذ يقول: لم أستطع خلال هذا العام الصعب المرتبك متابعة الكتب الجديدة حتي أتمكن من تحديد أهم كتاب وأهم كاتب، أما أهم حدث ثقافي فلا يوجد، ولذلك فإن المؤشر ، في عينيه، ينخفض الي الأسفل وإلي الوراء بشدة..أنا للأسف عاجز عن القراءة والكتابة تماما بسبب ظروف البلد المتجهة نحو الانهيار.
صراع ثقافي حاد
يري قاسم مسعد عليوة أن أفضل كتاب: الثورة الآن لمؤلفه سعد القرش صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.وأفضل من الكتاب كاتبان:الأول بهاء طاهر والآخر : د. عماد أبو غازي، والاثنان يدافعان عن التنوير، كل بطريقته.
وفي منظوره أن هناك ثلاثة أحداث ثقافية الأول: إصدار دستور مصر الثقافي، وإن لم يأخذ به نظام الحكم، فهو خطوة من خطوات علي الطريق الصحيح.، الثاني :عودة الحياة لمجلة زالمجلةس التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، بعد 41 عاما من التضحية بها وذبحها ضمن مذبحة المجلات الثقافية في العام 1971 الثالث: ملتقي الصعيد الثقافي الذي نظمه مركز أحمد بهاء الدين الثقافي تحت عنوان »الصعيد.. الثورة.. الثقافة الغائبة« في أسيوط انطلاقا من قرية الدوير مركز صدفا.
أما عن مؤشر الحالة الثقافية فيقول: هناك صراع ثقافي حاد في المدي القريب (سيعض أثناءه المثقفون علي أصابع بعضهم بما يجاوز الرغبة في الإيلام إلي الرغبة في البتر)، وصراع ثقافي أقل حدة في المدي المتوسط، ثم صراع ثقافي سلمي في المدي البعيد.(أي أن الصراع الثقافي سيبقي قائما، وهذا هو قانون الحياة، لكن درجة حدته ستتبدل، والمستقبل الزاهي لن يكون بغير ثقافة التنوير).
صراع ثقافي
ينظر الكاتب السيد نجم الي أن معطيات ثورة 25 يناير في جوهرها معطيات ثقافية من حيث إن من قامت بها شريحة مثقفة من شباب مصر، واستخدموا تقنية ثقافية لتزكية هذهالثورة الحقيقية التي انتفض من بعدهم جموع الشعب.
وفي ظنه أن الثقافة لعبت وما زالت تلعب دورها في الحياة المعاشة سياسيا حتي اليوم، وما نراه من اضطرابات سياسية وتناقضات هي في حقيقتها تناقضات ثقافية، فهناك شريحة علي رؤية ثقافية خاصة وشرائح علي رؤية أخري،ويبقي التناقض أحيانا و الصراع، فجوهر الصراع و الإضطرابات و التناقض المعاش في عامي 2011و 2012 هو في الحقيقة صراع ثقافي وأعنقد أن كل من ادعي أن المثقف لم يلعب دورا في الحياة الآنية قد جانب الحقيقة.
بالنسبة لأهم الأحداث أجد أنه بالرغم من كل ما هو كائن الآن من اضطرابات فإن انتقال اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا إلي القاهرة واختيارها مقرا له ، ومن قبله انتقال اتحاد الكتاب العرب من الظواهر الثقافية التي تعيد إلي مصر رونقها المتوقع و المنتظر.
إبداعات جديدة
اختارت نبيلة عقل رئيسة الدعاية بقسم النشر بالجامعة الأمريكية: كتاب ابنات في حكاياتب كأفضل ما صدر في 2012، لمؤلفته رشا سمير الأديبة الناشئة التي أتوقع لها مستقبلا باهرا في الأدب.
وتري أن مؤشر الحالة الثقافية ارتفع هذا العام، حيث ساعدت الظروف الصعبة علي خلق إبداعات جديدة للأدباء والشعراء.
وبالنسبة لتوقعاتها للعام الجديد ففي منظورها أن الوضع العام لا يحمل مؤشرات يقينية حول ما سيحدث في المستقبل، إلا أن الجميع أصبح ملما بالسياسة بدرجة عالية، وعلينا أن نعرف أن استقرار السياسة سوف يؤدي بدوره لانتعاش اقتصادي واجتماعي.
الرؤية الضبابية
يعتبر الدكتور علي المنوفي أفضل كتاب صدر سنة2012 هو »حتشبسوت من ملكة مصر إلي فرعون« كتبه مارتين بالنتين وتريسا ديدمان، وهما زوجان يقدما رؤية أوروبية حديثة للمرأة المصرية القديمة خاصة الملكات، وحتشبسوت هي المرأة الوحيدة التي تحولت من زوجة الملك إلي الفرعون، إلا أنه تم شطب أسمها من الخراطيش الفرعونية ومن قوائم الملوك في المعابد خاصة الكرنك و أبيدوس، وهذا الكتاب استرد حق المرأة المصرية التي كانت في مؤخرة الجيش المصري في نهاية الأسرة 17 و بداية الأسرة 18 .
وبالنسبة لأفضل كاتب فإنه يقول: لايمكن التحدث عن نجاحات كتب من منظور تجاري، فمن وجهة نظري لايزال الأدباء الكلاسيكيون هم أصحاب أفضل الكتب،وبالنسبة للكتاب الجدد مازالت الرؤية ضبابية بالنسبة لهم لأن انتشارهم ليس بالدرجة المثلي، ولم يولهم النقد الاهتمام الكافي.
و بالنسبة للحالة الثقافية.. هناك نوع من التوجه للحظة الراهنة حتمت وجود أكثر من تيار، وهذا جيد في حد ذاته أن تكون هناك توجهات أدبية مختلفة، لأن الكتابة بها نوع من الأيديولوجية نري في سرده القصصي أو الشعر رؤيته في محاولة استشراف المستقبل .
يتوقع د. المنوفي للحالة الثقافية للعام الجديد أن تكون مرتبطة بمساحات الحرية المتاحة، و أن اللغة العربية غاية في الثراء ومليئة بالمجاز، وبالتالي فإن وسائل التعبير ممكنة لتفادي الدخول في تصادم مع قوانين أو رقابة، ويمكن أن تحول دون التعبير المباشر عن رؤية ما، وهذا يحدث في كثير من الدول العربية التي تقل فيها مساحات الحرية عن مصر، ففي فترة الستينيات كانت مكتبة مدبولي تنشر الكتب الممنوعة، إلا أننا لن نصل لهذا الحد لأن هناك عوامل تحول دون هذه الرقابة وهي منظمات المجتمع المدني وغيرها.
و بالنسبة لدرجة حرارة المثقف واقترابها نحو الجانب السياسي يري أن المثقف له رؤية سياسية لكن كان العمل الأدبي مباشرا وأكثر اقتربا من اللحظة الراهنة، كلما قلت القيمة الأدبية، ففي أسبانيا خلال فترة الأربعينيات حتي منتصف الخمسينيات كانت من أقسي الفترات التي تعرض لها الأدباء إبان حكم فرانكو، مما دفعهم للكتابة عن الفقر ومعاناة الناس دون لمس الأسباب وراء ذلك، كنوع من التنفيس عن اللحظة الراهنة، وحين انتهي عهده سنة1975 راحوا ينظرون للأدب السابق علي أنه يتسم بالثراء.
المؤلف الجمعي
من بين أهم الكتب التي قرأها د.عماد عبد اللطيف هذا العام كتاب »محاكمة سقراط«، لآي إف ستون، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، فقد غيَّر العديد من أفكاري حول الديمقراطية الأثينية، والصراع بين النخبة والعامة في المجتمعات القديمة، وما يبدو مهمًا في مثل هذا الكتاب أنه يشعرنا أن أسئلة المجتمعات القديمة ما تزال تطرحها بعض المجتمعات الحديثة، خاصة ما يتعلق منها بمسئولية المثقف في المجتمع، والصراع المتواصل بين العامة والنخبة، والدور الذي يلعبه الفكر في إضفاء الشرعية علي القمع والاستبداد.
ويقول: لو أنني بصدد اختيار أفضل مؤلف في هذا العام، فسوف يكون هو المؤلف الجمعي لآلاف الشعارات والهتافات وبوستات الفيس بووك وتغريدات تويتر، التي أُنتجت علي مدار عام كامل من تقلب الثورة المصرية علي صفيح ساخن. فهذه الإبداعات التي تسمو بفنياتها علي كثير من نصوص الأدب الرسمي أصبحت تشكل ذخيرة خطابية لا غني عنها للمثقف المصري المعاصر. إضافة إلي ذلك فإن هذه النصوص تقوم بدور هائل في صياغة الوعي الجمعي الراهن، وتمارس عمليات مكثفة من نقد الخطابات المهيمنة في المجتمع.
وعماد عبد اللطيف ليس متفائلا بشأن مستقبل العمل الثقافي المؤسسي في مصر، لماذا؟ إنه يقول : الهجمة علي المؤسسات الثقافية قادمة بلا شك. والاخوان والسلفيون يدركون الآن بوضوح أن الوعي والمعرفة (الثقافة) هي الخطر الأكبر علي استمرار تقاسمهما للسلطة. لقد رأينا كيف أن القواعد الأساسية لجمهور الإسلاميين تكمن في القري والعشوائيات والصعيد، حيث نسب التعليم المنخفضة، وسيطرة الخرافات والأوهام.
لكنه متفائل بشدة بشأن الإبداع الثقافي الفردي والجمعي في مصر، لماذا ؟ لأن المثقفين أصبحوا أكثر وعيًا بالدور الهائل الذي يقوم به الإبداع بكل أنواعه (بالكلمة والصورة واللون والحركة والصوت) في مقاومة الهجمة المعادية للحضارة التي نري بشائرها منذ عقود. لكن دور الجماعة الثقافية في مواجهة هذه الهجمة شديد الحسم، وكلما قلت مساحات الاختلاف والصراع البينية، وتوافرت أرضية للعمل الثقافي الأهلي المنظم، وانتشرت روح التعاون والتواشج بين أفراد الجماعة الثقافية أصبحوا أقدر علي تحقيق حلمهم بمجتمع ديمقراطي متحضر.
العودة إلي قراءة الأدب
اما الروائي مكاوي سعيد فيبدي إعجابه برواية د.عز الدين شكري »عناق علي جسر بروكلين« :انا احب كتابات هذا الروائي وهو من الكتاب المميزين والذي أتابع أعماله بدقة ، ولدي إحساس دائماً أنه مظلوم »مثلي« تماما كما أعجبتني ايضاً المجموعة القصصية لمحمدالفخراني »قصص تلعب مع العالم« أعجبت بطريقة السرد فيها واستخدام الأسطورة في البناء وهي في رأيي من أجمل ما قرأت من مجموعات قصصية في الفترة الأخيرة ، كما أعجبت ايضاً برواية »عودة الشيخ« لمحمدعبد النبي وهي من الروايات المميزة للجيل الجديد من الكتاب .
اما في الشعر فقد أعجبت بديوان »في ذمة الورد« لدعاء زيادة، وديوان الشاعر سيد محمود »تلاوة الظل«، اما من يتصدر المشهد الان فهو السياسي بالقطع، حتي في الفترة الأخيرة كانت أغلب الكتب المباعة هي الكتب السياسية عكس السنوات الماضية ، لقد زاد اهتمام الشاعر بالسياسة، فأصبح المواطن يقرأ ويتابع الاصدرات السياسية الجديدة ، وانا أري انه شئ مفيد ومهم لأنها جذبت لنا قراء جددا وفي فترة الهدوء والسكون سيعودون إلي قراءة الأدب .
موجة ثقافية بامتياز
ويعلن الشاعر صبحي موسي اعجابه بكتاب »سر المعبد« لمؤلفه ثروت الخرباوي.. لماذا؟ لأن هذا الكتاب قام بافتضاح آلية عمل جماعة الأخوان المسلمين وطبيعة الذهنية المنتمية لهذا التنظيم ، وهو كتاب مغر مليء بالوقائع والتفاصيل التي تخبرنا عن طبيعة جماعة الإخوان المسلمين في التفكير خاصة ان مؤلفه هو واحد من ابناء هذا التيارالذي انتمي إليه اكثر من 30 عاما .
اما عن الشعر فأغلب الدواوين التي صدرت هذا العام كان بها حس الثورة وأغلبها كان بهما نوع من المباشرة وأهملت المسألة الجمالية لصالح الحماس لقضية الثورة والشهداء والوطن، نادرا ما خرجت بعض الدواوين عن تلك الأخطاء مثل ديوان احمد جمعه وديوان لمحمود قرني والديوان الأخير لرفعت سلام والديوان الأخير لميسون صقر .
هناك حدثان هذا العام وقفت عندهما ، الحدث الاول للأسف بالسلب وهو استقالة دكتور صابر عرب ثم قبوله الوزارة من جديد وفي غضون الإيام قليلة فاز بجائزة الدولة التقديرية ، علماً بأنه كان رئيس المجلس الأعلي للثقافة بوصفه الوزير وأنه الذي أشرف علي اللجان وتربطه علاقات طيبة بكل اعضاء اللجنة العليا للمجلس ، ولم يتحرج من الاعتذار عن الاستمرار في المنافسة علي الجائزة او قبول الوزارة للمرة الثانية بعد فوزه بالجائزة مما يعني انه استقال او ااخذ اجازة بمن أجل الحصول علي الجائزة .
اما الحدث الإيجابي هذا العام فكان علي المستوي العالمي، وهو ان الكاتب الألماني الشهير »جونتر جراس« كتب قصيدة اعلن فيها موقفه بوضوح من إسرائيل وهاجم فيها قلوع الغرب أمام الجلد الاسرائيلي باسم الهلوكست وكان هذا حدثا هاما نبه العالم انه عليه ان ينتفض وأنه يعد المجاذر لأيران في حين انه تارك اسرائيل تفعل ما تريد في الفلسطينيين بأسم الظلم الذي وقع عليهم في فترة النازي .
اما من حيث المشهد الان فبالتأكيد الحدث السياسي فرض نفسه بقوة، لدرجة ان الثقافي كان مجرد رد فعل، في الإطار العام ، ولكن بنظرة متأملة سوف نكتشف اننا أمام الموجة الثانية من الثورة المصرية وأنها موجة ثقافية بامتياز ، لان محورها كان الاجابة عن سؤال: هل يجوز خلط الدين بالسياسة ؟
وهل نحن دولة دينية ام دولة مدنية صبغتها المؤسسات والقانون ، وهذا بالطبع إطار ثقافي بالدرجة الأولي.
درجة حرارة الثقافة هل ترتفع عام 2013 ؟
صانع المفاتيح وكفافيس والميدان
استوقف الدكتور جابر عصفور هذا العام روايتان رائعتان، كما يقول، وهما رواية »صانع المفاتيح« للأديب احمد عبد اللطيف، وا كفافيسب لطارق امام وأري وللحق أنهما تستحقان ان تكونا في القائمة الطويلة لجائزة البوكرهذا العام لانهما تجردتا من السرد التقليدي وهما تصنفان كما أري »أدب ما بعد الحداثة«.
أما الشعر فيقول :فقد أعجبت كثيراً بديوان »الميدان« للشاعر عبدالرحمن الأبنودي .
وأما بخصوص الأقرب الي الشارع وإلي الحراك الاجتماعي بدون تردد سأقول لك علي الفور أنه السياسي ، كنتيجة لما تشهده الساحة الأن من أحداث، ومن كوننا نمر بفترة انتقالية بل ومصيرية من حياة أمتنا.
وكل الحوارات الآن لا تخلو من السياسة ، وكل الخلافات ايضاً سببها السياسة ومعظم الندوات التي تقام الأن ندوات سياسية ، السياسة الآن ورجالها يتصدرون المشهد بالكامل دون شك علي حساب النخب الثقافية.
حضور المثقفين
أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي فيقول إنه قرأ العديد من الأعمال في الفكر والأدب والسياسة بعضها أعمال تنشر لأول مرة والبعض نشر منه طبعات جديدة لكن يشير إلي أنه من الصعب ان يتحدث عن كتاب معين أو عن كاتب بعينه ليضعه علي القمة هذا العام.
إلا أنه - كما يقول: لا يري حدثا ثقافيا بارزا علي الساحة الثقافية خلال هذا العام، وهو أن السياسة طغت علي كل الأمور، ويري من وجهة نظره ان أهم حدث ثقافي سياسي كان علي مستوي المجتمع المصري وهو التفاف المصريين حول الديمقراطية والدستور، ودفاعهم المستميت ضد تزوير الدستور، وبرز دور السيدات والفتيات خلال الاحداث.
كما يري الشاعر حجازي ان المجتمع المصري يشهد تحولا ثقافيا وليس تحولا سياسيا فقط، مما يدل علي ان المصريين مثقفون، وان المثقفين مازالوا حاضرين في الحياة.
الوعي.. لن يأفل أبدا
وتقول الكاتبة فوزية مهران، انها انشغلت هذا العام مثل الجميع بقراءة الأحوال العامة ، كما انها كانت تعكف علي دراسة نقدية في كتاب بعنوان «مالك مصر» للكاتب حسن زين العابدين، وأهم ما جذبها في تلك الرواية انها كانت تتنبأ بما حدث في ثورة يناير لانها تستدعي التاريخ وتتحدث من خلاله عن الواقع، وتطالب بإعادة نشرها مرة أخري نظراً لأهميتها الآن.. لان الجميع الان يبحث عن الطريق وتري ان زين العابدين من افضل الكتاب.
وتشهد للكاتب حسنين هيكل بالحكمة وانه دائما يلمس الواقع الحقيقي المحلي والعالمي، وتري الكاتبة فوزية مهران ان أهم حدث ثقافي واجتماعي وسياسي هو أحداث تبعات الثورة، التي كانت بمثابة زلزال قوي هز كل الركود الذي عشنا فيه، وأحدث حركة نشطة للعقول والقلوب والأفكار وملأت روحنا، وتؤكد الكاتبة أن المثقفين لأول مرة يفيقون من غشاوتهم ويشعرون ان وراءهم رسالة يجب ان يقوموا بها.. وان ما حدث من وعي للشعب كانوا هم أصحاب الفضل فيه، وهذا الوعي الذي حدث للشعب لن يذهب ولن يأفل ابداً وسينتشر وينير للجميع.
مؤشر مضطرب
يقول: د. محمد حسن عبدالله إن مؤشر الحالة الثقافية مضطرب إضطرابا كبيرا، والدليل علي هذا حالة الإنقسام الحادة التي نعيشها قبل وبعد الاستفتاء الدستوري، ومن جهتي ما هكذا تكتب الدساتير تأسيسا ونتيجة، ومن جهة أخري أعطلي الإستفتاء مؤشرا ثقافيا سلبيا لأن المحافظات التي قالت نعم يغلب عليها طابع الفقر و الجهل وكفي بهما لعنتين، فما توضع الدساتير إلا لتنجو بالمواطن من الجهل والفقر، في حين رأي أهل الاستنارة أن هذا الدستور فاقد الرؤية المستقبلية وكفي بهذا عمي.
وفي تصوري أنه لايمكن أن يكون مستقبلك وراءك، والعالم لن ينتظرنا، فنحن علي الهامش ولا نمتلك آليات الدخول إلي حومة الوجود الإنساني الراقي.
السياسة أصبحت خبزا يوميا، حتي عجائز الجيل الماضي و قبل الماضي، إذا كان قد طال بهم العمر لاقتحموا النسيج المجتمعي السياسي ووقفوا مع أحفادهم المتطلعين وضد أحفادهم المتنطعين.
حالة ارتباك فكري
تجزم الكاتبة اقبال بركة بأن المفكرين والكتاب في حالة ارتباك فكري وغير قادرين علي حسم أمورهم وكل هذه الأمور تحتاج لمزيد من الوقت في التفكير، حتي ان بعض الكتاب أجلوا نهايات قصصهم لأن المشهد الان ملتبس وغير واضح، وبالرغم من هذا اذكر للكاتب الكبير فؤاد قنديل أعمال عديدة مهمة عن الثورة .
وتري ان أفضل كاتب هو الأستاذ محمذ حسنين هيكل، أو كما تسميه( حكيم القرية) الذي يتمتع دائما بالعمق والبصيرة والرؤية الثاقبة والتنبؤ.. نحن جميعا نهتم بآرائه ونركن إليها وتنير لنا الطريق.
والحدث الثقافي الهام هو الذي جاء في نهاية هذا العام - جائزة الكاتب الكبير نجيب محفوظ التي نالها الكاتب عزت قمحاوي عن روايته (بيت الديب) التي تمنحها الجامعة الأمريكية في ذكري ميلاد الكاتب نجيب محفوظ.
انخفاض المؤشر الثقافي
ويقول الشاعر محمد ابراهيم ابو سنة: قرأت أشياء متنوعة منها المترجم وأعمال عربية منها أعمال للشاعر محمد سليمان، وحسن طلب، ومحمد منصور، وأعمال أخري جديدة لشعراء السبعينيات لكن أهم ما قرأت هذا العام كتاب تراث بعنوان »المستطرف في كل فن مستظرف«، اما بالنسبة للكاتب لا يوجد كاتب معين أضعه علي القمة خلال هذا العام.
لكن المؤشر الثقافي، في رؤية الشاعر أبو سنة كان منخفضا نسبيا نتيجة للاضرابات والعراقيل التي تحدثها المظاهرات والاعتصامات، كما تراجع دور المؤسسات الثقافية خلال هذا العام وانخفض النشاط الثقافي لأن السياسة طغت علي كل الأمور وكانت أهم من أي موضوع آخر .
فرض نفسه بقوة
ويشير الناقد د. عبد الرحيم الكردي، استاذ النقد بجامعة قناة السويس، إلي إصدارت هذا العام المتعددة وأنه قرأ منها الكثير، لكنه عاد لقراءة كتاب تراثي بعنوان »الكشاف« للزمخشري وقرأ من الروايات للكاتب الجزائري »واسيني الأعرج« كما قرأ عملا للروائية نجلاء محرم بعنوان«رنزي ياظل الاله» كما قرأ للكاتبة الأردنية سناء شعلان بعنوان »يعشقني«
أما بالنسبة لأهم حدث ثقافي في رؤية الدكتور الكردي فهو خروج أربعة اعداد حديثة من مجلة نجيب محفوظ للنور الصادرة عن المجلس الأعلي للثقافة.
ويشير إلي نماذج من الحراك الثقافي لعام 2012 منها المؤتمر الذي نظم في بداية العام بمحافظة الشرقية وجمع عددا كبيرا من أدباء الأقاليم وأدباء القاهرة ويقول: شاركت في أربعة مؤتمرات أخري الأول كان بمدينة سوسة بتونس وكان عنوانه »الشعر والموقف«والمؤتمر الثاني بمدينة الباحة بالمملكة العربية السعودية عن »السرد الروائي المعاصر والتاريخ«، والمؤتمر الثالث كان بمسقط عن »السرد الروائي العربي« واخيراً كان مؤتمر الشعر الأول بالمجلس الأعلي للثقافة بعنوان »تحولات الشعر«،.
وشهد هذا العام أن السياسة فرض نفسها بقوة علي المشهد العام ولونت النشاطات الثقافية وموضوعاتها بالطابع السياسي.
المدنية والأحلام والميدان
يقول الدكتور حسام عقل أستاذ النقد بجامعة عين شمس: هناك روايتان لفتتا انتباهي هذا العام ، اولاهما رواية »حكايات المدينة« لمنال القاضي وفيها ترصد ثورة 25 يناير بسياق تاريخي منذ ثورة 1919 الي ثورة يناير، وصنعت نوعا من التضافر ما بين الواقعية والفنتازيا، وإن كانت تميل في معظمها الي التاريخ، وأري أن سر تميز تلك الرواية أنها لم تغرق في الواقعية المباشرة التي دائما ما يقع فيها من يكتب رواية بها سرد تاريخي .
اما الرواية الثانية فهي امهربوالأحلام ب ل« إبراهيم المصريب وهي رواية صدرت عن دار الأدهم، تتحدث عن موضوع غاية في الأهمية في تلك الفترة وهو واقع الفرقاء في مصر بعد الثورة ,ما بين التيارات الفكرية: الليبرالي واليساري والإسلامي وفشلهم في الاندماج او تقديم شئ ايجابي لمجتمعهم ، وتنتقدهم الرواية بشدة، بل وتتوقع ظهور حزب سياسي. واختارالكاتب له اسم »مصر تتحدث عن نفسها« وقال ان هذا الحزب او الحركة عبارة عن تعبير عن استياء الرأي العام من كثرة الدكاكين السياسية التي تتحدث باسمه .
اما أهم عمل شعري قرأته فهو ديوان بعنوان »الحكم للميدان« للشاعر احمد سراج، وهو ديوان يتميز بالبعد عن المعاني المباشرة، ولدي الشاعر قدرة علي رسم صور شعرية متوهجة وجديدة، كما يتميز احمد سراج بامتداد النفس الكتابي، فضلاً عن ان لديه طزاجة المعجم الشعري، كما استطاع ان يقدم ملحمة الميدان بنبض إنساني شديدالخصوصية .
أعمق من السياسي
يثني الناقد الدكتور مدحت الجيار علي الكثير من الروايات المصرية والعربية التي صدرت هذا العام ولكنه قال ان رواية محمد المغبوب المسماة »ثينيكس« اعجبتني كثيرا وهي لكاتب ليبي يعيش في القاهرة، وما لفت نظري لها أنها تلعب علي فكرة القناع والرمز ، وتجعل من البطل امتداداً للشخصية العربية بوجه عام في هزيمتها ثم في تمردها وثورتها بالإضافة إلي لغة شعرية ملفته للنظر
اما الشعر فيهمني ان انوه إلي ديوان د.حسن طلب الأخير فقد تجاوز طلب نفسه ويبدو انه تحرر من أقوال المحيطين به وانطلق شاعراً .
اما المشهد الاجتماعي الآن فيتصدره رجل السياسة بكل تأكيد لأن المرحلة التي نمر بها الأن أعمق من السياسي علي حساب الاجتماعي والثقافي حتي من نراهم من المثقفين في الفضائيات تحولوا الي ساسة ايضاً لإدراكهم ان السياسة الآن هي الجسر الذي يمكن أن يؤدي إلي الحرية او إلي الشقاء .
هيكل وعين الصقر
ويري الكاتب فتحي امبابي ان أهم كتاب صدر هذا العام هو للكاتب يسري عبدالله بعنوان »سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد« وهو كتاب نقدي للنصوص الروائية التي نشرت في العشر سنوات الأخيرة وعلاقتها بثورة يناير وإلقاء الضوء علي الحياة قبل الثورة.
وأن أهم كاتب لهذا العام هو محمد حسنين هيكل الذي يري المشهد دائما بعين الصقر وطول الوقت قادر علي ان يري المشهد في الدول العربية والخارجية بحس عال ومخيف ومتجاوز دائما للصراعات الراهنة.
أما عن المثقف فهو طول الوقت في أزمة وخسران معركته دائما، فهو ليس أكبر من المعركة .. والأزمة الحقيقية تكمن في المثقفين المسيسين، الأمر الذي يشير لعجز بالغ تجاه لحظة العصر، ويبدو ان المثقف المصري لم يستوعب الدرس ولم يستوعبه بحثا عن السلطة فتعجز النخب ان تضع مصر في وحدة واحدة.
طاعون الإنقسام
كما يري الكاتب فؤاد قنديل أن أفضل كتاب قرأه لهذا العام هو »ولع الفرجة .. فقرالتاريخ« للأستاذ أحمد عبدالعال، و أفضل كاتب لهذا العام هو السيد يس.
أما علي الساحة الثقافية فيقول: لا يوجد أي حدث مهم أو غير مهم والسبب انشغال كبير علي مستوي الكتّاب وعلي مستوي المؤسسات بالأحداث السياسية التي لا تستند إلي الحد الأدني من الرؤية الاستراتيجية ، كما أن الأوضاع الاقتصادية تضرب القوة الشرائية بشدة، وقد تأثرت بذلك السينما والتليفزيون والأغنية والنشر والتوزيع وعروض المسرح، فضلا عن غياب المزاج النفسي والوجداني للمشاركة الثقافية في أي عمل، بل تأثرت القراءة ذاتها، وهي ربما تمثل الحدالأدني لاكتشاف العالم وبناء رؤية ملهمة.
