أصبح معرض أبوظبي للكتاب من الأحداث الثقافية البارزة في ساحة الثقافة العربية، بما يصاحبه من أحداث، أهمها اعلان جوائز الشيخ زايد في الكتاب، وجائزة البوكر بما يصاحبها من ضجيج وصخب، قبل وبعد، وان كانت نتيجة هذا العام، خاصة فيما يتعلق بالفائز الأول عبده خال، قد أثارت ارتياحا عميقا لدي كافة المهتمين والمتابعين للأدب العربي، في اطار سياسة ذات رؤية خاصة تم الاستعانة بإدارة معرض فرانكفورت للتنظيم والادارة، من هنا جاء هذا التشابه في طريقة العرض، وأيضا الأماكن المخصصة للندوات، بدا هذا واضحا في السنة الأولي، كان كل شيء محددا، واضحا، المواعيد صارمة، ولكن في هذا العام اختفي التأثير الألماني وبدأ التأثير العربي، لم أشعر بأي خصوصية قادمة من ادارة معرض فرانكفورت، أو أسلوب الادارة الصارم هناك. مع ملاحظة الفارق الشاسع في المساحة المتاحة للكتاب والعرض بين أبوظبي وفرانكفورت، الاضافة هذا العام تتمثل في فندق يتصل مباشرة بقاعة العرض، يمكن للمشاركين أو الضيوف الاقامة فيه وبالتالي توفير الوقت من مركزالمدينة الي أرض المعارض البعيدة نسبيا، بالنسبة للكتب المشاركة فقد غابت مناطق هامة من العالم العربي مثل المغرب واليمن ودور النشر العالمية، أما المشاركة المصرية فبدت هزيلة نتيجة عوامل عديدة، أولها عدم تخصيص مكان موحد يجمع الناشرين المشاركين كما حدث بالنسبة للقادمين من المملكة العربية السعودية، أما مشاركة المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة فقد جري تشتيتها، كل بمفرده، الهيئة العامة للكتاب في ناحية، المشروع القومي للترجمة في ناحية، وللأسف فإن عدد الكتب المعروضة لا يعكس الواقع الحالي لهذه المؤسسات، ولولا اصدارات دار الكتب التي تعتبر اعادة لمجهودات قديمة لبدا المشهد هزيلا جدا، أما المشروع القومي للترجمة فلم يكن العرض الذي رأيته متناسبا مع انجاز المشروع، بضعة كتب تم اختيارها بعشوائية ويبدو انها نسخ منسية أو من المرتجع لأن بعضها كان في حالة سيئة جدا، وكان ممكنا لو تم تنظيم العرض كما وكيفا أن يصبح منطقة جذب، بل أن كتبا هامة مثل ترجمة (الالياذة) و(رحلة ضيوف افتتاح القناة) و(الموت والوجود) لم تكن موجودة. وفي مواجهة المكان المخصص للمشروع رأيت الكتب الصادرة عن المنظمة العربية للترجمة. جميع العناوين موجودة، كتيبات صغيرة تشرح وتعرف أهداف المشروع واستراتيجيته، هذا ما لم أجده في الهيئة العامة للكتاب، ولا جناح المشروع القومي للترجمة، ان المشاركة بهذا الشكل الهزيل تحط من قيمة كل منهما في العالم العربي، وتؤكد الفكرة السلبية عن الثقافة المصرية، أما مشاركة دار المعارف فما يثير الرثاء والأسي علي دار عريقة التهمتها مجلة اسبوعية كان يمكن أن تصدر من أي دار صحفية أخري، تأملت كتب الأطفال التي تصدر منذ الأربعينيات بنفس المؤلفين، نفس الألوان، لا اضافة، لا تطوير، في الوقت الذي أصبحت فيه كتب الأطفال متطورة جدا في دور النشر الخاصة بمصر والعالم. الحدث الأهم في جائزة الشيخ زايد فوز سمو الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة بشخصية العام الثقافية وهو أحد رواد العمل الثقافي الكبار في الخليج. وله مبادرات انعكست علي مجمل الحياة الثقافة العربية، الملاحظة الوحيدة تتعلق بالجائزة المخصصة للأدب، كنت أتمني أن تحافظ الجائزة علي منحها لمبدعين، روائي أو شاعر تماما كما هو متبع في جائزة نوبل للأدب، وبذلك ينطبق عليها وصف نوبل العربي، ثلاث سنوات متوالية حافظت الجائزة علي توجهها الي مبدعين، في هذا العام منحت لأستاذ جامعي، ومع احترامي للرجل ولكتابة الفائز، فقد كان ممكنا أن يكون الفوز في فرع للدراسات بدلا من جائزة الأدب، أما بقية الفروع فقد جاءت في الصميم، ولذلك يستحق الباحث القدير عمار علي حسن التهنئة الخالصة، وكذلك دار نهضة مصر، بغض النظر عن الملاحظات فإن الملاحظ تصاعد الدور الثقافي لدولة الامارات، وهو دور في مجمله ايجابي ويخدم الثقافة العربية كلها، وأشير هنا مجددا الي خطوة غاية في الذكاء، اذ اشترت دولة الامارات حق البث المباشر، المجاني، لقناة الناشيونال جيوغرافيك، احدي أهم القنوات الفضائية العلمية، ويمكن مشاهدتها مترجمة علي النايل سات، هذا عمل جليل بالاضافة الي المشاريع الأخري، سواء تلك المدعومة من الدولة، أو الأفراد، جزاهم الله كلهم خيرا.