»وهكذا فإن الرسل لا يعلمون الغيب.. ولكن الله سبحانه وتعالي يعلمهم بما يشاء من الغيب ويكون هذا معجزة لهم ولمن تبعوهم، وقمة الغيب هي الإيمان بالله سبحانه وتعالي، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والإيمان باليوم الآخر، كل هذه الامور غيبية. ما هو الغيب؟ هو الشيء الذي ليس له مقدمات ولا يمكن أن يصل إليه علم خلق من خلق الله حتي الملائكة، واقرأ قول الحق سبحانه وتعالي حينما علم آدم الاسماء كلها وعرضهم علي الملائكة قال جل جلاله : »وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَي الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ» »البقرة : 31- 33» والجن أيضا لا يعلم الغيب، ولذلك عندما مات سليمان عليه السلام، وكان الله سبحانه وتعالي قد سخر له الجن لم تعلم الجن بموته إلا عندما أكلت دابة الارض عصاه، واقرأ قوله تبارك وتعالي : »فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَي مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ» »سبأ : 14»، إذن فالغيب هو ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالي، واقرأ قول الحق جل جلاله : »عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَي غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَي مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا» »الجن: 26 -27» وهكذا فإن الرسل لا يعلمون الغيب، ولكن الله سبحانه وتعالي يعلمهم بما يشاء من الغيب ويكون هذا معجزة لهم ولمن تبعوهم وقمة الغيب هي الإيمان بالله سبحانه وتعالي، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والإيمان باليوم الآخر، كل هذه الامور غيبية، وحينما يخبرنا الله تبارك وتعالي عن الملائكة ونحن لا نراهم، نقول ما دام الله قد أخبرنا بهم فنحن نؤمن بوجودهم، وإذا أخبرنا الحق سبحانه وتعالي عن اليوم الآخر ، فما دام الله قد أخبرنا فنحن نؤمن باليوم الآخر، لأن الذي أخبرنا به هو الله جل جلاله آمنت به أنه إله واستخدمت في هذا الايمان الدليل العقلي الذي جعلني أؤمن بأن لهذا الكون إلها وخالقا، وما يأتيني عن الله حيثية الإيمان به أن الله سبحانه وتعالي هو القائل. ولابد أن نعرف أن وجود الشيء مختلف تماما عن إدراك هذا الشيء، فأنت لك روح في جسدك تهبك الحياة.. أرأيتها؟ أسمعتها؟ أذقتها؟ ألمستها؟ الجواب طبعا لا، فيأتي وسيلة من وسائل الادراك تدرك أن لك روحا في جسدك؟ بأثرها في إحياء الجسد إذن فقد عرفت الروح بأثرها، الروح مخلوق لله، فكيف تريد وأنت عاجز أن تدرك مخلوقا في جسدك وذاتك وهو الروح بآثارها، أن تدرك الله سبحانه وتعالي بحواسك ونحن إذا آمنا بالقمة الغيبية وهو الله جل جلاله ، فلابد أن نؤمن بكل ما يخبرنا عنه وإن لم نره، ولقد أراد الله تبارك وتعالي رحمة بعقولنا أن يقرب لنا قضية الغيب فأعطانا من الكون المادي أدلة علي أن وجود الشيء، وإدراك هذا الوجود شيئان منفصلان تماما فالجراثيم مثلا موجودة في الكون تؤدي مهمتها منذ بداية الخلق، وكان الناس يشاهدون آثار الامراض في أجسادهم من إرتفاع في الحرارة وحمي وغير ذلك وهم لا يعرفون السبب فلما أرتقي العلم وأذن الله لخلقه أن يروا هذا الوجود للجراثيم، جعل الله العقول قادرة علي أن تكتشف المجهر، الذي يعطينا الصورة مكبرة، لأن العين قدرتها البصرية أقل من أن تدرك هذه المخلوقات الدقيقة.