واهم ما ميز هذا العام في نظرة فؤاد قنديل، ان السياسة طغت علي الثقافة بشكل حاد، واستقطبت كل العقول والمشاعر، كما عطلت الخيال والأفكار، يكفي أن أري طاعون الانقسام والتشتت يغزو كل بيت وكل أسرة بل يقتحم فكر الشخص الواحد، ناهيك عن العنف الزائد والتربص والمؤامرات ، وعشوائية القرارات وسوء الإدارة والتخبط ويتوج كل هذا بدستور نصفه علي الأقل مشوه، ولا يستطع الكاتب أو المبدع شاعرا كان أو روائيا أن يبلور رؤيته لعمل أدبي فكل فكرة قد يلتقطها سرعان ما تتشظي وتتفكك وتتبعثر أمامه لتذروها رياح السياسة والاضطراب غيرالمسبوق في الأحوال السياسية التي انعكست علي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

السياسة طغت علي الثقافة
ويؤكد د. حسين حمودة أن خلال هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، كما نشهد ونعيش جميعاً. كان في كل يوم تقريبا حدث جديد ومتغير جديد. وأتصور أن مصر خلال هذا العام والعام السابق مرت بأحداث تعادل دهرا كاملا. ظهرت وجوه، تكشفت وجوه، وتوارت وجوه، وتلاحقت وقائع كبري وصغري. فيما يخص الثقافة كان هناك نشاط محمود، رغم كل شيء، وإن كان هذا النشاط يلوح أحيانا نوعا من أداء الواجب، أو يبدو أحيانا سعياً وراء انتزاع مساحة من اهتمام ضمن اهتمامات أخري أكثر إلحاحا؛ فكيف مع كل هذه المتغيرات الكبري، والوقائع اللاهثة، والغضب والدم، يمكن أن تحتل الثقافة ونشاطها المساحة التي تليق بهما ؟
لكن من الأحداث الثقافية المهمة في هذا العام ما ارتبط بالنشاطات المتعددة، الرسمية وغير الرسمية، التي تذكرت أن الأدب العربي عرف كاتبا عظيما اسمه نجيب محفوظ. ومن الكتب التي استوقفتني الدواوين التي صدرت عن ثورة 25 يناير. وهناك أعمال أدبية متعددة استمتعت بها، لا أريد أن أشير إلي صاحباتها وأصحابها فأتذكر البعض وأنسي أخريات وآخرين.
الوعي السياسي.. ثقافة
ويقول الناقد د. هيثم الحاج علي أن أفضل كتاب قرأه هذا العام هو ..سيرة روائية ..لسيد الوكيل، وأفضل كاتب لهذا العام هو محمد عفيفي مطر، وأهم حدث ثقافي حدث خلال هذا العام هو تعليق أدباء مصر لمؤتمرهم العام احتجاجاً علي مواد الدستور التي تطال من حرية الإبداع والإعلام.
اما عن الساحة الثقافية خلال هذا العام فتراجعت فعاليات ثقافية عديدة بل تم إلغاؤها بسبب الأحداث السياسية، وكان من الملاحظ قلة التجمعات الثقافية.
لكن الملحوظ أن هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، وأصبحت الاحداث الراهنة تشير دائما للتحدث في السياسة.. وربما كان ذلك مؤشراً إيجابيا مع اعتبار الوعي السياسي جزءاً مهما من المكونات الثقافية ومع ازدياد هذا الوعي السياسي المتكون لدي رجل الشارع حتي لو في بدايته فسوف تكون الثقافة إذأ في حالة ارتفاع ملحوظ.
غياب المشروع القومي الثقافي
ويري الناقد د.مصطفي الضبع وأستاذ الادب المقارن أن أفضل كتاب هو : تاريخ العلم (1543- 2001) لمؤلفه جون غريبين الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت ومن ترجمة أحد أهم المترجمين العرب المترجم المصري شوقي جلال، وأفضل كتاب للروائي الكويتي »سعود السنعوسي« بعنوان »ساق البامبو«، أما أفضل كاتب هو : الراحل جلال عامر .
أما عن أهم حدث ثقافي لهذا العام فهو ارتفاع مؤشر الوعي لدي الشعب المصري، أما عن مؤشر الحالة الثقافية خلال هذا العام فكان مؤشراً لغياب المشروع القومي الثقافي أو الخطة الاستراتيجية الثقافية، وقد تكون هناك غزارة في الإنتاج لكن هناك خللا في الطرح، ومن الملاحظ أن المؤسسة الثقافية غائبة أو مغيبة الوعي.. لافتقادها عقلية التخطيط .
أما فيما يخص طغيان السياسي علي الثقافي أري الوضع من زاوية معكوسة بعض الشئ، الحقيقة أن التأثير السلبي للثقافه هو الأكثر طغيانا علي السياسي فافتقادنا للوعي بمعناه الثقافي يجعلنا نعيش حالة من التخبط السياسي .
دور اتحاد الكتاب.. تلاشي
في منظور الكاتب اللواء حمدي البطران أن الكتاب الذين يعطيهم الأفضلية هذا العام في مجال الإبداع هم د. عزالدين شكري فشير وروايته »باب الخروج» والكاتب السياسي نبيل عبد الفتاح وكتابه »الدين والدولة الطائفية« والكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي وكتابها الأسود يليق بك«.
افضل رواية مصرية : : رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة.
ويري البطران أن ثمة أكثر من حدث ثقافي مثل: حصول وزير الثقافة الحالي د. صابر عرب علي جائزة الدولة التقديرية ، وإعادة طبع رواية يوميات ضابط في الأرياف في مكتبة الأسرة، وإعادة ترميم المعهد العلمي، لكن هناك حدثا سلبيا تمثل في استبعاد الكتاب والمبدعين من اللجنة العليا للدستور.
وعن مؤشرات الحياة الثقافية عام 2012 يري أن الحركة الثقافية تأثرت بالحالة العامة للدولة، ويضرب علي ذلك أمثلة من قبيل: ظهور بعض الدعوات المتطرفة التي تعيد النظر في حرية التعبير، وتقلص الندوات الأدبية، وأنشطة الهيئة العامة لقصور الثقافة ، واضمحلال دور اتحاد الكتاب ، بل وتلاشيه من الشارع الثقافي ، وانقسام الكتاب وخروجهم عليه، كل هذا أدي الي تراجع الإبداع الفني سواء في القصة أم الرواية، في مقابل ظهور الشعر السياسي والحماسي، وطغيان الكتابات السياسية .
الحلم المصري في كل مكان
الناقد الدكتور يسري العزب أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب بجامعة بنها يقول :أعجبني كثيراً ديوان شعر بالعامية للشاعر ماجد كمال أبادير بعنوان بكان حلما وجدت فيه حسا وطنيا مرتفعا ودعوة للاستمرار في نصرة الثورة ودعمها والدعوة إلي تأكيد الوحدة الوطنية بين كل المصريين .
أما افضل رواية قرأتها فهي رواية للأديب خيري حداد بعنوان »امرأة من دخان« وهي الجزء الثالث من مشروع روائي كبير بدأه الكاتب منذ ما يزيد علي خمسة عشر عاماً، وفيه تصوير جيد للواقع الاجتماعي وجزء كبير منه عن وسط الدلتا »أشمون ومنوف وسيرس الليان والباجور« ونري في الرواية تصويراً جيداً لذكاء الفلاح المصري الذي يصل إلي درجة الدهاء في معظم الأحيان ، كما نري وجوداً طاغياً للمرأة المصرية والدور الذي تقوم به في تكوين الشخصية الوطنية ,التي تنهض لتغير الواقع مع الرجل إلي الأجمل ، سوف نقرأ في هذا العمل أسماء المدن الصغيرة والقري والأسواق ونتعرف علي الخصائص الدقيقة والتي تميز كل وحدة عن الأخري اجتماعيا وسياسيا وثقافيا إلي اخره.
اما عن المشهد الآن ومن المتصدر فأقول انه في الفترة الأخيرة اي بعد الثورة ظهر السياسي وغطي جزاً كبيراً من الصورة لدعم كل وسائل الأعلام له، بينما ظل الثقافي دافعا ومحرضا علي إنقاذ الوطن والسعي بمصر إلي الأمام ، لا تعنيه الشهرة التي نالها »النشطاء السياسيون« الذين اعتلوا السطح وانما الذي يعنيه كما هي رسالة الأدب دائما، شحن الوجدان الشعبي بكل ما ينهض بالوطن ويدفعه إلي التقدم وتجاوز الأزمات ، ولكن فترة ما قبل الثورة كان الإبداع المصري موجودا بكل ألوانه يبذر نبات الثورة بالحلم المصري في كل مكان علي أرض مصرا وأنا أقول هذا بصفتي مطلعا علي معظم ما يكتبه أدباء الأقاليم .
واقعنا الثقافي .. صادم
الحسين الخضيري: أحسن كتاب : رواية »أنا عشقت« للكاتب الكبير محمد المنسي قنديل ، الذي يحكي في سلاسة وشاعرية أخّاذة عن قُروية شابّة تصحب عاشقها إلي محطة القطار نفاجأ بأنها تتجمد واقفة في محطة القطار وتظل مكانها وتضحي حديث القرية ، وتمضي الأحداث لنري أحد طلبة كلية الطب يبحث لها عن حل ؛ ويمضي للبحث عن العاشق ، ويبدأ رحلته في عوالم مختلفة .
والحدث الأبرز ثقافيا من وجهة نظره.. هو غياب الأحداث الثقافية عامة، وتراجعها أمام طغيان التغيرات والتظاهرات السياسية الجارية التي عصفت وما تزال بالعالم العربي مما جعل الشارع العربي يمور بالعديد من التفاعلات التي لم يشهد مثيلاتها من قبل .
ويري أن واقعنا الثقافي واقع صادم فهو لم ينضج بعد كي يتلقي التغيرات التي طرأت عليه وعلي حياتنا ولمّا يتأهب بعد ليواكبها ، ما يزال العديد من المفكرين يُعانون التهميش ، حتي النخبة التي ليست تُعاني تهميشا ً ، نعاني غياب دورها إلي حد ٍ كبير ، ما زلنا نَعدُ القراءة ترفا ً وليست ضرورة ً من ضرورات الحياة ، الشارع السياسي يغلي الشارع الثقافي خامد ٌ مُهمَّش .
كما أننا علي المستوي العربي مازلنا نكتب لأنفسنا، الآخر قد لا يرانا أو يشعر بنا ولا نُسمعه سوي ضجيجنا المنبعث من الشارع السياسي، لكنني أري أن هذه التغيرات السياسية لابد ستنعكس إيجابيا ً علي الواقع الثقافي في مصر وعالمنا العربي- مثلما انعكست سلبا ً - لذا استبشروا خيرا ً.
جفاف ثقافي
أفضل ما قرأ الروائي رجب سعد السيد هذا العام، رواية (أنا عشقت) لمحمد المنسي قنديل؛ وثلاثة كتب في السيرة الذاتية، هي : سيرة الأديب الكبير فؤاد حجازي، وهي في جزءين صدرا في النصف الثاني من هذا العام: (م الدار للنار صادر عن دار الثقافة الجديدة)، و(قرون الخروب صادر عن سلسلة أدب الجماهير)؛ أما الكتاب الثالث فهو (أمواج العمر بين بحر اسكندرية وبحيرة جنيف صادر عن دار العين، بالقاهرة) للدكتورة فوزية العشماوي، أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة جنيف، بسويسرا، ويمكن اعتبار مؤلفي هذه الكتب هم أفضل من عرفت من الكتاب، في هذه السنة شديدة الاضطراب، التي سادتها الفوضي، ولم تتح الأحداث المتتالية ذ ومعظمها مؤسف ذ الفرصة لالتقاط الأنفاس، ناهيك عن الإنتاج، لا للمبدعين، ولا للمتابعين.
ثمة أكثر من حدث ثقافي هام في منظوره يتمثل في عودة مجلة (المجلة) للظهور، في مبادرة شجاعة من الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة أسامة عفيفي. وقد حاولت الاستجابة للمتغيرات الزمنية، وللأحداث المتسارعة التي تعصف بالوطن.والحدث الثاني إعادة ترتيب وتجديد سلاسل كتب الهيئة العامة لقصور الثقافة، وظهور سلسلة جديدة فيها هي (الثقافة العلمية) لكن ثمة حدثا سلبيا يتمثل في عدم انعقاد دورة مؤتمر أدباء مصر لهذا العام، كرد فعل للأحداث الجارية.
ويري رجب سعد أن أن عام 2012 كان عام قحط ثقافي عام، ارتبط بانحسار الموارد التمويلية، ونفاد بنود الصرف في ميزانيات المؤسسات والهيئات التابعة لوزارة الثقافة قبل انقضاء نصف السنة المالية، مما اصاب خططها بالشلل، وهذا انعكاس للحالة الاقتصادية العامة للدولة، من جهة، ومن جهة أخري، راجع إلي فتور في علاقة إدارات جديدة لبعض المؤسسات بالثقافة والإبداع.
وهو لا يري أي بادرة أمل في أن تتحسن الأحوال مستقبلاً، فإن كانت شريحة كبيرة من الشعب المصري قد خضعت في سنوات مبارك القاحلة للتسطيح الثقافي الممنهج، الذي أغرقها في موجات من الفنون والمفاهيم الثقافية الهابطة، ليسهل قيادها، فإن منهجاً له تأثير مماثل سيغرق الشريحة ذاتها في جدليات وصراعات عقيمة حول ما هو حلال وما هو حرام، ليسهل قيادها أيضاً. وأتوقع أن يواجع المبدعون في مختلف الفنون بالعداء.
عام مرتبك
الروائي السكندري سعيد سالم يعيش حالة من اليأس إذ يقول: لم أستطع خلال هذا العام الصعب المرتبك متابعة الكتب الجديدة حتي أتمكن من تحديد أهم كتاب وأهم كاتب، أما أهم حدث ثقافي فلا يوجد، ولذلك فإن المؤشر ، في عينيه، ينخفض الي الأسفل وإلي الوراء بشدة..أنا للأسف عاجز عن القراءة والكتابة تماما بسبب ظروف البلد المتجهة نحو الانهيار.
صراع ثقافي حاد
يري قاسم مسعد عليوة أن أفضل كتاب: الثورة الآن لمؤلفه سعد القرش صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.وأفضل من الكتاب كاتبان:الأول بهاء طاهر والآخر : د. عماد أبو غازي، والاثنان يدافعان عن التنوير، كل بطريقته.
وفي منظوره أن هناك ثلاثة أحداث ثقافية الأول: إصدار دستور مصر الثقافي، وإن لم يأخذ به نظام الحكم، فهو خطوة من خطوات علي الطريق الصحيح.، الثاني :عودة الحياة لمجلة زالمجلةس التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، بعد 41 عاما من التضحية بها وذبحها ضمن مذبحة المجلات الثقافية في العام 1971 الثالث: ملتقي الصعيد الثقافي الذي نظمه مركز أحمد بهاء الدين الثقافي تحت عنوان »الصعيد.. الثورة.. الثقافة الغائبة« في أسيوط انطلاقا من قرية الدوير مركز صدفا.
أما عن مؤشر الحالة الثقافية فيقول: هناك صراع ثقافي حاد في المدي القريب (سيعض أثناءه المثقفون علي أصابع بعضهم بما يجاوز الرغبة في الإيلام إلي الرغبة في البتر)، وصراع ثقافي أقل حدة في المدي المتوسط، ثم صراع ثقافي سلمي في المدي البعيد.(أي أن الصراع الثقافي سيبقي قائما، وهذا هو قانون الحياة، لكن درجة حدته ستتبدل، والمستقبل الزاهي لن يكون بغير ثقافة التنوير).
صراع ثقافي
ينظر الكاتب السيد نجم الي أن معطيات ثورة 25 يناير في جوهرها معطيات ثقافية من حيث إن من قامت بها شريحة مثقفة من شباب مصر، واستخدموا تقنية ثقافية لتزكية هذهالثورة الحقيقية التي انتفض من بعدهم جموع الشعب.
وفي ظنه أن الثقافة لعبت وما زالت تلعب دورها في الحياة المعاشة سياسيا حتي اليوم، وما نراه من اضطرابات سياسية وتناقضات هي في حقيقتها تناقضات ثقافية، فهناك شريحة علي رؤية ثقافية خاصة وشرائح علي رؤية أخري،ويبقي التناقض أحيانا و الصراع، فجوهر الصراع و الإضطرابات و التناقض المعاش في عامي 2011و 2012 هو في الحقيقة صراع ثقافي وأعنقد أن كل من ادعي أن المثقف لم يلعب دورا في الحياة الآنية قد جانب الحقيقة.
بالنسبة لأهم الأحداث أجد أنه بالرغم من كل ما هو كائن الآن من اضطرابات فإن انتقال اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا إلي القاهرة واختيارها مقرا له ، ومن قبله انتقال اتحاد الكتاب العرب من الظواهر الثقافية التي تعيد إلي مصر رونقها المتوقع و المنتظر.
إبداعات جديدة
اختارت نبيلة عقل رئيسة الدعاية بقسم النشر بالجامعة الأمريكية: كتاب ابنات في حكاياتب كأفضل ما صدر في 2012، لمؤلفته رشا سمير الأديبة الناشئة التي أتوقع لها مستقبلا باهرا في الأدب.
وتري أن مؤشر الحالة الثقافية ارتفع هذا العام، حيث ساعدت الظروف الصعبة علي خلق إبداعات جديدة للأدباء والشعراء.
وبالنسبة لتوقعاتها للعام الجديد ففي منظورها أن الوضع العام لا يحمل مؤشرات يقينية حول ما سيحدث في المستقبل، إلا أن الجميع أصبح ملما بالسياسة بدرجة عالية، وعلينا أن نعرف أن استقرار السياسة سوف يؤدي بدوره لانتعاش اقتصادي واجتماعي.
الرؤية الضبابية
يعتبر الدكتور علي المنوفي أفضل كتاب صدر سنة2012 هو »حتشبسوت من ملكة مصر إلي فرعون« كتبه مارتين بالنتين وتريسا ديدمان، وهما زوجان يقدما رؤية أوروبية حديثة للمرأة المصرية القديمة خاصة الملكات، وحتشبسوت هي المرأة الوحيدة التي تحولت من زوجة الملك إلي الفرعون، إلا أنه تم شطب أسمها من الخراطيش الفرعونية ومن قوائم الملوك في المعابد خاصة الكرنك و أبيدوس، وهذا الكتاب استرد حق المرأة المصرية التي كانت في مؤخرة الجيش المصري في نهاية الأسرة 17 و بداية الأسرة 18 .
وبالنسبة لأفضل كاتب فإنه يقول: لايمكن التحدث عن نجاحات كتب من منظور تجاري، فمن وجهة نظري لايزال الأدباء الكلاسيكيون هم أصحاب أفضل الكتب،وبالنسبة للكتاب الجدد مازالت الرؤية ضبابية بالنسبة لهم لأن انتشارهم ليس بالدرجة المثلي، ولم يولهم النقد الاهتمام الكافي.
و بالنسبة للحالة الثقافية.. هناك نوع من التوجه للحظة الراهنة حتمت وجود أكثر من تيار، وهذا جيد في حد ذاته أن تكون هناك توجهات أدبية مختلفة، لأن الكتابة بها نوع من الأيديولوجية نري في سرده القصصي أو الشعر رؤيته في محاولة استشراف المستقبل .
يتوقع د. المنوفي للحالة الثقافية للعام الجديد أن تكون مرتبطة بمساحات الحرية المتاحة، و أن اللغة العربية غاية في الثراء ومليئة بالمجاز، وبالتالي فإن وسائل التعبير ممكنة لتفادي الدخول في تصادم مع قوانين أو رقابة، ويمكن أن تحول دون التعبير المباشر عن رؤية ما، وهذا يحدث في كثير من الدول العربية التي تقل فيها مساحات الحرية عن مصر، ففي فترة الستينيات كانت مكتبة مدبولي تنشر الكتب الممنوعة، إلا أننا لن نصل لهذا الحد لأن هناك عوامل تحول دون هذه الرقابة وهي منظمات المجتمع المدني وغيرها.
و بالنسبة لدرجة حرارة المثقف واقترابها نحو الجانب السياسي يري أن المثقف له رؤية سياسية لكن كان العمل الأدبي مباشرا وأكثر اقتربا من اللحظة الراهنة، كلما قلت القيمة الأدبية، ففي أسبانيا خلال فترة الأربعينيات حتي منتصف الخمسينيات كانت من أقسي الفترات التي تعرض لها الأدباء إبان حكم فرانكو، مما دفعهم للكتابة عن الفقر ومعاناة الناس دون لمس الأسباب وراء ذلك، كنوع من التنفيس عن اللحظة الراهنة، وحين انتهي عهده سنة1975 راحوا ينظرون للأدب السابق علي أنه يتسم بالثراء.
المؤلف الجمعي
من بين أهم الكتب التي قرأها د.عماد عبد اللطيف هذا العام كتاب »محاكمة سقراط«، لآي إف ستون، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، فقد غيَّر العديد من أفكاري حول الديمقراطية الأثينية، والصراع بين النخبة والعامة في المجتمعات القديمة، وما يبدو مهمًا في مثل هذا الكتاب أنه يشعرنا أن أسئلة المجتمعات القديمة ما تزال تطرحها بعض المجتمعات الحديثة، خاصة ما يتعلق منها بمسئولية المثقف في المجتمع، والصراع المتواصل بين العامة والنخبة، والدور الذي يلعبه الفكر في إضفاء الشرعية علي القمع والاستبداد.
ويقول: لو أنني بصدد اختيار أفضل مؤلف في هذا العام، فسوف يكون هو المؤلف الجمعي لآلاف الشعارات والهتافات وبوستات الفيس بووك وتغريدات تويتر، التي أُنتجت علي مدار عام كامل من تقلب الثورة المصرية علي صفيح ساخن. فهذه الإبداعات التي تسمو بفنياتها علي كثير من نصوص الأدب الرسمي أصبحت تشكل ذخيرة خطابية لا غني عنها للمثقف المصري المعاصر. إضافة إلي ذلك فإن هذه النصوص تقوم بدور هائل في صياغة الوعي الجمعي الراهن، وتمارس عمليات مكثفة من نقد الخطابات المهيمنة في المجتمع.
وعماد عبد اللطيف ليس متفائلا بشأن مستقبل العمل الثقافي المؤسسي في مصر، لماذا؟ إنه يقول : الهجمة علي المؤسسات الثقافية قادمة بلا شك. والاخوان والسلفيون يدركون الآن بوضوح أن الوعي والمعرفة (الثقافة) هي الخطر الأكبر علي استمرار تقاسمهما للسلطة. لقد رأينا كيف أن القواعد الأساسية لجمهور الإسلاميين تكمن في القري والعشوائيات والصعيد، حيث نسب التعليم المنخفضة، وسيطرة الخرافات والأوهام.
لكنه متفائل بشدة بشأن الإبداع الثقافي الفردي والجمعي في مصر، لماذا ؟ لأن المثقفين أصبحوا أكثر وعيًا بالدور الهائل الذي يقوم به الإبداع بكل أنواعه (بالكلمة والصورة واللون والحركة والصوت) في مقاومة الهجمة المعادية للحضارة التي نري بشائرها منذ عقود. لكن دور الجماعة الثقافية في مواجهة هذه الهجمة شديد الحسم، وكلما قلت مساحات الاختلاف والصراع البينية، وتوافرت أرضية للعمل الثقافي الأهلي المنظم، وانتشرت روح التعاون والتواشج بين أفراد الجماعة الثقافية أصبحوا أقدر علي تحقيق حلمهم بمجتمع ديمقراطي متحضر.
العودة إلي قراءة الأدب
اما الروائي مكاوي سعيد فيبدي إعجابه برواية د.عز الدين شكري »عناق علي جسر بروكلين« :انا احب كتابات هذا الروائي وهو من الكتاب المميزين والذي أتابع أعماله بدقة ، ولدي إحساس دائماً أنه مظلوم »مثلي« تماما كما أعجبتني ايضاً المجموعة القصصية لمحمدالفخراني »قصص تلعب مع العالم« أعجبت بطريقة السرد فيها واستخدام الأسطورة في البناء وهي في رأيي من أجمل ما قرأت من مجموعات قصصية في الفترة الأخيرة ، كما أعجبت ايضاً برواية »عودة الشيخ« لمحمدعبد النبي وهي من الروايات المميزة للجيل الجديد من الكتاب .
اما في الشعر فقد أعجبت بديوان »في ذمة الورد« لدعاء زيادة، وديوان الشاعر سيد محمود »تلاوة الظل«، اما من يتصدر المشهد الان فهو السياسي بالقطع، حتي في الفترة الأخيرة كانت أغلب الكتب المباعة هي الكتب السياسية عكس السنوات الماضية ، لقد زاد اهتمام الشاعر بالسياسة، فأصبح المواطن يقرأ ويتابع الاصدرات السياسية الجديدة ، وانا أري انه شئ مفيد ومهم لأنها جذبت لنا قراء جددا وفي فترة الهدوء والسكون سيعودون إلي قراءة الأدب .
موجة ثقافية بامتياز
ويعلن الشاعر صبحي موسي اعجابه بكتاب »سر المعبد« لمؤلفه ثروت الخرباوي.. لماذا؟ لأن هذا الكتاب قام بافتضاح آلية عمل جماعة الأخوان المسلمين وطبيعة الذهنية المنتمية لهذا التنظيم ، وهو كتاب مغر مليء بالوقائع والتفاصيل التي تخبرنا عن طبيعة جماعة الإخوان المسلمين في التفكير خاصة ان مؤلفه هو واحد من ابناء هذا التيارالذي انتمي إليه اكثر من 30 عاما .
اما عن الشعر فأغلب الدواوين التي صدرت هذا العام كان بها حس الثورة وأغلبها كان بهما نوع من المباشرة وأهملت المسألة الجمالية لصالح الحماس لقضية الثورة والشهداء والوطن، نادرا ما خرجت بعض الدواوين عن تلك الأخطاء مثل ديوان احمد جمعه وديوان لمحمود قرني والديوان الأخير لرفعت سلام والديوان الأخير لميسون صقر .
هناك حدثان هذا العام وقفت عندهما ، الحدث الاول للأسف بالسلب وهو استقالة دكتور صابر عرب ثم قبوله الوزارة من جديد وفي غضون الإيام قليلة فاز بجائزة الدولة التقديرية ، علماً بأنه كان رئيس المجلس الأعلي للثقافة بوصفه الوزير وأنه الذي أشرف علي اللجان وتربطه علاقات طيبة بكل اعضاء اللجنة العليا للمجلس ، ولم يتحرج من الاعتذار عن الاستمرار في المنافسة علي الجائزة او قبول الوزارة للمرة الثانية بعد فوزه بالجائزة مما يعني انه استقال او ااخذ اجازة بمن أجل الحصول علي الجائزة .
اما الحدث الإيجابي هذا العام فكان علي المستوي العالمي، وهو ان الكاتب الألماني الشهير »جونتر جراس« كتب قصيدة اعلن فيها موقفه بوضوح من إسرائيل وهاجم فيها قلوع الغرب أمام الجلد الاسرائيلي باسم الهلوكست وكان هذا حدثا هاما نبه العالم انه عليه ان ينتفض وأنه يعد المجاذر لأيران في حين انه تارك اسرائيل تفعل ما تريد في الفلسطينيين بأسم الظلم الذي وقع عليهم في فترة النازي .
اما من حيث المشهد الان فبالتأكيد الحدث السياسي فرض نفسه بقوة، لدرجة ان الثقافي كان مجرد رد فعل، في الإطار العام ، ولكن بنظرة متأملة سوف نكتشف اننا أمام الموجة الثانية من الثورة المصرية وأنها موجة ثقافية بامتياز ، لان محورها كان الاجابة عن سؤال: هل يجوز خلط الدين بالسياسة ؟
وهل نحن دولة دينية ام دولة مدنية صبغتها المؤسسات والقانون ، وهذا بالطبع إطار ثقافي بالدرجة الأولي.
بعد أن فشلت السياسة .. هل تضبط الثقافة إيقاع المجتمع 2013؟
صانع المفاتيح وكفافيس والميدان
استوقف الدكتور جابر عصفور هذا العام روايتان رائعتان، كما يقول، وهما رواية »صانع المفاتيح« للأديب احمد عبد اللطيف، وا كفافيسب لطارق امام وأري وللحق أنهما تستحقان ان تكونا في القائمة الطويلة لجائزة البوكرهذا العام لانهما تجردتا من السرد التقليدي وهما تصنفان كما أري »أدب ما بعد الحداثة«.
