وكأن القدر ساق لي د. محمد العماري، لعله يتبني مبادرة ترفع عن كاهل ضحايا الأمراض المزمنة مالايطيقونه. 13 إبريل: أمتع أوقاتي تلك التي أعيشها بين الأوراق. مع إيقاع الحياة السريع، والاعباء اليومية المتراكمة، لا أجد إلا يومي الجمعة و السبت لأمارس هوايتي الاثيرة، مطالعة ما لم أستطع أن اتابعه من مخزون الجرائد والمجلات والكتب علي مدار أيام الاسبوع، وربما لأسبوعين أو أكثر إذا طرأ ما يحرمني من أجمل هواياتي؛ معايشة الورق المطبوع. أتخلص من بعضها، واحتفظ بالقليل، واحياناً ما أجد بينها ما يستحق القراءة المتأنية، لكن وقتي- حينها- لم يسنح. الصدفة وحدها دست لي ورقة من جريدة الأخبار تحمل سطورها حواراً مع الطبيب المؤتمن علي صحة المصريين، باعتباره الممثل الأول عن الشعب في قطاع الصحة، بحكم موقعه رئيساً للجنتها بالبرلمان. ثم إن د.محمد العماري يُثمن قانون التأمين الصحي الشامل كأهم إنجاز حققه في مشواره البرلماني، ويري ان المنظومة الصحية في النقاهة، ويتوقع أن تتعافي قريباً. وكأن القدر ساق لي د.العماري، لعله يتبني - من موقعه- مبادرة ترفع عن كاهل ضحايا الامراض المزمنة مالا يطيقونه، خلال رحلة عذاب كل 3 شهور لتجديد صرف أدويتهم! أشرت مرات عدة -ولست وحدي- إلي أن تعديل نظام تجديد صرف الدواء من 6 شهور أو عام الي 3 شهور فقط لأصحاب الامراض المزمنة، فضلاً عن كونه غير واقعي فهو غير آدمي تماماً، لاسيما أن هؤلاء الضحايا يعانون لعقود من أمراضهم، ومن غير المعقول أن تتطور حالتهم للأحسن في 3شهور. نقلت للوزيرة د.هالة زايد جانباً مما يعانيه ضحايا الامراض المزمنة جراء تعديل النظام، ووعدت بالتواصل مع د.سهير عبدالحميد رئيس هيئة التأمين الصحي، لبحث ما يمكن أن يخفف عمن يعانون مرتين الأولي من طول عشرة المرض، والأخري مما يعانونه من تعقيدات صرف الدواء. ورغم مرور شهور علي لقائي مع الوزيرة، لا حس ولا خبر. ومازالت المعاناة مستمرة، مع إصرار المسئولين بعيادات التأمين الصحي علي التعامل مع ضحايا الأمراض المزمنة، بنظرة ريبة وشك، ومن ثم تكبيدهم عمل ما يشبه »الكعب الداير» كل 3 شهور، وإلا فإنهم سيفقدون حقهم في الصرف، وقد يكلفهم ذلك مزيداً من التدهور في احوالهم الصحية.رؤية د. العماري أستاذ الجراحة ورئيس لجنة الصحة بالبرلمان المتفائلة ببدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، ورفضه لأي هامش فشل عند التطبيق الذي يعتبره مهمة وطنية، تدفعني للرهان علي موقف إيجابي سريع، هدفه إنقاذ ضحايا الأمراض المزمنة من نظام متعنت لايراعي أي اعتبارات طبية أو انسانية، وكأن هيئة التأمين الصحي تتحالف ضدهم مع المرض! قُرب د. العماري -كطبيب وبرلماني- من آلام ومعاناة الغلابة، تجعل ضحايا الامراض المزمنة يأملون تدخله للتخفيف من معاناتهم، عبر إعادة نظام صرف مقرراتهم الدوائية كل عام أو علي الأقل 6 شهور، وإنا لمنتظرون. شغلك بعيداً عن بيتك 9 إبريل: لا أستطيع أن أخفي انزعاجي وقلقي مما نُشر منسوباً لوزير التنمية المحلية. اللواء محمود شعراوي زف بشري تخصيص 412 قطعة أرض، بالتنسيق مع وزارة الزراعة ما بين ألف إلي 4 آلاف متر لتنفيذ مشروعات صناعية منتجة، في إطار مشروع »شغلك جنب بيتك»! بالطبع لايوجد من يتحفظ أو يرفض مبادرة توفر فرصاً للحد من البطالة، ولكن علي حساب ماذا؟ القاصي والداني يعلم أن أضراراً بالغة لحقت بالرقعة الزراعية، جراء اعتداءات جسيمة متوالية عليها، ومن ثم فإن استهدافها تحت أي مبرر، ولو كان توفير فرص عمل، مسألة تحتاج إلي اعادة نظر سريعة. أفهم أن يتم تدريب الشباب علي زراعة الصوب في هذه المساحات، أو أن تكون المشروعات زراعية صناعية، لكن أن تُقتطع مزيد من الاراضي الخصبة لغير اغراض الزراعة، للتوسع في مشروع »شغلك جنب بيتك» فإنني أدعو كل من يهمه أمر القرية والزراعة في مصر لمشاركتي وجهة النظر المتحفظة، بل الرافضة لهذا الطرح. يمكن للوزير أن يفكر خارج الصندوق بالتعاون مع محافظي سيناء، والوادي، ومطروح والمحافظات ذات الظهير الصحراوي في تسكين مشروعات جاذبة للشباب، للخروج من الوادي الضيق فوراً وللأبد، مع توفير سكن مناسب، وخدمات اساسية. شباب مصر عرف الهجرة خارج الوطن، فلماذا لا نشجعه علي السعي للرزق والترقي في وطنه، ورفع شعار بديل: »شغلك بعيداً عن بيتك»، أم نسينا أن أرض الله في مصر واسعة، ولا ينبغي أن نظل أسري النظر تحت أقدامنا، لنلوذ - دائماً - بقاع الصندوق، بينما »نبغبغ» فقط بعكس ما نفعل؟! منتهي الاستفزاز! 7 إبريل: »الرصيف حق المشاة».. اللافتة تخرق كل العيون، لكن الرصيف مشغول تارة بمقاعد وموائد مطعم أو مقهي! »ممنوع الدخول».. لافتة علي جانبي الشارع تؤكد أنه مخصص لاتجاه واحد، إلا أن لقائدي السيارات والدراجات البخارية وحتي العربات التي تجرها الخيول رأيا آخر؛ يزاحمون جميعاً اصحاب الحق في مرور آمن! »ممنوع الانتظار».. التحذير شديد الوضوح، غير أن السيارات تستظل باللافتة في تحد مستفز! »رجاء إغلاق المحمول».. علي عدة أعمدة داخل المسجد يتناثر الرجاء، لكن عشرات الرنات لمكالمات ورسائل تصدر خلال خطبة الجمعة، وأثناء الصلاة! »لطفاً.. الهدوء مطلوب».. تنتشر لوحات بهذه الصيغة في ممرات المستشفي، وصالاته، إلا أن أصواتا تنافس نهيق الحمير تتباري في خرق الهدوء، وإزعاج المرضي والأطباء! .. وكأن هذه التعليمات والإرشادات مكتوبة بلغة غير مقروءة، أو هي مجرد زينة أو ديكور، فلا ذوق، ولا قانون يردع، ولا تعاليم أخلاقية أو دينية تُحترم، والكل يتنافس في غض الطرف عما يقرأ، بل يسعي بكل جد واجتهاد لفعل العكس تماماً! لم أحصر ما يتم خرقه، وإنما تلك مجرد أمثلة ونماذج، تترجم عشوائية سلوكية فظة باتت ماثلة أمامنا جميعاً! أين دور الاسرة في تنمية الوازع الاخلاقي؟ أين دور المدرسة؟ وأين دور المسجد والكنيسة؟ وأين.. وأين..؟ ثمة غياب لأدوار مؤسسات التنشئة، بالتوازي مع غيبة مؤسفة لآليات الردع، مما يشجع علي أن يستمر كل في غيه، ولاعزاء لمن تستفزهم هذه الهمجية وكأنهم اصبحوا »دقة قديمة»! من الذي رسب؟! 25 مارس: »تظبيط الشغل أهم من الشغل»! هكذا يقول دائماً بعض الموظفين باختلاف درجاتهم ومواقعهم، وإذا كان البيرقراطيون يتبنون مثل هذه الافكار، فإن التكنوقراط وأهل السياسة ما ينبغي لهم أن ينسجوا علي هذا المنوال. د.طارق شوقي وزير التربية والتعليم وقع في المحظور، ورفع مقولة مفادها ان »طبيعة الاسئلة أهم من التكنولوچيا»! ياسلام يادكتور، هل تتصور أن مبررك يجعل مهزلة وقوع السيستم، ورسوب التابلت مقبولة لدي الطلاب أو أولياء الأمور؟ أشك. ثم إن الناس أصابها حالة من »القرف» إزاء استدعائك هنا كما في مواقف مشابهة، قاموس التربص والشماتة وبث الشائعات، فما كان لمرتكبيها ان يؤثروا في صياغة المشهد، لو اعددت والطاقم القائم علي التجربة ضمانات وشروط النجاح، أو علي الأقل حصر عوامل الإخفاق في أضيق نطاق. ما حدث ان الوزير وطاقمه وضعوا العربة أمام الحصان، وجعلوا من الطلبة حقل تجارب، وكأنهم فئران في معمل! فلا وفر الوزير البنية التحتية القوية، ولا شبكة الإنترنت السريعة التي تحتمل الضغط المعلوم مسبقاً اثناء وقت الامتحان، ثم لماذا لم تُختبر المنظومة قبل أن يدخل الممتحنون من »الدار للنار»، ليكون بانتظارهم ما يحطم اعصابهم، ويصيبهم بالاحباط؟! علي الوزير وطاقمه ممارسة نقد ذاتي لأدائهم، ولا يلتفوا علي الواقع بمبررات تؤثر بالسلب علي استمرارية التجربة. د.طارق عالج الخلل أولاً، ثم كرر التجربة، وضع في اعتبارك أن تكرار الفشل لن يكون مقبولا مهما كانت المبررات. تعلموا من جاسيندا 21 مارس: هذه السيدة الرائعة قدمت نموذجاً يحتذي. أقصد جاسيندا ارديرن رئيسة وزراء نيوزلندا التي أدارت الأزمة بحنكة سياسية، وبالقدر ذاته فاضت انسانية. جاسيندا إعطت دروساً في السياسة والاعلام، اظنها غائبة عن معظم الساسة والإعلاميين في فضائنا العربي والإسلامي. إدانتها المقرونة بالتجاهل للقاتل الذي ارتكب مذبحتين بشعتين درس مزدوج لأهل السياسة والميديا في الوقت ذاته. اكدت أنها لن تنطق اسمه ابداً »ربما كان يسعي وراء الشهرة، لكننا لن نعطيه شيئاً، ولا حتي ذكر اسمه، إنه إرهابي، مجرم، متطرف وعندما اتكلم عنه سيكون بلا اسم». هذا الوعي الذي يفتقر إليه كثيرون ممن يعتلون منصات الخطابة عندنا، ويزعمون عبر الشاشات أنهم يمتلكون مهارات إعلامية، بينما هم عملياً بلا موهبة ولا كفاءة ولادراسة، ومن ثم يرتكبون جرائم تدعم الإرهاب والإرهابيين، عبر تقديم مبهر للعمليات الإرهابية، وتلميع شديد للمجرمين الذين يقدمون علي ارتكابها، حتي إن شباباً يقعون في أسر الانبهار بنماذج إرهابية من فرط حرص بعض البرامج علي- تقديمهم بصورة تدعو للتعاطف احياناً، أو تقع في خطيئة تصويرهم كأبطال احياناً أخري، أو تسمح لهم بتقديم تبريرات تساعد في تمرير أفعالهم الإجرامية لعقول البسطاء. يكفي جاسيندا انها استدعت من تراثنا ما نسيناه، وإن تذكرناه لا نلتزم بتفعيله، النيوزلندية الحكيمة اماتت الباطل بإماتة ذكر أهله، بينما نقع نحن في خطيئة تحويلهم إلي نجوم! ومضات بعض الحلوي في الفم، ربما تترك طعماً مراً في القلب. من ترق له المشاعر الخام، لا يرفض جمال الصنعة. لايأس مع الحياة، لكن لاحياة إلا ويعتريها لحظات يأس! الذين يرون الحب لعنة، كيف يثمنون نار الكراهية؟ الحوار بين الزمان والمكان، أجمل ما تتابعه دون كلام. الخيال الواسع سلاح ذو حدين، نصيحة للحالمين. حين تودع آخر محاولاتك، أنت تتأهب لاستقبال الموت. الملاك الصامت، ربما أصبح شيطاناًً أخرس! إذا بلغت ذروة مأساة، فالفرج محطتك القادمة. أسوأ مشاعر الفقد، حينما تتوه نفسك عنك. المسكنات تخفف الألم، لكنها أبداً لا تمثل علاجاً.