وفيق سليطين يخرجونَ من الموتْ يخرجون إليه.. خليينَ منهُ، يرفُّ الحمامُ عليهمْ.. وينكسرُ الظلُّ نحوَهُمُ من سقوفِ البيوتْ. يخرجونَ علي الموتِ من حَدَقاتِ الأمومةِ من لوعةِ البحرِ تحت الحصارِ ومن آيةٍ في الجدارِ معلَّقةٍ فوق أنقاض أحلامهمْ.. يخرجون. يغلبونَ دماً يتراجعُ فيهمْ إلي القبوِ منهمْ فلا عاصمَ اليومَ.. لا ديدبانَ علي شرفةِ الموتِ مُبتكَراً.. يخرجونَ إليهِ حياةً.. ملاذاً من الموتِ يلتجئون إليهِ يعيدونَ تسميةَ المفردات القديمةِ يستبدلونَ بآياتهم آيةً من دمٍ خارجٍ عنهمُ.. من كلامِ الخروج الذي روَّضتْهُ القواميسُ فيهمْ. به يخرجونَ إليهم.. وفيه، بما كانَ من جلدهم، يخرجونْ. الخروجُ الذي تستعيدُ به الأرضُ دورتَها والعصافيرُ أحلامَها بالفضاءِ.. فضاءِ الخروج الذي انقدَّ من غِلِّهمْ وفضاءِ الخروج الذي يتخارجُ من نفسهِ في الخروج الذي يتأهَّبُ فيه الخروجْ. سَنُعِدُّ لهم باقةً من أريج التباريحِ مكتومةً في الوجوهِ ومِنْ قبلها سَنُعِدُّ الزمنْ ونصوّبهُ نحو ترحالنا في النشيدِ إلي وطنٍ في الوطنْ. سَنُعِدُّ لنجواهمُ قمراً في الليالي ونُلقي عليهِ نهاراً من الوهمِ في مهرجان الخروجْ. السماواتُ مرميّةٌ فوق حقل البنفسجِ وقتُ الحصادِ دنا.. والإذاعاتُ تنثرُ أملاحَها، فأَعِدُّوا لجرحِ الندي ما يليقُ به من كَفَنْ!. سيخرجُ من اسمهِ حجرٌ في الضريحِ يئزُّ... سيخرج من رسمهِ المتشيّئِ، من رَمْسهِ.. ويدورُ عليكمْ. يدورُ... ويخرجُ من حدّ آلتهِ في الخروج الذي يتقدَّمُ معناهُ.. يبدعُ فينا الخروجَ الذي سوف يخرجُ من خرقةِ الأرضِ.. خَفَّاقةً فوق أشلائها في الصعيدْ. الخروج القريبُ بعيدٌ وأبعدُ من شهوةِ الموتِ أَنفذُ من شهقةِ الحبّ في الحربِ أَبعدُ.. أَنفذُ.. أَجْلي.. الخروجُ القريبُ بعيدٌ وبعيدُ الخروجِ قريبٌ كحبل الوريدْ. خارجونَ ومعطفُنا الريحُ.. صوتُ الثكالي! خارجونَ.. وملعبُنا في دمانا! خارجونَ.. وفي زمنٍ خارجٍ عن شريعتهِ في الخروجْ. الشوارعُ تخلعُ قمصانَها الأغاريدُ تحضنُ أشجانَها والحديقةُ تخرجُ من شجرٍ ناهضٍ خلفَ ماءِ الفصولْ!. خارجونَ.. جرائدهم ما تزال تُثبِّتُ صورتَهم في الطلولْ. ويهتزُّ مهدُ الطفولةِ ماذا تقول الطفولةُ فيهمْ؟ وماذا يقول جرادُ المدافع في الحقلِ.. وماذا تقولُ جحافلُ هذا الهشيمِ الكريمِ..! وماذا.. لمنْ بَعْدُ.. ماذا نقولْ؟! خارجونَ.. سنخرجُ عن حدّنا في الخروجِ فهاتوا أفانينَ أسلافكمْ قد حملنا لها النَّطْعَ حتي نخفّف عنكمْ قِري الضيفِ في الصيفِ يا أهلنا الأقربينْ!. خارجونَ.. ستُمطرُ فينا الأغاني.. ونمتشقُ الروحَ من رفّةِ الأرض فيها، وتفتحُ شاهدةُ القبرِ زهرتَها مرفأً للعبورِ ستُمطرُ من أمسها غَدنَا.. وتحرّضُ في الشوكِ درباً إلي شرعةِ الياسمينْ!. خارجونَ.. سنُمطرُ.. هذا الخروجُ عروجٌ.. وهذا العروجُ.. خروجٌ إلي وطنٍ في الضَّميرْ!.