أما الشعر فيقول :فقد أعجبت كثيراً بديوان »الميدان« للشاعر عبدالرحمن الأبنودي .
وأما بخصوص الأقرب الي الشارع وإلي الحراك الاجتماعي بدون تردد سأقول لك علي الفور أنه السياسي ، كنتيجة لما تشهده الساحة الأن من أحداث، ومن كوننا نمر بفترة انتقالية بل ومصيرية من حياة أمتنا.
وكل الحوارات الآن لا تخلو من السياسة ، وكل الخلافات ايضاً سببها السياسة ومعظم الندوات التي تقام الأن ندوات سياسية ، السياسة الآن ورجالها يتصدرون المشهد بالكامل دون شك علي حساب النخب الثقافية.
حضور المثقفين
أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي فيقول إنه قرأ العديد من الأعمال في الفكر والأدب والسياسة بعضها أعمال تنشر لأول مرة والبعض نشر منه طبعات جديدة لكن يشير إلي أنه من الصعب ان يتحدث عن كتاب معين أو عن كاتب بعينه ليضعه علي القمة هذا العام.
إلا أنه - كما يقول: لا يري حدثا ثقافيا بارزا علي الساحة الثقافية خلال هذا العام، وهو أن السياسة طغت علي كل الأمور، ويري من وجهة نظره ان أهم حدث ثقافي سياسي كان علي مستوي المجتمع المصري وهو التفاف المصريين حول الديمقراطية والدستور، ودفاعهم المستميت ضد تزوير الدستور، وبرز دور السيدات والفتيات خلال الاحداث.
كما يري الشاعر حجازي ان المجتمع المصري يشهد تحولا ثقافيا وليس تحولا سياسيا فقط، مما يدل علي ان المصريين مثقفون، وان المثقفين مازالوا حاضرين في الحياة.
الوعي.. لن يأفل أبدا
وتقول الكاتبة فوزية مهران، انها انشغلت هذا العام مثل الجميع بقراءة الأحوال العامة ، كما انها كانت تعكف علي دراسة نقدية في كتاب بعنوان «مالك مصر» للكاتب حسن زين العابدين، وأهم ما جذبها في تلك الرواية انها كانت تتنبأ بما حدث في ثورة يناير لانها تستدعي التاريخ وتتحدث من خلاله عن الواقع، وتطالب بإعادة نشرها مرة أخري نظراً لأهميتها الآن.. لان الجميع الان يبحث عن الطريق وتري ان زين العابدين من افضل الكتاب.
وتشهد للكاتب حسنين هيكل بالحكمة وانه دائما يلمس الواقع الحقيقي المحلي والعالمي، وتري الكاتبة فوزية مهران ان أهم حدث ثقافي واجتماعي وسياسي هو أحداث تبعات الثورة، التي كانت بمثابة زلزال قوي هز كل الركود الذي عشنا فيه، وأحدث حركة نشطة للعقول والقلوب والأفكار وملأت روحنا، وتؤكد الكاتبة أن المثقفين لأول مرة يفيقون من غشاوتهم ويشعرون ان وراءهم رسالة يجب ان يقوموا بها.. وان ما حدث من وعي للشعب كانوا هم أصحاب الفضل فيه، وهذا الوعي الذي حدث للشعب لن يذهب ولن يأفل ابداً وسينتشر وينير للجميع.
مؤشر مضطرب
يقول: د. محمد حسن عبدالله إن مؤشر الحالة الثقافية مضطرب إضطرابا كبيرا، والدليل علي هذا حالة الإنقسام الحادة التي نعيشها قبل وبعد الاستفتاء الدستوري، ومن جهتي ما هكذا تكتب الدساتير تأسيسا ونتيجة، ومن جهة أخري أعطلي الإستفتاء مؤشرا ثقافيا سلبيا لأن المحافظات التي قالت نعم يغلب عليها طابع الفقر و الجهل وكفي بهما لعنتين، فما توضع الدساتير إلا لتنجو بالمواطن من الجهل والفقر، في حين رأي أهل الاستنارة أن هذا الدستور فاقد الرؤية المستقبلية وكفي بهذا عمي.
وفي تصوري أنه لايمكن أن يكون مستقبلك وراءك، والعالم لن ينتظرنا، فنحن علي الهامش ولا نمتلك آليات الدخول إلي حومة الوجود الإنساني الراقي.
السياسة أصبحت خبزا يوميا، حتي عجائز الجيل الماضي و قبل الماضي، إذا كان قد طال بهم العمر لاقتحموا النسيج المجتمعي السياسي ووقفوا مع أحفادهم المتطلعين وضد أحفادهم المتنطعين.
حالة ارتباك فكري
تجزم الكاتبة اقبال بركة بأن المفكرين والكتاب في حالة ارتباك فكري وغير قادرين علي حسم أمورهم وكل هذه الأمور تحتاج لمزيد من الوقت في التفكير، حتي ان بعض الكتاب أجلوا نهايات قصصهم لأن المشهد الان ملتبس وغير واضح، وبالرغم من هذا اذكر للكاتب الكبير فؤاد قنديل أعمال عديدة مهمة عن الثورة .
وتري ان أفضل كاتب هو الأستاذ محمذ حسنين هيكل، أو كما تسميه( حكيم القرية) الذي يتمتع دائما بالعمق والبصيرة والرؤية الثاقبة والتنبؤ.. نحن جميعا نهتم بآرائه ونركن إليها وتنير لنا الطريق.
والحدث الثقافي الهام هو الذي جاء في نهاية هذا العام - جائزة الكاتب الكبير نجيب محفوظ التي نالها الكاتب عزت قمحاوي عن روايته (بيت الديب) التي تمنحها الجامعة الأمريكية في ذكري ميلاد الكاتب نجيب محفوظ.
انخفاض المؤشر الثقافي
ويقول الشاعر محمد ابراهيم ابو سنة: قرأت أشياء متنوعة منها المترجم وأعمال عربية منها أعمال للشاعر محمد سليمان، وحسن طلب، ومحمد منصور، وأعمال أخري جديدة لشعراء السبعينيات لكن أهم ما قرأت هذا العام كتاب تراث بعنوان »المستطرف في كل فن مستظرف«، اما بالنسبة للكاتب لا يوجد كاتب معين أضعه علي القمة خلال هذا العام.
لكن المؤشر الثقافي، في رؤية الشاعر أبو سنة كان منخفضا نسبيا نتيجة للاضرابات والعراقيل التي تحدثها المظاهرات والاعتصامات، كما تراجع دور المؤسسات الثقافية خلال هذا العام وانخفض النشاط الثقافي لأن السياسة طغت علي كل الأمور وكانت أهم من أي موضوع آخر .
فرض نفسه بقوة
ويشير الناقد د. عبد الرحيم الكردي، استاذ النقد بجامعة قناة السويس، إلي إصدارت هذا العام المتعددة وأنه قرأ منها الكثير، لكنه عاد لقراءة كتاب تراثي بعنوان »الكشاف« للزمخشري وقرأ من الروايات للكاتب الجزائري »واسيني الأعرج« كما قرأ عملا للروائية نجلاء محرم بعنوان«رنزي ياظل الاله» كما قرأ للكاتبة الأردنية سناء شعلان بعنوان »يعشقني«
أما بالنسبة لأهم حدث ثقافي في رؤية الدكتور الكردي فهو خروج أربعة اعداد حديثة من مجلة نجيب محفوظ للنور الصادرة عن المجلس الأعلي للثقافة.
ويشير إلي نماذج من الحراك الثقافي لعام 2012 منها المؤتمر الذي نظم في بداية العام بمحافظة الشرقية وجمع عددا كبيرا من أدباء الأقاليم وأدباء القاهرة ويقول: شاركت في أربعة مؤتمرات أخري الأول كان بمدينة سوسة بتونس وكان عنوانه »الشعر والموقف«والمؤتمر الثاني بمدينة الباحة بالمملكة العربية السعودية عن »السرد الروائي المعاصر والتاريخ«، والمؤتمر الثالث كان بمسقط عن »السرد الروائي العربي« واخيراً كان مؤتمر الشعر الأول بالمجلس الأعلي للثقافة بعنوان »تحولات الشعر«،.
وشهد هذا العام أن السياسة فرض نفسها بقوة علي المشهد العام ولونت النشاطات الثقافية وموضوعاتها بالطابع السياسي.
المدنية والأحلام والميدان
يقول الدكتور حسام عقل أستاذ النقد بجامعة عين شمس: هناك روايتان لفتتا انتباهي هذا العام ، اولاهما رواية »حكايات المدينة« لمنال القاضي وفيها ترصد ثورة 25 يناير بسياق تاريخي منذ ثورة 1919 الي ثورة يناير، وصنعت نوعا من التضافر ما بين الواقعية والفنتازيا، وإن كانت تميل في معظمها الي التاريخ، وأري أن سر تميز تلك الرواية أنها لم تغرق في الواقعية المباشرة التي دائما ما يقع فيها من يكتب رواية بها سرد تاريخي .
اما الرواية الثانية فهي امهربوالأحلام ب ل« إبراهيم المصريب وهي رواية صدرت عن دار الأدهم، تتحدث عن موضوع غاية في الأهمية في تلك الفترة وهو واقع الفرقاء في مصر بعد الثورة ,ما بين التيارات الفكرية: الليبرالي واليساري والإسلامي وفشلهم في الاندماج او تقديم شئ ايجابي لمجتمعهم ، وتنتقدهم الرواية بشدة، بل وتتوقع ظهور حزب سياسي. واختارالكاتب له اسم »مصر تتحدث عن نفسها« وقال ان هذا الحزب او الحركة عبارة عن تعبير عن استياء الرأي العام من كثرة الدكاكين السياسية التي تتحدث باسمه .
اما أهم عمل شعري قرأته فهو ديوان بعنوان »الحكم للميدان« للشاعر احمد سراج، وهو ديوان يتميز بالبعد عن المعاني المباشرة، ولدي الشاعر قدرة علي رسم صور شعرية متوهجة وجديدة، كما يتميز احمد سراج بامتداد النفس الكتابي، فضلاً عن ان لديه طزاجة المعجم الشعري، كما استطاع ان يقدم ملحمة الميدان بنبض إنساني شديدالخصوصية .
أعمق من السياسي
يثني الناقد الدكتور مدحت الجيار علي الكثير من الروايات المصرية والعربية التي صدرت هذا العام ولكنه قال ان رواية محمد المغبوب المسماة »ثينيكس« اعجبتني كثيرا وهي لكاتب ليبي يعيش في القاهرة، وما لفت نظري لها أنها تلعب علي فكرة القناع والرمز ، وتجعل من البطل امتداداً للشخصية العربية بوجه عام في هزيمتها ثم في تمردها وثورتها بالإضافة إلي لغة شعرية ملفته للنظر
اما الشعر فيهمني ان انوه إلي ديوان د.حسن طلب الأخير فقد تجاوز طلب نفسه ويبدو انه تحرر من أقوال المحيطين به وانطلق شاعراً .
اما المشهد الاجتماعي الآن فيتصدره رجل السياسة بكل تأكيد لأن المرحلة التي نمر بها الأن أعمق من السياسي علي حساب الاجتماعي والثقافي حتي من نراهم من المثقفين في الفضائيات تحولوا الي ساسة ايضاً لإدراكهم ان السياسة الآن هي الجسر الذي يمكن أن يؤدي إلي الحرية او إلي الشقاء .
هيكل وعين الصقر
ويري الكاتب فتحي امبابي ان أهم كتاب صدر هذا العام هو للكاتب يسري عبدالله بعنوان »سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد« وهو كتاب نقدي للنصوص الروائية التي نشرت في العشر سنوات الأخيرة وعلاقتها بثورة يناير وإلقاء الضوء علي الحياة قبل الثورة.
وأن أهم كاتب لهذا العام هو محمد حسنين هيكل الذي يري المشهد دائما بعين الصقر وطول الوقت قادر علي ان يري المشهد في الدول العربية والخارجية بحس عال ومخيف ومتجاوز دائما للصراعات الراهنة.
أما عن المثقف فهو طول الوقت في أزمة وخسران معركته دائما، فهو ليس أكبر من المعركة .. والأزمة الحقيقية تكمن في المثقفين المسيسين، الأمر الذي يشير لعجز بالغ تجاه لحظة العصر، ويبدو ان المثقف المصري لم يستوعب الدرس ولم يستوعبه بحثا عن السلطة فتعجز النخب ان تضع مصر في وحدة واحدة.
طاعون الإنقسام
كما يري الكاتب فؤاد قنديل أن أفضل كتاب قرأه لهذا العام هو »ولع الفرجة .. فقرالتاريخ« للأستاذ أحمد عبدالعال، و أفضل كاتب لهذا العام هو السيد يس.
أما علي الساحة الثقافية فيقول: لا يوجد أي حدث مهم أو غير مهم والسبب انشغال كبير علي مستوي الكتّاب وعلي مستوي المؤسسات بالأحداث السياسية التي لا تستند إلي الحد الأدني من الرؤية الاستراتيجية ، كما أن الأوضاع الاقتصادية تضرب القوة الشرائية بشدة، وقد تأثرت بذلك السينما والتليفزيون والأغنية والنشر والتوزيع وعروض المسرح، فضلا عن غياب المزاج النفسي والوجداني للمشاركة الثقافية في أي عمل، بل تأثرت القراءة ذاتها، وهي ربما تمثل الحدالأدني لاكتشاف العالم وبناء رؤية ملهمة.
واهم ما ميز هذا العام في نظرة فؤاد قنديل، ان السياسة طغت علي الثقافة بشكل حاد، واستقطبت كل العقول والمشاعر، كما عطلت الخيال والأفكار، يكفي أن أري طاعون الانقسام والتشتت يغزو كل بيت وكل أسرة بل يقتحم فكر الشخص الواحد، ناهيك عن العنف الزائد والتربص والمؤامرات ، وعشوائية القرارات وسوء الإدارة والتخبط ويتوج كل هذا بدستور نصفه علي الأقل مشوه، ولا يستطع الكاتب أو المبدع شاعرا كان أو روائيا أن يبلور رؤيته لعمل أدبي فكل فكرة قد يلتقطها سرعان ما تتشظي وتتفكك وتتبعثر أمامه لتذروها رياح السياسة والاضطراب غيرالمسبوق في الأحوال السياسية التي انعكست علي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

السياسة طغت علي الثقافة
ويؤكد د. حسين حمودة أن خلال هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، كما نشهد ونعيش جميعاً. كان في كل يوم تقريبا حدث جديد ومتغير جديد. وأتصور أن مصر خلال هذا العام والعام السابق مرت بأحداث تعادل دهرا كاملا. ظهرت وجوه، تكشفت وجوه، وتوارت وجوه، وتلاحقت وقائع كبري وصغري. فيما يخص الثقافة كان هناك نشاط محمود، رغم كل شيء، وإن كان هذا النشاط يلوح أحيانا نوعا من أداء الواجب، أو يبدو أحيانا سعياً وراء انتزاع مساحة من اهتمام ضمن اهتمامات أخري أكثر إلحاحا؛ فكيف مع كل هذه المتغيرات الكبري، والوقائع اللاهثة، والغضب والدم، يمكن أن تحتل الثقافة ونشاطها المساحة التي تليق بهما ؟
لكن من الأحداث الثقافية المهمة في هذا العام ما ارتبط بالنشاطات المتعددة، الرسمية وغير الرسمية، التي تذكرت أن الأدب العربي عرف كاتبا عظيما اسمه نجيب محفوظ. ومن الكتب التي استوقفتني الدواوين التي صدرت عن ثورة 25 يناير. وهناك أعمال أدبية متعددة استمتعت بها، لا أريد أن أشير إلي صاحباتها وأصحابها فأتذكر البعض وأنسي أخريات وآخرين.
الوعي السياسي.. ثقافة
ويقول الناقد د. هيثم الحاج علي أن أفضل كتاب قرأه هذا العام هو ..سيرة روائية ..لسيد الوكيل، وأفضل كاتب لهذا العام هو محمد عفيفي مطر، وأهم حدث ثقافي حدث خلال هذا العام هو تعليق أدباء مصر لمؤتمرهم العام احتجاجاً علي مواد الدستور التي تطال من حرية الإبداع والإعلام.
اما عن الساحة الثقافية خلال هذا العام فتراجعت فعاليات ثقافية عديدة بل تم إلغاؤها بسبب الأحداث السياسية، وكان من الملاحظ قلة التجمعات الثقافية.
لكن الملحوظ أن هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، وأصبحت الاحداث الراهنة تشير دائما للتحدث في السياسة.. وربما كان ذلك مؤشراً إيجابيا مع اعتبار الوعي السياسي جزءاً مهما من المكونات الثقافية ومع ازدياد هذا الوعي السياسي المتكون لدي رجل الشارع حتي لو في بدايته فسوف تكون الثقافة إذأ في حالة ارتفاع ملحوظ.
غياب المشروع القومي الثقافي
ويري الناقد د.مصطفي الضبع وأستاذ الادب المقارن أن أفضل كتاب هو : تاريخ العلم (1543- 2001) لمؤلفه جون غريبين الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت ومن ترجمة أحد أهم المترجمين العرب المترجم المصري شوقي جلال، وأفضل كتاب للروائي الكويتي »سعود السنعوسي« بعنوان »ساق البامبو«، أما أفضل كاتب هو : الراحل جلال عامر .
أما عن أهم حدث ثقافي لهذا العام فهو ارتفاع مؤشر الوعي لدي الشعب المصري، أما عن مؤشر الحالة الثقافية خلال هذا العام فكان مؤشراً لغياب المشروع القومي الثقافي أو الخطة الاستراتيجية الثقافية، وقد تكون هناك غزارة في الإنتاج لكن هناك خللا في الطرح، ومن الملاحظ أن المؤسسة الثقافية غائبة أو مغيبة الوعي.. لافتقادها عقلية التخطيط .
أما فيما يخص طغيان السياسي علي الثقافي أري الوضع من زاوية معكوسة بعض الشئ، الحقيقة أن التأثير السلبي للثقافه هو الأكثر طغيانا علي السياسي فافتقادنا للوعي بمعناه الثقافي يجعلنا نعيش حالة من التخبط السياسي .
دور اتحاد الكتاب.. تلاشي
في منظور الكاتب اللواء حمدي البطران أن الكتاب الذين يعطيهم الأفضلية هذا العام في مجال الإبداع هم د. عزالدين شكري فشير وروايته »باب الخروج» والكاتب السياسي نبيل عبد الفتاح وكتابه »الدين والدولة الطائفية« والكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي وكتابها الأسود يليق بك«.
افضل رواية مصرية : : رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة.
ويري البطران أن ثمة أكثر من حدث ثقافي مثل: حصول وزير الثقافة الحالي د. صابر عرب علي جائزة الدولة التقديرية ، وإعادة طبع رواية يوميات ضابط في الأرياف في مكتبة الأسرة، وإعادة ترميم المعهد العلمي، لكن هناك حدثا سلبيا تمثل في استبعاد الكتاب والمبدعين من اللجنة العليا للدستور.
وعن مؤشرات الحياة الثقافية عام 2012 يري أن الحركة الثقافية تأثرت بالحالة العامة للدولة، ويضرب علي ذلك أمثلة من قبيل: ظهور بعض الدعوات المتطرفة التي تعيد النظر في حرية التعبير، وتقلص الندوات الأدبية، وأنشطة الهيئة العامة لقصور الثقافة ، واضمحلال دور اتحاد الكتاب ، بل وتلاشيه من الشارع الثقافي ، وانقسام الكتاب وخروجهم عليه، كل هذا أدي الي تراجع الإبداع الفني سواء في القصة أم الرواية، في مقابل ظهور الشعر السياسي والحماسي، وطغيان الكتابات السياسية .
الحلم المصري في كل مكان
الناقد الدكتور يسري العزب أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب بجامعة بنها يقول :أعجبني كثيراً ديوان شعر بالعامية للشاعر ماجد كمال أبادير بعنوان بكان حلما وجدت فيه حسا وطنيا مرتفعا ودعوة للاستمرار في نصرة الثورة ودعمها والدعوة إلي تأكيد الوحدة الوطنية بين كل المصريين .
أما افضل رواية قرأتها فهي رواية للأديب خيري حداد بعنوان »امرأة من دخان« وهي الجزء الثالث من مشروع روائي كبير بدأه الكاتب منذ ما يزيد علي خمسة عشر عاماً، وفيه تصوير جيد للواقع الاجتماعي وجزء كبير منه عن وسط الدلتا »أشمون ومنوف وسيرس الليان والباجور« ونري في الرواية تصويراً جيداً لذكاء الفلاح المصري الذي يصل إلي درجة الدهاء في معظم الأحيان ، كما نري وجوداً طاغياً للمرأة المصرية والدور الذي تقوم به في تكوين الشخصية الوطنية ,التي تنهض لتغير الواقع مع الرجل إلي الأجمل ، سوف نقرأ في هذا العمل أسماء المدن الصغيرة والقري والأسواق ونتعرف علي الخصائص الدقيقة والتي تميز كل وحدة عن الأخري اجتماعيا وسياسيا وثقافيا إلي اخره.
اما عن المشهد الآن ومن المتصدر فأقول انه في الفترة الأخيرة اي بعد الثورة ظهر السياسي وغطي جزاً كبيراً من الصورة لدعم كل وسائل الأعلام له، بينما ظل الثقافي دافعا ومحرضا علي إنقاذ الوطن والسعي بمصر إلي الأمام ، لا تعنيه الشهرة التي نالها »النشطاء السياسيون« الذين اعتلوا السطح وانما الذي يعنيه كما هي رسالة الأدب دائما، شحن الوجدان الشعبي بكل ما ينهض بالوطن ويدفعه إلي التقدم وتجاوز الأزمات ، ولكن فترة ما قبل الثورة كان الإبداع المصري موجودا بكل ألوانه يبذر نبات الثورة بالحلم المصري في كل مكان علي أرض مصرا وأنا أقول هذا بصفتي مطلعا علي معظم ما يكتبه أدباء الأقاليم .
واقعنا الثقافي .. صادم
الحسين الخضيري: أحسن كتاب : رواية »أنا عشقت« للكاتب الكبير محمد المنسي قنديل ، الذي يحكي في سلاسة وشاعرية أخّاذة عن قُروية شابّة تصحب عاشقها إلي محطة القطار نفاجأ بأنها تتجمد واقفة في محطة القطار وتظل مكانها وتضحي حديث القرية ، وتمضي الأحداث لنري أحد طلبة كلية الطب يبحث لها عن حل ؛ ويمضي للبحث عن العاشق ، ويبدأ رحلته في عوالم مختلفة .
والحدث الأبرز ثقافيا من وجهة نظره.. هو غياب الأحداث الثقافية عامة، وتراجعها أمام طغيان التغيرات والتظاهرات السياسية الجارية التي عصفت وما تزال بالعالم العربي مما جعل الشارع العربي يمور بالعديد من التفاعلات التي لم يشهد مثيلاتها من قبل .
ويري أن واقعنا الثقافي واقع صادم فهو لم ينضج بعد كي يتلقي التغيرات التي طرأت عليه وعلي حياتنا ولمّا يتأهب بعد ليواكبها ، ما يزال العديد من المفكرين يُعانون التهميش ، حتي النخبة التي ليست تُعاني تهميشا ً ، نعاني غياب دورها إلي حد ٍ كبير ، ما زلنا نَعدُ القراءة ترفا ً وليست ضرورة ً من ضرورات الحياة ، الشارع السياسي يغلي الشارع الثقافي خامد ٌ مُهمَّش .
كما أننا علي المستوي العربي مازلنا نكتب لأنفسنا، الآخر قد لا يرانا أو يشعر بنا ولا نُسمعه سوي ضجيجنا المنبعث من الشارع السياسي، لكنني أري أن هذه التغيرات السياسية لابد ستنعكس إيجابيا ً علي الواقع الثقافي في مصر وعالمنا العربي- مثلما انعكست سلبا ً - لذا استبشروا خيرا ً.
جفاف ثقافي
أفضل ما قرأ الروائي رجب سعد السيد هذا العام، رواية (أنا عشقت) لمحمد المنسي قنديل؛ وثلاثة كتب في السيرة الذاتية، هي : سيرة الأديب الكبير فؤاد حجازي، وهي في جزءين صدرا في النصف الثاني من هذا العام: (م الدار للنار صادر عن دار الثقافة الجديدة)، و(قرون الخروب صادر عن سلسلة أدب الجماهير)؛ أما الكتاب الثالث فهو (أمواج العمر بين بحر اسكندرية وبحيرة جنيف صادر عن دار العين، بالقاهرة) للدكتورة فوزية العشماوي، أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة جنيف، بسويسرا، ويمكن اعتبار مؤلفي هذه الكتب هم أفضل من عرفت من الكتاب، في هذه السنة شديدة الاضطراب، التي سادتها الفوضي، ولم تتح الأحداث المتتالية ذ ومعظمها مؤسف ذ الفرصة لالتقاط الأنفاس، ناهيك عن الإنتاج، لا للمبدعين، ولا للمتابعين.
ثمة أكثر من حدث ثقافي هام في منظوره يتمثل في عودة مجلة (المجلة) للظهور، في مبادرة شجاعة من الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة أسامة عفيفي. وقد حاولت الاستجابة للمتغيرات الزمنية، وللأحداث المتسارعة التي تعصف بالوطن.والحدث الثاني إعادة ترتيب وتجديد سلاسل كتب الهيئة العامة لقصور الثقافة، وظهور سلسلة جديدة فيها هي (الثقافة العلمية) لكن ثمة حدثا سلبيا يتمثل في عدم انعقاد دورة مؤتمر أدباء مصر لهذا العام، كرد فعل للأحداث الجارية.
ويري رجب سعد أن أن عام 2012 كان عام قحط ثقافي عام، ارتبط بانحسار الموارد التمويلية، ونفاد بنود الصرف في ميزانيات المؤسسات والهيئات التابعة لوزارة الثقافة قبل انقضاء نصف السنة المالية، مما اصاب خططها بالشلل، وهذا انعكاس للحالة الاقتصادية العامة للدولة، من جهة، ومن جهة أخري، راجع إلي فتور في علاقة إدارات جديدة لبعض المؤسسات بالثقافة والإبداع.
وهو لا يري أي بادرة أمل في أن تتحسن الأحوال مستقبلاً، فإن كانت شريحة كبيرة من الشعب المصري قد خضعت في سنوات مبارك القاحلة للتسطيح الثقافي الممنهج، الذي أغرقها في موجات من الفنون والمفاهيم الثقافية الهابطة، ليسهل قيادها، فإن منهجاً له تأثير مماثل سيغرق الشريحة ذاتها في جدليات وصراعات عقيمة حول ما هو حلال وما هو حرام، ليسهل قيادها أيضاً. وأتوقع أن يواجع المبدعون في مختلف الفنون بالعداء.
عام مرتبك
الروائي السكندري سعيد سالم يعيش حالة من اليأس إذ يقول: لم أستطع خلال هذا العام الصعب المرتبك متابعة الكتب الجديدة حتي أتمكن من تحديد أهم كتاب وأهم كاتب، أما أهم حدث ثقافي فلا يوجد، ولذلك فإن المؤشر ، في عينيه، ينخفض الي الأسفل وإلي الوراء بشدة..أنا للأسف عاجز عن القراءة والكتابة تماما بسبب ظروف البلد المتجهة نحو الانهيار.
صراع ثقافي حاد
يري قاسم مسعد عليوة أن أفضل كتاب: الثورة الآن لمؤلفه سعد القرش صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.وأفضل من الكتاب كاتبان:الأول بهاء طاهر والآخر : د. عماد أبو غازي، والاثنان يدافعان عن التنوير، كل بطريقته.
وفي منظوره أن هناك ثلاثة أحداث ثقافية الأول: إصدار دستور مصر الثقافي، وإن لم يأخذ به نظام الحكم، فهو خطوة من خطوات علي الطريق الصحيح.، الثاني :عودة الحياة لمجلة زالمجلةس التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، بعد 41 عاما من التضحية بها وذبحها ضمن مذبحة المجلات الثقافية في العام 1971 الثالث: ملتقي الصعيد الثقافي الذي نظمه مركز أحمد بهاء الدين الثقافي تحت عنوان »الصعيد.. الثورة.. الثقافة الغائبة« في أسيوط انطلاقا من قرية الدوير مركز صدفا.
أما عن مؤشر الحالة الثقافية فيقول: هناك صراع ثقافي حاد في المدي القريب (سيعض أثناءه المثقفون علي أصابع بعضهم بما يجاوز الرغبة في الإيلام إلي الرغبة في البتر)، وصراع ثقافي أقل حدة في المدي المتوسط، ثم صراع ثقافي سلمي في المدي البعيد.(أي أن الصراع الثقافي سيبقي قائما، وهذا هو قانون الحياة، لكن درجة حدته ستتبدل، والمستقبل الزاهي لن يكون بغير ثقافة التنوير).
صراع ثقافي
ينظر الكاتب السيد نجم الي أن معطيات ثورة 25 يناير في جوهرها معطيات ثقافية من حيث إن من قامت بها شريحة مثقفة من شباب مصر، واستخدموا تقنية ثقافية لتزكية هذهالثورة الحقيقية التي انتفض من بعدهم جموع الشعب.
وفي ظنه أن الثقافة لعبت وما زالت تلعب دورها في الحياة المعاشة سياسيا حتي اليوم، وما نراه من اضطرابات سياسية وتناقضات هي في حقيقتها تناقضات ثقافية، فهناك شريحة علي رؤية ثقافية خاصة وشرائح علي رؤية أخري،ويبقي التناقض أحيانا و الصراع، فجوهر الصراع و الإضطرابات و التناقض المعاش في عامي 2011و 2012 هو في الحقيقة صراع ثقافي وأعنقد أن كل من ادعي أن المثقف لم يلعب دورا في الحياة الآنية قد جانب الحقيقة.
بالنسبة لأهم الأحداث أجد أنه بالرغم من كل ما هو كائن الآن من اضطرابات فإن انتقال اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا إلي القاهرة واختيارها مقرا له ، ومن قبله انتقال اتحاد الكتاب العرب من الظواهر الثقافية التي تعيد إلي مصر رونقها المتوقع و المنتظر.
إبداعات جديدة
اختارت نبيلة عقل رئيسة الدعاية بقسم النشر بالجامعة الأمريكية: كتاب ابنات في حكاياتب كأفضل ما صدر في 2012، لمؤلفته رشا سمير الأديبة الناشئة التي أتوقع لها مستقبلا باهرا في الأدب.
وتري أن مؤشر الحالة الثقافية ارتفع هذا العام، حيث ساعدت الظروف الصعبة علي خلق إبداعات جديدة للأدباء والشعراء.
وبالنسبة لتوقعاتها للعام الجديد ففي منظورها أن الوضع العام لا يحمل مؤشرات يقينية حول ما سيحدث في المستقبل، إلا أن الجميع أصبح ملما بالسياسة بدرجة عالية، وعلينا أن نعرف أن استقرار السياسة سوف يؤدي بدوره لانتعاش اقتصادي واجتماعي.
الرؤية الضبابية
يعتبر الدكتور علي المنوفي أفضل كتاب صدر سنة2012 هو »حتشبسوت من ملكة مصر إلي فرعون« كتبه مارتين بالنتين وتريسا ديدمان، وهما زوجان يقدما رؤية أوروبية حديثة للمرأة المصرية القديمة خاصة الملكات، وحتشبسوت هي المرأة الوحيدة التي تحولت من زوجة الملك إلي الفرعون، إلا أنه تم شطب أسمها من الخراطيش الفرعونية ومن قوائم الملوك في المعابد خاصة الكرنك و أبيدوس، وهذا الكتاب استرد حق المرأة المصرية التي كانت في مؤخرة الجيش المصري في نهاية الأسرة 17 و بداية الأسرة 18 .
وبالنسبة لأفضل كاتب فإنه يقول: لايمكن التحدث عن نجاحات كتب من منظور تجاري، فمن وجهة نظري لايزال الأدباء الكلاسيكيون هم أصحاب أفضل الكتب،وبالنسبة للكتاب الجدد مازالت الرؤية ضبابية بالنسبة لهم لأن انتشارهم ليس بالدرجة المثلي، ولم يولهم النقد الاهتمام الكافي.
و بالنسبة للحالة الثقافية.. هناك نوع من التوجه للحظة الراهنة حتمت وجود أكثر من تيار، وهذا جيد في حد ذاته أن تكون هناك توجهات أدبية مختلفة، لأن الكتابة بها نوع من الأيديولوجية نري في سرده القصصي أو الشعر رؤيته في محاولة استشراف المستقبل .
يتوقع د. المنوفي للحالة الثقافية للعام الجديد أن تكون مرتبطة بمساحات الحرية المتاحة، و أن اللغة العربية غاية في الثراء ومليئة بالمجاز، وبالتالي فإن وسائل التعبير ممكنة لتفادي الدخول في تصادم مع قوانين أو رقابة، ويمكن أن تحول دون التعبير المباشر عن رؤية ما، وهذا يحدث في كثير من الدول العربية التي تقل فيها مساحات الحرية عن مصر، ففي فترة الستينيات كانت مكتبة مدبولي تنشر الكتب الممنوعة، إلا أننا لن نصل لهذا الحد لأن هناك عوامل تحول دون هذه الرقابة وهي منظمات المجتمع المدني وغيرها.
و بالنسبة لدرجة حرارة المثقف واقترابها نحو الجانب السياسي يري أن المثقف له رؤية سياسية لكن كان العمل الأدبي مباشرا وأكثر اقتربا من اللحظة الراهنة، كلما قلت القيمة الأدبية، ففي أسبانيا خلال فترة الأربعينيات حتي منتصف الخمسينيات كانت من أقسي الفترات التي تعرض لها الأدباء إبان حكم فرانكو، مما دفعهم للكتابة عن الفقر ومعاناة الناس دون لمس الأسباب وراء ذلك، كنوع من التنفيس عن اللحظة الراهنة، وحين انتهي عهده سنة1975 راحوا ينظرون للأدب السابق علي أنه يتسم بالثراء.
المؤلف الجمعي
من بين أهم الكتب التي قرأها د.عماد عبد اللطيف هذا العام كتاب »محاكمة سقراط«، لآي إف ستون، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، فقد غيَّر العديد من أفكاري حول الديمقراطية الأثينية، والصراع بين النخبة والعامة في المجتمعات القديمة، وما يبدو مهمًا في مثل هذا الكتاب أنه يشعرنا أن أسئلة المجتمعات القديمة ما تزال تطرحها بعض المجتمعات الحديثة، خاصة ما يتعلق منها بمسئولية المثقف في المجتمع، والصراع المتواصل بين العامة والنخبة، والدور الذي يلعبه الفكر في إضفاء الشرعية علي القمع والاستبداد.
ويقول: لو أنني بصدد اختيار أفضل مؤلف في هذا العام، فسوف يكون هو المؤلف الجمعي لآلاف الشعارات والهتافات وبوستات الفيس بووك وتغريدات تويتر، التي أُنتجت علي مدار عام كامل من تقلب الثورة المصرية علي صفيح ساخن. فهذه الإبداعات التي تسمو بفنياتها علي كثير من نصوص الأدب الرسمي أصبحت تشكل ذخيرة خطابية لا غني عنها للمثقف المصري المعاصر. إضافة إلي ذلك فإن هذه النصوص تقوم بدور هائل في صياغة الوعي الجمعي الراهن، وتمارس عمليات مكثفة من نقد الخطابات المهيمنة في المجتمع.
وعماد عبد اللطيف ليس متفائلا بشأن مستقبل العمل الثقافي المؤسسي في مصر، لماذا؟ إنه يقول : الهجمة علي المؤسسات الثقافية قادمة بلا شك. والاخوان والسلفيون يدركون الآن بوضوح أن الوعي والمعرفة (الثقافة) هي الخطر الأكبر علي استمرار تقاسمهما للسلطة. لقد رأينا كيف أن القواعد الأساسية لجمهور الإسلاميين تكمن في القري والعشوائيات والصعيد، حيث نسب التعليم المنخفضة، وسيطرة الخرافات والأوهام.
لكنه متفائل بشدة بشأن الإبداع الثقافي الفردي والجمعي في مصر، لماذا ؟ لأن المثقفين أصبحوا أكثر وعيًا بالدور الهائل الذي يقوم به الإبداع بكل أنواعه (بالكلمة والصورة واللون والحركة والصوت) في مقاومة الهجمة المعادية للحضارة التي نري بشائرها منذ عقود. لكن دور الجماعة الثقافية في مواجهة هذه الهجمة شديد الحسم، وكلما قلت مساحات الاختلاف والصراع البينية، وتوافرت أرضية للعمل الثقافي الأهلي المنظم، وانتشرت روح التعاون والتواشج بين أفراد الجماعة الثقافية أصبحوا أقدر علي تحقيق حلمهم بمجتمع ديمقراطي متحضر.
العودة إلي قراءة الأدب
اما الروائي مكاوي سعيد فيبدي إعجابه برواية د.عز الدين شكري »عناق علي جسر بروكلين« :انا احب كتابات هذا الروائي وهو من الكتاب المميزين والذي أتابع أعماله بدقة ، ولدي إحساس دائماً أنه مظلوم »مثلي« تماما كما أعجبتني ايضاً المجموعة القصصية لمحمدالفخراني »قصص تلعب مع العالم« أعجبت بطريقة السرد فيها واستخدام الأسطورة في البناء وهي في رأيي من أجمل ما قرأت من مجموعات قصصية في الفترة الأخيرة ، كما أعجبت ايضاً برواية »عودة الشيخ« لمحمدعبد النبي وهي من الروايات المميزة للجيل الجديد من الكتاب .
اما في الشعر فقد أعجبت بديوان »في ذمة الورد« لدعاء زيادة، وديوان الشاعر سيد محمود »تلاوة الظل«، اما من يتصدر المشهد الان فهو السياسي بالقطع، حتي في الفترة الأخيرة كانت أغلب الكتب المباعة هي الكتب السياسية عكس السنوات الماضية ، لقد زاد اهتمام الشاعر بالسياسة، فأصبح المواطن يقرأ ويتابع الاصدرات السياسية الجديدة ، وانا أري انه شئ مفيد ومهم لأنها جذبت لنا قراء جددا وفي فترة الهدوء والسكون سيعودون إلي قراءة الأدب .
موجة ثقافية بامتياز
ويعلن الشاعر صبحي موسي اعجابه بكتاب »سر المعبد« لمؤلفه ثروت الخرباوي.. لماذا؟ لأن هذا الكتاب قام بافتضاح آلية عمل جماعة الأخوان المسلمين وطبيعة الذهنية المنتمية لهذا التنظيم ، وهو كتاب مغر مليء بالوقائع والتفاصيل التي تخبرنا عن طبيعة جماعة الإخوان المسلمين في التفكير خاصة ان مؤلفه هو واحد من ابناء هذا التيارالذي انتمي إليه اكثر من 30 عاما .
اما عن الشعر فأغلب الدواوين التي صدرت هذا العام كان بها حس الثورة وأغلبها كان بهما نوع من المباشرة وأهملت المسألة الجمالية لصالح الحماس لقضية الثورة والشهداء والوطن، نادرا ما خرجت بعض الدواوين عن تلك الأخطاء مثل ديوان احمد جمعه وديوان لمحمود قرني والديوان الأخير لرفعت سلام والديوان الأخير لميسون صقر .
هناك حدثان هذا العام وقفت عندهما ، الحدث الاول للأسف بالسلب وهو استقالة دكتور صابر عرب ثم قبوله الوزارة من جديد وفي غضون الإيام قليلة فاز بجائزة الدولة التقديرية ، علماً بأنه كان رئيس المجلس الأعلي للثقافة بوصفه الوزير وأنه الذي أشرف علي اللجان وتربطه علاقات طيبة بكل اعضاء اللجنة العليا للمجلس ، ولم يتحرج من الاعتذار عن الاستمرار في المنافسة علي الجائزة او قبول الوزارة للمرة الثانية بعد فوزه بالجائزة مما يعني انه استقال او ااخذ اجازة بمن أجل الحصول علي الجائزة .
اما الحدث الإيجابي هذا العام فكان علي المستوي العالمي، وهو ان الكاتب الألماني الشهير »جونتر جراس« كتب قصيدة اعلن فيها موقفه بوضوح من إسرائيل وهاجم فيها قلوع الغرب أمام الجلد الاسرائيلي باسم الهلوكست وكان هذا حدثا هاما نبه العالم انه عليه ان ينتفض وأنه يعد المجاذر لأيران في حين انه تارك اسرائيل تفعل ما تريد في الفلسطينيين بأسم الظلم الذي وقع عليهم في فترة النازي .
اما من حيث المشهد الان فبالتأكيد الحدث السياسي فرض نفسه بقوة، لدرجة ان الثقافي كان مجرد رد فعل، في الإطار العام ، ولكن بنظرة متأملة سوف نكتشف اننا أمام الموجة الثانية من الثورة المصرية وأنها موجة ثقافية بامتياز ، لان محورها كان الاجابة عن سؤال: هل يجوز خلط الدين بالسياسة ؟
وهل نحن دولة دينية ام دولة مدنية صبغتها المؤسسات والقانون ، وهذا بالطبع إطار ثقافي بالدرجة الأولي.
مصابيح ثقافة التنوير هل تطفيء جحيم الصراع السياسي 2013؟
صانع المفاتيح وكفافيس والميدان
استوقف الدكتور جابر عصفور هذا العام روايتان رائعتان، كما يقول، وهما رواية »صانع المفاتيح« للأديب احمد عبد اللطيف، وا كفافيسب لطارق امام وأري وللحق أنهما تستحقان ان تكونا في القائمة الطويلة لجائزة البوكرهذا العام لانهما تجردتا من السرد التقليدي وهما تصنفان كما أري »أدب ما بعد الحداثة«.
أما الشعر فيقول :فقد أعجبت كثيراً بديوان »الميدان« للشاعر عبدالرحمن الأبنودي .
وأما بخصوص الأقرب الي الشارع وإلي الحراك الاجتماعي بدون تردد سأقول لك علي الفور أنه السياسي ، كنتيجة لما تشهده الساحة الأن من أحداث، ومن كوننا نمر بفترة انتقالية بل ومصيرية من حياة أمتنا.
وكل الحوارات الآن لا تخلو من السياسة ، وكل الخلافات ايضاً سببها السياسة ومعظم الندوات التي تقام الأن ندوات سياسية ، السياسة الآن ورجالها يتصدرون المشهد بالكامل دون شك علي حساب النخب الثقافية.
حضور المثقفين
أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي فيقول إنه قرأ العديد من الأعمال في الفكر والأدب والسياسة بعضها أعمال تنشر لأول مرة والبعض نشر منه طبعات جديدة لكن يشير إلي أنه من الصعب ان يتحدث عن كتاب معين أو عن كاتب بعينه ليضعه علي القمة هذا العام.
إلا أنه - كما يقول: لا يري حدثا ثقافيا بارزا علي الساحة الثقافية خلال هذا العام، وهو أن السياسة طغت علي كل الأمور، ويري من وجهة نظره ان أهم حدث ثقافي سياسي كان علي مستوي المجتمع المصري وهو التفاف المصريين حول الديمقراطية والدستور، ودفاعهم المستميت ضد تزوير الدستور، وبرز دور السيدات والفتيات خلال الاحداث.
كما يري الشاعر حجازي ان المجتمع المصري يشهد تحولا ثقافيا وليس تحولا سياسيا فقط، مما يدل علي ان المصريين مثقفون، وان المثقفين مازالوا حاضرين في الحياة.
الوعي.. لن يأفل أبدا
وتقول الكاتبة فوزية مهران، انها انشغلت هذا العام مثل الجميع بقراءة الأحوال العامة ، كما انها كانت تعكف علي دراسة نقدية في كتاب بعنوان «مالك مصر» للكاتب حسن زين العابدين، وأهم ما جذبها في تلك الرواية انها كانت تتنبأ بما حدث في ثورة يناير لانها تستدعي التاريخ وتتحدث من خلاله عن الواقع، وتطالب بإعادة نشرها مرة أخري نظراً لأهميتها الآن.. لان الجميع الان يبحث عن الطريق وتري ان زين العابدين من افضل الكتاب.
وتشهد للكاتب حسنين هيكل بالحكمة وانه دائما يلمس الواقع الحقيقي المحلي والعالمي، وتري الكاتبة فوزية مهران ان أهم حدث ثقافي واجتماعي وسياسي هو أحداث تبعات الثورة، التي كانت بمثابة زلزال قوي هز كل الركود الذي عشنا فيه، وأحدث حركة نشطة للعقول والقلوب والأفكار وملأت روحنا، وتؤكد الكاتبة أن المثقفين لأول مرة يفيقون من غشاوتهم ويشعرون ان وراءهم رسالة يجب ان يقوموا بها.. وان ما حدث من وعي للشعب كانوا هم أصحاب الفضل فيه، وهذا الوعي الذي حدث للشعب لن يذهب ولن يأفل ابداً وسينتشر وينير للجميع.
مؤشر مضطرب
يقول: د. محمد حسن عبدالله إن مؤشر الحالة الثقافية مضطرب إضطرابا كبيرا، والدليل علي هذا حالة الإنقسام الحادة التي نعيشها قبل وبعد الاستفتاء الدستوري، ومن جهتي ما هكذا تكتب الدساتير تأسيسا ونتيجة، ومن جهة أخري أعطلي الإستفتاء مؤشرا ثقافيا سلبيا لأن المحافظات التي قالت نعم يغلب عليها طابع الفقر و الجهل وكفي بهما لعنتين، فما توضع الدساتير إلا لتنجو بالمواطن من الجهل والفقر، في حين رأي أهل الاستنارة أن هذا الدستور فاقد الرؤية المستقبلية وكفي بهذا عمي.
وفي تصوري أنه لايمكن أن يكون مستقبلك وراءك، والعالم لن ينتظرنا، فنحن علي الهامش ولا نمتلك آليات الدخول إلي حومة الوجود الإنساني الراقي.
السياسة أصبحت خبزا يوميا، حتي عجائز الجيل الماضي و قبل الماضي، إذا كان قد طال بهم العمر لاقتحموا النسيج المجتمعي السياسي ووقفوا مع أحفادهم المتطلعين وضد أحفادهم المتنطعين.
حالة ارتباك فكري
تجزم الكاتبة اقبال بركة بأن المفكرين والكتاب في حالة ارتباك فكري وغير قادرين علي حسم أمورهم وكل هذه الأمور تحتاج لمزيد من الوقت في التفكير، حتي ان بعض الكتاب أجلوا نهايات قصصهم لأن المشهد الان ملتبس وغير واضح، وبالرغم من هذا اذكر للكاتب الكبير فؤاد قنديل أعمال عديدة مهمة عن الثورة .
وتري ان أفضل كاتب هو الأستاذ محمذ حسنين هيكل، أو كما تسميه( حكيم القرية) الذي يتمتع دائما بالعمق والبصيرة والرؤية الثاقبة والتنبؤ.. نحن جميعا نهتم بآرائه ونركن إليها وتنير لنا الطريق.
والحدث الثقافي الهام هو الذي جاء في نهاية هذا العام - جائزة الكاتب الكبير نجيب محفوظ التي نالها الكاتب عزت قمحاوي عن روايته (بيت الديب) التي تمنحها الجامعة الأمريكية في ذكري ميلاد الكاتب نجيب محفوظ.
انخفاض المؤشر الثقافي
ويقول الشاعر محمد ابراهيم ابو سنة: قرأت أشياء متنوعة منها المترجم وأعمال عربية منها أعمال للشاعر محمد سليمان، وحسن طلب، ومحمد منصور، وأعمال أخري جديدة لشعراء السبعينيات لكن أهم ما قرأت هذا العام كتاب تراث بعنوان »المستطرف في كل فن مستظرف«، اما بالنسبة للكاتب لا يوجد كاتب معين أضعه علي القمة خلال هذا العام.
لكن المؤشر الثقافي، في رؤية الشاعر أبو سنة كان منخفضا نسبيا نتيجة للاضرابات والعراقيل التي تحدثها المظاهرات والاعتصامات، كما تراجع دور المؤسسات الثقافية خلال هذا العام وانخفض النشاط الثقافي لأن السياسة طغت علي كل الأمور وكانت أهم من أي موضوع آخر .
فرض نفسه بقوة
ويشير الناقد د. عبد الرحيم الكردي، استاذ النقد بجامعة قناة السويس، إلي إصدارت هذا العام المتعددة وأنه قرأ منها الكثير، لكنه عاد لقراءة كتاب تراثي بعنوان »الكشاف« للزمخشري وقرأ من الروايات للكاتب الجزائري »واسيني الأعرج« كما قرأ عملا للروائية نجلاء محرم بعنوان«رنزي ياظل الاله» كما قرأ للكاتبة الأردنية سناء شعلان بعنوان »يعشقني«
أما بالنسبة لأهم حدث ثقافي في رؤية الدكتور الكردي فهو خروج أربعة اعداد حديثة من مجلة نجيب محفوظ للنور الصادرة عن المجلس الأعلي للثقافة.
ويشير إلي نماذج من الحراك الثقافي لعام 2012 منها المؤتمر الذي نظم في بداية العام بمحافظة الشرقية وجمع عددا كبيرا من أدباء الأقاليم وأدباء القاهرة ويقول: شاركت في أربعة مؤتمرات أخري الأول كان بمدينة سوسة بتونس وكان عنوانه »الشعر والموقف«والمؤتمر الثاني بمدينة الباحة بالمملكة العربية السعودية عن »السرد الروائي المعاصر والتاريخ«، والمؤتمر الثالث كان بمسقط عن »السرد الروائي العربي« واخيراً كان مؤتمر الشعر الأول بالمجلس الأعلي للثقافة بعنوان »تحولات الشعر«،.
وشهد هذا العام أن السياسة فرض نفسها بقوة علي المشهد العام ولونت النشاطات الثقافية وموضوعاتها بالطابع السياسي.
المدنية والأحلام والميدان
يقول الدكتور حسام عقل أستاذ النقد بجامعة عين شمس: هناك روايتان لفتتا انتباهي هذا العام ، اولاهما رواية »حكايات المدينة« لمنال القاضي وفيها ترصد ثورة 25 يناير بسياق تاريخي منذ ثورة 1919 الي ثورة يناير، وصنعت نوعا من التضافر ما بين الواقعية والفنتازيا، وإن كانت تميل في معظمها الي التاريخ، وأري أن سر تميز تلك الرواية أنها لم تغرق في الواقعية المباشرة التي دائما ما يقع فيها من يكتب رواية بها سرد تاريخي .
اما الرواية الثانية فهي امهربوالأحلام ب ل« إبراهيم المصريب وهي رواية صدرت عن دار الأدهم، تتحدث عن موضوع غاية في الأهمية في تلك الفترة وهو واقع الفرقاء في مصر بعد الثورة ,ما بين التيارات الفكرية: الليبرالي واليساري والإسلامي وفشلهم في الاندماج او تقديم شئ ايجابي لمجتمعهم ، وتنتقدهم الرواية بشدة، بل وتتوقع ظهور حزب سياسي. واختارالكاتب له اسم »مصر تتحدث عن نفسها« وقال ان هذا الحزب او الحركة عبارة عن تعبير عن استياء الرأي العام من كثرة الدكاكين السياسية التي تتحدث باسمه .
اما أهم عمل شعري قرأته فهو ديوان بعنوان »الحكم للميدان« للشاعر احمد سراج، وهو ديوان يتميز بالبعد عن المعاني المباشرة، ولدي الشاعر قدرة علي رسم صور شعرية متوهجة وجديدة، كما يتميز احمد سراج بامتداد النفس الكتابي، فضلاً عن ان لديه طزاجة المعجم الشعري، كما استطاع ان يقدم ملحمة الميدان بنبض إنساني شديدالخصوصية .
أعمق من السياسي
يثني الناقد الدكتور مدحت الجيار علي الكثير من الروايات المصرية والعربية التي صدرت هذا العام ولكنه قال ان رواية محمد المغبوب المسماة »ثينيكس« اعجبتني كثيرا وهي لكاتب ليبي يعيش في القاهرة، وما لفت نظري لها أنها تلعب علي فكرة القناع والرمز ، وتجعل من البطل امتداداً للشخصية العربية بوجه عام في هزيمتها ثم في تمردها وثورتها بالإضافة إلي لغة شعرية ملفته للنظر
اما الشعر فيهمني ان انوه إلي ديوان د.حسن طلب الأخير فقد تجاوز طلب نفسه ويبدو انه تحرر من أقوال المحيطين به وانطلق شاعراً .
اما المشهد الاجتماعي الآن فيتصدره رجل السياسة بكل تأكيد لأن المرحلة التي نمر بها الأن أعمق من السياسي علي حساب الاجتماعي والثقافي حتي من نراهم من المثقفين في الفضائيات تحولوا الي ساسة ايضاً لإدراكهم ان السياسة الآن هي الجسر الذي يمكن أن يؤدي إلي الحرية او إلي الشقاء .
هيكل وعين الصقر
ويري الكاتب فتحي امبابي ان أهم كتاب صدر هذا العام هو للكاتب يسري عبدالله بعنوان »سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد« وهو كتاب نقدي للنصوص الروائية التي نشرت في العشر سنوات الأخيرة وعلاقتها بثورة يناير وإلقاء الضوء علي الحياة قبل الثورة.
وأن أهم كاتب لهذا العام هو محمد حسنين هيكل الذي يري المشهد دائما بعين الصقر وطول الوقت قادر علي ان يري المشهد في الدول العربية والخارجية بحس عال ومخيف ومتجاوز دائما للصراعات الراهنة.
أما عن المثقف فهو طول الوقت في أزمة وخسران معركته دائما، فهو ليس أكبر من المعركة .. والأزمة الحقيقية تكمن في المثقفين المسيسين، الأمر الذي يشير لعجز بالغ تجاه لحظة العصر، ويبدو ان المثقف المصري لم يستوعب الدرس ولم يستوعبه بحثا عن السلطة فتعجز النخب ان تضع مصر في وحدة واحدة.
طاعون الإنقسام
كما يري الكاتب فؤاد قنديل أن أفضل كتاب قرأه لهذا العام هو »ولع الفرجة .. فقرالتاريخ« للأستاذ أحمد عبدالعال، و أفضل كاتب لهذا العام هو السيد يس.
أما علي الساحة الثقافية فيقول: لا يوجد أي حدث مهم أو غير مهم والسبب انشغال كبير علي مستوي الكتّاب وعلي مستوي المؤسسات بالأحداث السياسية التي لا تستند إلي الحد الأدني من الرؤية الاستراتيجية ، كما أن الأوضاع الاقتصادية تضرب القوة الشرائية بشدة، وقد تأثرت بذلك السينما والتليفزيون والأغنية والنشر والتوزيع وعروض المسرح، فضلا عن غياب المزاج النفسي والوجداني للمشاركة الثقافية في أي عمل، بل تأثرت القراءة ذاتها، وهي ربما تمثل الحدالأدني لاكتشاف العالم وبناء رؤية ملهمة.
واهم ما ميز هذا العام في نظرة فؤاد قنديل، ان السياسة طغت علي الثقافة بشكل حاد، واستقطبت كل العقول والمشاعر، كما عطلت الخيال والأفكار، يكفي أن أري طاعون الانقسام والتشتت يغزو كل بيت وكل أسرة بل يقتحم فكر الشخص الواحد، ناهيك عن العنف الزائد والتربص والمؤامرات ، وعشوائية القرارات وسوء الإدارة والتخبط ويتوج كل هذا بدستور نصفه علي الأقل مشوه، ولا يستطع الكاتب أو المبدع شاعرا كان أو روائيا أن يبلور رؤيته لعمل أدبي فكل فكرة قد يلتقطها سرعان ما تتشظي وتتفكك وتتبعثر أمامه لتذروها رياح السياسة والاضطراب غيرالمسبوق في الأحوال السياسية التي انعكست علي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

السياسة طغت علي الثقافة
ويؤكد د. حسين حمودة أن خلال هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، كما نشهد ونعيش جميعاً. كان في كل يوم تقريبا حدث جديد ومتغير جديد. وأتصور أن مصر خلال هذا العام والعام السابق مرت بأحداث تعادل دهرا كاملا. ظهرت وجوه، تكشفت وجوه، وتوارت وجوه، وتلاحقت وقائع كبري وصغري. فيما يخص الثقافة كان هناك نشاط محمود، رغم كل شيء، وإن كان هذا النشاط يلوح أحيانا نوعا من أداء الواجب، أو يبدو أحيانا سعياً وراء انتزاع مساحة من اهتمام ضمن اهتمامات أخري أكثر إلحاحا؛ فكيف مع كل هذه المتغيرات الكبري، والوقائع اللاهثة، والغضب والدم، يمكن أن تحتل الثقافة ونشاطها المساحة التي تليق بهما ؟
لكن من الأحداث الثقافية المهمة في هذا العام ما ارتبط بالنشاطات المتعددة، الرسمية وغير الرسمية، التي تذكرت أن الأدب العربي عرف كاتبا عظيما اسمه نجيب محفوظ. ومن الكتب التي استوقفتني الدواوين التي صدرت عن ثورة 25 يناير. وهناك أعمال أدبية متعددة استمتعت بها، لا أريد أن أشير إلي صاحباتها وأصحابها فأتذكر البعض وأنسي أخريات وآخرين.
الوعي السياسي.. ثقافة
ويقول الناقد د. هيثم الحاج علي أن أفضل كتاب قرأه هذا العام هو ..سيرة روائية ..لسيد الوكيل، وأفضل كاتب لهذا العام هو محمد عفيفي مطر، وأهم حدث ثقافي حدث خلال هذا العام هو تعليق أدباء مصر لمؤتمرهم العام احتجاجاً علي مواد الدستور التي تطال من حرية الإبداع والإعلام.
اما عن الساحة الثقافية خلال هذا العام فتراجعت فعاليات ثقافية عديدة بل تم إلغاؤها بسبب الأحداث السياسية، وكان من الملاحظ قلة التجمعات الثقافية.
لكن الملحوظ أن هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، وأصبحت الاحداث الراهنة تشير دائما للتحدث في السياسة.. وربما كان ذلك مؤشراً إيجابيا مع اعتبار الوعي السياسي جزءاً مهما من المكونات الثقافية ومع ازدياد هذا الوعي السياسي المتكون لدي رجل الشارع حتي لو في بدايته فسوف تكون الثقافة إذأ في حالة ارتفاع ملحوظ.
غياب المشروع القومي الثقافي
ويري الناقد د.مصطفي الضبع وأستاذ الادب المقارن أن أفضل كتاب هو : تاريخ العلم (1543- 2001) لمؤلفه جون غريبين الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت ومن ترجمة أحد أهم المترجمين العرب المترجم المصري شوقي جلال، وأفضل كتاب للروائي الكويتي »سعود السنعوسي« بعنوان »ساق البامبو«، أما أفضل كاتب هو : الراحل جلال عامر .
أما عن أهم حدث ثقافي لهذا العام فهو ارتفاع مؤشر الوعي لدي الشعب المصري، أما عن مؤشر الحالة الثقافية خلال هذا العام فكان مؤشراً لغياب المشروع القومي الثقافي أو الخطة الاستراتيجية الثقافية، وقد تكون هناك غزارة في الإنتاج لكن هناك خللا في الطرح، ومن الملاحظ أن المؤسسة الثقافية غائبة أو مغيبة الوعي.. لافتقادها عقلية التخطيط .
أما فيما يخص طغيان السياسي علي الثقافي أري الوضع من زاوية معكوسة بعض الشئ، الحقيقة أن التأثير السلبي للثقافه هو الأكثر طغيانا علي السياسي فافتقادنا للوعي بمعناه الثقافي يجعلنا نعيش حالة من التخبط السياسي .
دور اتحاد الكتاب.. تلاشي
في منظور الكاتب اللواء حمدي البطران أن الكتاب الذين يعطيهم الأفضلية هذا العام في مجال الإبداع هم د. عزالدين شكري فشير وروايته »باب الخروج» والكاتب السياسي نبيل عبد الفتاح وكتابه »الدين والدولة الطائفية« والكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي وكتابها الأسود يليق بك«.
افضل رواية مصرية : : رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة.
ويري البطران أن ثمة أكثر من حدث ثقافي مثل: حصول وزير الثقافة الحالي د. صابر عرب علي جائزة الدولة التقديرية ، وإعادة طبع رواية يوميات ضابط في الأرياف في مكتبة الأسرة، وإعادة ترميم المعهد العلمي، لكن هناك حدثا سلبيا تمثل في استبعاد الكتاب والمبدعين من اللجنة العليا للدستور.
وعن مؤشرات الحياة الثقافية عام 2012 يري أن الحركة الثقافية تأثرت بالحالة العامة للدولة، ويضرب علي ذلك أمثلة من قبيل: ظهور بعض الدعوات المتطرفة التي تعيد النظر في حرية التعبير، وتقلص الندوات الأدبية، وأنشطة الهيئة العامة لقصور الثقافة ، واضمحلال دور اتحاد الكتاب ، بل وتلاشيه من الشارع الثقافي ، وانقسام الكتاب وخروجهم عليه، كل هذا أدي الي تراجع الإبداع الفني سواء في القصة أم الرواية، في مقابل ظهور الشعر السياسي والحماسي، وطغيان الكتابات السياسية .
الحلم المصري في كل مكان
الناقد الدكتور يسري العزب أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب بجامعة بنها يقول :أعجبني كثيراً ديوان شعر بالعامية للشاعر ماجد كمال أبادير بعنوان بكان حلما وجدت فيه حسا وطنيا مرتفعا ودعوة للاستمرار في نصرة الثورة ودعمها والدعوة إلي تأكيد الوحدة الوطنية بين كل المصريين .
أما افضل رواية قرأتها فهي رواية للأديب خيري حداد بعنوان »امرأة من دخان« وهي الجزء الثالث من مشروع روائي كبير بدأه الكاتب منذ ما يزيد علي خمسة عشر عاماً، وفيه تصوير جيد للواقع الاجتماعي وجزء كبير منه عن وسط الدلتا »أشمون ومنوف وسيرس الليان والباجور« ونري في الرواية تصويراً جيداً لذكاء الفلاح المصري الذي يصل إلي درجة الدهاء في معظم الأحيان ، كما نري وجوداً طاغياً للمرأة المصرية والدور الذي تقوم به في تكوين الشخصية الوطنية ,التي تنهض لتغير الواقع مع الرجل إلي الأجمل ، سوف نقرأ في هذا العمل أسماء المدن الصغيرة والقري والأسواق ونتعرف علي الخصائص الدقيقة والتي تميز كل وحدة عن الأخري اجتماعيا وسياسيا وثقافيا إلي اخره.
اما عن المشهد الآن ومن المتصدر فأقول انه في الفترة الأخيرة اي بعد الثورة ظهر السياسي وغطي جزاً كبيراً من الصورة لدعم كل وسائل الأعلام له، بينما ظل الثقافي دافعا ومحرضا علي إنقاذ الوطن والسعي بمصر إلي الأمام ، لا تعنيه الشهرة التي نالها »النشطاء السياسيون« الذين اعتلوا السطح وانما الذي يعنيه كما هي رسالة الأدب دائما، شحن الوجدان الشعبي بكل ما ينهض بالوطن ويدفعه إلي التقدم وتجاوز الأزمات ، ولكن فترة ما قبل الثورة كان الإبداع المصري موجودا بكل ألوانه يبذر نبات الثورة بالحلم المصري في كل مكان علي أرض مصرا وأنا أقول هذا بصفتي مطلعا علي معظم ما يكتبه أدباء الأقاليم .
واقعنا الثقافي .. صادم
الحسين الخضيري: أحسن كتاب : رواية »أنا عشقت« للكاتب الكبير محمد المنسي قنديل ، الذي يحكي في سلاسة وشاعرية أخّاذة عن قُروية شابّة تصحب عاشقها إلي محطة القطار نفاجأ بأنها تتجمد واقفة في محطة القطار وتظل مكانها وتضحي حديث القرية ، وتمضي الأحداث لنري أحد طلبة كلية الطب يبحث لها عن حل ؛ ويمضي للبحث عن العاشق ، ويبدأ رحلته في عوالم مختلفة .
والحدث الأبرز ثقافيا من وجهة نظره.. هو غياب الأحداث الثقافية عامة، وتراجعها أمام طغيان التغيرات والتظاهرات السياسية الجارية التي عصفت وما تزال بالعالم العربي مما جعل الشارع العربي يمور بالعديد من التفاعلات التي لم يشهد مثيلاتها من قبل .
ويري أن واقعنا الثقافي واقع صادم فهو لم ينضج بعد كي يتلقي التغيرات التي طرأت عليه وعلي حياتنا ولمّا يتأهب بعد ليواكبها ، ما يزال العديد من المفكرين يُعانون التهميش ، حتي النخبة التي ليست تُعاني تهميشا ً ، نعاني غياب دورها إلي حد ٍ كبير ، ما زلنا نَعدُ القراءة ترفا ً وليست ضرورة ً من ضرورات الحياة ، الشارع السياسي يغلي الشارع الثقافي خامد ٌ مُهمَّش .
كما أننا علي المستوي العربي مازلنا نكتب لأنفسنا، الآخر قد لا يرانا أو يشعر بنا ولا نُسمعه سوي ضجيجنا المنبعث من الشارع السياسي، لكنني أري أن هذه التغيرات السياسية لابد ستنعكس إيجابيا ً علي الواقع الثقافي في مصر وعالمنا العربي- مثلما انعكست سلبا ً - لذا استبشروا خيرا ً.
جفاف ثقافي
أفضل ما قرأ الروائي رجب سعد السيد هذا العام، رواية (أنا عشقت) لمحمد المنسي قنديل؛ وثلاثة كتب في السيرة الذاتية، هي : سيرة الأديب الكبير فؤاد حجازي، وهي في جزءين صدرا في النصف الثاني من هذا العام: (م الدار للنار صادر عن دار الثقافة الجديدة)، و(قرون الخروب صادر عن سلسلة أدب الجماهير)؛ أما الكتاب الثالث فهو (أمواج العمر بين بحر اسكندرية وبحيرة جنيف صادر عن دار العين، بالقاهرة) للدكتورة فوزية العشماوي، أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة جنيف، بسويسرا، ويمكن اعتبار مؤلفي هذه الكتب هم أفضل من عرفت من الكتاب، في هذه السنة شديدة الاضطراب، التي سادتها الفوضي، ولم تتح الأحداث المتتالية ذ ومعظمها مؤسف ذ الفرصة لالتقاط الأنفاس، ناهيك عن الإنتاج، لا للمبدعين، ولا للمتابعين.
ثمة أكثر من حدث ثقافي هام في منظوره يتمثل في عودة مجلة (المجلة) للظهور، في مبادرة شجاعة من الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة أسامة عفيفي. وقد حاولت الاستجابة للمتغيرات الزمنية، وللأحداث المتسارعة التي تعصف بالوطن.والحدث الثاني إعادة ترتيب وتجديد سلاسل كتب الهيئة العامة لقصور الثقافة، وظهور سلسلة جديدة فيها هي (الثقافة العلمية) لكن ثمة حدثا سلبيا يتمثل في عدم انعقاد دورة مؤتمر أدباء مصر لهذا العام، كرد فعل للأحداث الجارية.
ويري رجب سعد أن أن عام 2012 كان عام قحط ثقافي عام، ارتبط بانحسار الموارد التمويلية، ونفاد بنود الصرف في ميزانيات المؤسسات والهيئات التابعة لوزارة الثقافة قبل انقضاء نصف السنة المالية، مما اصاب خططها بالشلل، وهذا انعكاس للحالة الاقتصادية العامة للدولة، من جهة، ومن جهة أخري، راجع إلي فتور في علاقة إدارات جديدة لبعض المؤسسات بالثقافة والإبداع.
وهو لا يري أي بادرة أمل في أن تتحسن الأحوال مستقبلاً، فإن كانت شريحة كبيرة من الشعب المصري قد خضعت في سنوات مبارك القاحلة للتسطيح الثقافي الممنهج، الذي أغرقها في موجات من الفنون والمفاهيم الثقافية الهابطة، ليسهل قيادها، فإن منهجاً له تأثير مماثل سيغرق الشريحة ذاتها في جدليات وصراعات عقيمة حول ما هو حلال وما هو حرام، ليسهل قيادها أيضاً. وأتوقع أن يواجع المبدعون في مختلف الفنون بالعداء.
عام مرتبك
الروائي السكندري سعيد سالم يعيش حالة من اليأس إذ يقول: لم أستطع خلال هذا العام الصعب المرتبك متابعة الكتب الجديدة حتي أتمكن من تحديد أهم كتاب وأهم كاتب، أما أهم حدث ثقافي فلا يوجد، ولذلك فإن المؤشر ، في عينيه، ينخفض الي الأسفل وإلي الوراء بشدة..أنا للأسف عاجز عن القراءة والكتابة تماما بسبب ظروف البلد المتجهة نحو الانهيار.
صراع ثقافي حاد
يري قاسم مسعد عليوة أن أفضل كتاب: الثورة الآن لمؤلفه سعد القرش صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.وأفضل من الكتاب كاتبان:الأول بهاء طاهر والآخر : د. عماد أبو غازي، والاثنان يدافعان عن التنوير، كل بطريقته.
وفي منظوره أن هناك ثلاثة أحداث ثقافية الأول: إصدار دستور مصر الثقافي، وإن لم يأخذ به نظام الحكم، فهو خطوة من خطوات علي الطريق الصحيح.، الثاني :عودة الحياة لمجلة زالمجلةس التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، بعد 41 عاما من التضحية بها وذبحها ضمن مذبحة المجلات الثقافية في العام 1971 الثالث: ملتقي الصعيد الثقافي الذي نظمه مركز أحمد بهاء الدين الثقافي تحت عنوان »الصعيد.. الثورة.. الثقافة الغائبة« في أسيوط انطلاقا من قرية الدوير مركز صدفا.
أما عن مؤشر الحالة الثقافية فيقول: هناك صراع ثقافي حاد في المدي القريب (سيعض أثناءه المثقفون علي أصابع بعضهم بما يجاوز الرغبة في الإيلام إلي الرغبة في البتر)، وصراع ثقافي أقل حدة في المدي المتوسط، ثم صراع ثقافي سلمي في المدي البعيد.(أي أن الصراع الثقافي سيبقي قائما، وهذا هو قانون الحياة، لكن درجة حدته ستتبدل، والمستقبل الزاهي لن يكون بغير ثقافة التنوير).
صراع ثقافي
ينظر الكاتب السيد نجم الي أن معطيات ثورة 25 يناير في جوهرها معطيات ثقافية من حيث إن من قامت بها شريحة مثقفة من شباب مصر، واستخدموا تقنية ثقافية لتزكية هذهالثورة الحقيقية التي انتفض من بعدهم جموع الشعب.
وفي ظنه أن الثقافة لعبت وما زالت تلعب دورها في الحياة المعاشة سياسيا حتي اليوم، وما نراه من اضطرابات سياسية وتناقضات هي في حقيقتها تناقضات ثقافية، فهناك شريحة علي رؤية ثقافية خاصة وشرائح علي رؤية أخري،ويبقي التناقض أحيانا و الصراع، فجوهر الصراع و الإضطرابات و التناقض المعاش في عامي 2011و 2012 هو في الحقيقة صراع ثقافي وأعنقد أن كل من ادعي أن المثقف لم يلعب دورا في الحياة الآنية قد جانب الحقيقة.
بالنسبة لأهم الأحداث أجد أنه بالرغم من كل ما هو كائن الآن من اضطرابات فإن انتقال اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا إلي القاهرة واختيارها مقرا له ، ومن قبله انتقال اتحاد الكتاب العرب من الظواهر الثقافية التي تعيد إلي مصر رونقها المتوقع و المنتظر.
إبداعات جديدة
اختارت نبيلة عقل رئيسة الدعاية بقسم النشر بالجامعة الأمريكية: كتاب ابنات في حكاياتب كأفضل ما صدر في 2012، لمؤلفته رشا سمير الأديبة الناشئة التي أتوقع لها مستقبلا باهرا في الأدب.
وتري أن مؤشر الحالة الثقافية ارتفع هذا العام، حيث ساعدت الظروف الصعبة علي خلق إبداعات جديدة للأدباء والشعراء.
وبالنسبة لتوقعاتها للعام الجديد ففي منظورها أن الوضع العام لا يحمل مؤشرات يقينية حول ما سيحدث في المستقبل، إلا أن الجميع أصبح ملما بالسياسة بدرجة عالية، وعلينا أن نعرف أن استقرار السياسة سوف يؤدي بدوره لانتعاش اقتصادي واجتماعي.
الرؤية الضبابية
يعتبر الدكتور علي المنوفي أفضل كتاب صدر سنة2012 هو »حتشبسوت من ملكة مصر إلي فرعون« كتبه مارتين بالنتين وتريسا ديدمان، وهما زوجان يقدما رؤية أوروبية حديثة للمرأة المصرية القديمة خاصة الملكات، وحتشبسوت هي المرأة الوحيدة التي تحولت من زوجة الملك إلي الفرعون، إلا أنه تم شطب أسمها من الخراطيش الفرعونية ومن قوائم الملوك في المعابد خاصة الكرنك و أبيدوس، وهذا الكتاب استرد حق المرأة المصرية التي كانت في مؤخرة الجيش المصري في نهاية الأسرة 17 و بداية الأسرة 18 .
وبالنسبة لأفضل كاتب فإنه يقول: لايمكن التحدث عن نجاحات كتب من منظور تجاري، فمن وجهة نظري لايزال الأدباء الكلاسيكيون هم أصحاب أفضل الكتب،وبالنسبة للكتاب الجدد مازالت الرؤية ضبابية بالنسبة لهم لأن انتشارهم ليس بالدرجة المثلي، ولم يولهم النقد الاهتمام الكافي.
و بالنسبة للحالة الثقافية.. هناك نوع من التوجه للحظة الراهنة حتمت وجود أكثر من تيار، وهذا جيد في حد ذاته أن تكون هناك توجهات أدبية مختلفة، لأن الكتابة بها نوع من الأيديولوجية نري في سرده القصصي أو الشعر رؤيته في محاولة استشراف المستقبل .
يتوقع د. المنوفي للحالة الثقافية للعام الجديد أن تكون مرتبطة بمساحات الحرية المتاحة، و أن اللغة العربية غاية في الثراء ومليئة بالمجاز، وبالتالي فإن وسائل التعبير ممكنة لتفادي الدخول في تصادم مع قوانين أو رقابة، ويمكن أن تحول دون التعبير المباشر عن رؤية ما، وهذا يحدث في كثير من الدول العربية التي تقل فيها مساحات الحرية عن مصر، ففي فترة الستينيات كانت مكتبة مدبولي تنشر الكتب الممنوعة، إلا أننا لن نصل لهذا الحد لأن هناك عوامل تحول دون هذه الرقابة وهي منظمات المجتمع المدني وغيرها.
و بالنسبة لدرجة حرارة المثقف واقترابها نحو الجانب السياسي يري أن المثقف له رؤية سياسية لكن كان العمل الأدبي مباشرا وأكثر اقتربا من اللحظة الراهنة، كلما قلت القيمة الأدبية، ففي أسبانيا خلال فترة الأربعينيات حتي منتصف الخمسينيات كانت من أقسي الفترات التي تعرض لها الأدباء إبان حكم فرانكو، مما دفعهم للكتابة عن الفقر ومعاناة الناس دون لمس الأسباب وراء ذلك، كنوع من التنفيس عن اللحظة الراهنة، وحين انتهي عهده سنة1975 راحوا ينظرون للأدب السابق علي أنه يتسم بالثراء.
المؤلف الجمعي
من بين أهم الكتب التي قرأها د.عماد عبد اللطيف هذا العام كتاب »محاكمة سقراط«، لآي إف ستون، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، فقد غيَّر العديد من أفكاري حول الديمقراطية الأثينية، والصراع بين النخبة والعامة في المجتمعات القديمة، وما يبدو مهمًا في مثل هذا الكتاب أنه يشعرنا أن أسئلة المجتمعات القديمة ما تزال تطرحها بعض المجتمعات الحديثة، خاصة ما يتعلق منها بمسئولية المثقف في المجتمع، والصراع المتواصل بين العامة والنخبة، والدور الذي يلعبه الفكر في إضفاء الشرعية علي القمع والاستبداد.
ويقول: لو أنني بصدد اختيار أفضل مؤلف في هذا العام، فسوف يكون هو المؤلف الجمعي لآلاف الشعارات والهتافات وبوستات الفيس بووك وتغريدات تويتر، التي أُنتجت علي مدار عام كامل من تقلب الثورة المصرية علي صفيح ساخن. فهذه الإبداعات التي تسمو بفنياتها علي كثير من نصوص الأدب الرسمي أصبحت تشكل ذخيرة خطابية لا غني عنها للمثقف المصري المعاصر. إضافة إلي ذلك فإن هذه النصوص تقوم بدور هائل في صياغة الوعي الجمعي الراهن، وتمارس عمليات مكثفة من نقد الخطابات المهيمنة في المجتمع.
وعماد عبد اللطيف ليس متفائلا بشأن مستقبل العمل الثقافي المؤسسي في مصر، لماذا؟ إنه يقول : الهجمة علي المؤسسات الثقافية قادمة بلا شك. والاخوان والسلفيون يدركون الآن بوضوح أن الوعي والمعرفة (الثقافة) هي الخطر الأكبر علي استمرار تقاسمهما للسلطة. لقد رأينا كيف أن القواعد الأساسية لجمهور الإسلاميين تكمن في القري والعشوائيات والصعيد، حيث نسب التعليم المنخفضة، وسيطرة الخرافات والأوهام.
لكنه متفائل بشدة بشأن الإبداع الثقافي الفردي والجمعي في مصر، لماذا ؟ لأن المثقفين أصبحوا أكثر وعيًا بالدور الهائل الذي يقوم به الإبداع بكل أنواعه (بالكلمة والصورة واللون والحركة والصوت) في مقاومة الهجمة المعادية للحضارة التي نري بشائرها منذ عقود. لكن دور الجماعة الثقافية في مواجهة هذه الهجمة شديد الحسم، وكلما قلت مساحات الاختلاف والصراع البينية، وتوافرت أرضية للعمل الثقافي الأهلي المنظم، وانتشرت روح التعاون والتواشج بين أفراد الجماعة الثقافية أصبحوا أقدر علي تحقيق حلمهم بمجتمع ديمقراطي متحضر.
العودة إلي قراءة الأدب
اما الروائي مكاوي سعيد فيبدي إعجابه برواية د.عز الدين شكري »عناق علي جسر بروكلين« :انا احب كتابات هذا الروائي وهو من الكتاب المميزين والذي أتابع أعماله بدقة ، ولدي إحساس دائماً أنه مظلوم »مثلي« تماما كما أعجبتني ايضاً المجموعة القصصية لمحمدالفخراني »قصص تلعب مع العالم« أعجبت بطريقة السرد فيها واستخدام الأسطورة في البناء وهي في رأيي من أجمل ما قرأت من مجموعات قصصية في الفترة الأخيرة ، كما أعجبت ايضاً برواية »عودة الشيخ« لمحمدعبد النبي وهي من الروايات المميزة للجيل الجديد من الكتاب .
اما في الشعر فقد أعجبت بديوان »في ذمة الورد« لدعاء زيادة، وديوان الشاعر سيد محمود »تلاوة الظل«، اما من يتصدر المشهد الان فهو السياسي بالقطع، حتي في الفترة الأخيرة كانت أغلب الكتب المباعة هي الكتب السياسية عكس السنوات الماضية ، لقد زاد اهتمام الشاعر بالسياسة، فأصبح المواطن يقرأ ويتابع الاصدرات السياسية الجديدة ، وانا أري انه شئ مفيد ومهم لأنها جذبت لنا قراء جددا وفي فترة الهدوء والسكون سيعودون إلي قراءة الأدب .
موجة ثقافية بامتياز
ويعلن الشاعر صبحي موسي اعجابه بكتاب »سر المعبد« لمؤلفه ثروت الخرباوي.. لماذا؟ لأن هذا الكتاب قام بافتضاح آلية عمل جماعة الأخوان المسلمين وطبيعة الذهنية المنتمية لهذا التنظيم ، وهو كتاب مغر مليء بالوقائع والتفاصيل التي تخبرنا عن طبيعة جماعة الإخوان المسلمين في التفكير خاصة ان مؤلفه هو واحد من ابناء هذا التيارالذي انتمي إليه اكثر من 30 عاما .
اما عن الشعر فأغلب الدواوين التي صدرت هذا العام كان بها حس الثورة وأغلبها كان بهما نوع من المباشرة وأهملت المسألة الجمالية لصالح الحماس لقضية الثورة والشهداء والوطن، نادرا ما خرجت بعض الدواوين عن تلك الأخطاء مثل ديوان احمد جمعه وديوان لمحمود قرني والديوان الأخير لرفعت سلام والديوان الأخير لميسون صقر .
هناك حدثان هذا العام وقفت عندهما ، الحدث الاول للأسف بالسلب وهو استقالة دكتور صابر عرب ثم قبوله الوزارة من جديد وفي غضون الإيام قليلة فاز بجائزة الدولة التقديرية ، علماً بأنه كان رئيس المجلس الأعلي للثقافة بوصفه الوزير وأنه الذي أشرف علي اللجان وتربطه علاقات طيبة بكل اعضاء اللجنة العليا للمجلس ، ولم يتحرج من الاعتذار عن الاستمرار في المنافسة علي الجائزة او قبول الوزارة للمرة الثانية بعد فوزه بالجائزة مما يعني انه استقال او ااخذ اجازة بمن أجل الحصول علي الجائزة .
اما الحدث الإيجابي هذا العام فكان علي المستوي العالمي، وهو ان الكاتب الألماني الشهير »جونتر جراس« كتب قصيدة اعلن فيها موقفه بوضوح من إسرائيل وهاجم فيها قلوع الغرب أمام الجلد الاسرائيلي باسم الهلوكست وكان هذا حدثا هاما نبه العالم انه عليه ان ينتفض وأنه يعد المجاذر لأيران في حين انه تارك اسرائيل تفعل ما تريد في الفلسطينيين بأسم الظلم الذي وقع عليهم في فترة النازي .
اما من حيث المشهد الان فبالتأكيد الحدث السياسي فرض نفسه بقوة، لدرجة ان الثقافي كان مجرد رد فعل، في الإطار العام ، ولكن بنظرة متأملة سوف نكتشف اننا أمام الموجة الثانية من الثورة المصرية وأنها موجة ثقافية بامتياز ، لان محورها كان الاجابة عن سؤال: هل يجوز خلط الدين بالسياسة ؟
وهل نحن دولة دينية ام دولة مدنية صبغتها المؤسسات والقانون ، وهذا بالطبع إطار ثقافي بالدرجة الأولي.
2013 هل تكشف أزمة تسييس المثقفين ؟
صانع المفاتيح وكفافيس والميدان
استوقف الدكتور جابر عصفور هذا العام روايتان رائعتان، كما يقول، وهما رواية »صانع المفاتيح« للأديب احمد عبد اللطيف، وا كفافيسب لطارق امام وأري وللحق أنهما تستحقان ان تكونا في القائمة الطويلة لجائزة البوكرهذا العام لانهما تجردتا من السرد التقليدي وهما تصنفان كما أري »أدب ما بعد الحداثة«.
أما الشعر فيقول :فقد أعجبت كثيراً بديوان »الميدان« للشاعر عبدالرحمن الأبنودي .
وأما بخصوص الأقرب الي الشارع وإلي الحراك الاجتماعي بدون تردد سأقول لك علي الفور أنه السياسي ، كنتيجة لما تشهده الساحة الأن من أحداث، ومن كوننا نمر بفترة انتقالية بل ومصيرية من حياة أمتنا.
وكل الحوارات الآن لا تخلو من السياسة ، وكل الخلافات ايضاً سببها السياسة ومعظم الندوات التي تقام الأن ندوات سياسية ، السياسة الآن ورجالها يتصدرون المشهد بالكامل دون شك علي حساب النخب الثقافية.
حضور المثقفين
أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي فيقول إنه قرأ العديد من الأعمال في الفكر والأدب والسياسة بعضها أعمال تنشر لأول مرة والبعض نشر منه طبعات جديدة لكن يشير إلي أنه من الصعب ان يتحدث عن كتاب معين أو عن كاتب بعينه ليضعه علي القمة هذا العام.
إلا أنه - كما يقول: لا يري حدثا ثقافيا بارزا علي الساحة الثقافية خلال هذا العام، وهو أن السياسة طغت علي كل الأمور، ويري من وجهة نظره ان أهم حدث ثقافي سياسي كان علي مستوي المجتمع المصري وهو التفاف المصريين حول الديمقراطية والدستور، ودفاعهم المستميت ضد تزوير الدستور، وبرز دور السيدات والفتيات خلال الاحداث.
كما يري الشاعر حجازي ان المجتمع المصري يشهد تحولا ثقافيا وليس تحولا سياسيا فقط، مما يدل علي ان المصريين مثقفون، وان المثقفين مازالوا حاضرين في الحياة.
الوعي.. لن يأفل أبدا
وتقول الكاتبة فوزية مهران، انها انشغلت هذا العام مثل الجميع بقراءة الأحوال العامة ، كما انها كانت تعكف علي دراسة نقدية في كتاب بعنوان «مالك مصر» للكاتب حسن زين العابدين، وأهم ما جذبها في تلك الرواية انها كانت تتنبأ بما حدث في ثورة يناير لانها تستدعي التاريخ وتتحدث من خلاله عن الواقع، وتطالب بإعادة نشرها مرة أخري نظراً لأهميتها الآن.. لان الجميع الان يبحث عن الطريق وتري ان زين العابدين من افضل الكتاب.
وتشهد للكاتب حسنين هيكل بالحكمة وانه دائما يلمس الواقع الحقيقي المحلي والعالمي، وتري الكاتبة فوزية مهران ان أهم حدث ثقافي واجتماعي وسياسي هو أحداث تبعات الثورة، التي كانت بمثابة زلزال قوي هز كل الركود الذي عشنا فيه، وأحدث حركة نشطة للعقول والقلوب والأفكار وملأت روحنا، وتؤكد الكاتبة أن المثقفين لأول مرة يفيقون من غشاوتهم ويشعرون ان وراءهم رسالة يجب ان يقوموا بها.. وان ما حدث من وعي للشعب كانوا هم أصحاب الفضل فيه، وهذا الوعي الذي حدث للشعب لن يذهب ولن يأفل ابداً وسينتشر وينير للجميع.
مؤشر مضطرب
يقول: د. محمد حسن عبدالله إن مؤشر الحالة الثقافية مضطرب إضطرابا كبيرا، والدليل علي هذا حالة الإنقسام الحادة التي نعيشها قبل وبعد الاستفتاء الدستوري، ومن جهتي ما هكذا تكتب الدساتير تأسيسا ونتيجة، ومن جهة أخري أعطلي الإستفتاء مؤشرا ثقافيا سلبيا لأن المحافظات التي قالت نعم يغلب عليها طابع الفقر و الجهل وكفي بهما لعنتين، فما توضع الدساتير إلا لتنجو بالمواطن من الجهل والفقر، في حين رأي أهل الاستنارة أن هذا الدستور فاقد الرؤية المستقبلية وكفي بهذا عمي.
وفي تصوري أنه لايمكن أن يكون مستقبلك وراءك، والعالم لن ينتظرنا، فنحن علي الهامش ولا نمتلك آليات الدخول إلي حومة الوجود الإنساني الراقي.
السياسة أصبحت خبزا يوميا، حتي عجائز الجيل الماضي و قبل الماضي، إذا كان قد طال بهم العمر لاقتحموا النسيج المجتمعي السياسي ووقفوا مع أحفادهم المتطلعين وضد أحفادهم المتنطعين.
حالة ارتباك فكري
تجزم الكاتبة اقبال بركة بأن المفكرين والكتاب في حالة ارتباك فكري وغير قادرين علي حسم أمورهم وكل هذه الأمور تحتاج لمزيد من الوقت في التفكير، حتي ان بعض الكتاب أجلوا نهايات قصصهم لأن المشهد الان ملتبس وغير واضح، وبالرغم من هذا اذكر للكاتب الكبير فؤاد قنديل أعمال عديدة مهمة عن الثورة .
وتري ان أفضل كاتب هو الأستاذ محمذ حسنين هيكل، أو كما تسميه( حكيم القرية) الذي يتمتع دائما بالعمق والبصيرة والرؤية الثاقبة والتنبؤ.. نحن جميعا نهتم بآرائه ونركن إليها وتنير لنا الطريق.
والحدث الثقافي الهام هو الذي جاء في نهاية هذا العام - جائزة الكاتب الكبير نجيب محفوظ التي نالها الكاتب عزت قمحاوي عن روايته (بيت الديب) التي تمنحها الجامعة الأمريكية في ذكري ميلاد الكاتب نجيب محفوظ.
انخفاض المؤشر الثقافي
ويقول الشاعر محمد ابراهيم ابو سنة: قرأت أشياء متنوعة منها المترجم وأعمال عربية منها أعمال للشاعر محمد سليمان، وحسن طلب، ومحمد منصور، وأعمال أخري جديدة لشعراء السبعينيات لكن أهم ما قرأت هذا العام كتاب تراث بعنوان »المستطرف في كل فن مستظرف«، اما بالنسبة للكاتب لا يوجد كاتب معين أضعه علي القمة خلال هذا العام.
لكن المؤشر الثقافي، في رؤية الشاعر أبو سنة كان منخفضا نسبيا نتيجة للاضرابات والعراقيل التي تحدثها المظاهرات والاعتصامات، كما تراجع دور المؤسسات الثقافية خلال هذا العام وانخفض النشاط الثقافي لأن السياسة طغت علي كل الأمور وكانت أهم من أي موضوع آخر .
فرض نفسه بقوة
ويشير الناقد د. عبد الرحيم الكردي، استاذ النقد بجامعة قناة السويس، إلي إصدارت هذا العام المتعددة وأنه قرأ منها الكثير، لكنه عاد لقراءة كتاب تراثي بعنوان »الكشاف« للزمخشري وقرأ من الروايات للكاتب الجزائري »واسيني الأعرج« كما قرأ عملا للروائية نجلاء محرم بعنوان«رنزي ياظل الاله» كما قرأ للكاتبة الأردنية سناء شعلان بعنوان »يعشقني«
أما بالنسبة لأهم حدث ثقافي في رؤية الدكتور الكردي فهو خروج أربعة اعداد حديثة من مجلة نجيب محفوظ للنور الصادرة عن المجلس الأعلي للثقافة.
ويشير إلي نماذج من الحراك الثقافي لعام 2012 منها المؤتمر الذي نظم في بداية العام بمحافظة الشرقية وجمع عددا كبيرا من أدباء الأقاليم وأدباء القاهرة ويقول: شاركت في أربعة مؤتمرات أخري الأول كان بمدينة سوسة بتونس وكان عنوانه »الشعر والموقف«والمؤتمر الثاني بمدينة الباحة بالمملكة العربية السعودية عن »السرد الروائي المعاصر والتاريخ«، والمؤتمر الثالث كان بمسقط عن »السرد الروائي العربي« واخيراً كان مؤتمر الشعر الأول بالمجلس الأعلي للثقافة بعنوان »تحولات الشعر«،.
وشهد هذا العام أن السياسة فرض نفسها بقوة علي المشهد العام ولونت النشاطات الثقافية وموضوعاتها بالطابع السياسي.
المدنية والأحلام والميدان
يقول الدكتور حسام عقل أستاذ النقد بجامعة عين شمس: هناك روايتان لفتتا انتباهي هذا العام ، اولاهما رواية »حكايات المدينة« لمنال القاضي وفيها ترصد ثورة 25 يناير بسياق تاريخي منذ ثورة 1919 الي ثورة يناير، وصنعت نوعا من التضافر ما بين الواقعية والفنتازيا، وإن كانت تميل في معظمها الي التاريخ، وأري أن سر تميز تلك الرواية أنها لم تغرق في الواقعية المباشرة التي دائما ما يقع فيها من يكتب رواية بها سرد تاريخي .
اما الرواية الثانية فهي امهربوالأحلام ب ل« إبراهيم المصريب وهي رواية صدرت عن دار الأدهم، تتحدث عن موضوع غاية في الأهمية في تلك الفترة وهو واقع الفرقاء في مصر بعد الثورة ,ما بين التيارات الفكرية: الليبرالي واليساري والإسلامي وفشلهم في الاندماج او تقديم شئ ايجابي لمجتمعهم ، وتنتقدهم الرواية بشدة، بل وتتوقع ظهور حزب سياسي. واختارالكاتب له اسم »مصر تتحدث عن نفسها« وقال ان هذا الحزب او الحركة عبارة عن تعبير عن استياء الرأي العام من كثرة الدكاكين السياسية التي تتحدث باسمه .
اما أهم عمل شعري قرأته فهو ديوان بعنوان »الحكم للميدان« للشاعر احمد سراج، وهو ديوان يتميز بالبعد عن المعاني المباشرة، ولدي الشاعر قدرة علي رسم صور شعرية متوهجة وجديدة، كما يتميز احمد سراج بامتداد النفس الكتابي، فضلاً عن ان لديه طزاجة المعجم الشعري، كما استطاع ان يقدم ملحمة الميدان بنبض إنساني شديدالخصوصية .
أعمق من السياسي
يثني الناقد الدكتور مدحت الجيار علي الكثير من الروايات المصرية والعربية التي صدرت هذا العام ولكنه قال ان رواية محمد المغبوب المسماة »ثينيكس« اعجبتني كثيرا وهي لكاتب ليبي يعيش في القاهرة، وما لفت نظري لها أنها تلعب علي فكرة القناع والرمز ، وتجعل من البطل امتداداً للشخصية العربية بوجه عام في هزيمتها ثم في تمردها وثورتها بالإضافة إلي لغة شعرية ملفته للنظر
اما الشعر فيهمني ان انوه إلي ديوان د.حسن طلب الأخير فقد تجاوز طلب نفسه ويبدو انه تحرر من أقوال المحيطين به وانطلق شاعراً .
اما المشهد الاجتماعي الآن فيتصدره رجل السياسة بكل تأكيد لأن المرحلة التي نمر بها الأن أعمق من السياسي علي حساب الاجتماعي والثقافي حتي من نراهم من المثقفين في الفضائيات تحولوا الي ساسة ايضاً لإدراكهم ان السياسة الآن هي الجسر الذي يمكن أن يؤدي إلي الحرية او إلي الشقاء .
هيكل وعين الصقر
ويري الكاتب فتحي امبابي ان أهم كتاب صدر هذا العام هو للكاتب يسري عبدالله بعنوان »سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد« وهو كتاب نقدي للنصوص الروائية التي نشرت في العشر سنوات الأخيرة وعلاقتها بثورة يناير وإلقاء الضوء علي الحياة قبل الثورة.
وأن أهم كاتب لهذا العام هو محمد حسنين هيكل الذي يري المشهد دائما بعين الصقر وطول الوقت قادر علي ان يري المشهد في الدول العربية والخارجية بحس عال ومخيف ومتجاوز دائما للصراعات الراهنة.
أما عن المثقف فهو طول الوقت في أزمة وخسران معركته دائما، فهو ليس أكبر من المعركة .. والأزمة الحقيقية تكمن في المثقفين المسيسين، الأمر الذي يشير لعجز بالغ تجاه لحظة العصر، ويبدو ان المثقف المصري لم يستوعب الدرس ولم يستوعبه بحثا عن السلطة فتعجز النخب ان تضع مصر في وحدة واحدة.
طاعون الإنقسام
كما يري الكاتب فؤاد قنديل أن أفضل كتاب قرأه لهذا العام هو »ولع الفرجة .. فقرالتاريخ« للأستاذ أحمد عبدالعال، و أفضل كاتب لهذا العام هو السيد يس.
أما علي الساحة الثقافية فيقول: لا يوجد أي حدث مهم أو غير مهم والسبب انشغال كبير علي مستوي الكتّاب وعلي مستوي المؤسسات بالأحداث السياسية التي لا تستند إلي الحد الأدني من الرؤية الاستراتيجية ، كما أن الأوضاع الاقتصادية تضرب القوة الشرائية بشدة، وقد تأثرت بذلك السينما والتليفزيون والأغنية والنشر والتوزيع وعروض المسرح، فضلا عن غياب المزاج النفسي والوجداني للمشاركة الثقافية في أي عمل، بل تأثرت القراءة ذاتها، وهي ربما تمثل الحدالأدني لاكتشاف العالم وبناء رؤية ملهمة.
واهم ما ميز هذا العام في نظرة فؤاد قنديل، ان السياسة طغت علي الثقافة بشكل حاد، واستقطبت كل العقول والمشاعر، كما عطلت الخيال والأفكار، يكفي أن أري طاعون الانقسام والتشتت يغزو كل بيت وكل أسرة بل يقتحم فكر الشخص الواحد، ناهيك عن العنف الزائد والتربص والمؤامرات ، وعشوائية القرارات وسوء الإدارة والتخبط ويتوج كل هذا بدستور نصفه علي الأقل مشوه، ولا يستطع الكاتب أو المبدع شاعرا كان أو روائيا أن يبلور رؤيته لعمل أدبي فكل فكرة قد يلتقطها سرعان ما تتشظي وتتفكك وتتبعثر أمامه لتذروها رياح السياسة والاضطراب غيرالمسبوق في الأحوال السياسية التي انعكست علي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

السياسة طغت علي الثقافة
ويؤكد د. حسين حمودة أن خلال هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، كما نشهد ونعيش جميعاً. كان في كل يوم تقريبا حدث جديد ومتغير جديد. وأتصور أن مصر خلال هذا العام والعام السابق مرت بأحداث تعادل دهرا كاملا. ظهرت وجوه، تكشفت وجوه، وتوارت وجوه، وتلاحقت وقائع كبري وصغري. فيما يخص الثقافة كان هناك نشاط محمود، رغم كل شيء، وإن كان هذا النشاط يلوح أحيانا نوعا من أداء الواجب، أو يبدو أحيانا سعياً وراء انتزاع مساحة من اهتمام ضمن اهتمامات أخري أكثر إلحاحا؛ فكيف مع كل هذه المتغيرات الكبري، والوقائع اللاهثة، والغضب والدم، يمكن أن تحتل الثقافة ونشاطها المساحة التي تليق بهما ؟
لكن من الأحداث الثقافية المهمة في هذا العام ما ارتبط بالنشاطات المتعددة، الرسمية وغير الرسمية، التي تذكرت أن الأدب العربي عرف كاتبا عظيما اسمه نجيب محفوظ. ومن الكتب التي استوقفتني الدواوين التي صدرت عن ثورة 25 يناير. وهناك أعمال أدبية متعددة استمتعت بها، لا أريد أن أشير إلي صاحباتها وأصحابها فأتذكر البعض وأنسي أخريات وآخرين.
الوعي السياسي.. ثقافة
ويقول الناقد د. هيثم الحاج علي أن أفضل كتاب قرأه هذا العام هو ..سيرة روائية ..لسيد الوكيل، وأفضل كاتب لهذا العام هو محمد عفيفي مطر، وأهم حدث ثقافي حدث خلال هذا العام هو تعليق أدباء مصر لمؤتمرهم العام احتجاجاً علي مواد الدستور التي تطال من حرية الإبداع والإعلام.
اما عن الساحة الثقافية خلال هذا العام فتراجعت فعاليات ثقافية عديدة بل تم إلغاؤها بسبب الأحداث السياسية، وكان من الملاحظ قلة التجمعات الثقافية.
لكن الملحوظ أن هذا العام طغت السياسة علي الثقافة، وأصبحت الاحداث الراهنة تشير دائما للتحدث في السياسة.. وربما كان ذلك مؤشراً إيجابيا مع اعتبار الوعي السياسي جزءاً مهما من المكونات الثقافية ومع ازدياد هذا الوعي السياسي المتكون لدي رجل الشارع حتي لو في بدايته فسوف تكون الثقافة إذأ في حالة ارتفاع ملحوظ.
غياب المشروع القومي الثقافي
ويري الناقد د.مصطفي الضبع وأستاذ الادب المقارن أن أفضل كتاب هو : تاريخ العلم (1543- 2001) لمؤلفه جون غريبين الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت ومن ترجمة أحد أهم المترجمين العرب المترجم المصري شوقي جلال، وأفضل كتاب للروائي الكويتي »سعود السنعوسي« بعنوان »ساق البامبو«، أما أفضل كاتب هو : الراحل جلال عامر .
أما عن أهم حدث ثقافي لهذا العام فهو ارتفاع مؤشر الوعي لدي الشعب المصري، أما عن مؤشر الحالة الثقافية خلال هذا العام فكان مؤشراً لغياب المشروع القومي الثقافي أو الخطة الاستراتيجية الثقافية، وقد تكون هناك غزارة في الإنتاج لكن هناك خللا في الطرح، ومن الملاحظ أن المؤسسة الثقافية غائبة أو مغيبة الوعي.. لافتقادها عقلية التخطيط .
أما فيما يخص طغيان السياسي علي الثقافي أري الوضع من زاوية معكوسة بعض الشئ، الحقيقة أن التأثير السلبي للثقافه هو الأكثر طغيانا علي السياسي فافتقادنا للوعي بمعناه الثقافي يجعلنا نعيش حالة من التخبط السياسي .
دور اتحاد الكتاب.. تلاشي
في منظور الكاتب اللواء حمدي البطران أن الكتاب الذين يعطيهم الأفضلية هذا العام في مجال الإبداع هم د. عزالدين شكري فشير وروايته »باب الخروج» والكاتب السياسي نبيل عبد الفتاح وكتابه »الدين والدولة الطائفية« والكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي وكتابها الأسود يليق بك«.
افضل رواية مصرية : : رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة.
ويري البطران أن ثمة أكثر من حدث ثقافي مثل: حصول وزير الثقافة الحالي د. صابر عرب علي جائزة الدولة التقديرية ، وإعادة طبع رواية يوميات ضابط في الأرياف في مكتبة الأسرة، وإعادة ترميم المعهد العلمي، لكن هناك حدثا سلبيا تمثل في استبعاد الكتاب والمبدعين من اللجنة العليا للدستور.
وعن مؤشرات الحياة الثقافية عام 2012 يري أن الحركة الثقافية تأثرت بالحالة العامة للدولة، ويضرب علي ذلك أمثلة من قبيل: ظهور بعض الدعوات المتطرفة التي تعيد النظر في حرية التعبير، وتقلص الندوات الأدبية، وأنشطة الهيئة العامة لقصور الثقافة ، واضمحلال دور اتحاد الكتاب ، بل وتلاشيه من الشارع الثقافي ، وانقسام الكتاب وخروجهم عليه، كل هذا أدي الي تراجع الإبداع الفني سواء في القصة أم الرواية، في مقابل ظهور الشعر السياسي والحماسي، وطغيان الكتابات السياسية .
الحلم المصري في كل مكان
الناقد الدكتور يسري العزب أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب بجامعة بنها يقول :أعجبني كثيراً ديوان شعر بالعامية للشاعر ماجد كمال أبادير بعنوان بكان حلما وجدت فيه حسا وطنيا مرتفعا ودعوة للاستمرار في نصرة الثورة ودعمها والدعوة إلي تأكيد الوحدة الوطنية بين كل المصريين .
أما افضل رواية قرأتها فهي رواية للأديب خيري حداد بعنوان »امرأة من دخان« وهي الجزء الثالث من مشروع روائي كبير بدأه الكاتب منذ ما يزيد علي خمسة عشر عاماً، وفيه تصوير جيد للواقع الاجتماعي وجزء كبير منه عن وسط الدلتا »أشمون ومنوف وسيرس الليان والباجور« ونري في الرواية تصويراً جيداً لذكاء الفلاح المصري الذي يصل إلي درجة الدهاء في معظم الأحيان ، كما نري وجوداً طاغياً للمرأة المصرية والدور الذي تقوم به في تكوين الشخصية الوطنية ,التي تنهض لتغير الواقع مع الرجل إلي الأجمل ، سوف نقرأ في هذا العمل أسماء المدن الصغيرة والقري والأسواق ونتعرف علي الخصائص الدقيقة والتي تميز كل وحدة عن الأخري اجتماعيا وسياسيا وثقافيا إلي اخره.
اما عن المشهد الآن ومن المتصدر فأقول انه في الفترة الأخيرة اي بعد الثورة ظهر السياسي وغطي جزاً كبيراً من الصورة لدعم كل وسائل الأعلام له، بينما ظل الثقافي دافعا ومحرضا علي إنقاذ الوطن والسعي بمصر إلي الأمام ، لا تعنيه الشهرة التي نالها »النشطاء السياسيون« الذين اعتلوا السطح وانما الذي يعنيه كما هي رسالة الأدب دائما، شحن الوجدان الشعبي بكل ما ينهض بالوطن ويدفعه إلي التقدم وتجاوز الأزمات ، ولكن فترة ما قبل الثورة كان الإبداع المصري موجودا بكل ألوانه يبذر نبات الثورة بالحلم المصري في كل مكان علي أرض مصرا وأنا أقول هذا بصفتي مطلعا علي معظم ما يكتبه أدباء الأقاليم .
واقعنا الثقافي .. صادم
الحسين الخضيري: أحسن كتاب : رواية »أنا عشقت« للكاتب الكبير محمد المنسي قنديل ، الذي يحكي في سلاسة وشاعرية أخّاذة عن قُروية شابّة تصحب عاشقها إلي محطة القطار نفاجأ بأنها تتجمد واقفة في محطة القطار وتظل مكانها وتضحي حديث القرية ، وتمضي الأحداث لنري أحد طلبة كلية الطب يبحث لها عن حل ؛ ويمضي للبحث عن العاشق ، ويبدأ رحلته في عوالم مختلفة .
والحدث الأبرز ثقافيا من وجهة نظره.. هو غياب الأحداث الثقافية عامة، وتراجعها أمام طغيان التغيرات والتظاهرات السياسية الجارية التي عصفت وما تزال بالعالم العربي مما جعل الشارع العربي يمور بالعديد من التفاعلات التي لم يشهد مثيلاتها من قبل .
ويري أن واقعنا الثقافي واقع صادم فهو لم ينضج بعد كي يتلقي التغيرات التي طرأت عليه وعلي حياتنا ولمّا يتأهب بعد ليواكبها ، ما يزال العديد من المفكرين يُعانون التهميش ، حتي النخبة التي ليست تُعاني تهميشا ً ، نعاني غياب دورها إلي حد ٍ كبير ، ما زلنا نَعدُ القراءة ترفا ً وليست ضرورة ً من ضرورات الحياة ، الشارع السياسي يغلي الشارع الثقافي خامد ٌ مُهمَّش .
كما أننا علي المستوي العربي مازلنا نكتب لأنفسنا، الآخر قد لا يرانا أو يشعر بنا ولا نُسمعه سوي ضجيجنا المنبعث من الشارع السياسي، لكنني أري أن هذه التغيرات السياسية لابد ستنعكس إيجابيا ً علي الواقع الثقافي في مصر وعالمنا العربي- مثلما انعكست سلبا ً - لذا استبشروا خيرا ً.
جفاف ثقافي
أفضل ما قرأ الروائي رجب سعد السيد هذا العام، رواية (أنا عشقت) لمحمد المنسي قنديل؛ وثلاثة كتب في السيرة الذاتية، هي : سيرة الأديب الكبير فؤاد حجازي، وهي في جزءين صدرا في النصف الثاني من هذا العام: (م الدار للنار صادر عن دار الثقافة الجديدة)، و(قرون الخروب صادر عن سلسلة أدب الجماهير)؛ أما الكتاب الثالث فهو (أمواج العمر بين بحر اسكندرية وبحيرة جنيف صادر عن دار العين، بالقاهرة) للدكتورة فوزية العشماوي، أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة جنيف، بسويسرا، ويمكن اعتبار مؤلفي هذه الكتب هم أفضل من عرفت من الكتاب، في هذه السنة شديدة الاضطراب، التي سادتها الفوضي، ولم تتح الأحداث المتتالية ذ ومعظمها مؤسف ذ الفرصة لالتقاط الأنفاس، ناهيك عن الإنتاج، لا للمبدعين، ولا للمتابعين.
ثمة أكثر من حدث ثقافي هام في منظوره يتمثل في عودة مجلة (المجلة) للظهور، في مبادرة شجاعة من الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة أسامة عفيفي. وقد حاولت الاستجابة للمتغيرات الزمنية، وللأحداث المتسارعة التي تعصف بالوطن.والحدث الثاني إعادة ترتيب وتجديد سلاسل كتب الهيئة العامة لقصور الثقافة، وظهور سلسلة جديدة فيها هي (الثقافة العلمية) لكن ثمة حدثا سلبيا يتمثل في عدم انعقاد دورة مؤتمر أدباء مصر لهذا العام، كرد فعل للأحداث الجارية.
ويري رجب سعد أن أن عام 2012 كان عام قحط ثقافي عام، ارتبط بانحسار الموارد التمويلية، ونفاد بنود الصرف في ميزانيات المؤسسات والهيئات التابعة لوزارة الثقافة قبل انقضاء نصف السنة المالية، مما اصاب خططها بالشلل، وهذا انعكاس للحالة الاقتصادية العامة للدولة، من جهة، ومن جهة أخري، راجع إلي فتور في علاقة إدارات جديدة لبعض المؤسسات بالثقافة والإبداع.
وهو لا يري أي بادرة أمل في أن تتحسن الأحوال مستقبلاً، فإن كانت شريحة كبيرة من الشعب المصري قد خضعت في سنوات مبارك القاحلة للتسطيح الثقافي الممنهج، الذي أغرقها في موجات من الفنون والمفاهيم الثقافية الهابطة، ليسهل قيادها، فإن منهجاً له تأثير مماثل سيغرق الشريحة ذاتها في جدليات وصراعات عقيمة حول ما هو حلال وما هو حرام، ليسهل قيادها أيضاً. وأتوقع أن يواجع المبدعون في مختلف الفنون بالعداء.
عام مرتبك
الروائي السكندري سعيد سالم يعيش حالة من اليأس إذ يقول: لم أستطع خلال هذا العام الصعب المرتبك متابعة الكتب الجديدة حتي أتمكن من تحديد أهم كتاب وأهم كاتب، أما أهم حدث ثقافي فلا يوجد، ولذلك فإن المؤشر ، في عينيه، ينخفض الي الأسفل وإلي الوراء بشدة..أنا للأسف عاجز عن القراءة والكتابة تماما بسبب ظروف البلد المتجهة نحو الانهيار.
صراع ثقافي حاد
يري قاسم مسعد عليوة أن أفضل كتاب: الثورة الآن لمؤلفه سعد القرش صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.وأفضل من الكتاب كاتبان:الأول بهاء طاهر والآخر : د. عماد أبو غازي، والاثنان يدافعان عن التنوير، كل بطريقته.
وفي منظوره أن هناك ثلاثة أحداث ثقافية الأول: إصدار دستور مصر الثقافي، وإن لم يأخذ به نظام الحكم، فهو خطوة من خطوات علي الطريق الصحيح.، الثاني :عودة الحياة لمجلة زالمجلةس التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، بعد 41 عاما من التضحية بها وذبحها ضمن مذبحة المجلات الثقافية في العام 1971 الثالث: ملتقي الصعيد الثقافي الذي نظمه مركز أحمد بهاء الدين الثقافي تحت عنوان »الصعيد.. الثورة.. الثقافة الغائبة« في أسيوط انطلاقا من قرية الدوير مركز صدفا.
أما عن مؤشر الحالة الثقافية فيقول: هناك صراع ثقافي حاد في المدي القريب (سيعض أثناءه المثقفون علي أصابع بعضهم بما يجاوز الرغبة في الإيلام إلي الرغبة في البتر)، وصراع ثقافي أقل حدة في المدي المتوسط، ثم صراع ثقافي سلمي في المدي البعيد.(أي أن الصراع الثقافي سيبقي قائما، وهذا هو قانون الحياة، لكن درجة حدته ستتبدل، والمستقبل الزاهي لن يكون بغير ثقافة التنوير).
صراع ثقافي
ينظر الكاتب السيد نجم الي أن معطيات ثورة 25 يناير في جوهرها معطيات ثقافية من حيث إن من قامت بها شريحة مثقفة من شباب مصر، واستخدموا تقنية ثقافية لتزكية هذهالثورة الحقيقية التي انتفض من بعدهم جموع الشعب.
وفي ظنه أن الثقافة لعبت وما زالت تلعب دورها في الحياة المعاشة سياسيا حتي اليوم، وما نراه من اضطرابات سياسية وتناقضات هي في حقيقتها تناقضات ثقافية، فهناك شريحة علي رؤية ثقافية خاصة وشرائح علي رؤية أخري،ويبقي التناقض أحيانا و الصراع، فجوهر الصراع و الإضطرابات و التناقض المعاش في عامي 2011و 2012 هو في الحقيقة صراع ثقافي وأعنقد أن كل من ادعي أن المثقف لم يلعب دورا في الحياة الآنية قد جانب الحقيقة.
بالنسبة لأهم الأحداث أجد أنه بالرغم من كل ما هو كائن الآن من اضطرابات فإن انتقال اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا إلي القاهرة واختيارها مقرا له ، ومن قبله انتقال اتحاد الكتاب العرب من الظواهر الثقافية التي تعيد إلي مصر رونقها المتوقع و المنتظر.
إبداعات جديدة
اختارت نبيلة عقل رئيسة الدعاية بقسم النشر بالجامعة الأمريكية: كتاب ابنات في حكاياتب كأفضل ما صدر في 2012، لمؤلفته رشا سمير الأديبة الناشئة التي أتوقع لها مستقبلا باهرا في الأدب.
وتري أن مؤشر الحالة الثقافية ارتفع هذا العام، حيث ساعدت الظروف الصعبة علي خلق إبداعات جديدة للأدباء والشعراء.
وبالنسبة لتوقعاتها للعام الجديد ففي منظورها أن الوضع العام لا يحمل مؤشرات يقينية حول ما سيحدث في المستقبل، إلا أن الجميع أصبح ملما بالسياسة بدرجة عالية، وعلينا أن نعرف أن استقرار السياسة سوف يؤدي بدوره لانتعاش اقتصادي واجتماعي.
الرؤية الضبابية
يعتبر الدكتور علي المنوفي أفضل كتاب صدر سنة2012 هو »حتشبسوت من ملكة مصر إلي فرعون« كتبه مارتين بالنتين وتريسا ديدمان، وهما زوجان يقدما رؤية أوروبية حديثة للمرأة المصرية القديمة خاصة الملكات، وحتشبسوت هي المرأة الوحيدة التي تحولت من زوجة الملك إلي الفرعون، إلا أنه تم شطب أسمها من الخراطيش الفرعونية ومن قوائم الملوك في المعابد خاصة الكرنك و أبيدوس، وهذا الكتاب استرد حق المرأة المصرية التي كانت في مؤخرة الجيش المصري في نهاية الأسرة 17 و بداية الأسرة 18 .
وبالنسبة لأفضل كاتب فإنه يقول: لايمكن التحدث عن نجاحات كتب من منظور تجاري، فمن وجهة نظري لايزال الأدباء الكلاسيكيون هم أصحاب أفضل الكتب،وبالنسبة للكتاب الجدد مازالت الرؤية ضبابية بالنسبة لهم لأن انتشارهم ليس بالدرجة المثلي، ولم يولهم النقد الاهتمام الكافي.
و بالنسبة للحالة الثقافية.. هناك نوع من التوجه للحظة الراهنة حتمت وجود أكثر من تيار، وهذا جيد في حد ذاته أن تكون هناك توجهات أدبية مختلفة، لأن الكتابة بها نوع من الأيديولوجية نري في سرده القصصي أو الشعر رؤيته في محاولة استشراف المستقبل .
يتوقع د. المنوفي للحالة الثقافية للعام الجديد أن تكون مرتبطة بمساحات الحرية المتاحة، و أن اللغة العربية غاية في الثراء ومليئة بالمجاز، وبالتالي فإن وسائل التعبير ممكنة لتفادي الدخول في تصادم مع قوانين أو رقابة، ويمكن أن تحول دون التعبير المباشر عن رؤية ما، وهذا يحدث في كثير من الدول العربية التي تقل فيها مساحات الحرية عن مصر، ففي فترة الستينيات كانت مكتبة مدبولي تنشر الكتب الممنوعة، إلا أننا لن نصل لهذا الحد لأن هناك عوامل تحول دون هذه الرقابة وهي منظمات المجتمع المدني وغيرها.
و بالنسبة لدرجة حرارة المثقف واقترابها نحو الجانب السياسي يري أن المثقف له رؤية سياسية لكن كان العمل الأدبي مباشرا وأكثر اقتربا من اللحظة الراهنة، كلما قلت القيمة الأدبية، ففي أسبانيا خلال فترة الأربعينيات حتي منتصف الخمسينيات كانت من أقسي الفترات التي تعرض لها الأدباء إبان حكم فرانكو، مما دفعهم للكتابة عن الفقر ومعاناة الناس دون لمس الأسباب وراء ذلك، كنوع من التنفيس عن اللحظة الراهنة، وحين انتهي عهده سنة1975 راحوا ينظرون للأدب السابق علي أنه يتسم بالثراء.
المؤلف الجمعي
من بين أهم الكتب التي قرأها د.عماد عبد اللطيف هذا العام كتاب »محاكمة سقراط«، لآي إف ستون، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، فقد غيَّر العديد من أفكاري حول الديمقراطية الأثينية، والصراع بين النخبة والعامة في المجتمعات القديمة، وما يبدو مهمًا في مثل هذا الكتاب أنه يشعرنا أن أسئلة المجتمعات القديمة ما تزال تطرحها بعض المجتمعات الحديثة، خاصة ما يتعلق منها بمسئولية المثقف في المجتمع، والصراع المتواصل بين العامة والنخبة، والدور الذي يلعبه الفكر في إضفاء الشرعية علي القمع والاستبداد.
ويقول: لو أنني بصدد اختيار أفضل مؤلف في هذا العام، فسوف يكون هو المؤلف الجمعي لآلاف الشعارات والهتافات وبوستات الفيس بووك وتغريدات تويتر، التي أُنتجت علي مدار عام كامل من تقلب الثورة المصرية علي صفيح ساخن. فهذه الإبداعات التي تسمو بفنياتها علي كثير من نصوص الأدب الرسمي أصبحت تشكل ذخيرة خطابية لا غني عنها للمثقف المصري المعاصر. إضافة إلي ذلك فإن هذه النصوص تقوم بدور هائل في صياغة الوعي الجمعي الراهن، وتمارس عمليات مكثفة من نقد الخطابات المهيمنة في المجتمع.
وعماد عبد اللطيف ليس متفائلا بشأن مستقبل العمل الثقافي المؤسسي في مصر، لماذا؟ إنه يقول : الهجمة علي المؤسسات الثقافية قادمة بلا شك. والاخوان والسلفيون يدركون الآن بوضوح أن الوعي والمعرفة (الثقافة) هي الخطر الأكبر علي استمرار تقاسمهما للسلطة. لقد رأينا كيف أن القواعد الأساسية لجمهور الإسلاميين تكمن في القري والعشوائيات والصعيد، حيث نسب التعليم المنخفضة، وسيطرة الخرافات والأوهام.
لكنه متفائل بشدة بشأن الإبداع الثقافي الفردي والجمعي في مصر، لماذا ؟ لأن المثقفين أصبحوا أكثر وعيًا بالدور الهائل الذي يقوم به الإبداع بكل أنواعه (بالكلمة والصورة واللون والحركة والصوت) في مقاومة الهجمة المعادية للحضارة التي نري بشائرها منذ عقود. لكن دور الجماعة الثقافية في مواجهة هذه الهجمة شديد الحسم، وكلما قلت مساحات الاختلاف والصراع البينية، وتوافرت أرضية للعمل الثقافي الأهلي المنظم، وانتشرت روح التعاون والتواشج بين أفراد الجماعة الثقافية أصبحوا أقدر علي تحقيق حلمهم بمجتمع ديمقراطي متحضر.
العودة إلي قراءة الأدب
اما الروائي مكاوي سعيد فيبدي إعجابه برواية د.عز الدين شكري »عناق علي جسر بروكلين« :انا احب كتابات هذا الروائي وهو من الكتاب المميزين والذي أتابع أعماله بدقة ، ولدي إحساس دائماً أنه مظلوم »مثلي« تماما كما أعجبتني ايضاً المجموعة القصصية لمحمدالفخراني »قصص تلعب مع العالم« أعجبت بطريقة السرد فيها واستخدام الأسطورة في البناء وهي في رأيي من أجمل ما قرأت من مجموعات قصصية في الفترة الأخيرة ، كما أعجبت ايضاً برواية »عودة الشيخ« لمحمدعبد النبي وهي من الروايات المميزة للجيل الجديد من الكتاب .
اما في الشعر فقد أعجبت بديوان »في ذمة الورد« لدعاء زيادة، وديوان الشاعر سيد محمود »تلاوة الظل«، اما من يتصدر المشهد الان فهو السياسي بالقطع، حتي في الفترة الأخيرة كانت أغلب الكتب المباعة هي الكتب السياسية عكس السنوات الماضية ، لقد زاد اهتمام الشاعر بالسياسة، فأصبح المواطن يقرأ ويتابع الاصدرات السياسية الجديدة ، وانا أري انه شئ مفيد ومهم لأنها جذبت لنا قراء جددا وفي فترة الهدوء والسكون سيعودون إلي قراءة الأدب .
موجة ثقافية بامتياز
ويعلن الشاعر صبحي موسي اعجابه بكتاب »سر المعبد« لمؤلفه ثروت الخرباوي.. لماذا؟ لأن هذا الكتاب قام بافتضاح آلية عمل جماعة الأخوان المسلمين وطبيعة الذهنية المنتمية لهذا التنظيم ، وهو كتاب مغر مليء بالوقائع والتفاصيل التي تخبرنا عن طبيعة جماعة الإخوان المسلمين في التفكير خاصة ان مؤلفه هو واحد من ابناء هذا التيارالذي انتمي إليه اكثر من 30 عاما .
اما عن الشعر فأغلب الدواوين التي صدرت هذا العام كان بها حس الثورة وأغلبها كان بهما نوع من المباشرة وأهملت المسألة الجمالية لصالح الحماس لقضية الثورة والشهداء والوطن، نادرا ما خرجت بعض الدواوين عن تلك الأخطاء مثل ديوان احمد جمعه وديوان لمحمود قرني والديوان الأخير لرفعت سلام والديوان الأخير لميسون صقر .
هناك حدثان هذا العام وقفت عندهما ، الحدث الاول للأسف بالسلب وهو استقالة دكتور صابر عرب ثم قبوله الوزارة من جديد وفي غضون الإيام قليلة فاز بجائزة الدولة التقديرية ، علماً بأنه كان رئيس المجلس الأعلي للثقافة بوصفه الوزير وأنه الذي أشرف علي اللجان وتربطه علاقات طيبة بكل اعضاء اللجنة العليا للمجلس ، ولم يتحرج من الاعتذار عن الاستمرار في المنافسة علي الجائزة او قبول الوزارة للمرة الثانية بعد فوزه بالجائزة مما يعني انه استقال او ااخذ اجازة بمن أجل الحصول علي الجائزة .
اما الحدث الإيجابي هذا العام فكان علي المستوي العالمي، وهو ان الكاتب الألماني الشهير »جونتر جراس« كتب قصيدة اعلن فيها موقفه بوضوح من إسرائيل وهاجم فيها قلوع الغرب أمام الجلد الاسرائيلي باسم الهلوكست وكان هذا حدثا هاما نبه العالم انه عليه ان ينتفض وأنه يعد المجاذر لأيران في حين انه تارك اسرائيل تفعل ما تريد في الفلسطينيين بأسم الظلم الذي وقع عليهم في فترة النازي .
اما من حيث المشهد الان فبالتأكيد الحدث السياسي فرض نفسه بقوة، لدرجة ان الثقافي كان مجرد رد فعل، في الإطار العام ، ولكن بنظرة متأملة سوف نكتشف اننا أمام الموجة الثانية من الثورة المصرية وأنها موجة ثقافية بامتياز ، لان محورها كان الاجابة عن سؤال: هل يجوز خلط الدين بالسياسة ؟
وهل نحن دولة دينية ام دولة مدنية صبغتها المؤسسات والقانون ، وهذا بالطبع إطار ثقافي بالدرجة الأولي.
الأردن: التفرقة بين »تعاليم اللغة« و »التعليم باللغة«
جزء من العالم، خلال الأيام الأخيرة، كان منشغلاً بأسطورة شعب المايا، التي تؤكد نهاية العالم خلال ديسمبر الجاري، ولكن جزءاً آخر منه كان مهتماً بشيء حيّ، لن تقوم قيامته أبداً، لأنه مرتبط بالقرآن الكريم، وبأكثر من مليار شخص، وبالطبع نقصد اللغة العربية. الثلاثاء قبل الماضي، 18 ديسمبر، كان اليوم الذي قررته الأمم المتحدة للاحتفاء باللغة العربية باعتبارها اللغة السادسة علي المستوي العالمي، وفي هذا الموعد، وقبله أيضاً، أقيم عدد كبير من الأنشطة، في مصر وفرنسا وإيطاليا والأردن، وفي تلك المساحة تلقي »أخبار الأدب« الضوء عليها.
إعلاء شأن اللغة
البداية من المجلس الأعلي للثقافة، حيث أقامت لجنة »النهوض باللغة العربية« بالاشتراك مع رابطة الجامعات الإسلامية والمجلس الأعلي للثقافة مؤتمراً، الأربعاء قبل الماضي تحت عنوان »اللغة العربية : المشكلات وآفاق التطور«، وانتهي المؤتمر إلي إصدار عدد من التوصيات منها، اعتبار اليوم العالمي للغة العربية مناسبة قومية يجب الحشد لها إعلاميًا وتربويًا لإعلاء شأن اللغة لدي الناشئة في اليوم الدراسي ترسيخًا للهوية والانتماء من خلال حصص اللغة العربية والأنشطة اللاصفية بمختلف المراحل التعليمية بالمدارس، ومناشدة المجمع اللغوي بأن يضع من اللوائح والأنظمة ما يتيح التفاعل مع الجماهير والمؤسسات والهيئات مع التوسع في فتح باب العضوية، ومناشدة وزارة التربية والتعليم ودراسة صيغ تفعيل مقررات مجمع اللغة العربية بالحرص علي ضبط الكتب المدرسية حتي المرحلة الثانوية ضمانًا لسلامة الألسنة، وتقويمًا لقدرات المتحدثين والكاتبين بالعربية، وتحويل مواد الدستور الخاصة باللغة العربية إلي قوانين وتشريعات ملزمة للكافة مع رصد العقوبة الرادعة للمخالفين، وسن القوانين التي تلزم المؤسسات التعليمية القائمة علي أرض الوطن بتدريس العربية كمقرر قومي إلزامي بما في ذلك المدارس الأجنبية والجامعات الجنبية.
من ضمن التوصيات أيضاً إلزام مؤلفي مقررات اللغة العربية بتفعيل قرارات مجمع اللغة العربية، خاصة في تيسير النحو التعليمي والألفاظ والأساليب وصيغ البلاغة العربية، وتعميم مشروع معمل اللغة العربية من خلال المعالجة الآلية للنصوص، ودراسة النحو الوظيفي والجملة من خلال النص، وإنشاء مجلس قومي عربي للغة العربية يتابع رصد الحالة اللغوية وينسق مع مجامع اللغة العربية في سبيل تنفيذ توصياتها كما ينسق مع المجلس الدولي للغة العربية حيث ترسل له هذه التوصيات مع استقبال ما يصدره من مشروعات وبرامج في خدمة قضايا اللغة العربية، وإصدار قانون حكومي بكتابة الأسماء بالعربية وبجوارها بخط أصغر باللغة الأجنبية تيسيرًا علي السائحين، والاهتمام بتدريب الإعلاميين علي تصحيح الأخطاء الشائعة مع تعيين مصحح لغوي بكل قناة لتصحيح الأخطاء علي شريط الأخبار والإعلانات، واهتمام وزارة التربية والتعليم بتبسيط قواعد النحو والصرف وقواعد الإملاء والترقيم، مع تعميم معجم الجيب وتدريب التلاميذ عليه في سن مبكرة حتي يستفاد منه لدي الناشئة، ومتابعة جهود جمعية تعريب العلوم وتقويم تجارب الدول العربية في مسألة التعريب ونقل التكنولوجيا وتوطين المعرفة بما يقدم خطوة نحو إنتاج العلم والمشاركة في عالم المعرفة، ونشر الثقافات المتجددة حول هندسة اللغة وعمل المعاجم والذخائر اللغوية لتيسير تعليم العربية للناشئة، وضرورة الاهتمام بفن الخط العربي والسعي الدؤوب لإحيائه مع التوسع في إنشاء مدارس الخطوط العربية ودعم المدارس القائمة حاليًا مع فتح مجال للوقف الإسلامي في فرع منه لدعم مشروعات الخط العربي، ودعم المشروع القومي للترجمة لمزيد من انفتاح العربية علي غيرها من لغات العالم والتعرف علي علومه ومعارفه، وتزويد الجاليات الإسلامية بمدرسي اللغة العربية لإعداد دورات تدريبية للطلاب المسلمين بالدول المختلفة حيث تهتم هذه الدول بالعربية وتعليمها لأبنائها.
أزمة المناهج
وفي العاصمة الأردنية عمّان أقام المجلس التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية مؤتمراً في اليوم ذاته، شهد عدة جلسات بحثية، ناقشت الأولي الحالة اللغوية في العالم العربي والإسلامي وما وصلت إليه من التردي والتدهور في مراحل التعليم العام والعالي، وفي اليوم الثاني طُلب من مقرر اللجنة المشاركة في جلسة تطوير التعليم العالي بالعالمين العربي والإسلامي حيث استعرض في ورقته القضايا الآتية: أسباب تردي التعليم العالي علي ضوء أزمة المناهج والأساتذة والطلاب وتقصير المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية في التحديث والتطوير المناسب، وسبل الخروج من الأزمة من خلال مشروعات التطوير واستراتيجية التحديث النوعي للخريج الجامعي اتساقًا مع خريطة سوق العمل، ودراسة تاريخ العلوم والثقافات العصرية الضرورية بما يفي باحتياجات المرحلة ورؤي المستقبل، ودور الجامعات في البحث العلمي وخدمة المجتمع وحل مشكلاته من أزمات الفقر والجهل والأمية والإدمان والبطالة والتلوث البيئي، إلي غير ذلك من قضايا تتولاها البحوث الجامعية، وتلتزم بنتائجها الجهات التنفيذية في كل دولة وفقًا لأدوات العمل والإنجاز بها.، وتبادل الخبرات والتجارب والرؤي والأفكار بين الجامعات العربية والإسلامية حول اللوائح وتوصيف المقررات وبرامج الجودة والاعتماد للدخول في التصنيف العالمي للجامعات علي منهجية جامعة القاهرة بما أحرزته من دخولها في تصنيف شنغهاي والمحافظة علي موقعها حتي هذا العام، وكذا دخول جامعة الملك سعود بالرياض في هذا التصنيف العالمي مؤخرًا، وتطوير التعليم الفني وإعداد خريجيه تكنولوجيًا ومهاريًا للمشاركة في سوق العمل، مع تغيير النظرة المجتمعية لخريجيه تمهيدًا لتخفيف أعداد طلاب الجامعات للنظر في تشعيبهم وفرص تدريبهم بشكل منهجي مناسب عبر تفعيل الإرشاد الأكاديمي والساعات المكتبية والأنشطة المختلفة مع تطبيق معايير الجودة من خلال نسبة الأساتذة للطلاب ومحاولة تطبيق نظام الساعات المعتمدة مع التدريب المهاري والبحثي للطلاب بالشكل العصري المرتقب، والتفرقة بين تعليم اللغة والتعليم باللغة مع الحرص علي تعليم اللغات الأجنبية دون المساس باللغة القومية، مع دراسة متأنية لمسألة تعريب العلوم في ضوء نقل التكنولوجيا وإنتاج العلم والمشاركة الجادة في التراكم المعرفي المذهل والمتجدد كل يوم.
إنقاذ التعليم العالي
من جهته قال د. عبدالله التطاوي مقرر لجنة النهوض باللغة العربية برابطة الجامعات الإسلامية
»لم يعد لدينا من الوقت أو الترف ما يسمح بالتسويف والتأخير في محاولة إنقاذ التعليم العالي في العالم العربي والإسلامي مما أصابه من صور الضعف والتردي المتمثل في مدخلاته ومخرجاته علي السواء، ولذا وجب تجاوز ثقافة الكلام وتشخيص الحالة إلي طرح حلول علمية وعملية قابلة للتطبيق لعلها تسهم في تجاوز أزمة التعليم فتحيله بالفعل إلي قضية أمن قومي للبلاد العربية والإسلامية بشكل حقيقي بعيدًا عن الشعارات الجوفاء وثقافة الكلام«، وأضاف »وبإيجاز شديد يمكن تركيز الحلول فيما يلي: إيقاف سيل المؤتمرات والندوات حول مشكلات التعليم العالي وتحويل ما سبق رصده من توصيات ونتائج إلي برامج عمل ومشروعات تنفيذية عبر مراحل زمنية وموازنات مالية مناسبة من خلال التمويل الأهلي مع التمويل الحكومي (مشروعات قصيرة المدي / متوسطة الأجل / طويلة المدي)، وضمان الاستقلال التدريجي للجامعات من خلال مواردها الذاتية عبر المراكز البحثية وهيئاتها الاستشارية بما تقدمه كبيت خبرة للمؤسسات الصناعية وكبري الشركات بما يضمن عوائد مالية يمكن الاستفادة منها في تطوير الورش والمعامل وتحديث المؤسسات الجامعية بالإضافة إلي الاستقلال الكامل للجامعات عن هيمنة الدولة بما يضمن لها من الحرية الأكاديمية ومداخل التجديد والابتكار وحرية التفكير والتعبير ما يدفعها دفعًا إلي مسار التقدم، وتحويل الجامعات العربية والإسلامية من مدارس عليا للتعليم إلي ساحات للبحث عن المعرفة وإنتاج العلم من خلال مناهج عصرية تضمن التحول من الحفظ والاستظهار والتذكر إلي ثقافة النقد والتحليل وتنمية المهارات والقدرات الابتكارية للمبدعين والمتفوقين من طلاب الجامعات، والاهتمام بالتدريب المستمر للأساتذة من خلال تفعيل أخلاقيات البحث العلمي، والإفادة من الخبرات والتجارب لدي الجامعات المتقدمة سواء في مجال الجودة والاعتماد، أو توصيف المقررات الجامعية من حيث الفلسفة والأهداف، إلي الآليات والبرامج العملية إلي ثقافة الاختبارات وسبل التقويم مع استخدام تكنولوجيا العصر في التعليم الالكتروني والتعليم المستمر والتعليم عن بُعد، ودراسة فرص الأخذ بنظام الساعات المعتمدة، وتشعيب المحاضرات الكبري إلي مجموعات لتيسير التدريبات ومهارات البحث لدي الطلاب مع إعداد دورات للأساتذة حول أسس الإرشاد الأكاديمي والتنشيط الذهني للطلاب من واقع الأنشطة اللاصفية والتي تؤدي إلي اكتشاف المبدعين والموهوبين والمتميزين والمبتكرين من الطلاب، وإعادة دراسة واقع خريطة التعليم الفني وتطويره بشكل عصري وتكنولوجي مناسب، مع تغيير النظرة المجتمعية لخريجي التعليم الفني من حيث سوق العمل وتنمية المهارات وضمان كفاءة الأجور بما يدعو إلي تخفيف الأعداد في التعليم العالي، وهو ما نحتاجه في النظرة المستقبلية لحل مشكلة الأعداد في غياب وضوح الرؤية حول سياسات القبول بالجامعات من خلال اختبار لقدرات الطالب بما يتسق وطبيعة تخصصه العلمي الجامعي الدقيق، والاهتمام بربط التعليم العالي بالثقافة من عدة وجوه في صدارتها الثقافة الإسلامية والوطنية والقومية واللغوية والقانونية والبيئية بما يضمن صحة تكوين خريج الجامعة لأن يكون مثقفًا حقيقيًا من خلال مواد قرائية كافية حول تاريخ العلم إلي جانب تطوره في ظلال ثورة المعرفة والاتصالات، وتشجيع النشر العلمي لدي الخبراء والأساتذة من خلال الحافز المادي في توفير المصادر والمراجع والورش والمعامل، ثم النشر في المجلات الدولية، مع مراعاة الفروق بين العلوم التجريبية والعلوم الإنسانية ووضع أسس موضوعية لتصنيف الجامعات الإسلامية وفق معايير الجودة في مدخلاتها ومخرجاتها وأداء أساتذتها وتطور مناهجها، ووضع خطة بحثية وخريطة منهجية دقيقة للبحث العلمي في الجامعات العربية والإسلامية بما يخدم المجتمع الإقليمي والدولي ويحل مشكلاته بشكل علمي دقيق، مع دفع الأبحاث التطبيقية إلي الجهات التنفيذية للإفادة مما يرد فيها من حلول علمية، وكذا في الدراسات الإنسانية بما يضمن التجديد والابتكار، وينأي عن التكرار والاجترار مع الحزم الواجب في المحاسبة علي السرقات العلمية وحقوق الملكية الفكرية لدي الباحثين والأساتذة.
تحديد الهياكل الإدارية بالجامعات من خلال الميكنة وتعميم الحكومة الإلكترونية إلي جانب التدريب المستمر للكوادر الإدارية والهيئات المعاونة بما يسهم في تحقيق الجودة بالفعل، وإعداد أجيال واعدة من الطلاب والباحثين والإداريين الجدد.
حوار الشمال والجنوب
وفي إيطاليا أقيم أسبوع اللغة العربية والثقافة المصرية في الفترة من 12 - 14 نوفمبر 2012الماضي. تم افتتاح الأسبوع بكلمة ترحيب من رئيس جامعة سابينتسا ثم كلمة السفير المصري محمد فريد منيب ثم كلمة الملحق الثقافي د. عبدالرزاق عيد. ثم بدأت فعاليات الجلسة الأولي عن العلاقات الثقافية والعلمية بين مصر وإيطاليا: الواقع والآفاق تقديم الملحق الثقافي المصري وكان المتحدثون جميعًا من الجانب الإيطالي (رئيس جامعة سابينا للأجانب، رئيس جامعة أوني نيتونو الإلكترونية الدولية، نائب رئيس جامعة سابنيتسا، مندوب وزارة التعليم والجامعات والبحث بإيطاليا، ممثل وزارة الخارجية الإيطالية، ممثل العلاقات الدولية ببلدية روما العاصمة، والسكرتير العام لاتحاد الجامعات المتوسطة).
ومن أهم الملاحظات علي حواراتهم : الحرص علي تدريس اللغة العربية لغة ثانية بالجامعات الإيطالية، ضرورة تفعيل الاتفاقيات الثقافية والعلمية بين الجامعات المصرية والإيطالية (80 اتفاقية)، التوسع في مشاريع التبادل الطلابي وتعزيز دور الاتحاد الأوربي في هذه الأنشطة، ثم اقتراح تعميم تقرير هذا الأسبوع من خلال وزارة التعليم العالي علي المكاتب الثقافية لإعداد نظائر له من جانب، والإفادة من مخرجاته من جانب آخر، مع ضرورة التوسع في موضوع الحوار بين الشمال والجنوب.
وشارك في الجلسة الثانية وموضوعها "الأدب العربي والأدب الإيطالي : الواقع والآفاق " من الجانب المصري د. عبدالله التطاوي، والكاتب الروائي صنع الله إبراهيم، ومن الجانب الإيطالي ممثل جامعة نابولي، وجامعة ماتشيرتا، ودارت كلمة الأديب صنع الله إبراهيم حول مميزات ثورة 25 يناير من السلمية وحضور المرأة، ثم ما تلاها من محاولات العدوان علي حقوق المرأة المصرية، وقد أرخ لها منذ عهد عبدالناصر وصولاً إلي أكاذيب الإعلام في العهد السابق، ومنتهيًا إلي رواية " ذات" وكيف كانت عن عودة الأميرة ذات الهمة في السير الشعبية مستعرضًا موضوع الحداثة العربية والعلاقة بين الوطن والحكي ورمز المدينة وتاريخ الرواية المصرية، فيما تناولت محاضرة الدكتور عبدالله التطاوي عرض خلاصة بحثه حول إعادة قراءة تاريخ الأدب العربي من خلال مدارسه الأدبية والنقدية مُركزًا العرض حول فكرة المدرسة الأدبية ومصادرها ومعطياتها، ومرتكزات نشأة المدرسة الأدبية في ضوء: كثرة رواية الشعر في العصر الشفاهي، صقل الموهبة والملكة اللغوية، ترسب الموروث في اللاوعي، استيعاب الجديد عبر جداول الفكر.
السمات الفنية للشعر العربي
التطاوي أضاف: هذا يعني أن لكل مرحلة عطاءها الفني بين عدد من المدارس والاتجاهات الفنية بما لا يوقف التجديد علي شعراء العصور العباسية مع ظهور المحدثين أو المولدين، حيث يظل الصحيح في دراسة الأدب العربي من خلال السمات الفنية والقسمات البارزة لتلك المدارس التي تزيد علي عشرين مدرسة في تاريخ الإبداع الشعري عند العرب أن تبدأ من عصورها الأولي. فهناك: مدرسة الشعر القبلي المبكر في العصر الجاهلي موزعة بين الأولية وما بعدها حيث فناء الذات الفردية في المجموع القبلي، ومدرسة الشعر الفردي المضاد للنظام القبلي والعقد الاجتماعي والعقد الفني مصحوبًا بإعلان الثورة علي الطبقية والفقر لدي العبيد والصعاليك وغيرهم، ومدرسة الطبع والارتجال والعفوية مع ظهور المقطعات والقصائد وشيوع التشبيهات الحسية المنتزعة من ثقافة الصحراء، ومدرسة الصنعة والتمهل والتروي وتنقيح الشعر وتجويده، وصناعة الصورة من المنظور التشبيهي المركب موزعًا بين التمثيلي والضمني أو الأنماط الاستعارية والكنايات والدلالات الرمزية للصورة، ومدرسة الوثنية القرشية التي جنحت إلي النمطية والتقليد فكانت امتدادًا لمدرستي الطبع والصنعة، مع تعديل جوهري في المحتوي منذ إعلان العداء المطلق للإسلام حيث اجتمع شعراء الشرك واليهودية ضد الدين الجديد بكل قيمه وأخلاقياته ومعاجمه وشعرائه، والمدرسة المدنية بفرعَيْها من شعراء مخضرمين ممن اكتمل لهم النضج الفني في العصر الجاهلي، وأضافوا إلي موجبه القيم المستحدثة في الإسلام فكان من شعرائها من أحسن الرد علي هجاء مشركي مكة، وكان منهم من شفي واشتفي بحكم خبرته وإلمامه بأحسابهم وأنسابهم علي طريقة حسان بن ثابت الأنصاري، ومدرسة الشعر السياسي في العصر الأموي حول نظرية الحكم وتوريث الخلافة والتأثر بالأنظمة الفارسية من فكرة الحق المقدس، والتفويض الإلهي وما كان لهذه المدرسة من دور في تحول الشعر إلي أدب الاحتجاج والمناظرة ولغة الإقناع بما فيها من الخطابية والمباشرة والتوكيد وصيغ الإنشائية التي تتباري فيها شعراء هذا الاتجاه، ومدارس الشعر المعارضة للخلافة ونظرياتها السياسية مع الترويج لمبادئ كل فرقة سياسية بحكم منطقها ومبادئها علي غرار ما ظهر من ترويج لمبادئ نظرية الخوارج والشيعة والزبيريين، وكل منها مدرسة لها مقومامتها وملامحها الفنية المميزة لشعرائها، ولها أيضًا مضامينها ومشكلاتها التي تتطلب التزام الشاعر منهم بمبادئ حزبه بما يتطلب تفنيد نظريات الخصوم بالضرورة، ومدارس شعر الفرق الإسلامية علي اختلاف مشاربها الفكرية وجداولها الثقافية بين المرجئة والقدرية والجبرية والمعتزلة والزهاد ليظل لكل فرقة شعراؤها ولكل مدرسة منها ما يميزها عن غيرها، ومدارس الإبداع الحضاري والثقافي في العصر العباسي.
في الجامعة الفرنسية
وفي هذا الاطار.. احتفلت الجامعة الفرنسية بالقاهرة، باليوم العالمي للغة العربية، في حضور رئيسها والسفير عمرو موسي، ومندوب عن وزير الخارجية، وقد وجهت الدعوة لرئيس مجمع اللغة العربية، ولانقاذ الموقف أناب المجمع الأستاذ الدكتور مصطفي لبيب، عضو مجلس المجمع، ليلقي كلمة نيابة عن رئيس المجمع الغائب، أكد فيها د.لبيب أن لغتنا العربية التي تتميز بثراء معجمها، ومرونة اشتقاقاتها، وأحكام تراكيبها ورشاقة أساليبها، وسماحتها في الأخذ والعطاء، قد تجاوزت نطاق المحلية الي العالمية، وبلغت بفضل القرآن من الاتساع مدي لا تكاد تعرفه لغات أخري.
مشيرا الي أنه علي امتداد أربعة عشر قرنا أو يزيد، ظل أدبها الرفيع القدر ملهما للوجدان الانساني، ولها عند أبنائها أعمق الأثر في تكوين العقلية، وتدبير الفكر، وهداية السلوك، ولا ريب في أن للغة العربية فضلا عميما علي الثقافة الانسانية، فهي التي صانت - في عملية نقل هائلة وغير مسبوقة في التاريخ - روائع التراث القديم من مظالمه العديدة، وبعضه قد فقد في لغاته الأصيلة.
ويواصل د.لبيب: كما حققت العربية، بفضل عملية النقل هذه، وحدة الثقافة الانسانية، انتاجا، وتعبيرا، فأصبحت العربية لغة العقيدة، ولغة المعرفة، ولغة التعبير الجميل عن الشعور الصادق. ولقد كان لمجمع اللغة العربية بالقاهرة منذ انشائه عام 1932، دور مشهود في الدفاع عن العربية، والكشف عن دررها الكامنة، مع الحرص علي تحقيق التوازن الرشيد بين ماضيها وحاضرها، والعمل الدءوب علي اثراء معجمها بألفاظ الحضارة الحادثة، وإنجاز المعاجم اللازمة لذلك، ومجمع القاهرة دائم الترحيب بمد جسور التعاون المثمر مع الهيئات العلمية المحلية والعالمية ذات الصلة، من أجل الحفاظ علي عزة اللغة العربية، ورفعة شأنها، والتأكيد علي كونها العروة الوثقي، بين أبنائها، ومرآة هويتهم، ومنطق ابداعهم المنشود، وانا لنرجو أن تتضافر جهود المخلصين ليظل للعربية فضل يفوق ما كان لها في عصور ازدهارها.
العالم يحتفي باللغة العربية 2012
جزء من العالم، خلال الأيام الأخيرة، كان منشغلاً بأسطورة شعب المايا، التي تؤكد نهاية العالم خلال ديسمبر الجاري، ولكن جزءاً آخر منه كان مهتماً بشيء حيّ، لن تقوم قيامته أبداً، لأنه مرتبط بالقرآن الكريم، وبأكثر من مليار شخص، وبالطبع نقصد اللغة العربية. الثلاثاء قبل الماضي، 18 ديسمبر، كان اليوم الذي قررته الأمم المتحدة للاحتفاء باللغة العربية باعتبارها اللغة السادسة علي المستوي العالمي، وفي هذا الموعد، وقبله أيضاً، أقيم عدد كبير من الأنشطة، في مصر وفرنسا وإيطاليا والأردن، وفي تلك المساحة تلقي »أخبار الأدب« الضوء عليها.
إعلاء شأن اللغة
البداية من المجلس الأعلي للثقافة، حيث أقامت لجنة »النهوض باللغة العربية« بالاشتراك مع رابطة الجامعات الإسلامية والمجلس الأعلي للثقافة مؤتمراً، الأربعاء قبل الماضي تحت عنوان »اللغة العربية : المشكلات وآفاق التطور«، وانتهي المؤتمر إلي إصدار عدد من التوصيات منها، اعتبار اليوم العالمي للغة العربية مناسبة قومية يجب الحشد لها إعلاميًا وتربويًا لإعلاء شأن اللغة لدي الناشئة في اليوم الدراسي ترسيخًا للهوية والانتماء من خلال حصص اللغة العربية والأنشطة اللاصفية بمختلف المراحل التعليمية بالمدارس، ومناشدة المجمع اللغوي بأن يضع من اللوائح والأنظمة ما يتيح التفاعل مع الجماهير والمؤسسات والهيئات مع التوسع في فتح باب العضوية، ومناشدة وزارة التربية والتعليم ودراسة صيغ تفعيل مقررات مجمع اللغة العربية بالحرص علي ضبط الكتب المدرسية حتي المرحلة الثانوية ضمانًا لسلامة الألسنة، وتقويمًا لقدرات المتحدثين والكاتبين بالعربية، وتحويل مواد الدستور الخاصة باللغة العربية إلي قوانين وتشريعات ملزمة للكافة مع رصد العقوبة الرادعة للمخالفين، وسن القوانين التي تلزم المؤسسات التعليمية القائمة علي أرض الوطن بتدريس العربية كمقرر قومي إلزامي بما في ذلك المدارس الأجنبية والجامعات الجنبية.
من ضمن التوصيات أيضاً إلزام مؤلفي مقررات اللغة العربية بتفعيل قرارات مجمع اللغة العربية، خاصة في تيسير النحو التعليمي والألفاظ والأساليب وصيغ البلاغة العربية، وتعميم مشروع معمل اللغة العربية من خلال المعالجة الآلية للنصوص، ودراسة النحو الوظيفي والجملة من خلال النص، وإنشاء مجلس قومي عربي للغة العربية يتابع رصد الحالة اللغوية وينسق مع مجامع اللغة العربية في سبيل تنفيذ توصياتها كما ينسق مع المجلس الدولي للغة العربية حيث ترسل له هذه التوصيات مع استقبال ما يصدره من مشروعات وبرامج في خدمة قضايا اللغة العربية، وإصدار قانون حكومي بكتابة الأسماء بالعربية وبجوارها بخط أصغر باللغة الأجنبية تيسيرًا علي السائحين، والاهتمام بتدريب الإعلاميين علي تصحيح الأخطاء الشائعة مع تعيين مصحح لغوي بكل قناة لتصحيح الأخطاء علي شريط الأخبار والإعلانات، واهتمام وزارة التربية والتعليم بتبسيط قواعد النحو والصرف وقواعد الإملاء والترقيم، مع تعميم معجم الجيب وتدريب التلاميذ عليه في سن مبكرة حتي يستفاد منه لدي الناشئة، ومتابعة جهود جمعية تعريب العلوم وتقويم تجارب الدول العربية في مسألة التعريب ونقل التكنولوجيا وتوطين المعرفة بما يقدم خطوة نحو إنتاج العلم والمشاركة في عالم المعرفة، ونشر الثقافات المتجددة حول هندسة اللغة وعمل المعاجم والذخائر اللغوية لتيسير تعليم العربية للناشئة، وضرورة الاهتمام بفن الخط العربي والسعي الدؤوب لإحيائه مع التوسع في إنشاء مدارس الخطوط العربية ودعم المدارس القائمة حاليًا مع فتح مجال للوقف الإسلامي في فرع منه لدعم مشروعات الخط العربي، ودعم المشروع القومي للترجمة لمزيد من انفتاح العربية علي غيرها من لغات العالم والتعرف علي علومه ومعارفه، وتزويد الجاليات الإسلامية بمدرسي اللغة العربية لإعداد دورات تدريبية للطلاب المسلمين بالدول المختلفة حيث تهتم هذه الدول بالعربية وتعليمها لأبنائها.
أزمة المناهج
وفي العاصمة الأردنية عمّان أقام المجلس التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية مؤتمراً في اليوم ذاته، شهد عدة جلسات بحثية، ناقشت الأولي الحالة اللغوية في العالم العربي والإسلامي وما وصلت إليه من التردي والتدهور في مراحل التعليم العام والعالي، وفي اليوم الثاني طُلب من مقرر اللجنة المشاركة في جلسة تطوير التعليم العالي بالعالمين العربي والإسلامي حيث استعرض في ورقته القضايا الآتية: أسباب تردي التعليم العالي علي ضوء أزمة المناهج والأساتذة والطلاب وتقصير المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية في التحديث والتطوير المناسب، وسبل الخروج من الأزمة من خلال مشروعات التطوير واستراتيجية التحديث النوعي للخريج الجامعي اتساقًا مع خريطة سوق العمل، ودراسة تاريخ العلوم والثقافات العصرية الضرورية بما يفي باحتياجات المرحلة ورؤي المستقبل، ودور الجامعات في البحث العلمي وخدمة المجتمع وحل مشكلاته من أزمات الفقر والجهل والأمية والإدمان والبطالة والتلوث البيئي، إلي غير ذلك من قضايا تتولاها البحوث الجامعية، وتلتزم بنتائجها الجهات التنفيذية في كل دولة وفقًا لأدوات العمل والإنجاز بها.، وتبادل الخبرات والتجارب والرؤي والأفكار بين الجامعات العربية والإسلامية حول اللوائح وتوصيف المقررات وبرامج الجودة والاعتماد للدخول في التصنيف العالمي للجامعات علي منهجية جامعة القاهرة بما أحرزته من دخولها في تصنيف شنغهاي والمحافظة علي موقعها حتي هذا العام، وكذا دخول جامعة الملك سعود بالرياض في هذا التصنيف العالمي مؤخرًا، وتطوير التعليم الفني وإعداد خريجيه تكنولوجيًا ومهاريًا للمشاركة في سوق العمل، مع تغيير النظرة المجتمعية لخريجيه تمهيدًا لتخفيف أعداد طلاب الجامعات للنظر في تشعيبهم وفرص تدريبهم بشكل منهجي مناسب عبر تفعيل الإرشاد الأكاديمي والساعات المكتبية والأنشطة المختلفة مع تطبيق معايير الجودة من خلال نسبة الأساتذة للطلاب ومحاولة تطبيق نظام الساعات المعتمدة مع التدريب المهاري والبحثي للطلاب بالشكل العصري المرتقب، والتفرقة بين تعليم اللغة والتعليم باللغة مع الحرص علي تعليم اللغات الأجنبية دون المساس باللغة القومية، مع دراسة متأنية لمسألة تعريب العلوم في ضوء نقل التكنولوجيا وإنتاج العلم والمشاركة الجادة في التراكم المعرفي المذهل والمتجدد كل يوم.
إنقاذ التعليم العالي
من جهته قال د. عبدالله التطاوي مقرر لجنة النهوض باللغة العربية برابطة الجامعات الإسلامية
»لم يعد لدينا من الوقت أو الترف ما يسمح بالتسويف والتأخير في محاولة إنقاذ التعليم العالي في العالم العربي والإسلامي مما أصابه من صور الضعف والتردي المتمثل في مدخلاته ومخرجاته علي السواء، ولذا وجب تجاوز ثقافة الكلام وتشخيص الحالة إلي طرح حلول علمية وعملية قابلة للتطبيق لعلها تسهم في تجاوز أزمة التعليم فتحيله بالفعل إلي قضية أمن قومي للبلاد العربية والإسلامية بشكل حقيقي بعيدًا عن الشعارات الجوفاء وثقافة الكلام«، وأضاف »وبإيجاز شديد يمكن تركيز الحلول فيما يلي: إيقاف سيل المؤتمرات والندوات حول مشكلات التعليم العالي وتحويل ما سبق رصده من توصيات ونتائج إلي برامج عمل ومشروعات تنفيذية عبر مراحل زمنية وموازنات مالية مناسبة من خلال التمويل الأهلي مع التمويل الحكومي (مشروعات قصيرة المدي / متوسطة الأجل / طويلة المدي)، وضمان الاستقلال التدريجي للجامعات من خلال مواردها الذاتية عبر المراكز البحثية وهيئاتها الاستشارية بما تقدمه كبيت خبرة للمؤسسات الصناعية وكبري الشركات بما يضمن عوائد مالية يمكن الاستفادة منها في تطوير الورش والمعامل وتحديث المؤسسات الجامعية بالإضافة إلي الاستقلال الكامل للجامعات عن هيمنة الدولة بما يضمن لها من الحرية الأكاديمية ومداخل التجديد والابتكار وحرية التفكير والتعبير ما يدفعها دفعًا إلي مسار التقدم، وتحويل الجامعات العربية والإسلامية من مدارس عليا للتعليم إلي ساحات للبحث عن المعرفة وإنتاج العلم من خلال مناهج عصرية تضمن التحول من الحفظ والاستظهار والتذكر إلي ثقافة النقد والتحليل وتنمية المهارات والقدرات الابتكارية للمبدعين والمتفوقين من طلاب الجامعات، والاهتمام بالتدريب المستمر للأساتذة من خلال تفعيل أخلاقيات البحث العلمي، والإفادة من الخبرات والتجارب لدي الجامعات المتقدمة سواء في مجال الجودة والاعتماد، أو توصيف المقررات الجامعية من حيث الفلسفة والأهداف، إلي الآليات والبرامج العملية إلي ثقافة الاختبارات وسبل التقويم مع استخدام تكنولوجيا العصر في التعليم الالكتروني والتعليم المستمر والتعليم عن بُعد، ودراسة فرص الأخذ بنظام الساعات المعتمدة، وتشعيب المحاضرات الكبري إلي مجموعات لتيسير التدريبات ومهارات البحث لدي الطلاب مع إعداد دورات للأساتذة حول أسس الإرشاد الأكاديمي والتنشيط الذهني للطلاب من واقع الأنشطة اللاصفية والتي تؤدي إلي اكتشاف المبدعين والموهوبين والمتميزين والمبتكرين من الطلاب، وإعادة دراسة واقع خريطة التعليم الفني وتطويره بشكل عصري وتكنولوجي مناسب، مع تغيير النظرة المجتمعية لخريجي التعليم الفني من حيث سوق العمل وتنمية المهارات وضمان كفاءة الأجور بما يدعو إلي تخفيف الأعداد في التعليم العالي، وهو ما نحتاجه في النظرة المستقبلية لحل مشكلة الأعداد في غياب وضوح الرؤية حول سياسات القبول بالجامعات من خلال اختبار لقدرات الطالب بما يتسق وطبيعة تخصصه العلمي الجامعي الدقيق، والاهتمام بربط التعليم العالي بالثقافة من عدة وجوه في صدارتها الثقافة الإسلامية والوطنية والقومية واللغوية والقانونية والبيئية بما يضمن صحة تكوين خريج الجامعة لأن يكون مثقفًا حقيقيًا من خلال مواد قرائية كافية حول تاريخ العلم إلي جانب تطوره في ظلال ثورة المعرفة والاتصالات، وتشجيع النشر العلمي لدي الخبراء والأساتذة من خلال الحافز المادي في توفير المصادر والمراجع والورش والمعامل، ثم النشر في المجلات الدولية، مع مراعاة الفروق بين العلوم التجريبية والعلوم الإنسانية ووضع أسس موضوعية لتصنيف الجامعات الإسلامية وفق معايير الجودة في مدخلاتها ومخرجاتها وأداء أساتذتها وتطور مناهجها، ووضع خطة بحثية وخريطة منهجية دقيقة للبحث العلمي في الجامعات العربية والإسلامية بما يخدم المجتمع الإقليمي والدولي ويحل مشكلاته بشكل علمي دقيق، مع دفع الأبحاث التطبيقية إلي الجهات التنفيذية للإفادة مما يرد فيها من حلول علمية، وكذا في الدراسات الإنسانية بما يضمن التجديد والابتكار، وينأي عن التكرار والاجترار مع الحزم الواجب في المحاسبة علي السرقات العلمية وحقوق الملكية الفكرية لدي الباحثين والأساتذة.
تحديد الهياكل الإدارية بالجامعات من خلال الميكنة وتعميم الحكومة الإلكترونية إلي جانب التدريب المستمر للكوادر الإدارية والهيئات المعاونة بما يسهم في تحقيق الجودة بالفعل، وإعداد أجيال واعدة من الطلاب والباحثين والإداريين الجدد.
حوار الشمال والجنوب
وفي إيطاليا أقيم أسبوع اللغة العربية والثقافة المصرية في الفترة من 12 - 14 نوفمبر 2012الماضي. تم افتتاح الأسبوع بكلمة ترحيب من رئيس جامعة سابينتسا ثم كلمة السفير المصري محمد فريد منيب ثم كلمة الملحق الثقافي د. عبدالرزاق عيد. ثم بدأت فعاليات الجلسة الأولي عن العلاقات الثقافية والعلمية بين مصر وإيطاليا: الواقع والآفاق تقديم الملحق الثقافي المصري وكان المتحدثون جميعًا من الجانب الإيطالي (رئيس جامعة سابينا للأجانب، رئيس جامعة أوني نيتونو الإلكترونية الدولية، نائب رئيس جامعة سابنيتسا، مندوب وزارة التعليم والجامعات والبحث بإيطاليا، ممثل وزارة الخارجية الإيطالية، ممثل العلاقات الدولية ببلدية روما العاصمة، والسكرتير العام لاتحاد الجامعات المتوسطة).
ومن أهم الملاحظات علي حواراتهم : الحرص علي تدريس اللغة العربية لغة ثانية بالجامعات الإيطالية، ضرورة تفعيل الاتفاقيات الثقافية والعلمية بين الجامعات المصرية والإيطالية (80 اتفاقية)، التوسع في مشاريع التبادل الطلابي وتعزيز دور الاتحاد الأوربي في هذه الأنشطة، ثم اقتراح تعميم تقرير هذا الأسبوع من خلال وزارة التعليم العالي علي المكاتب الثقافية لإعداد نظائر له من جانب، والإفادة من مخرجاته من جانب آخر، مع ضرورة التوسع في موضوع الحوار بين الشمال والجنوب.
وشارك في الجلسة الثانية وموضوعها "الأدب العربي والأدب الإيطالي : الواقع والآفاق " من الجانب المصري د. عبدالله التطاوي، والكاتب الروائي صنع الله إبراهيم، ومن الجانب الإيطالي ممثل جامعة نابولي، وجامعة ماتشيرتا، ودارت كلمة الأديب صنع الله إبراهيم حول مميزات ثورة 25 يناير من السلمية وحضور المرأة، ثم ما تلاها من محاولات العدوان علي حقوق المرأة المصرية، وقد أرخ لها منذ عهد عبدالناصر وصولاً إلي أكاذيب الإعلام في العهد السابق، ومنتهيًا إلي رواية " ذات" وكيف كانت عن عودة الأميرة ذات الهمة في السير الشعبية مستعرضًا موضوع الحداثة العربية والعلاقة بين الوطن والحكي ورمز المدينة وتاريخ الرواية المصرية، فيما تناولت محاضرة الدكتور عبدالله التطاوي عرض خلاصة بحثه حول إعادة قراءة تاريخ الأدب العربي من خلال مدارسه الأدبية والنقدية مُركزًا العرض حول فكرة المدرسة الأدبية ومصادرها ومعطياتها، ومرتكزات نشأة المدرسة الأدبية في ضوء: كثرة رواية الشعر في العصر الشفاهي، صقل الموهبة والملكة اللغوية، ترسب الموروث في اللاوعي، استيعاب الجديد عبر جداول الفكر.
السمات الفنية للشعر العربي
التطاوي أضاف: هذا يعني أن لكل مرحلة عطاءها الفني بين عدد من المدارس والاتجاهات الفنية بما لا يوقف التجديد علي شعراء العصور العباسية مع ظهور المحدثين أو المولدين، حيث يظل الصحيح في دراسة الأدب العربي من خلال السمات الفنية والقسمات البارزة لتلك المدارس التي تزيد علي عشرين مدرسة في تاريخ الإبداع الشعري عند العرب أن تبدأ من عصورها الأولي. فهناك: مدرسة الشعر القبلي المبكر في العصر الجاهلي موزعة بين الأولية وما بعدها حيث فناء الذات الفردية في المجموع القبلي، ومدرسة الشعر الفردي المضاد للنظام القبلي والعقد الاجتماعي والعقد الفني مصحوبًا بإعلان الثورة علي الطبقية والفقر لدي العبيد والصعاليك وغيرهم، ومدرسة الطبع والارتجال والعفوية مع ظهور المقطعات والقصائد وشيوع التشبيهات الحسية المنتزعة من ثقافة الصحراء، ومدرسة الصنعة والتمهل والتروي وتنقيح الشعر وتجويده، وصناعة الصورة من المنظور التشبيهي المركب موزعًا بين التمثيلي والضمني أو الأنماط الاستعارية والكنايات والدلالات الرمزية للصورة، ومدرسة الوثنية القرشية التي جنحت إلي النمطية والتقليد فكانت امتدادًا لمدرستي الطبع والصنعة، مع تعديل جوهري في المحتوي منذ إعلان العداء المطلق للإسلام حيث اجتمع شعراء الشرك واليهودية ضد الدين الجديد بكل قيمه وأخلاقياته ومعاجمه وشعرائه، والمدرسة المدنية بفرعَيْها من شعراء مخضرمين ممن اكتمل لهم النضج الفني في العصر الجاهلي، وأضافوا إلي موجبه القيم المستحدثة في الإسلام فكان من شعرائها من أحسن الرد علي هجاء مشركي مكة، وكان منهم من شفي واشتفي بحكم خبرته وإلمامه بأحسابهم وأنسابهم علي طريقة حسان بن ثابت الأنصاري، ومدرسة الشعر السياسي في العصر الأموي حول نظرية الحكم وتوريث الخلافة والتأثر بالأنظمة الفارسية من فكرة الحق المقدس، والتفويض الإلهي وما كان لهذه المدرسة من دور في تحول الشعر إلي أدب الاحتجاج والمناظرة ولغة الإقناع بما فيها من الخطابية والمباشرة والتوكيد وصيغ الإنشائية التي تتباري فيها شعراء هذا الاتجاه، ومدارس الشعر المعارضة للخلافة ونظرياتها السياسية مع الترويج لمبادئ كل فرقة سياسية بحكم منطقها ومبادئها علي غرار ما ظهر من ترويج لمبادئ نظرية الخوارج والشيعة والزبيريين، وكل منها مدرسة لها مقومامتها وملامحها الفنية المميزة لشعرائها، ولها أيضًا مضامينها ومشكلاتها التي تتطلب التزام الشاعر منهم بمبادئ حزبه بما يتطلب تفنيد نظريات الخصوم بالضرورة، ومدارس شعر الفرق الإسلامية علي اختلاف مشاربها الفكرية وجداولها الثقافية بين المرجئة والقدرية والجبرية والمعتزلة والزهاد ليظل لكل فرقة شعراؤها ولكل مدرسة منها ما يميزها عن غيرها، ومدارس الإبداع الحضاري والثقافي في العصر العباسي.
في الجامعة الفرنسية
وفي هذا الاطار.. احتفلت الجامعة الفرنسية بالقاهرة، باليوم العالمي للغة العربية، في حضور رئيسها والسفير عمرو موسي، ومندوب عن وزير الخارجية، وقد وجهت الدعوة لرئيس مجمع اللغة العربية، ولانقاذ الموقف أناب المجمع الأستاذ الدكتور مصطفي لبيب، عضو مجلس المجمع، ليلقي كلمة نيابة عن رئيس المجمع الغائب، أكد فيها د.لبيب أن لغتنا العربية التي تتميز بثراء معجمها، ومرونة اشتقاقاتها، وأحكام تراكيبها ورشاقة أساليبها، وسماحتها في الأخذ والعطاء، قد تجاوزت نطاق المحلية الي العالمية، وبلغت بفضل القرآن من الاتساع مدي لا تكاد تعرفه لغات أخري.
مشيرا الي أنه علي امتداد أربعة عشر قرنا أو يزيد، ظل أدبها الرفيع القدر ملهما للوجدان الانساني، ولها عند أبنائها أعمق الأثر في تكوين العقلية، وتدبير الفكر، وهداية السلوك، ولا ريب في أن للغة العربية فضلا عميما علي الثقافة الانسانية، فهي التي صانت - في عملية نقل هائلة وغير مسبوقة في التاريخ - روائع التراث القديم من مظالمه العديدة، وبعضه قد فقد في لغاته الأصيلة.
ويواصل د.لبيب: كما حققت العربية، بفضل عملية النقل هذه، وحدة الثقافة الانسانية، انتاجا، وتعبيرا، فأصبحت العربية لغة العقيدة، ولغة المعرفة، ولغة التعبير الجميل عن الشعور الصادق. ولقد كان لمجمع اللغة العربية بالقاهرة منذ انشائه عام 1932، دور مشهود في الدفاع عن العربية، والكشف عن دررها الكامنة، مع الحرص علي تحقيق التوازن الرشيد بين ماضيها وحاضرها، والعمل الدءوب علي اثراء معجمها بألفاظ الحضارة الحادثة، وإنجاز المعاجم اللازمة لذلك، ومجمع القاهرة دائم الترحيب بمد جسور التعاون المثمر مع الهيئات العلمية المحلية والعالمية ذات الصلة، من أجل الحفاظ علي عزة اللغة العربية، ورفعة شأنها، والتأكيد علي كونها العروة الوثقي، بين أبنائها، ومرآة هويتهم، ومنطق ابداعهم المنشود، وانا لنرجو أن تتضافر جهود المخلصين ليظل للعربية فضل يفوق ما كان لها في عصور ازدهارها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.